الجمهور العربي يتفاعل مع عودة راشد الماجد للمسرح

الحفل سيقام في عيد الفطر بدبي.. و«روتانا» تبدأ مبكرًا في التحضيرات

راشد الماجد
راشد الماجد
TT

الجمهور العربي يتفاعل مع عودة راشد الماجد للمسرح

راشد الماجد
راشد الماجد

لا يبدو الأمر مألوفا عند جمهور الفنان السعودي راشد الماجد، وخصوصا في السبعة أعوام الماضية وأكثر من ذلك. فما أن أعلن راشد عن موعد إقامة حفلته الغنائية في عيد الفطر المقبل، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي من نقاد ومثقفين من جهة، وجمهوره العريض في الوطن العربي من جهة أخرى.
الجميع استبشر خيرا بهذه العودة المختلفة، فلطالما انتظر جمهوره وعشاق فنه وقوفه على المسرح، وعلى الرغم مما يقدمه من أعمال فريدة وناجحة بطريقة «السنجل» محققة أرقاما قياسية من ناحية المشاهدة، فإن الجمهور يعود مجددا ويطالبه بالعودة إلى المسرح وتقديم حفل غنائي جماهيري.
راشد الماجد كان آخر حضور له على المسرح عام 2009، وتحديدا في حفلات مهرجان «هلا فبراير»، وحظي الحفل بحضور جماهيري كبير، ولم يقتصر الحضور على الجمهور الكويتي فقط، بل حضر عدد كبير من الجمهور الخليجي والعربي، وقدم راشد مجموعة من روائعه الغنائية.
وحُددت إقامة الحفل في دبي بمسرح «مركز دبي التجاري» في عيد الفطر المبارك، يوم السبت 9 يوليو (تموز) المقبل، وسينظم الحفل شركة «روتانا». وأكد سالم الهندي، مدير عام شركة «روتانا للصوتيات والمرئيات»، أن «هناك تحضيرات كبيرة ومختلفة لهذا الحفل الضخم، تليق بحجم فنان كبير صاحب جماهيرية كبيرة، مثل راشد الماجد، ليس فقط خليجيا، بل على مستوى الوطن العربي كله، لذلك بدأنا منذ الآن في وضع الترتيبات لهذا الحفل الجماهيري المرتقب، ومنذ بداية الشهر المقبل ستبدأ الحملات الإعلانية الخاصة بالحفل، وسنضع مقاعد إضافية، حيث سيستوعب المسرح أكثر من 4 آلاف متفرج، فنحن ندرك تماما المحبة الجماهيرية التي يملكها هذا الفنان والشوق الكبير الذي يحمله الجمهور لراشد الماجد، فهناك جمهور سيأتي خصيصا إلى دبي لمشاهدة راشد الماجد وحضور حفلته».
وأكد راشد الماجد لـ«الشرق الأوسط» أنه سيحضّر مجموعة كبيرة من الأعمال الغنائية التي سيجري عليها البروفات لاحقا، من ضمنها أعمال غنائية قديمة اشتهر بها من الزمن الجميل، إضافة إلى أعمال جديدة سيغنيها لأول مرة على خشبة المسرح، من ضمنها الأعمال التي حققت نجاحا جماهيريا كبيرا في الفترة الماضية وطرحت بطريقة «السينجل».
وراشد الماجد صاحب تاريخ فني طويل، امتد لأكثر من 28 عاما، حافل بالإنجازات الفنية، فهو الآن أصبح واحدا من أهم مطربي الوطن العربي بشكل عام والسعودية خاصة، فراشد حالة فريدة من نوعها، يغيب عن المشهد الإعلامي، ولا يظهر في البرامج التلفزيونية ولا اللقاءات الإذاعية، وغائب عن المسارح، وعلى الرغم من ذلك فإنه الأكثر تأثيرا، وصاحب جماهيرية عالية بذكائه واختياراته الغنائية، عرف كيف يكسب جميع الأجيال، وهي حالة مختلفة أن تجد فنانا جمهوره من الجيل الجديد، وأيضا لا يزال يحتفظ بجمهور جيله السابق، فكلاهما يرونه «الفنان الأول» بالنسبة لهم.
راشد الماجد بدأ مشواره الفني صغيرا لم يتجاوز 15 عاما من عمره، وتحديدا في الثمانينات الميلادية من خلال برامج تلفزيونية في تلفزيوني البحرين والدمام، من خلال برامج للأطفال، وكان أحيانا يظهر ممسكا بآلة العود حيث يجيد العزف عليها ببراعة، ومنذ طفولته تنبأ له كثير من الموسيقيين والمختصين بأن تلك الموهبة الصغيرة سيكون لها شأن كبير في المستقبل.



ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
TT

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة. وجد نفسه محرجاً في الغناء على مسرح عالمي فيما لبنان كان يتألّم، ولكنه حزم أمره وقرر المضي بالأمر كونه سيمثّل وجه لبنان المضيء. كما أن جزءاً من ريع الحفل يعود إلى مساعدة النازحين. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحفلة الأولى لي التي أقيمها خلال هذه الحرب. وترددي جاء على خلفية مشاعري بالحزن على وطني».

خلال الحرب أصدر ميشال رميح أغنيته الوطنية «عم يوجعني بلدي». وقدّمها بصورة بسيطة مع عزف على البيانو، فلامست قلوب سامعيها بدفء كلماتها ولحنها النابع من حبّ الوطن. فهو كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» كتبها ولحنها وسجّلها وصوّرها في ظرف يوم واحد. ويروي قصة ولادتها: «كنا نتناول طعام الغداء مع عائلتي وأهلي، ولم أتنبه لانفصالي التام عن الواقع. شردت في ألم لبنان ومعاناة شعبه. كنت أشعر بالتعب من الحرب كما كثيرين غيري في بلادي. والأسوأ هو أننا نتفرّج ولا قدرة لنا على فعل شيء».

ألّف رميح أغنيته "عم يوجعني بلدي" ولحّنها بلحظات قليلة (ميشال رميح)

وجعه هذا حضّه على الإمساك بقلمه، فكتب أحاسيسه في تلك اللحظة. «كل ما كتبته كان حقيقياً، وينبع من صميم قلبي. عشت هذا الوجع بحذافيره فخرجت الكلمات تحمل الحزن والأمل معاً».

يقول إنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل، ولذلك آثر تمرير ومضات رجاء تلونها. وجعه الحقيقي الذي كان يعيشه لم يمنعه من التحلي بالصبر والأمل. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية سنقوم من جديد؛ كوننا شعباً صلباً لا تشّلنا الأزمات. والفنان صاحب الأحاسيس المرهفة لا يمكنه أن يفرّق بين وجهة سياسية وأخرى، ولا بين طائفة وأخرى ينتمي إليها هذا الشخص أو ذاك. فما أعرفه جيداً هو أننا جميعنا لبنانيون، ولذلك علينا التوحّد ومساعدة بعضنا البعض. رؤية أبناء بلدي يهجرون منازلهم وقراهم المدمّرة، لامستني عن قرب، فولدت أغنيتي (عم يوجعني بلدي)؛ لأني بالفعل عشت ألماً حقيقياً مع نفسي».

حفرت في ذاكرة ميشال رميح مشاهد عدة مؤثّرة عن لبنان المهجّر والمدمّر، كما يقول. «لن أنسى ذلك المسنّ الذي بكى خسارته لزوجته وبيته معاً. اليوم لا يجد مكاناً يؤويه، كما يفتقد شريكة حياته. وكذلك تعاطفت مع الأطفال والأولاد الذين لا ذنب لهم بحروب الكبار. فهؤلاء جميعاً أعتبرهم أهلي وإخوتي وأبنائي. كان لا بد أن تخرج مني كلمات أغنية، أصف فيها حالتي الحقيقية».

ميشال ابن زحلة، يقيم اليوم في أميركا. يقول: «هاجرت إلى هناك منذ زمن طويل. وفي كل مرة أعود بها إلى لبنان أشعر بعدم قدرتي على مغادرته. ولكن بسبب أطفالي اضطررت للسفر. وعندما أغادر مطار بيروت تمتلكني مشاعر الأسى والحزن. لم أرغب في ترك بلدي وهو يمرّ في محنة صعبة جداً. ولكن الظروف مرات تدفعنا للقيام بعكس رغباتنا، وهو ما حصل معي أخيراً».

