ولد الشيخ يحذر من الاستمرار في خيار الحرب.. والمشاورات تواجه الانهيار

المخلافي: الانقلابيون لا يزالون يرفضون كل المقترحات.. وسنرد على أي خرق للهدنة

الوفد اليمني الحكومي في مشاورات الكويت (سبأ)
الوفد اليمني الحكومي في مشاورات الكويت (سبأ)
TT

ولد الشيخ يحذر من الاستمرار في خيار الحرب.. والمشاورات تواجه الانهيار

الوفد اليمني الحكومي في مشاورات الكويت (سبأ)
الوفد اليمني الحكومي في مشاورات الكويت (سبأ)

حذرت أوساط يمنية وغربية من انهيار مشاورات السلام بين الأطراف اليمنية التي تجري في دولة الكويت برعاية الأمم المتحدة، ونقلت مصادر مطلعة، لـ«الشرق الأوسط»، عن تلك الأوساط تأكيدها أن المشاورات تمر بمرحلة حرجة، خصوصا بعد تعليق جلساتها، أمس، جراء استمرار تعنت وفد الانقلابيين وعدم استجابته للدخول في مناقشات جدول الأعمال، وتثبيت هدنة وقف إطلاق النار، وكذا تنفيذ اتفاق إجراءات بناء الثقة.
وأشارت المصادر إلى أن إفشال المتمردين المشاورات سوف يكون له ردود فعل غربية، دون إيراد مزيد من التفاصيل بهذا الخصوص. وتراوح المشاورات اليمنية - اليمنية مكانها منذ جلسة الافتتاح الخميس الماضي، وفي إشارة إلى الخطورة الموقف في محادثات السلام اليمنية - اليمنية في الكويت.
قال المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، إن الأطراف اليمنية أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الحرب وإما التشاور وتقديم التنازلات من أجل التوصل إلى السلام، مؤكدا أن على «كل الأطراف تحمل مسؤولية قراراتها، في ظل استمرار مساعيه لإقناع وفد المتمردين بالدخول في مناقشة جدول الأعمال المقر سلفا منذ مشاورات (بييل) السويسرية، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من خلال لقاءات جانبية يحاول خلالها أن لا تصل المشاورات إلى طريق مسدود».
وفي ظل التعنت الذي يبديه وفد المتمردين، علقت جلسات العمل الرسمية في المشاورات، أمس، وحلت مكانها لقاءات ثنائية، وقال بيان صادر عن الأمم المتحدة إن تلك اللقاءات تطرقت إلى القضايا الأمنية والسياسية والإنسانية.
وذكر البيان أن المندوبين اللذين جرى تكليفهما، أول من أمس، بمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار، قدما عرضا أوليا، تضمن تأكيدات على وجود «تحسن ملحوظ للوضع الأمني»، فيما طرحت مجموعة من التدابير لدعم جهود لجنة التهدئة والتواصل واللجان المحلية.
من جهته، وصف نائب رئيس الوزراء اليمني وزير الخارجية، رئيس وفد الحكومة إلى مشاورات الكويت، عبد الملك المخلافي، المشاورات الجارية بالعقيمة، وقال المخلافي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن وفد الحكومة اليمنية قدّم كل ما يمكن من أجل إحلال السلام في البلاد، لكن الوفد الآخر (الحوثيون وأتباع المخلوع صالح) جاءوا من دون رغبة حقيقية في السلام.
وأضاف أن الانقلابيين لم يثبتوا حتى الآن اتجاههم بجدية نحو تثبيت السلام وتطبيقه في اليمن. وقال المخلافي: «الوفد الحكومي المفاوض قدّم تنازلات، وظل في الكويت رغم تأخر الانقلابيين عن الحضور في الموعد المحدد، كما أن الفريق الحكومي المفاوض التزم بشكل تام بجدول الأعمال، وانتظر أربعة أيام أخرى (منذ يوم الخميس اليوم الأول للمشاورات) دون التوصل إلى نتائج، في حين أن الانقلابيين رفضوا الدخول في جدول الأعمال المقرر سابقًا، ورفضوا كل الاقتراحات التي قدمت من المبعوث الأممي إلى اليمن، أو من الوفد الحكومي المفاوض، وتراجعوا عن الاقتراحات التي قدموها سلفًا وتم التوافق عليها».
