كومان نجم بايرن ميونيخ: هدفي لقب أفضل لاعب في العالم

الجناح الفرنسي يتطلع لحصد دوري أبطال أوروبا و«يورو 2016»

كومان خلال تدريبات بايرن ميونيخ أمس استعدادا لمواجهة أتلتيكو مدريد (إ.ب.أ)
كومان خلال تدريبات بايرن ميونيخ أمس استعدادا لمواجهة أتلتيكو مدريد (إ.ب.أ)
TT

كومان نجم بايرن ميونيخ: هدفي لقب أفضل لاعب في العالم

كومان خلال تدريبات بايرن ميونيخ أمس استعدادا لمواجهة أتلتيكو مدريد (إ.ب.أ)
كومان خلال تدريبات بايرن ميونيخ أمس استعدادا لمواجهة أتلتيكو مدريد (إ.ب.أ)

يركز كينغسلي كومان لاعب الجناح الفرنسي في صفوف بايرن ميونيخ أنظاره على بطولة دوري أبطال أوروبا و«يورو 2016» بعدما غطت حالة من المأساة على أولى مشاركاته الدولية.
ويقول قال كومان: «كانت تلك اللحظة الأولى الكبرى خلال العام بأكمله»، مشيرًا إلى لحظة وقوع الاختيار عليه للمشاركة في أول مباراة دولية له منذ خمسة شهور فقط. كان كومان قد أنجز عمل اليوم، وبدا ملعب التدريب لبايرن ميونيخ مهجورًا تحت أشعة شمس أبريل (نيسان) القوية. وجلس المراهق الفرنسي يفكر في سلسلة من اللحظات الاستثنائية التي مرت به خلال هذا الموسم.
بخلاف مشاركته للمرة الأولى في صفوف المنتخب الفرنسي أمام ألمانيا خلال ليلة نوفمبر (تشرين الثاني) المروعة التي تعرضت خلالها لموجة من هجمات إرهابية، خرج كومان من هذه الليلة العصيبة بقصة شخصية إيجابية. كان كومان قد ترعرع في ضواحي باريس، بعد انتقال والديه قادمين من غودلوب (جزيرة تخضع لفرنسا في منطقة الكاريبي)، وسرعان ما ظهرت بوادر موهبته الكروية. في فبراير (شباط) 2013. أصبح أصغر لاعب في صفوف الفريق الأول لباريس سان جيرمان على مدار تاريخه، ولم يكن تجاوز الـ16 من عمره، وذلك بعد أن قضى تسع سنوات في صفوف الأكاديمية التابعة للنادي. ومن ذلك الحين، شارك كومان في صفوف أندية أقوى مثل يوفنتوس وبايرن ميونيخ.
منذ ستة أسابيع، وبعد أن وقع عقد انضمامه لبايرن ميونيخ في أغسطس (آب) من العام الماضي على سبيل الإعارة من يوفنتوس لمدة عامين، نجح كومان في بث روح قوية من النشاط في صفوف النادي الألماني وقاده في مباراة شهدت أداءً لافتًا من جانبه انتهت بإخراج ناديه الإيطالي من دور الـ16 لبطولة دوري أبطال أوروبا. وبعد أن كان قد مني بهزيمة على أرضه بهدفين مقابل لا شيء في غضون ساعة من انطلاق صافرة البداية، نجح كومان في إحداث تحول كبير في أداء بايرن ميونيخ.
وتكشف الإحصاءات أن كومان حقق النصيب الأكبر من حيث الأهداف التي عاون في تسجيلها على مستوى لاعبي دوري أبطال أوروبا هذا الموسم. وقد نفذ التمريرة التي أثمرت هدف التعادل على يد توماس مولر في الدقيقة 91. وفي الوقت الإضافي، سجل كومان الهدف الذي أكد خروج يوفنتوس من البطولة، بعد أن انطلق بالكرة من داخل أعماق نصف الملعب الخاص بفريقه إلى حدود جزاء المنافس. ومن المقرر أن يخوض بايرن ميونيخ، اليوم، المواجهة الأولى من مباراتي دور قبل النهائي أمام أتلتيكو مدريد. أما كومان الذي شارك كبديل في صفوف يوفنتوس خلال الهزيمة في الدور النهائي العام الماضي أمام برشلونة، فيحق له الحلم تقلد ميدالية الفائز الشهر المقبل. ومن المقرر كذلك أن يشارك في بطولة أمم أوروبا لكرة القدم في فرنسا هذا الصيف.
وعن شعوره لدى اختياره في صفوف المنتخب الفرنسي في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، قال كومان: «شعرت بالفخر الشديد. وشعرت وكأنها نهاية مرحلة بحياتي وبدء أخرى جديدة. الآن، أصبحت أكثر تركيزًا. ومع كل اختيار جديد للاعبي الفريق الوطني، آمل أن أكون بين صفوف المنتخب وأن أخلق اختلافًا بمشاركتي معهم».