يقول بأنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل (ميشال رميح)

صوّر ميشال أغنيته، وسجلها في الاستوديو، في الوقت نفسه. لم يرغب في أن تكون مصطنعة بمشهديتها بل أن تمثّل واقعاً يعيشه. «الأغنية ليست تجارية، كتبت كلماتها على قصاصة ورق صغيرة. وأنا أتوجّه إلى استوديو التسجيل قمت بتلحينها».

سبق وتعاون رميح في عدة أغنيات مع مجموعة شعراء وملحنين، ومن بينهم هيثم زيات وسليم عساف. ولكن في أغنية «عم يوجعني بلدي» ترك العنان لأحاسيسه، فلحّن وكتب وغنّى من هذا المنطلق. صديقه ريكاردو عازار تسلّم مهمة عزف اللحن على آلة البيانو. «لم أشأ أن ترافقها آلات وإيقاعات كثيرة لأنها أغنية دافئة ووطنية».

يعدّ رميح الأغنية الوطنية وجهة يجب أن يتحوّل إليها كل فنان تتملّكه أحاسيس حقيقية تجاه وطنه. ويستطرد: «هكذا أنا مغنٍ أستطيع أن أقاوم عندما بلدي يشهد مرحلة صعبة. لا أستطيع أن ألتزم الصمت تجاه ما يجري من اعتداءات على أرضه. ولأن كلمات الأغنية تنبع من رحم الواقع والمشاعر، لاقت انتشاراً كبيراً».

حتى أثناء مرور لبنان بأزمات سابقة لم يوفّر ميشال رميح الفرصة ليغني له. «أثناء ثورة أكتوبر (تشرين الأول) وانفجار المرفأ غنيّت لبنان بأسلوبي وعلى طريقتي. وتركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي. غنيت (شعب لبنان) يومها من ألحان هيثم زيات».

تركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي (ميشال رميح)

ينقل ميشال رميح حقيقة أحاسيس كل لبناني اضطر إلى هجرة وطنه. «قد يعتقد البعض أن من يعيش خارج لبنان وهو في أزمة، يتمتع بالراحة. هذا أمر خاطئ تماماً. فقد عصرني الألم وأنا أغادر وطني، وكلما حلّقت الطائرة وصغرت صورة لبنان من الأعلى، شعرت بحزن أكبر. جميع أبناء لبنان ممن أعرفهم هنا في أميركا يحزّ في قلبهم ابتعادهم عن وطنهم المجروح. ولكنهم جميعهم يأملون مثلي بالعودة القريبة إليه. وهو ما يزيد من صبرهم، لا سيما وأن أعمالهم وعائلاتهم تعيش في أميركا».

أغانٍ وطنية عديدة لفتت ميشال رميح أخيراً: «أرفع القبعة لكل فنان يغني لبنان المتألم. استمعت إلى أغانٍ عدة بينها لجوزف عطية (صلّوا لبيروت)، ولماجد موصللي (بيروت ست الدنيا)، وأخرى لهشام الحاج بعنوان (بيروت ما بتموت)، وكذلك واحدة أداها الوليد الحلاني (بعين السما محروس يا لبنان)». ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذه الأغاني بمثابة غذاء الروح لوطني لبنان. لا شك أن ما أعنيه يأتي مجازياً؛ لأن لا شيء يعوّض خسارات بلدي. ولكن من ناحيتي أجد صوتي وأغنيتي هما سلاحي الذي أدافع فيه عن بلدي».

عندما غادر رميح لبنان منذ نحو الشهر كان في زيارته الثانية له بعد غياب. فحب الوطن زرعه في قلبه، ونما بداخله لا شعورياً. «لن أستسلم أبداً، وسأثابر على زيارة لبنان باستمرار، على أمل الإقامة فيه نهائياً وقريباً. فوالداي علّماني حب الوطن، وكانا دائماً يرويان لي أجمل الذكريات عنه. وأتمنى أن أشهد مثل هذه الذكريات كي أرويها بدوري لأولادي».