الملف السوري على جدول مباحثات 5 زعماء غربيين في هانوفر

باريس تقترح رسميًا اجتماعًا لوزراء خارجية «مجموعة الدعم»

ستيفان دي ميستورا، مبعوث الأمم المتحدة الخاص للأمين العام في سوريا، يعرض خلال مؤتمر صحافي في جنيف، أمس، نتائج فرقة العمل من أجل إيصال المساعدات الإنسانية في سوريا متهمًا النظام بعرقلة وصولها (إ.ب.أ)
ستيفان دي ميستورا، مبعوث الأمم المتحدة الخاص للأمين العام في سوريا، يعرض خلال مؤتمر صحافي في جنيف، أمس، نتائج فرقة العمل من أجل إيصال المساعدات الإنسانية في سوريا متهمًا النظام بعرقلة وصولها (إ.ب.أ)
TT

الملف السوري على جدول مباحثات 5 زعماء غربيين في هانوفر

ستيفان دي ميستورا، مبعوث الأمم المتحدة الخاص للأمين العام في سوريا، يعرض خلال مؤتمر صحافي في جنيف، أمس، نتائج فرقة العمل من أجل إيصال المساعدات الإنسانية في سوريا متهمًا النظام بعرقلة وصولها (إ.ب.أ)
ستيفان دي ميستورا، مبعوث الأمم المتحدة الخاص للأمين العام في سوريا، يعرض خلال مؤتمر صحافي في جنيف، أمس، نتائج فرقة العمل من أجل إيصال المساعدات الإنسانية في سوريا متهمًا النظام بعرقلة وصولها (إ.ب.أ)