ومع ذلك، حملت أولى مشاركاته الدولية صبغة مأساوية، حيث تحولت المباراة من مجرد لقاء كروي أقيم مساء الجمعة إلى حدث ارتبط في الأذهان بفقدان باريس 130 من أبناءها. كانت الهجمات الدموية قد بدأت في ضاحية سانت دونيه، خارج أسوار الاستاد الذي شهد فعاليات المباراة أمام ألمانيا، حيث دوت أصوات ثلاثة انفجارات نفذها انتحاريون. وسرعان ما أعقبتها تفجيرات أخرى أكثر دموية.
وأوضح كومان أنه بينما كان من الممكن سماع دوي الانفجارات من داخل أرض الملعب: «علمنا بحقيقة ما جرى فقط لدى نهاية المباراة. وسيطرت علي حينذاك مشاعر الصدمة، رغم أن السعادة كانت تهيمن علي خلال بداية المباراة لأنها كانت الدولية الأولى بالنسبة لي».
خلال حديثه إلينا، تحدث كومان بنبرة هادئة بالفرنسية. وقال: «خضنا المباراة وفزنا فيها. وبعد ذلك، اتجهنا لغرفة تبديل الملابس، وعندئذ جرى إخطارنا بما حدث. وكان هناك جهاز تلفزيون تابعنا من خلاله الصور وأدركنا فجأة حقيقة ما وقع».
بعد أربعة أياما، خطا كومان إلى داخل استاد ويمبلي لمواجهة إنجلترا. وجاءت مشاركته خلال النصف الثاني من المباراة التي هيمنت أثناءها على اللاعبين الفرنسيين علامات الذهول. ولم تول الغالبية أهمية لفوز إنجلترا بهدفين من دون مقابل، وإنما تركزت أهمية المباراة الحقيقية في مشاعر التضامن القوية مع فرنسا في محنتها.
وعن المباراة، قال كومان: «كان الأمر عصيبًا، لكننا كنا مضطرين للظهور بمظهر الأقوياء، لأن ذلك كان مهمًا لفرنسا بأسرها. كنا مضطرين إلى اللعب، لكن أحدًا لم يجبر على النزول إلى أرض الملعب. ولو أن أحدًا شعر بالعجز عن اللعب بسبب ما يعانيه من صدمة، كان بمقدوره قول هذا للمدرب، لكن ظل القرار الصائب هو المشاركة في اللعب».
وأوضح كومان أنه مع احتشاد لاعبي إنجلترا وفرنسا في دائرة معًا في قلب الملعب قبل انطلاق صافرة البداية، وترديد الجماهير النشيد الوطني الفرنسي: «في تلك اللحظة، رأينا الجانب الإنساني للرياضة».
الشهر الماضي، وقبيل انطلاق أولى المباريات الدولية لفرنسا بعد الهجمات، شارك الآلاف من رجال الشرطة والقناصة في دقيقة صمت حدادًا على أرواح الضحايا الذي لقوا حتفهم في بروكسل في 22 مارس (آذار). ومع ذلك، نجح كومان، والفريق الفرنسي بوجه عام، في تقديم أداء متميز ونجحوا في اكتساح روسيا بأربعة أهداف مقابل هدفين. وخلال المباراة، سجل كومان هدفًا رائعًا.
وعن هذا اللقاء، قال كومان: «كان أفضل جو عايشته، وكان هذا أيضًا رأي لاعبين آخرين شاركوا بالكثير من المباريات الدولية. لقد كان باستطاعتنا الشعور بنبض الجماهير. وشعرت بتشجيع الجماهير لنا بقوة».
يذكر أن كومان كان في الثانية فقط من عمره عندما فازت فرنسا ببطولة كأس العالم على أرضها عام 1998، والتي وحدت مشاعر جميع الفرنسيين من شتى الفئات. والآن، يبدي كومان تفاؤلاً كبيرًا إزاء بطولة «يورو 2016». وعن ذلك، قال: «يمكن الشعور بالأمل لأن لدينا الآن فريق جيد للغاية. كما أن حقيقة أن البطولة ستقام على أرض الوطن لها أهميتها الكبيرة. في ظل وجود هذا الفريق، نملك رغبة كبيرة في تقديم أداء جيد».
جدير بالذكر أنه خلال مباراة روسيا، نجح أربعة لاعبين كانوا هامشيين من قبل في تسجيل الأهداف، وهم أندريه بيير غينياك وديمتر باييه، اللذين لم يكونا على علاقة طيبة بالمدرب قبل ذلك، ونيغولو كانتي الذي كان يشارك حينها في أول مباراة دولية له، وكومان الذي جاء هدفه من كرة تميزت بالسرعة الشديدة والذكاء في المراوغة. وقال كومان: «هناك شعور قوي بأن نجم بعض اللاعبين الفرنسيين الصغار في صعود، وهو أمر جيد بالنسبة لهم».
