تونس: توتر بين البرلمان والحكومة بسبب تأجيل مساءلة وزير الداخلية

الجلسة كانت مخصصة لتقديم إجابات بخصوص أحداث جزيرة قرقنة الدامية

تونس: توتر بين البرلمان والحكومة بسبب تأجيل مساءلة وزير الداخلية
TT

تونس: توتر بين البرلمان والحكومة بسبب تأجيل مساءلة وزير الداخلية

تونس: توتر بين البرلمان والحكومة بسبب تأجيل مساءلة وزير الداخلية

قرر البرلمان التونسي تأجيل جلسة مساءلة وزير الداخلية هادي مجدوب بعد عدم استجابة الحكومة؛ وذلك لتقديم إجابات بخصوص الأحداث الأمنية التي عرفتها جزيرة قرقنة، الأسبوع الماضي، واتهام قوات الأمن بالاستعمال المفرط للقوة في تفريق المحتجين المطالبين بالتشغيل والتنمية.
وكانت جلسة المساءلة مبرمجة، أمس الخميس، ولذلك فإن من شأن هذا التأجيل أن يعيد، حسب عدد من المراقبين، حالة التوتر بين السلطتين التشريعية (البرلمان) والتنفيذية (الحكومة) إلى سالف عهدها، من خلال تبادل الاتهامات بتعطيل العمل الحكومي.
وكان أعضاء البرلمان قد طالبوا في البداية بمساءلة رئيس الحكومة ووزير الداخلية على خلفية تلك الأحداث، التي عرفت مواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين، لكنهم اكتفوا بعد هدوء الأوضاع الأمنية في الجزيرة بطلب مساءلة وزير الداخلية. فيما دعا البرلمان الحكومة إلى مناقشة الأزمات الاجتماعية، وضرورة إيجاد مخرج للمشاكل المتكررة سواء في القصرين (وسط غرب) وبن قردان (جنوب شرق)، أو جزيرة قرقنة (وسط شرق) التي كانت آخر مدينة تعرف موجة الاحتجاجات.
وقدرت مصادر برلمانية عدد رجال الأمن الذين توجهوا إلى جزيرة قرقنة بنحو 700 شرطي، اتهموا بالإفراط في استعمال القوة ضد احتجاجات اجتماعية، كانت ذات طابع سلمي، علما بأن الرئيس التونسي كان قد وجه إلى البرلمان رسالة لوم؛ بسبب البطء في النظر في مشاريع القوانين ذات الصلة بالملفات الاجتماعية والاقتصادية، لأنها تعطل عمل الحكومة.
ويبدو من خلال طلب المساءلة للحكومة ووزير الداخلية تحديدا أن البرلمان يريد أن ينفي عنه تهمة تعطيل العمل الحكومي، ورمي الكرة في مرمى الحكومة. لكن هذه ليست المرة الأولى التي تلغي فيها الحكومة جلسة استماع لها في البرلمان؛ حيث تغيب سابقا وزراء المالية، والتجهيز والإسكان، والتنمية والتعاون الدولي عن جلسات عامة، كانت مخصصة لمناقشة مشاريع قوانين في 18 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، رغم أن ذلك يعد من صميم عملهم الحكومي.
وينص الفصل 147 من النظام الداخلي للبرلمان على تخصيص المجلس (البرلمان) جلسة للحوار مع أعضاء الحومة حول التوجهات العامة، والسياسات القطاعية مرة كل شهر، وكلما دعت الحاجة بطلب من مكتب البرلمان، أو من أغلبية أعضاء البرلمان. ومن نتائج هذا التأجيل أن تعود علاقة السلطتين إلى التوتر الحاصل بين الرئاسات الثلاث، وذلك بعد اتهام البرلمان للحكومة بالتغافل عن دورها الدستوري، وعدم احترام السلطة التشريعية التي منحت الحكومة الثقة ومن صلاحياتها مراقبة عملها.
وأحدث هذا التأجيل ردود فعل سلبية في صفوف عدد من أعضاء البرلمان؛ حيث دعا محمد الهادي قديش، النائب عن حركة نداء تونس في البرلمان، إلى عقد جلسة برلمانية يتم خلالها تحميل المسؤوليات عما حدث في جزيرة قرقنة. فيما قال بدر الدين الكافي، النائب عن حركة النهضة، إن «جزيرة قرقنة في حاجة إلى التمييز الإيجابي، وعلى الحكومة أن تأتي إلى مقر البرلمان لتذكيرها بهذا الأمر عوض السعي إلى تعطيل آلة الإنتاج وخلق ساحة مواجهات مع أعوان الأمن».
من ناحية أخرى، وفي محاولة للتموقع من جديد في الخريطة السياسية، بدأت قيادات من حزب «المبادرة»، الذي يتزعمه كمال مرجان، وزير الخارجية السابق في نظام بن علي، وحزب «الاتحاد الوطني الحر» بزعامة سليم الرياحي مشاورات ماراثونية تتناول عملية انصهار الحزبين لتشكيل حزب سياسي واحد. وفي هذا السياق ذكرت مصادر مطلعة من حزب المبادرة لـ«الشرق الأوسط» أن محمد الغرياني، الأمين العام السابق لحزب التجمع الديمقراطي المنحل، هو الذي يتولى قيادة المفاوضات، نيابة عن حزب «المبادرة»، فيما يتولى هذه المهمة الطاهر فضيل عن حزب «الاتحاد الوطني الحر».
ومن المنتظر، وفق المصادر نفسها، أن تؤول رئاسة الحزب الجديد إلى كمال مرجان مع الاتفاق بين الطرفين على تعيين أمين عام يحظى بالإجماع بينهما، وتسند له المهمة الأولى في هيكلة الحزب.
وكان سليم الرياحي، رئيس حزب «الاتحاد الوطني الحر» قد عرض على أعضاء حزبه خلال المجلس الوطني للحزب المنعقد منذ نحو أسبوعين مقترح الانصهار بين الحزبين. ولم تصدر عن قيادات الحزب تصريحات معارضة لهذا المقترح، الهادف إلى تعزيز حضور الحزب في البرلمان (16 مقعدا للاتحاد الوطني الحر وأربع مقاعد لحزب المبادرة).
ومن شأن هذا الانصهار الحزبي أن يؤكد تغير موازين القوى داخل الائتلاف الحاكم، واقتصاره على ائتلاف ثنائي (النهضة والنداء) بما يجعل حزب «الاتحاد الوطني الحر»، وحزب «آفاق تونس» خارج الرباعي الحاكم.



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.