السيستاني يعاود انتقاداته الحادة للسياسيين العراقيين

استمرار الانقسام في البرلمان بين المحافظين والإصلاحيين

مؤيدون للزعيم الشيعي مقتدى الصدر يستمعون الى خطبة الجمعة في إحدى ساحات بغداد أمس (رويترز)
مؤيدون للزعيم الشيعي مقتدى الصدر يستمعون الى خطبة الجمعة في إحدى ساحات بغداد أمس (رويترز)
TT

السيستاني يعاود انتقاداته الحادة للسياسيين العراقيين

مؤيدون للزعيم الشيعي مقتدى الصدر يستمعون الى خطبة الجمعة في إحدى ساحات بغداد أمس (رويترز)
مؤيدون للزعيم الشيعي مقتدى الصدر يستمعون الى خطبة الجمعة في إحدى ساحات بغداد أمس (رويترز)

بعد فترة صمت دامت نحو 4 أشهر، أعلنت خلالها المرجعية الشيعية العليا في النجف، عزوفها عن تناول الشأن السياسي احتجاجا على حالة التأزم السياسي، وعدم سماع صوتها، حسب ما أعلنه وكيلها في كربلاء أحمد الصافي في خطبة صلاة الجمعة، خلال يناير (كانون الثاني) الماضي، وعاودت أمس، انتقادها الشديد للطبقة السياسية التي تعاني الآن انقساما حادا في المؤسسة البرلمانية بين محافظين وإصلاحيين.
وكان معتمد المرجعية أعلن في وقتها القرار الخاص بعدم تداول الشأن السياسي، قائلا: «لقد بحت أصواتنا بلا جدوى من تكرار دعوة الأطراف المعنية من مختلف المكونات إلى رعاية السلم الأهلي، والتعايش السلمي بين أبناء الوطن، وحصر السلاح بيد الدولة، ودعوة المسؤولين والقوى السياسية التي بيدها زمام الأمور إلى أن يعوا حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم وينبذوا الخلافات السياسية التي ليس وراءها إلا المصالح الشخصية والمناطقية ويجمعوا كلماتهم على إدارة البلد بما يحقق الرفاه والسعادة والتقدم لأبناء شعبهم»، مؤكدا أن «هذا كله ذكرناه حتى بُحت أصواتنا». لكنْ - وفي وقت لايزال انقسام المؤسسة البرلمانية مستمرا دون بارقة أمل بإمكانية انفراج الأزمة بين ما بات يُطلق عليه «المحافظون والإصلاحيون» - قد دعت المرجعية العليا في النجف خلال خطبة الجمعة بكربلاء أمس، من بيدهم السلطة إلى تحقيق رضا الغالبية الساحقة من الناس لا الأقلية المقربة منهم، سواء أكانوا من حزبه أو من بطانته أم من أصحاب الثروة والمال أم من أصحاب النفوذ أم من المتملقين وغيرهم. وقال ممثل السيستاني في كربلاء، عبد المهدي الكربلائي، إن «الغالبية من الناس تقع على أيديهم تحريك عجلة الحياة في المجتمع ويدافعون عن البلد ويحمون مقدساته ويصونون أعراض مواطنيه ويعملون ويتعبون أنفسهم أكثر من الآخرين ويحبون بلدهم ويتفانون في خدمته، وهم الطبقة الساحقة من عامة الناس».على صعيد متصل، دافع خطيب مسجد الكوفة التابع للتيار الصدري عن موقف زعيم التيار مقتدى الصدر، بعد أن واجه مزيدا من الانتقادات بعد سحب كتلة الأحرار البرلمانية التابعة له من الاعتصام، وهو ما أدى إلى الإخلال بالنصاب القانوني لأعداد المعتصمين، الأمر الذي جعلهم يؤجلون عقد الجلسة الخاصة بانتخاب هيئة رئاسة جديدة إلى يوم غد الأحد. وقال مهند الموسوي إمام وخطيب مسجد الكوفة إن «الكثيرين يتصورون أن خطابات السيد مقتدى الصدر هي تحولات وتراجعات وتغير في المواقف حسب الضغوطات والمصالح في هذا الحراك»، مبينا: «إنهم يتناسون ويتجاهلون أن هناك ثوابت لا بد من الصمود والتحمل والتضحية لأجلها تمثل العصب الأساس في كل الحراك والخطابات». وتابع الموسوي، أن «الإصلاح والوقوف بوجه الفساد والسلمية هي العنوان الأول للحراك والصبغة العراقية البحتة للتظاهر والاعتصام وإنهاء المحاصصة والطائفية والحزبية في إدارة البلد وعدم استهداف شخص أو مكون أو جهة»، مؤكدا «ضرورة «بناء حكومة تكنوقراط مع إبقاء المظاهرات والاعتصامات حتى تحقيق الأهداف وغيرها من الأسس الواضحة للعيان، لكنها مع شديد الأسف سياسة التزييف والمفسدين».
إلى ذلك، وبعد يوم واحد من نفي رئيس البرلمان المقال من قبل المعتصمين، وتقديم طعن إلى المحكمة الاتحادية بشأن لا دستورية قرار إقالته، قال عضو البرلمان العراقي، المعتصم مشعان الجبوري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «رئيس البرلمان المقال سليم الجبوري قدم أول من أمس استفسارا إلى المحكمة الاتحادية حول المواد التي تم الاستناد إليها في عملية إقصائه من رئاسة البرلمان»، مشيرا إلى أن «المحكمة الاتحادية أجابت بشكل سلبي على استفساره قائلة له إنه إذا كان يرى أن جلسة التصويت على إقالته غير شرعية فما عليه سوى تقديم شكوى رسمية إلى المحكمة الاتحادية، وبالتالي فإنه لم يعد أمامه سوى هذا الطريق بينما نحن ماضون في إقالة الرئاسات الثلاث». وفيما يتعلق بالرئاسات الثلاث، أكد القاضي رحيم العكيلي رئيس هيئة النزاهة السابق، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «إذا كانت إقالة هيئة رئاسة البرلمان تتم من خلال التصويت على الإقالة بالأغلبية ورئيس الوزراء، تتم عملية سحب الثقة منه داخل البرلمان بعد استجوابه، فإن من الصعب إقالة رئيس الجمهورية، لأن الآليات الخاصة بعملية إقالته تختلف».
وأضاف العكيلي أن «إعفاء رئيس الجمهورية وإدانته من المحكمة الاتحادية العليا بإحدى الحالات التالية، إما الحنث باليمين الدستورية، أو انتهاك الدستور، أو الخيانة العظمى»، مشيرا إلى أن «التصويت على إعفاء الرئيس يتم بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء مجلس النواب».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.