وأشار إلى أن المبعوث الأممي إلى اليمن وجد أن أعضاء وفد الانقلابيين يديرون ظهورهم لأجندات الأعمال أول من أمس، ولا يزالون في المربع الأول المتعلق بمنع تحليق طيران التحالف دون التزام منهم بوقف الخروقات على الأرض، فأوضح لهم أن سبب الطلعات الجوية المراقبة ومنع التسلل، وأن السبب الأساسي لطلبهم منع تحليق طيران التحالف هو ممارستهم خروقات التهدئة على الأرض، والزحف نحو بعض المناطق.
وشدد المخلافي على أن الانقلابيين واهمون إذا كانوا يعتقدون أن باستطاعتهم خرق وقف إطلاق النار دون رد. وتابع: «إذا أرادوا السلام ووقف إطلاق النار، فنحن ملتزمون بجدول الأعمال، وفي حالة عدم إرادتهم تحقيق السلام فعلى المجتمع الدولي تحديد موقفه من القوى الانقلابية بجلاء ووضوح».
إلى ذلك أكدت الأمم المتحدة، أن فروقات كبيرة في وجهات النظر لا تزال موجودة بين الطرفين - بعد مرور أيام على بدء المشاورات في الكويت بين الأطراف اليمنية المتنازعة - لكنها شددت على إمكانية التوصل إلى حل سلمي.
في حين أشار مسؤول يمني إلى أن الانقلابيين لا يزالون يرفضون كل المقترحات، متوعدًا بالرد على أي خرق للهدنة.
من ناحية ثانية، وردا على الأصوات التي تضغط على الحكومة اليمنية للانسحاب من المشاورات بسبب عدم تقدمها، حتى اللحظة، خطوة واحدة في اتجاه البدء في تنفيذ القرار الأممي «2216». والشروع في العمل على أجندة جدول الأعمال، قال مصدر سياسي يمني مقرب من وفد الحكومة الشرعية، لـ«الشرق الأوسط»، إن مشاركة الحكومة اليمنية مهمة، «لأنها هي صاحبة الحق، وهؤلاء هم المغتصبون للسلطة والمنقلبون على الشرعية»، مؤكدا أن «الحكومة اليمنية ليست عصابة، وبالتالي هي تتعاطى مع الشرعية الدولية والمجتمع الدولي، على العكس من الطرف الآخر»، مشيرا إلى أن «الحكومة تكسب مواقف سياسية على أكثر من صعيد، من خلال تحملها عبث الانقلابيين في المشاورات».
وبالتزامن مع محاولات وفد الحوثيين - صالح إفشال المشاورات الجارية في الكويت، استمرت خروقات الميليشيات الحوثية في مختلف المحافظات اليمنية، وقد سلم وفد الحكومة اليمنية في المشاورات، أمس، المبعوث الأممي قائمة بالخروقات التي ارتكبتها الميليشيات، أول من أمس، التي بلغت قرابة 240 خرقا في معظم المحافظات اليمنية.
إلى ذلك، عبرت بعض الأوساط الكويتية عن استيائها جراء ترديد المتمردين الحوثيين للصرخة الإيرانية المعروفة في باحات الفنادق وغيرها من الأماكن، إضافة إلى التواصل المكثف من قبل أعضاء الوفد ومرافقيهم من السياسيين والإعلاميين مع القنوات الإيرانية وقنوات ما يسمى «حزب الله» اللبناني، وأشارت مصادر من داخل المشاورات، إلى أن مجمل تصرفات وفد المتمردين تمثل استفزازا لجميع الأطراف، بما فيها الدولة المستضيفة للمشاورات، خصوصا بعد أن حضر أحد أعضاء الوفد من الموالين لصالح، أول من أمس، قاعة المشاورات وهو يمضغ نبتة «القات» التي يتعاطاها اليمنيون وتصنف في كثير من البلدان، ومنها دولة الكويت، بأنها نبتة مخدرة.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».