الموازنة المصرية من «ربيع» صندوق النقد إلى «خريف» الإجراءات المؤلمة

زيادات الأجور ومخصصات الصحة والتعليم لا تواكب زيادة الأسعار

رفع مخصصات بند الصحة بالموازنة الجديدة  إلى 53.3 مليار جنيه
رفع مخصصات بند الصحة بالموازنة الجديدة إلى 53.3 مليار جنيه
TT

الموازنة المصرية من «ربيع» صندوق النقد إلى «خريف» الإجراءات المؤلمة

رفع مخصصات بند الصحة بالموازنة الجديدة  إلى 53.3 مليار جنيه
رفع مخصصات بند الصحة بالموازنة الجديدة إلى 53.3 مليار جنيه

حضر عمرو الجارحي، وزير المالية المصري، اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن، وبعد أن انتهت هذه الاجتماعات سيواصل محاولته إقناع البرلمان المصري بإقرار الموازنة المُقترحة للعام المالي الجديد 2016- 2017. والتي ستتضمن إجراءات مؤلمة وفقا لبيانات الحكومة نفسها.
وأقر البرلمان المصري بنود برنامج الحكومة، ولكن لم يقر بعض بنود الموازنة الجديدة.
وأكد الجارحي، من واشنطن، أن تحقيق العدالة الاقتصادية هدف رئيسي تعمل الحكومة على تحقيقه بشكل واضح خلال الفترة القادمة، مشيرا إلى أنه لن يتم الانتظار لوصول ثمار النمو الاقتصادي إلى الفئات غير القادرة على الاستفادة المباشرة، ولكن سيتم الوصول لهذه الفئات من خلال سياسات وبرامج محددة وآليات استهداف أكثر فاعلية تشمل استمرار التحول لبرامج الدعم النقدي وتحسين آليات برنامج دعم الغذاء، بالإضافة إلى الاهتمام بتطوير الخدمات العامة الأساسية من خلال زيادة الاستثمارات بقطاع البنية الأساسية.
وأشار إلى ضرورة خفض معدلات عجز الموازنة والدين العام لتحقيق الاستقرار المالي، كما توقع وصول الشريحة الأولى من قرض البنك الدولي بمليار دولار، من إجمالي الـ3 مليارات دولار على مدار 3 سنوات، خلال شهرين.
ووقعت مصر اتفاقية القرض مع البنك الدولي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ونص الاتفاق على شروط واجب تنفيذها من قبل الحكومة المصرية، وبسبب تأخر التنفيذ تأخر تسلم القرض.
وينص الاتفاق على خفض فاتورة أجور موظفي الحكومة إلى 7.5 في المائة من الناتج المحلي، وزيادة مساهمة ضريبة الشركات والمبيعات إلى 6.7 في المائة من الناتج المحلي بحلول عام 2018، وخفض فاتورة دعم الطاقة من 6.6 في المائة إلى 3.3 في المائة من الناتج المحلي في 2016. وتقليص الحصة السوقية لشركات الطاقة الحكومية من 92 في المائة إلى 85 في المائة، وزيادة متوسط تعريفة الكهرباء على جميع فئات المستهلكين إلى 45 قرشًا للكيلووات، وتفعيل قانون الكهرباء والطاقة يكون قائما على قواعد السوق بحلول عام 2018، وخطة لتحويل عجز الطاقة الكهربائية إلى فائض قدره 1000 ميغاواط خلال 3 سنوات، وزيادة مشاركة القطاع الخاصة في مشروعات الطاقة المتجددة لترتفع حصتهم إلى 1500 ميغاواط نهاية 2018، وزيادة عدد منافذ الشباك الواحد إلى أربعة خلال فترة البرنامج، وتندرج معظم هذه الشروط تحت مسمى «الإجراءات المؤلمة».
ويقول وزير المالية بأن عجز الموازنة في العام المالي المُقبل سيكون 319 مليار جنيه بنسبة 9.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل عجز متوقع بنسبة 11.5 في المائة من الناتج خلال العام الجاري، متوقعا زيادة الإيرادات بنحو 20.5 في المائة، مقارنة بزيادة أقل «12.9 في المائة» في المصروفات.
والسعر الرسمي للجنيه مقابل الدولار هو 8.83. إلا أن سعره في السوق الموازية تخطى حاجز 11 جنيها خلال الأيام الأخيرة، ووصل عصر الأربعاء إلى 11.30 جنيها.
ويبلغ حجم الإيرادات نحو 631 مليار جنيه من بينها 433.3 مليار جنيه إيرادات ضريبية، ومن المتوقع أن تقوم الحكومة بتطبيق ضريبة القيمة المضافة خلال العام المالي الجاري، ما سيتسبب في زيادة «محدودة» في معدل التضخم وفقا لتقديرات الحكومة.