كان كانتي قد مر بموسم رائع داخل إنجلترا. وعن هذا، علق كومان مبتسمًا: «يملك ليستر سيتي كل البطاقات في يده. وقد تحدثت إلى كانتي ومن الواضح أن الفترة الحالية مميزة بالنسبة له وليستر سيتي ككل».
أما قصة كومان المميزة فقد لفتت الأنظار الشهر الماضي، وذلك خلال عطلة نهاية الأسبوع السابقة لمواجهتهم الحاسمة أمام يوفنتوس، حيث ساعد كومان في ثلاثة أهداف من إجمالي خمسة أهداف اخترقت شباك فيردر بريمن من دون مقابل. وعن المباراة، قال: «كنت مدركًا لأني أقدم أداءً جيدًا، لكن تبقى الإحصاءات حاسمة، ذلك أنها تضيف مصداقية وثقة. كانت مواجهة يوفنتوس ذات طابع شديد الخصوصية بالنسبة لي. وأثناء مشاهدتي المباراة من على مقعد البدلاء، كنت مدركًا أنها تحمل صعوبة بالغة بالنسبة لبايرن ميونيخ، ورأيت كذلك أقراني القدامى في يوفنتوس. إلا أنه بمجرد نزولي أرض الملعب، تلاشت من ذهني فكرة الصداقة، وتركز اهتمامي على تقديم أداء جيد في صفوف بايرن ميونيخ».
جدير بالذكر أنه عندما سمح يوفنتوس لكومان بالانتقال على سبيل الإعارة، أطلق مدربه ماسيميليانو أليغري تعليقًا مقتضبًا قاله فيه إن كومان بمقدوره الرحيل إذا «لم يكن مستعدًا للقتال من أجل الاحتفاظ بمكانه في الفريق».
من جانبه، رد كومان على هذا بقوله: «لم أشعر أن هناك أي شيء يتعين علي إثباته. لقد تابعني مسؤولو يوفنتوس خلال التدريبات وعلى مدار 15 مباراة. وقد أدركوا طبيعة مهاراتي. إلا أن الاختلاف الرئيسي يكمن في أن أسلوب كرة القدم داخل بايرن ميونيخ يتناسب معي. وأشعر أن بإمكاني إظهار مهاراتي بدرجة أكبر هنا. عندما نزلت لأرض الملعب، وكان بايرن خاسرًا بهدفين من دون مقابل، بدا الوضع العام معقدًا. إلا أنه داخل كرة القدم، يبقى كل شيء ممكن، وليس عليك سوى الإيمان بذلك».
وعندما تحول لوصف الأسلوب الذي عاون من خلاله مولر في تسجيل هدف التعادل، انفرجت أسارير كومان وحمل وجهه ابتسامة عريضة وهو يقول: «كانت أجمل اللحظات التي عشتها كلاعب محترف. أما الهدف الذي أحرزته فكان ثاني أجمل لحظة عايشتها».
من ناحية أخرى، هل كان جوزيب غوارديولا عاملاً مهمًا وراء انتقال كومان إلى بايرن ميونيخ؟ عن هذا، قال كومان: «نعم. لقد ساعدني كثيرًا - كما أن أسلوبه في اللعب يتناسب معي. لقد منحني فرصة اللعب وأسدى لي نصيحة جيدة، حيث أخبرني: «لا ترهق نفسك بالأسئلة. العب فحسب». ومن الواضح أنه يعشق اللاعبين أصحاب الأسلوب المباشر والآخرين الذين يميلون للمراوغة بالكرة، لذا قدم إلى نصيحة بسيطة: «العب بالأسلوب الذي ترغبه».
واستطرد كومان: «حتى عندما كانت الأمور لا تسير بشكل جيد، كان يخبرني دومًا بالاستمرار في أسلوبي الخاص. إلا أنه ليست هناك حاجة لدفعي، فأنا من يضغط علي طيلة الوقت. وأرغب في الضغط المرتبط باللعب. وعندما سمح لي بالمشاركة في الملعب، كان هذا أفضل ما صنعه من أجلي».
هل شعر في بداية الأمر بالتوتر حيال الحماسة الشديدة التي يبديها غوارديولا؟ أجاب كومان: «لا. كان لدي رد فعل إيجابي حياله، فنحن نعي جيدًا أنه يرغب منا تقديم المزيد، وأنه يطلب المزيد، لكن هذا نقيض الشعور بالخوف، فنحن نعلم أنه يضغط علينا بالاتجاه الصحيح. وعندما سمعت أنه في طريقه للرحيل، شعرت بالأسى. ورغم أن معرفتي به تقتصر على هذا الموسم، فإنني ارتبطت به، لكنني أدرك نهاية الأمر أن هذه هي طبيعة كرة القدم».
