«بيروت مدينتي».. حملة مدنية في مواجهة الاصطفافات السياسية اللبنانية

مجموعة من المستقلين يخوضون الانتخابات البلدية ببرنامج لاقى تجاوبًا لافتًا من المواطنين

لبنانيون من الطائفة الأرثوذوكسية المسيحية يحتفلون أمس بأحد السعف في بيروت (إ.ب.أ)
لبنانيون من الطائفة الأرثوذوكسية المسيحية يحتفلون أمس بأحد السعف في بيروت (إ.ب.أ)
TT

«بيروت مدينتي».. حملة مدنية في مواجهة الاصطفافات السياسية اللبنانية

لبنانيون من الطائفة الأرثوذوكسية المسيحية يحتفلون أمس بأحد السعف في بيروت (إ.ب.أ)
لبنانيون من الطائفة الأرثوذوكسية المسيحية يحتفلون أمس بأحد السعف في بيروت (إ.ب.أ)

من هموم اللبنانيين أطلقت «حملة بيروت مدينتي» برنامجها لخوض الانتخابات البلدية في وجه كل الأحزاب السياسية اللبنانية التقليدية منها وغير التقليدية. الحملة أطلقت بأسماء معروفة بعملها ونشاطها الاجتماعي، وحتى الفني، بعيدا عن الاصطفافات السياسية والطائفية، وشكّلت اللائحة مناصفة بين النساء والرجال متبّعة «العرف» الذي يقضي بتوزيع المقاعد بين الطوائف والمذاهب. وهذا رغم تجاوز المرشحين، هذه «التفاصيل» وتأكيدهم على أن الهدف الأهم والأساسي هو الاستجابة لمصالح وحاجات الناس وصون مصالحهم.
من هنا، تؤكّد المرشّحة في اللائحة، ندى صحناوي، أن الحملة تلقى تجاوبًا لافتًا من قبل ليس فقط البيروتيين، إنما جميع اللبنانيين الذين فقدوا الأمل بالزعماء حتى من كان منهم محسوبا بولائه لحزب أو جهة سياسية معينة. وتضيف صحناوي في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تراكم الممارسات الخاطئة وعدم اكتراث الأحزاب والسياسيين بهموم الناس، وكان آخرها طريقة تعاملهم مع قضية النفايات، كان كفيلا بشعور المواطن باليأس من هذه الطبقة وبات يطمح للتغيير». وتضيف: «هناك استياء عارم في صفوف المواطنين، ونحن نعوّل على وعي المجتمع لأهمية إجراء التغيير والانتقال إلى مرحلة مغايرة تختلف عما سبقها، بعدما باتوا مقتنعين بأنهم وأولادهم يستحقون حياة أفضل، وعلى الأقل الحصول على أدنى حقوق المواطنة». في الواقع، تختلف «بيروت مدينتي» عن لوائح الأحزاب الأخرى بأمور أساسية وبنيوية، تبدأ من طريقة تأليف اللائحة التي تضمّ كوادر وشخصيات معروفة بخبرتها في المجتمع المدني وفي تخصّصات مختلفة «من شأنها أن تشكّل مجتمعة مجلسا بلديا متناغما وشاملاً»، كما تقول صحناوي: «نحن أمراء أنفسنا ومتّحدون معا، ومراقبون من مئات المتطوعين للعمل جميعا في خدمة البرنامج الذي جمعنا، وليس لخدمة زعيم أو سياسي».
وفي حين تلقى «بيروت مدينتي» تجاوبا وتعاطفا، لافتا ليس فقط من الناخبين البيروتيين الذين يبلغ عددهم نحو 480 ألف ناخب، إنما من مختلف اللبنانيين في جميع المناطق الذين يطمحون بدورهم لتجربة مماثلة في بلداتهم، وهو ما تثبته مواقع التواصل الاجتماعي، والمشاركة في النشاطات الدورية التي ينظمها ناشطو الحملة، تؤكد صحناوي أن هذا التجاوب لا يقتصر فقط على الشباب، إنما اللافت أن الأمر ينسحب على مختلف الفئات العمرية، وحتى من هم كبار في السن، الذين كانوا معروفين بولائهم لجهات سياسية معينة، وصلوا إلى مرحلة فقدوا فيها الأمل.