ويدور معدل التضخم السنوي «المُتحفظ» في مصر حول نسبة 10 في المائة منذ سنوات.
وستبلغ إجمالي المصروفات العامة نحو 936 مليار جنيه، ومن بينها نحو 228 مليار جنيه لمصروفات الأجور، و201 مليار جنيه للدعم والمنح والمزايا الاجتماعية، ونحو 292.5 مليار جنيه مصروفات فوائد الدين الحكومي.
وبهذا يكون معدل ارتفاع الأجور 4.6 في المائة وهو أقل من نصف معدل ارتفاع الأسعار في السوق المحلية، أي أن الأجور الحقيقية للمواطنين ستنخفض.
وحول الملفات الأساسية التي ستركز السياسة المالية للحكومة علي إصلاحها خلال الفترة المقبلة أكد أحمد كجوك نائب وزير المالية للسياسات المالية أهمية العمل على خفض عجز الموازنة من خلال زيادة موارد الدولة وهو ما يتطلب زيادة حجم ومعدلات نمو النشاط الاقتصادي، ورفع كفاءة الإدارة الضريبية بما يعمل على زيادة الحصيلة الضريبية بشكل كبير وزيادة درجة ارتباطها بالنشاط الاقتصادي ورفع درجة الالتزام وضبط المجتمع الضريبي، مع التأكيد على ضرورة تحسين جودة الخدمات المقدمة للممولين وإعادة بناء شراكة حقيقية بين مصلحة الضرائب والجمارك من جهة والممولين ومجتمع الأعمال من جهة أخرى.
كما سيتم العمل على تنمية الإيرادات غير الضريبية سواء من خلال تعظيم إيرادات وأرباح هيئات ومؤسسات الدولة ووضع آليات لضمان تحويل فوائض تلك الجهات إلى الخزانة العامة بشكل دوري.
وتعاني أهم الهيئات الاقتصادية المصرية في الفترة الحالية، حيث تعاني هيئة قناة السويس من انخفاض حركة التجارة العالمية، كما تتأثر إيرادات الهيئة العامة للبترول بانخفاض أسعار النفط.
وتسعى الحكومة لتجنيب فقراء مصر، والذي تزيد نسبتهم عن ربع السكان وفقا للبيانات الحكومية، حيث أشار كجوك إلى وجود برامج محددة للحماية الاجتماعية سوف يتم متابعتها بشكل دوري لتحقيق أكبر استفادة منها وتشمل منظومة دعم السلع الغذائية الذي يبلغ عدد المستفيدين منها نحو 73 مليون مواطن في منظومة دعم السلع التموينية و83 مليونا في منظومة دعم الخبز ودقيق المستودعات أي أكثر من 92 في المائة من إجمالي المواطنين، بالإضافة إلى دعم المحاصيل الاستراتيجية بنحو 4.7 مليار جنيه في مشروع موازنة العام القادم، وكذلك تمويل نظم معاشات الضمان الاجتماعي وبرامج تكافل وكرامة للدعم النقدي بنحو 11.2 مليار جنيه، ومشروعات إسكان محدودي الدخل، وتطوير العشوائيات، والتغذية المدرسية، وتحسين خدمات المواصلات العامة وباقي خدمات البنية الأساسية.
وأضاف عمرو المنير نائب وزير المالية للسياسات الضريبية، أن الحكومة تستهدف تحقيق إصلاح ضريبي عن طريق توسيع القاعدة الضريبية وربط الحصيلة بالنشاط الاقتصادي مع الوصول إلى أكبر قدر ممكن من العدالة في توزيع الأعباء الضريبية على فئات الدخل المختلفة.
وتعاني مصر من انخفاض حصيلة الضرائب العقارية والضريبة على المهن الحُرة بشكل ملحوظ، حتى أن تكلفة التحصيل تتجاوز في كثير من الأحيان الحصيلة نفسها.
وأضاف المنير أنه سيتم حاليا وضع سياسة ضريبية مستقرة على المدى المتوسط مع توافر قدر من المرونة لمجابهة التغيرات الطارئة وكذلك الاهتمام بوضع اللوائح والتعليمات التفسيرية والتنفيذية للتشريعات لتكون ميسرة وواضحة بهدف تخفيض المنازعات الضريبية.
من ناحية أخرى أعلن محمد معيط نائب وزير المالية لشؤون الخزانة العامة أن مشروع الموازنة الجديدة للعام المالي المقبل 2016-2017 يتضمن رفع مخصصات بند الصحة بالموازنة الجديدة من 49.3 مليار جنيه إلى 53.3 مليار جنيه، كما ارتفعت مخصصات التعليم من 99.3 مليار جنيه إلى نحو 104 مليار جنيه بمشروع الموازنة الجديدة، وهي زيادات أقل من معدل التضخم «زيادات غير حقيقية»، كما أنها لا تلتزم بالدستور المصري الذي ينص على تخصيص نسب أعلى للتعليم والصحة من الناتج المحلي الإجمالي.



