الجزائر: حديث عن إعداد وزير سابق متهم بالفساد لخلافة بوتفليقة

زياراته المكثفة إلى مدارس حفظ القرآن تثير جدلاً في البلاد

الجزائر: حديث عن إعداد وزير سابق متهم بالفساد لخلافة بوتفليقة
TT

الجزائر: حديث عن إعداد وزير سابق متهم بالفساد لخلافة بوتفليقة

الجزائر: حديث عن إعداد وزير سابق متهم بالفساد لخلافة بوتفليقة

يكثف شكيب خليل، وزير الطاقة الجزائري سابقا، من زياراته لمدارس تعليم القرآن في شتى أنحاء البلاد، وهو ما أثار فضول وسائل الإعلام والطبقة السياسية، ذلك أن نشاطه في هذا الجانب يوحي بأنه يبحث عن «تزكية» لعودته إلى الشأن الحكومي بعد 3 سنوات من اتهامه بالفساد، في واحدة من أشهر فضائح الرشاوى التي عرفتها البلاد. وحط خليل أمس رحاله بـ«زاوية» منطقة سغوان بولاية المدية (80 كلم جنوب العاصمة)، حيث كان في استقباله أعيان المنطقة ورجال الدين، وقطاع من السكان المحليين، الذين احتفلوا بعودته الشهر الماضي من مكان إقامته بالولايات المتحدة الأميركية. وزار خليل عدة «زوايا» في مناطق مختلفة من الجزائر، وكلما حل بواحدة منها حظي باستقبال حافل يترك الانطباع بأن لجهة عليا في الدولة يد في الموضوع.
ولـ«الزوايا» التي يتم فيها دراسة وحفظ القرآن، مكانة خاصة بالجزائر. وقد لعبت في فترة الاستعمار الفرنسي (1830 - 1962) دورا هاما في وقاية الهوية الجزائرية بأبعادها الإسلامية والأمازيغية والعربية من المد الثقافي الفرنسي، وكانت رافدا أساسيا في إمداد مجاهدي ثورة الاستقلال (1954 - 1962) بالقوة. ومن عادة الرؤساء الذين تعاقبوا على حكم البلاد أن يطلبوا «مبركتها» قبل الترشح للمنصب الأعلى في المسؤولية. وبوصول عبد العزيز بوتفليقة إلى الرئاسة عام 1999 استفادت «الزوايا» من دعم مادي كبير، وشكلت إحدى الركائز الأساسية التي اعتمد عليها أثناء حملاته الانتخابية الماضية. ولذلك فإن اهتمام خليل بـ«الحليف الديني» للرؤساء، أوحى بأنه عائد إلى السلطة من الباب الواسع، ولكن هذه المرة كرئيس الجمهورية ضمن ترتيبات محتملة لخلافة بوتفليقة، الذي يعاني من المرض منذ أكثر من 3 سنوات.
ويقول متتبعون بأن قواسم مشتركة كثيرة تجمع بين بوتفليقة وخليل، قد تجعل من الوزير السابق يحظى بموافقة الرئيس الحالي لأن يكون خليفة له. فهما مولودان في مدينة وجدة المغربية الحدودية مع الجزائر، ويتحدران من تلمسان بغرب البلاد، علما بأن لمعطيات «الانتماء إلى الجهة الواحدة» تأثير بالغ في تولي المسؤولية في البلاد منذ الاستقلال. وكمثال على ذلك فعندما كان الرئيسان الراحلان هواري بومدين (1965 - 1979) والشاذلي بن جديد (1980 – 1992) من شرق الجزائر، كان أبرز المسؤولين في الحكومة وأجهزة الدولة من ولايات الشرق. وغالبية المسؤولين في البلاد خلال عهد بوتفليقة، ولدوا بغرب البلاد مثله. ويطلق على هذه الظاهرة في الجزائر بـ«الجهوية».
وقد احتدمت في البرلمان الأسبوع الماضي ملاسنة حادة بين وزير العدل الطيب لوح، ومجموعة من البرلمانيين، بسبب ما يعرف بـ«قضية شكيب خليل»، لأنه محل مذكرة اعتقال دولية صدرت عام 2013. بسبب تورطه في فضيحة فساد بشركة المحروقات «سوناطراك»، ولأن السلطات تتكتم على «مصير خليل القضائي».
وعبر لوح عن استياء بالغ لخروج النواب عن موضوع جلسة البرلمان، وهو مناقشة تدابير قانونية، تتعلق بمحاربة ظاهرة التحاق رعايا جزائريين وأجانب مقيمين بالجزائر بالجماعات المتطرفة بالخارج، إذ ألحوا عليه كي يعطيهم تفسيرا لعودة خليل إلى البلاد من مكان إقامته بالخارج، من دون أن يتعرض للاعتقال، بينما هو متابع رسميا بتهمة «تلقي رشى وعمولات» بقيمة 200 مليون دولار، في صفقات أبرمت عام 2009 بين «سوناطراك» وشركة نفطية إيطالية.
ودعا لوح البرلمانيين إلى «الكف عن توجيه التهم جزافا للمسؤولين»، مشيرا إلى أن «القاضي هو وحده من يتهم الأشخاص»، وقال موضحا «لو تركنا أي شخص يكيل الاتهامات كما يحلو له، ستنفلت الأمور ولن نستطيع التحكم فيها»، ودعا البرلمانيين إلى «ترك القضاء يؤدي مهامه في هذه القضية (ملف خليل) وفي كل القضايا الأخرى»، مؤكدا في هذا السياق أن «القضاء مستقل في الجزائر»، وأن الدستور «يكرَس مبدأ الفصل بين السلطات». وثارت ثائرة البرلمانيين بسبب رفض الوزير الإجابة على استفسارهم بخصوص مصير مذكرة الاعتقال الدولية التي صدرت ضد خليل وزوجته الأميركية من أصل فلسطيني، ونجله. وقد غادر الوزير مبنى البرلمان، تاركا النواب في قمة الغضب.
وفي نظر المتتبعين، فإنه من الصعب رؤية خليل يترشح للرئاسة، ما دام أن المتابعة القضائية بحقه لم تلغ. وحتى في حال إلغائها فإن شبهة الفساد ستبقى تلاحقه، لذلك فهم يرجحون بأن عودته إلى الواجهة لا تعدو أن تكون بالون اختبار، ما يعني أن خليفة بوتفليقة الحقيقي لم يحن بعد وقت الإعلان عن اسمه.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.