تعتمد «بيروت مدينتي» في تمويلها على تبرّعات ومساعدات أشخاص آمنوا بقدرة هؤلاء المرشحين على التغيير، ما يؤمن لها استقلاليتها، بحسب ما تشدّد صحناوي، التي تلفت إلى أن المطلب الوحيد أمام اللائحة والمرشحين هو «الإشراف النزيه على الانتخابات التي تأمل أن تشكّل بداية لمرحلة جديدة في تاريخ العاصمة ومن ثمّ تعميمها على مناطق أخرى». وهنا تلفت صحناوي إلى أن اختيار العاصمة للانطلاق منها في هذه التجربة كان لأهمية العاصمة بالدرجة الأولى في كونها تعتبر «أم المعارك»، ولعدم تشتيت القدرات قدر الإمكان، لا سيّما أن الطابع الانتخابي في المناطق يأخذ في كثير من الأحيان منحى عائليا أكثر».
كانت حملة «بيروت مدينتي» قد أعلنت لائحتها الكاملة للانتخابات البلدية 2016، وهي تضم 24 مرشحة ومرشحًا، مناصفة بين النساء والرجال، في أول تجربة في تاريخ الانتخابات البلدية في بيروت، وفق ما تؤكّد صحناوي. وأقامت الحملة للمناسبة مؤتمرًا صحافيًا في ساحة عين المريسة على كورنيش البحر، حضره إلى جانب المرشحات والمرشحين، ناشطات وناشطو الحملة. وقال الفنان أحمد قعبور، أحد المرشحين على اللائحة، إن قرار ترشحّه «جاء للقول لا لكل محاولات تشويه المدينة والمحافظة على تراثها وبحرها»، وأكدت المرشحة الفنانة نادين لبكي أنّ «الحملة هي مجموعة أشخاص نشطين، مستقلين وغير فاسدين ويعملون من أجل تغيير واقعهم».
وفي كلمته شدّد رئيس اللائحة المهندس إبراهيم منيمنة، على أنّ بلدية بيروت «تستحقّ مجلسًا مؤلفًا من الكفاءات المتكاملة المطلوبة لوقف المنحى الانتحاري للمدينة، يحمل مشروعًا تعمل كلّ مكوّناته لتنفيذه وإنجاحه ليكون عن الناس وعن حاجاتهم وحقوقهم ولا يغلّب المصالح الخاصة القليلة على المصلحة العامة البيروتية، ولذلك وجدت لائحة «بيروت مدينتي».
وفي التعريف عن رؤيتها للعاصمة انطلاقا من برنامجها الشامل، تؤكد الحملة سعيها لجعل مدينة بيروت كمركزٍ ثقافي واقتصادي في المنطقة، عاصمة لبنان وبوّابته الرئيسية إلى العالم الخارجي. يتصوّر البرنامج بيروت كمدينة حيويّة، نابضة وفعّالة، وتولي اهتماما خاصًا للتداخل الاجتماعي، وسهولة التّواصل والتنوّع، وتتبع منهجًا تطلّعيًا في التزاماتها بالتّنمية المُستدامة. وتضيف: «رؤيتنا لبيروت هي مدينة تحتضن واجهتها البحرية، وتتغنّى بتراثها الثقافي وموقعها الاقتصادي، وتتمايز بشبكة متكاملة من الأماكن العامة الخضراء التي تعزّز التداخل الاجتماعي». وتؤكد الحملة السعي لتقديم مجموعة متنوعة من الخيارات السّكنية لتستجيب لاحتياجات أهلها وسكانها المتعدّدة، وتعمل مع البلدات المحيطة بها للاستجابة لمستلزمات التنقّل والحركة في المدينة، فضلاً عن السكن الملائم. كما تولي الجانب الاقتصادي أهمية كبرى بتأكيدها على ضرورة الاستفادة من روح المبادرة والابتكار لتعزيز وخلق فرص العمل، وتحديث خدماتها ومرافقها العامة من أجل تحسين معيشة سكانها وأهلها ورفاهيتهم». أما أسماء المرشحين فهي: رئيس اللائحة المهندس إبراهيم منيمنة، نائب رئيس اللائحة طارق عمار، والأعضاء أحمد قعبور، آمال شريف، إيمان الحسن غندور، حسام حوا، رنا الخوري، ريتا معلوف، سيرج يازجي، عبد الحليم جبر، فرح قبيسي، كارول شبلي تويني، ليفون تلفزيان، مارك جعاره، ماريا مانوك، مروان الطيبي، منى الحلاق، مي الداعوق، نادين لبكي، نجيب الديك، ندى الدلال دوغان، ندى صحناوي، وليد العلمي، ويوركي تيروز.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.