تدهور معنويات المستهلكين في اليابان يُثير شكوكاً حول توقيت رفع الفائدة

متسوّقون في منطقة تجارية مزدحمة بوسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
متسوّقون في منطقة تجارية مزدحمة بوسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
TT

تدهور معنويات المستهلكين في اليابان يُثير شكوكاً حول توقيت رفع الفائدة

متسوّقون في منطقة تجارية مزدحمة بوسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
متسوّقون في منطقة تجارية مزدحمة بوسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)

أظهر مسح حكومي، يوم الأربعاء، تدهور معنويات المستهلكين في اليابان خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي؛ مما يثير الشكوك حول وجهة نظر البنك المركزي بأن الإنفاق الأسري القوي سيدعم الاقتصاد ويبرر رفع أسعار الفائدة.

وتسبق النتائج اجتماع السياسة النقدية لبنك «اليابان» يومي 23 و24 يناير (كانون الثاني)؛ حيث يتوقع بعض المحللين زيادة محتملة في أسعار الفائدة من 0.25 في المائة الحالية.

وانخفض مؤشر يقيس معنويات المستهلكين إلى 36.2 نقطة في ديسمبر، بانخفاض 0.2 نقطة عن الشهر السابق، وفقاً للمسح الذي أجراه مكتب مجلس الوزراء.

وأظهرت بيانات منفصلة أن فجوة الناتج في اليابان التي تقيس الفرق بين الناتج الفعلي والمحتمل للاقتصاد، ظلّت سلبية في الفترة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول) للربع الثامن عشر على التوالي. وتعني فجوة الناتج السالبة أن الناتج الفعلي يعمل بأقل من الطاقة الكاملة للاقتصاد، ويُعدّ ذلك علامة على ضعف الطلب.

وتؤكد هذه النتائج ضعف الاقتصاد الياباني مع ارتفاع تكاليف المعيشة وعدم اليقين بشأن سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب التي تؤثر في الاستهلاك والصادرات.

ومع ذلك، أشارت بعض الشركات الكبرى إلى عزمها الاستمرار في تقديم زيادات كبيرة في الأجور. وقالت شركة «فاست ريتيلنغ»، مالكة العلامة التجارية للملابس «يونيكلو»، إنها سترفع أجور العاملين بدوام كامل في المقر الرئيسي وموظفي المبيعات بنسبة تصل إلى 11 في المائة، بدءاً من مارس (آذار) المقبل.

وقال رئيس متجر «لوسون» للتجزئة، سادانوبو تاكيماسو، للصحافيين، يوم الثلاثاء: «نود رفع الأجور بشكل مستقر ومستدام».

وأنهى بنك «اليابان» برنامج تحفيز ضخم في مارس، ورفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى 0.25 في المائة في يوليو، على أساس الرأي القائل إن اليابان على وشك تحقيق هدف التضخم بنسبة 2 في المائة بشكل مستدام.

