مشادات وتراشق في مجلس النواب العراقي تنتهي بتمرير نصف كابينة العبادي المقترحة

رئيس الوزراء يرفض استقالة وزير الخارجية الجعفري ويطلب من البرلمان مراجعتها

رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري من جلسة سادتها احتجاجات عنيفة من النواب المعتصمين أمس (رويترز)
رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري من جلسة سادتها احتجاجات عنيفة من النواب المعتصمين أمس (رويترز)
TT

مشادات وتراشق في مجلس النواب العراقي تنتهي بتمرير نصف كابينة العبادي المقترحة

رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري من جلسة سادتها احتجاجات عنيفة من النواب المعتصمين أمس (رويترز)
رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري من جلسة سادتها احتجاجات عنيفة من النواب المعتصمين أمس (رويترز)

عقب يوم طويل من المظاهرات الجماهيرية الحاشدة في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، وعلى مقربة من بوابات المنطقة الخضراء واحتجاجات عنيفة داخل البرلمان من قبل النواب المعتصمين للأسبوع الثاني على التوالي، التي بلغت حد رشق رئيس الوزراء حيدر العبادي بقناني المياه، صوّت البرلمان العراقي على تمرير نصف كابينة العبادي الوزارية أمس. وكانت المساعي الهادفة لإيجاد حل وسط بين النواب المعتصمين ورئيس البرلمان الذي لا يزال يتمسك بالشرعية، سليم الجبوري، قد فشلت فيما لم يتقدم أي من الطرفين المتنازعين على دستورية جلسة الخميس قبل الماضي التي انتهت بإقالة الجبوري إلى المحكمة الاتحادية، لحسم الجدل حول قانونية تلك الجلسة.
ووسط فوضى البرلمان العراقي، تقدم وزير الخارجية إبراهيم الجعفري باستقالته من منصبه، ليصوت عليها مجلس النواب بالموافقة، لكن الاستقالة وموافقة النواب اصطدمت برفض رئيس الوزراء حيدر العبادي، الذي وجه مجلس النواب بمراجعة الاستقالة.
رئيس الوزراء العراقي لم يسلم من علب المياه التي رشقها المعتصمون تحت قبة البرلمان تجاهه، ورفضوا التصويت قائلين إن الجلسة البرلمانية باطلة وغير شرعية. ولم تتوقف المشادات عند ذلك، بل حسب برلمانيين تحدثوا لوكالة الصحافة الفرنسية، فإن المناوشات انتقلت إلى خارج القاعة بين بعض البرلمانيين المعتصمين وحرس الحماية الخاص بالعبادي. وقالت النائبة هناء تركي، من ائتلاف «دولة القانون» الذي ينتمي إليه العبادي: «اعتدوا على رئيس الوزراء داخل قبة البرلمان». وأضافت: «هؤلاء من يطلقون على أنفسهم معتصمين، هم من قاموا بالاعتداء»، وأضافت متسائلة: «هل من حق المعتصم أن يعتدي على ممثل العراق؟ إن هذا اعتداء على هيبة الدولة».
أما النائب محمد الطائي، وهو أحد النواب المعتصمين، فإننا «ما زلنا مستمرين في اعتراضنا. يريدون تمرير مؤامرة على الشعب العراقي واتفقوا على تقاسم الوزارات». وأكد مضيفا: «غادر رئيس الوزراء ولم يعرض الأسماء، لأننا منعناه بهتافاتنا وشعاراتنا»، مضيفا أن «الشعارات كانت تركز على عدم دستورية هيئة الرئاسة وعدم قانونية الجلسة».