أفادت مصادر دبلوماسية أوروبية في جنيف أن المبعوث الدولي سيستمر في لقاءاته مع وفد النظام والمجموعات الأخرى الموجودة في المدينة السويسرية وفق خطته الموضوعة أصلا التي نصت على محادثات لمدة أسبوعين، في الوقت الذي تنشط فيه باريس على كل الجبهات لتطويق التصعيد الميداني الحاصل في سوريا ومحاولة إعادة إحياء محادثات جنيف المتعثرة بعد قرار الهيئة العليا للمفاوضات «تعليق» مشاركتها، بنقل الملف إلى اجتماع دول «5+1» في هانوفر يوم الاثنين المقبل.
وقالت هذه المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، أمس، إن «التبرير» الذي يقدمه ستيفان دي ميستورا هو أنه بدأ محادثاته مع وفد المعارضة في ثلاثة أيام قبل انطلاقها مع وفد النظام، وبالتالي فإن تمديدها حتى الأربعاء المقبل هدفه توفير الوقت نفسه والفرص نفسها للوفدين، وبعد ذلك ستنقطع المحادثات لمدة أسبوعين على أن تستأنف في مايو (أيار) المقبل.
وبانتظار ذلك، تسعى الدبلوماسية الدولية لمواكبة جهود المبعوث الدولي. وبعد أن كانت باريس أول من دعا إلى اجتماع لوزراء خارجية مجموعة الدعم لسوريا التي تضم 17 بلدا، وذلك في إطار لجنة الاتصال الخاصة بوقف الأعمال العدائية منذ إعلان وفد الهيئة العليا للمفاوضات «تعليق» مشاركته، عمد وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرولت إلى دعوة نظرائه رسميا لعقد هذه الاجتماع. وبحسب مصادر دبلوماسية فرنسية فإنه «يتعين على هذه المجموعة، خصوصا على الدولتين الراعيتين (الولايات المتحدة الأميركية وروسيا)، أن تتحمل المسؤولية وأن توفر دفعة سياسية إضافية لاحترام الهدنة من قبل كل الأطراف بحيث يعود الجميع إلى جنيف». وأفاد وزير الخارجية الفرنسي في تصريحات له نشرت أمس أن الملف السوري، وإقرار الاجتماع المشار إليه، سيكونان موضع بحث في القمة غير الرسمية في مدينة هانوفر الألمانية يوم الاثنين المقبل والمعروفة باسم «4+1»، وهي تضم بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، والولايات المتحدة الأميركية.
حتى عصر أمس، لم يكن قد تم اتخاذ قرار لا بشأن موعد الاجتماع ولا بشأن مكان انعقاده. وقالت المصادر الفرنسية إن مصيره «مرهون» بالاتصالات «المكثفة» الحالية بين واشنطن وموسكو التي زارها أيرولت يوم الثلاثاء الماضي والتقى فيها الرئيس فلاديمير بوتين ونظيره سيرغي لافروف. وسيكون الملف السوري اليوم على جدول لقائه مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني.
الواقع أن علامة الاستفهام الأساسية التي تطرحها المصادر الغربية تتناول بالدرجة الأولى، «الحجج» التي يمكن تقديمها للهيئة العليا للمفاوضات من أجل أن تعيد النظر في قرار «التعليق» وإرسال وفدها مجددا إلى جنيف. وأفاد عضو بارز من الهيئة، في اتصال أجرته «الشرق الأوسط» معه أمس، أن «عددا محصورا» من التقنيين وغير التقنيين سيبقى في جنيف حتى يكون «حلقة وصل» بين مكتب المبعوث الدولي والهيئة، فيما يفترض أن يكون قد عاد اليوم القسم الأكبر من وفد المعارضة. وأضاف العضو المشار إليه أن قرار الهيئة «مربوط بالتطورات التي ستحصل في الأيام القليلة المقبلة» في الوقت التي تزداد فيه المخاوف من تصعيد ميداني على نطاق واسع قد يدفع بالمسار السياسي بمجمله إلى المجهول.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن مسؤولا من وزارة الخارجية الألمانية التقى ممثلين عن الهيئة العليا للمفاوضات تمهيدا لاجتماع هانوفر. وتستطيع ألمانيا، بسبب «العلاقات الخاصة» التي تربطها بروسيا، وفق المصادر الغربية، أن تلعب دورا مؤثرا على الموقف الروسي. وقدم الدبلوماسي الألماني «وعودا» للمعارضة السورية التي سيتبين سريعا جدا مدى مصداقيتها، خصوصا أن اجتماع وزراء خارجية مجموعة الدعم يفترض أن يتم قبل نهاية الشهر الحالي. وبحسب باريس، فإن المشاورات تتناول عدة مقترحات لمكان وزمان الاجتماع. وتعد المصادر الغربية أن الأيام العشرة الفاصلة قبل نهاية الشهر الحالي «كافية» للقيام بالاتصالات التحضيرية الضرورية، وأنها تتطابق مع فترة توقف المحادثات وفق خطة دي ميستورا الأصلية.
ما زال السفراء والدبلوماسيون المنتدبون إلى جنيف يتساءلون عن الأسباب التي جعلت النظام السوري يعمد إلى التصعيد العسكري وإلى «إحراج» الطرف الروسي الذي يعد بشكل ما مسؤولا عن «تصرفات» النظام السوري والمجموعات العسكرية التي تقاتل إلى جانبه. ويبدو أن الرأي الغالب هو اعتبار أن هناك عملية «شد حبال» بين النظام السوري والطرف الروسي، وأن الأول يحاول «اختبار» المدى الذي يمكن أن يصل إليه في تجاهله «الراعي» الروسي أو تحدي إرادته أو قراراته. ويبدو أن المعارضة السورية تتحضر لسيناريوهات أخرى غير سيناريو المحادثات في جنيف التي وصفها رئيس الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة أنس العبدة، في تصريحات له أمس في إسطنبول، بأنها «عديمة الجدوى». وأوضح العبدة أن «التفاوض ليس الخيار الوحيد للحل في سوريا، وكل ما ستشاهدونه في المرحلة المقبلة على الأرض سيكون جزءًا من هذه الخيارات»، في تلويح بالرد عسكريا على خروقات النظام للهدنة.
من جانب آخر، رد رئيس وفد الهيئة العميد أسعد الزعبي على تصريحات السفير بشار الجعفري أول من أمس عندما عدّ أن رحيل الوفد لن يؤثر على استمرار المفاوضات. وقال العبدة قبل مغادرته جنيف إن شيئا كهذا سيكون بمثابة «نكتة وموضع استهزاء». وترى الهيئة أنه «لا معنى» لمحادثات تجرى مع جهات أخرى غيرها، وأن قرار التعليق كان «صائبا» لأنه دفع الجميع إلى «إعادة النظر في حساباتهم».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.