وأشار محافظ بنك «اليابان»، كازو أويدا، إلى استعداده لمواصلة رفع أسعار الفائدة إذا استمرت اليابان في إحراز تقدم نحو الوصول إلى معدل تضخم بنسبة 2 في المائة بشكل دائم. وقال أيضاً إن البنك المركزي سوف يفحص البيانات حول ما إذا كان زخم الأجور سوف يتعزّز هذا العام، عند اتخاذ قرار بشأن موعد رفع أسعار الفائدة. ويصف بنك «اليابان» الاستهلاك حالياً بأنه «يتزايد بشكل معتدل بوصفه اتجاهاً»، ويتوقع أن يظل الاقتصاد الياباني على المسار الصحيح لتحقيق تعافٍ متواضع.

وعلى الرغم من المؤشرات السلبية، قال محافظ بنك «اليابان» السابق، هاروهيكو كورودا، المعروف بإطلاق برنامج التحفيز الضخم الذي استمرّ عشر سنوات، إن من المرجح أن يواصل البنك المركزي رفع أسعار الفائدة في السنوات المقبلة مع وصول التضخم إلى المسار الصحيح للوصول إلى هدفه البالغ 2 في المائة بشكل مستدام.

وقال كورودا، في ورقة بحثية قُدمت إلى المجلة السنوية لمجلس النواب التي صدرت في 24 ديسمبر الماضي، إنه على الرغم من رفع أسعار الفائدة المتوقع، فإن اقتصاد اليابان سيحقّق نمواً يتجاوز 1 في المائة هذا العام وما بعده مع دعم الأجور الحقيقية المتزايدة للاستهلاك.

وأضاف كورودا: «يبدو أنه لا يوجد تغيير في الموقف الأساسي لبنك اليابان المتمثل في رفع أسعار الفائدة تدريجياً مع التركيز على التطورات الاقتصادية والأسعار... هذا لأن دورة الأجور والتضخم الإيجابية مستمرة، وهو ما من المرجح أن يُبقي التضخم مستداماً ومستقراً عند هدفه البالغ 2 في المائة».

وتابع كورودا أنه من غير المؤكد إلى أي مدى سيرفع بنك «اليابان» أسعار الفائدة في نهاية المطاف بسبب صعوبة تقدير المستوى الذي لا يبرّد ولا يسخّن الاقتصاد الياباني. وأشار إلى أن تكاليف الاقتراض المرتفعة لن تُلحق الضرر بالشركات على الأرجح؛ لأنها تحتفظ بوفرة من النقد، في حين ستجني الأسر «مكاسب كبيرة» من ارتفاع الفائدة المدفوعة لمدخراتها الضخمة. وقال إن أكبر ضغط قد يقع على عاتق الحكومة بسبب التكلفة المتزايدة لتمويل الدين العام الضخم في اليابان، مضيفاً أن رصيد السندات الحكومية -عند 1100 تريليون ين (6.96 تريليون دولار)- أصبح الآن ثلاثة أمثال حجمه في عام 2000.

واستطرد كورودا قائلاً إنه إذا ارتفعت عائدات السندات إلى متوسط المستوى البالغ 2.7 في المائة الذي بلغته آنذاك، فإن مدفوعات الفائدة السنوية ستصل إلى 30 تريليون ين، داعياً إلى ضرورة ترتيب البيت المالي الياباني.

وفي ميزانية السنة المالية المقبلة، تخطّط الحكومة لإنفاق 10 تريليونات ين في مدفوعات الفائدة. في عهد كورودا، أطلق بنك «اليابان» خطة ضخمة لشراء الأصول في عام 2013 التي جمعت لاحقاً بين أسعار الفائدة السلبية والسيطرة على عائد السندات، في محاولة لرفع التضخم إلى هدفه البالغ 2 في المائة.

وبينما أشاد المؤيدون بالخطوات اللازمة لإخراج اليابان من الركود الاقتصادي، يشير المنتقدون إلى آثار جانبية مختلفة، مثل الضربة التي لحقت بأرباح البنوك التجارية من انخفاض أسعار الفائدة لفترة طويلة والتشوّهات السوقية الناجمة عن عمليات شراء الأصول الضخمة.

ودافع كورودا عن السياسات، قائلاً إن الضرر الذي لحق بأرباح البنوك الإقليمية كان محدوداً. وأضاف أن تدهور وظيفة سوق السندات كان تكلفة ضرورية لإنعاش النمو بشكل كافٍ.