وأضاف: «من المقرر أن ينضم إلينا مدرب جديد، كارلو أنشيلوتي الذي منحني فرصة المشاركة للمرة الأولى في صفوف باريس سان جيرمان. وبالتالي فإنه أمر جيد بالنسبة لي أن يكون هو المدرب الجديد. ومع ذلك، أدرك جيدًا أن الأمر سيكون صعبًا في البداية. وفي اعتقادي، فإن غوارديولا واحد من أفضل مدربي العالم، إن لم يكن الأفضل على الإطلاق».
هل سيتمكن غوارديولا من تحقيق نصر فوري مع مانشستر سيتي؟ أجاب كومان: «بالتأكيد، خاصة أن أسلوب لعبه يتناسب تمامًا معهم». يذكر أن أمام بايرن ميونيخ خيار شراء كومان مقابل 21 مليون يورو لدى انتهاء فترة عقد إعارته مقابل 7 ملايين يورو الموسم القادم. من جهته، أعرب كومان عن رغبته في البقاء في صفوف بايرن ميونيخ «لسنوات كثيرة» - لكن هل يراوده حلم المشاركة في الدوري الإنجليزي الممتاز؟ عن هذا، أجاب: «بالنسبة لي، هو أكثر بطولات الدوري الممتاز إثارة في العالم، لكن تفكيري الآن منحصر في السنوات الثلاث القادمة، ولا أتخيل نفسي سوى في بايرن ميونيخ. إن مسيرتي الرياضة ما تزال ببدايتها، لذا لا يمكن لأحد أن يعلم على وجه اليقين إلى أين سأتجه، لكن يبقى الدوري الإنجليزي بطولة يحلم أي لاعب بالمشاركة فيها».
داخل الملعب، يتسم أداء كومان بالسرعة الكبيرة والمهارة الواضحة، علاوة على قدرته على اللعب على الجناحين الأيمن والأيسر. ويبدو أنه أيضًا يحمل بداخله قناعات قاطعة. عن هذا، قال نيكولا دورو، أول مدرب تولى رعايته داخل ناديه الأول سينارت مواسي، فأكد أن كومان «امتلك دومًا إيمانًا هائلاً بقدراته».
وقد اختار كومان الانتقال إلى يوفنتوس عندما شعر لوران بلان، الذي حل محل أنشيلوتي، لن يسمح له باللعب بما يكفي في صفوف باريس سان جيرمان. وبالمثل، شعر بأنه لا يجري استغلال قدراته بالقدر الكاف داخل يوفنتوس، لذا فضل الانتقال إلى بايرن ميونيخ. ورغم أن الشكوك أحاطت به لدى بداية انتقاله إلى النادي الألماني، فقد أكد كومان بثقة أثارت الدهشة: «إنني قادر على خلق اختلاف في أي لحظة من المباراة».
هل كانت بداخله أي شكوك لدى انتقاله؟ أجاب كومان: «تراودك دومًا الشكوك عندما تكون صغيرًا وتنتقل إلى ناد كبير، لكن كانت لدي ثقة في نفسي وعلمت أنني أبلي بلاءً حسنًا وأن هناك إمكانية لأن أشارك بانتظام ـ الأمر الذي تحقق بالفعل».
المعروف أن كومان يرتبط بصداقة وثيقة مع بول بوغبا الذي لعب بجواره في يوفنتوس والمنتخب الفرنسي. والآن، واجه بوغبا كخصم في إطار دوري أبطال أوروبا. وعن هذه التجربة، قال: «عندما تلعب إلى جواره، تشعر بتقدير بالغ لمهاراته داخل وخارج الملعب. وتلقائيًا تجد نفسك تسعى للعمل بجد أكبر. وإذا خسرت الكرة أبذل جهد أكبر لاستعادتها من أجل بوغبا. وعندما ألعب في مواجهته، يحدث الأمر ذاته ـ لكن بالعكس. عندما تكون هناك كرة مشتركة بيني وبين بوغبا، أبذل جهدًا أكبر عما أبذله في مواجهة أي لاعب آخر ـ لأنه صديقي، وأعلم أنني لو فشلت في التغلب عليه سيتعمد إغاظتي».
إذن، هل يحلم كومان، مثلما الحال مع بوغبا، بأن يصبح أفضل لاعب على مستوى العالم؟ أجاب كومان بهدوء: «يراود جميع الرياضيين هدف أن يصبحوا الأفضل. في كل يوم، أرغب في إحراز تقدم. أما الهدف الأكبر هو أن أصبح أفضل لاعب بالعالم ـ لكن ما أزال بعيدًا للغاية عن هذا الهدف. ويتعين علي العمل كثيرًا للوصول إليه يومًا ما».



بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».