معركة اللجان تشتعل داخل البرلمان المصري بين الكتل السياسية وسط غياب التوافق

ائتلاف الأغلبية يراهن على الحسم.. وحزب ساويرس ينافس على 11 لجنة

معركة اللجان تشتعل داخل البرلمان المصري بين الكتل السياسية وسط غياب التوافق
TT

معركة اللجان تشتعل داخل البرلمان المصري بين الكتل السياسية وسط غياب التوافق

معركة اللجان تشتعل داخل البرلمان المصري بين الكتل السياسية وسط غياب التوافق

قبل يوم من بدء الاقتراع لانتخاب اللجان النوعية داخل البرلمان المصري، المُقرر له غدا (السبت)، اشتعلت المنافسة بين الكتل السياسية الممثلة للأحزاب والائتلافات داخل مجلس النواب، للفوز بنصيب الأسد وحصد الأكثرية، سواء على رئاسة اللجان أو الوكالة.
وبينما تواصل الأحزاب الاجتماعات واللقاءات فيما بينها للتفاوض بشأن اللجان قبل تحديد موقفها النهائي وإعلان الأسماء المرشحة لنوابها، قال خبراء ومراقبون إن «معركة اللجان النوعية لن تكون سهلة، بسبب اعتزام التكتلات والأحزاب الكبيرة داخل البرلمان حسمها لصالح مرشحيها، فضلا عن عدم وجود انسجام بين كثير من الأحزاب، للتوافق على مرشحين بعينهم أو رؤية محددة للجان».
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادرها الحزبية أن «دعم مصر» ائتلاف الأغلبية داخل البرلمان، سوف ينافس بقوة على 15 لجنة، ويراهن على حسم المعركة مبكرا، وحزب الأكثرية «المصريين الأحرار» الذي يرأسه رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، سوف ينافس على 11 لجنة، بينما يخوض حزب «مستقبل وطن» المنافسة على 6 لجان، وحزب «الوفد» على 5 لجان، فضلا عن 5 لجان ينافس عليها ائتلاف «25 - 30».
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد صدق على اللائحة الداخلية لمجلس النواب قبل أيام. ووافق مجلس النواب المصري (البرلمان) أول من أمس على منح الثقة لحكومة رئيس الوزراء شريف إسماعيل، بأغلبية 433 عضوا، ومعارضة (38)، فيما امتنع 5 أعضاء عن التصويت. ووعدت الحكومة بتنفيذ جميع التوصيات التي تلقتها سواء من أعضاء مجلس النواب أو من لجنة مناقشة برنامجها بالبرلمان.
من جانبه، قال أحمد سامي، أمين الإعلام بحزب «مستقبل وطن»، إن حزبه سوف ينافس على 6 لجان، وتم ترشيح 18 نائبا على رئاسة ووكالة اللجان، لافتا إلى أن أبرز هذه اللجان هي «التنمية المحلية، والصحة، والتعليم، والإسكان، والزراعة»، مضيفا لـ«الشرق الأوسط» أن «فرصة حزبه كبيرة جدا لحصد هذه اللجان الست».
وعن اختيار هذه اللجان بالتحديد، والتي يلاحظ أنها لجان خدمية، قال سامي إن «أجندة حزبه التشريعية تهتم بالمواطن ومشكلاته في المقام الأول، وتحاول اختيار اللجان التي تخدم مصالح المواطنين وتحقق طموحاتهم المعيشية والخدمية خلال الفترة المُقبلة»، لافتا إلى أن «حزبه شكل عددا من اللجان داخله على غرار لجان البرلمان النوعية، من عدد كبير من المختصين، لتحقيق كل ما يفيد المواطن خدميا ومعيشيا».
وأضاف سامي أن «حزبه شكل لجنة أيضا لمتابعة أداء الحكومة بعد تجديد الثقة فيها من قبل البرلمان، والتي من خلالها سوف يتم رفع تقارير للحزب ونوابه عن أداء الحكومة، وذلك لمحاسبة الحكومة على تعهداتها التي التزمت بها في برنامجها عقب منحها الثقة من البرلمان»، لافتا إلى أن «ملاحظات حزبه على برنامج الحكومة، كانت تتمثل في ضرورة وضع آلية لتنفيذ برامج ووعود الحكومة، وذلك وفق جدول وبرنامج زمني محدد».
