تعليق عضوية عمدة لندن السابق في «العمال» بسبب تصريحات «معادية للسامية»

في أزمة تكشف عمق الخلافات داخل الحزب

تعليق عضوية عمدة لندن السابق  في «العمال» بسبب تصريحات «معادية للسامية»
TT

تعليق عضوية عمدة لندن السابق في «العمال» بسبب تصريحات «معادية للسامية»

تعليق عضوية عمدة لندن السابق  في «العمال» بسبب تصريحات «معادية للسامية»

في أحدث فضيحة تكشف خلافات عميقة داخل حزب العمال البريطاني، علق الحزب عضوية عمدة لندن السابق كين ليفينغستون أمس، بسبب تصريحات اعتبرت «معادية للسامية»، مفادها أن هتلر «كان يؤيد الصهيونية»، وذلك في سياق دفاعه عن النائبة ناز شاه، التي علقت عضويتها بدورها أول من أمس بسبب تصريحات حول إسرائيل.
وقال متحدث باسم العمال إن «الحزب علق عضوية كين ليفينغستون في انتظار إجراء تحقيق؛ لأنه أساء إلى الحزب». وصرح ليفينغستون أمس، بشأن شاه النائبة عن «برادفور ويست» (شمال بريطانيا)، التي علق الحزب عضويتها أول من أمس؛ لأنها كتبت تعليقات اعتبرت «معادية للسامية»، بأن «ملاحظاتها مبالغ فيها، لكنها لم تكن معادية للسامية».
وقبل انتخابها، وضعت شاه على موقع «فيسبوك» صورة تظهر فيها إسرائيل محفورة على خريطة للولايات المتحدة، وتحمل تعليق: «حل الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني: انقلوا إسرائيل إلى الولايات المتحدة». وكتبت أيضا في تعليق مع هاشتاغ «إسرائيل الفصل العنصري»: «لا تنسوا أن كل ما فعله هتلر في ألمانيا كان مشروعا».
وقدمت شاه اعتذاراتها عن ذلك أمام البرلمان، وقالت خلال الجلسة الأسبوعية: «أقبل وأتفهم أن تكون الكلمات التي استخدمتها صدمت أو أهانت الجالية اليهودية، وإنني آسفة جدا. معاداة السامية هي عنصرية بكل بساطة».
من جهته، قال النائب المحافظ، أوليفار دودينغ، إن حزب العمال يمر بـ«حالة إنكار»، ويعاني من مشكلة عميقة تتعلق بمعاداة السامية، وأشاد بتعليق زعيم الحزب جيريمي كوربن عضوية العمدة السابق.
وأثار ليفينغستون عاصفة عندما قال: إن «هتلر قد دعم الصهيونية»، وفي أعقاب هذه التصريحات دعا 10 من أعضاء حزبه إلى تعليق عضويته، بحجة أنه «لطخ اسم الحزب». وكان ليفينغستون قد قال: إنه «عندما فاز هتلر بانتخابات 1932، كانت سياسته تقضي بنقل اليهود إلى إسرائيل. كان يؤيد الصهيونية قبل أن يصبح مجنونا وينتهي بقتل 6 ملايين يهودي». وبعدما وجهت إليه انتقادات لاذعة؛ لأنه قارن صحافيا يهوديا «بحارس معسكر للتعذيب»، أضاف: «إننا في حزب العمال منذ 40 عاما، ولم أسمع أحدا يقول شيئا عن معاداة السامية».
من جهته، قال صديق خان، عضو حزب العمال المرشح لمنصب عمدة، إن تصريحات ليفنغستون كانت «مروعة وغير مبررة.. ويجب ألا يكون هناك مكان لهذا في الحزب». ووصف جون مان، النائب الآخر في حزب العمال، ليفينغستون بأنه «مدافع عن النازية»، واستدعاه الحزب أيضا للاستماع إلى شهادته.



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.