وكان رئيس البرلمان، سليم الجبوري، الذي حظي بدعم كتل شيعية نافذة مثل «الأحرار الصدرية» و«بدر» و«الفضيلة» و«المجلس الأعلى»، بالإضافة إلى الأكراد مع توافق أميركي إيراني، دعا إلى عقد جلسة أمس (الثلاثاء)، من أجل تمرير الكابينة الحكومية، وذلك بالتزامن مع دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى مظاهرات مليونية في اليوم نفسه، بهدف الضغط على الكتل السياسية لتمرير الكابينة التي طال انتظارها. وفي الوقت نفسه فقد أعلن النواب المعتصمون عن دعوتهم إلى جلسة مماثلة في اليوم نفسه، لكن محاولتهم لم تنجح في حمل نواب كتلة الأحرار على الانضمام إليهم، رغم أنهم استقبلوا عند مدخل البرلمان النائب الصدري حاكم الزاملي بالهتافات، في مسعى منهم لقلب المعادلة لصالحهم. لكن الصدر وطبقا لمقربين منه نأى بنفسه أن يكون طرفا في الصراع داخل البرلمان، مكتفيا بتحريك الشارع لإحداث التغيير المطلوب.
وفي حين سادت الفوضى داخل قاعة البرلمان، تبعها تكسير أجهزة ومعدات التصويت الإلكتروني من قبل النواب المعتصمين، فقد تقرر نقل الجلسة إلى القاعة الكبرى التي جرت فيها عملية التصويت على نصف الكابينة الوزارية التي قدمها العبادي إلى البرلمان. وفي وقت تم فيه إخراج الإعلاميين من داخل المنطقة الخضراء فإن المعلومات الخاصة بالجلسة بدأت تتوالى عن طريق هواتف البرلمانيين الجوالة. وفي هذا السياق قال مصدر برلماني إن النواب المعتصمين حاولوا دخول القاعة الكبرى التي يجري فيها التصويت على الكابينة الحكومية الجديدة، وعرقلة التصويت على المرشحين، غير أن نواب كتلة الأحرار منعوهم من ذلك.
من جهته، يرى السياسي العراقي المستقل وعضو البرلمان العراقي السابق، عزت الشابندر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما جرى أمس أثبت بما لا يدع مجالا للشك أن ثورة الشارع العراقي المطالبة بالإصلاح الحقيقي تختلف عما يجري داخل قبة البرلمان وصراعات الكتل السياسية»، مبينا أنها «انتهت وتحولت إلى صراع سياسي بين أطراف تقاسم السلطة من كلا الفريقين على ما تبقى من سلطة ونفوذ». وأضاف أن «كثيرا من السياسيين أثبتوا فشلا ذريعا اليوم في كيفية التصدي للأزمات، مما يؤكد أنهم قي الواقع ليسوا سياسيين وإنما هم مجرد طلاب سلطة». وكان البرلمان العراقي صوت أمس (الثلاثاء) على 4 وزراء من بين 12 وزيرا يتطلب تغييرهم، حيث جرى التصويت على وزراء الصحة والموارد المائية والكهرباء والعمل، بينما رفض البرلمان التصويت على المرشح لوزارة التربية. على صعيد متصل فقد أمهلت الكتل السياسية رئيس الوزراء حيدر العبادي مدة 48 ساعة لتغيير كل الوزراء، في وقت أكد فيه القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي قادي الشمري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إنه «تم الاتفاق على أن تعقد يوم السبت المقبل جلسة أخرى يتم فيها التصويت على باقي أعضاء الكابينة». وأوضح أن «هناك حراكا سياسيا باتجاه إيجاد تسوية لأزمة البرلمان، لتفادي تعميق الانقسام، ما دام هدف الجميع هو الإصلاح». إلى ذلك استمرت المظاهرات الغاضبة التي حشد لها زعيم التيار الصدري، حيث تحرك المتظاهرون من ساحة التحرير إلى المنطقة الخضراء من جهة بوابة التشريع في جانب الكرخ، بينما طوقوا المنطقة الخضراء من جهة ساحة الحرية في جانب الرصافة وسط هتافات تندد بالمحاصصة، مع تهديد بإمكانية اقتحامها في حال فشل البرلمان في تبرير الكابينة الحكومية.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.