وكان شريف إسماعيل قد قدم برنامج الحكومة أمام المجلس في مارس (آذار) الماضي. وشكل البرلمان بعد ذلك لجنة لدراسة البرنامج، التي قالت في تقريرها الأخير الذي منح الحكومة الثقة، إنها «رصدت غياب الجداول الزمنية لتنفيذ البرنامج وعدم وضوح آليات تطبيقه»؛ إلا أنها أوصت المجلس بالموافقة عليه.
وتقدر عدد اللجان النوعية في البرلمان التي ستتم المنافسة عليها غدا (السبت) بـ25 لجنة، هي: «لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، والخطة والموازنة، والشؤون الاقتصادية، والعلاقات الخارجية، والشؤون العربية، والشؤون الأفريقية، ولجنة الدفاع والأمن القومي، والاقتراحات والشكاوى، والقوى العاملة، ولجنة الصناعة، والمشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر، والطاقة والبيئة، والزراعة والري والأمن الغذائي والثروة الحيوانية، والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي، ولجنة الشؤون الدينية والأوقاف، والتضامن الاجتماعي والأسرة والأشخاص ذوو الإعاقة، ولجنة الثقافة والإعلام والآثار، والسياحة والطيران المدني، والشؤون الصحية، ولجنة النقل والمواصلات، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والإسكان والمرافق العامة والتعمير، والإدارة المحلية، والشباب والرياضة، وحقوق الإنسان».
وبينما أوضح أحمد سامي، المتحدث الرسمي لـ«مستقبل وطن»، الذي يُعد حزب الأكثرية في ائتلاف «دعم مصر»، أن «الائتلاف سوف ينافس بقوة على اللجان داخل البرلمان»، قال المصادر الحزبية إن «دعم مصر» سوف ينافس على رئاسة ووكالة وأمانة سر 15 لجنة برلمانية، أبرزها لجنة «الأمن القومي».
ويُعد ائتلاف «دعم مصر» من أبرز الائتلافات التي أُعلن عنها في البرلمان، ويضم ما يقرب من 370 عضوا من عدد الأعضاء البالغ 596. ويتكون «دعم مصر» بشكل رئيس من الأعضاء المستقلين الذين يمثلون 75 في المائة من عدد أعضاء المجلس، فضلا عن عدد من الأحزاب، في مقدمتهم «مستقبل وطن».
في السياق ذاته، قالت المصادر الحزبية نفسها، إن حزب «المصريين الأحرار» الذي يرأسه رجل الأعمال ساويرس، قرر المنافسة على رئاسة ووكالة 11 لجنة نوعية بالبرلمان، من بينها لجان «الصحة، والنقل والمواصلات، والزراعة، والشؤون الأفريقية، واللجنة الاقتصادية، وحقوق الإنسان، والإدارة المحلية، والسياحة، والأمن القومي، والعلاقات الخارجية». مضيفة أن حزب الوفد سوف ينافس على 5 لجان، ثلاث منها على منصب الرئاسة وهي «اللجنة التشريعية، والتنمية المحلية، ولجنة الطاقة»، واثنتين على منصب الوكالة وهما «التعليم، والصحة».
وتقول المصادر الحزبية، إن «أغلب الأحزاب سوف تنافس على كثير من اللجان، لضمان فوزها بعدد مُعين من اللجان، حتى لا تخرج صفر اليدين من اللعبة»، مؤكدة أن «المفاوضات والمشاورات بين الكتل السياسية ما زالت قائمة لحسم أسماء اللجان النوعية لانتخابات مجلس النواب». مضيفة أن «قيادات حزبية أكدت أنها لن تُقدم أي تنازلات بشأن التفاوض على عدد اللجان النوعية التي قررت خوض الانتخابات عليها داخل البرلمان، وذلك في اتصالاتها المتكررة مع الهيئات البرلمانية للأحزاب الأخرى والائتلافات».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».