قائد الجيش الإيراني يتنصل من مسؤولية إرسال قوات خاصة إلى سوريا

النفي يتناقض مع التصريحات الأخيرة لقائد القوات البرية

قائد الجيش الإيراني عطاء الله صالحي يعرض لقائد «الحرس الثوري» محمد علي جعفري ملصقًا دعائيًا عن قتلى الجيش في سوريا (موقع دفاع برس)
قائد الجيش الإيراني عطاء الله صالحي يعرض لقائد «الحرس الثوري» محمد علي جعفري ملصقًا دعائيًا عن قتلى الجيش في سوريا (موقع دفاع برس)
TT

قائد الجيش الإيراني يتنصل من مسؤولية إرسال قوات خاصة إلى سوريا

قائد الجيش الإيراني عطاء الله صالحي يعرض لقائد «الحرس الثوري» محمد علي جعفري ملصقًا دعائيًا عن قتلى الجيش في سوريا (موقع دفاع برس)
قائد الجيش الإيراني عطاء الله صالحي يعرض لقائد «الحرس الثوري» محمد علي جعفري ملصقًا دعائيًا عن قتلى الجيش في سوريا (موقع دفاع برس)

بعد أن أثار إعلان الجيش الإيراني إرسال قوات خاصة إلى سوريا جدلا واسعا داخل وخارج إيران، حاول قائد الجيش الإيراني عطاء الله صالحي التنصل من مسؤولية إرسال تلك القوات، لافتا إلى أن الجيش لم يتحمل مسؤولية إرسال تلك القوات، وأن «جهازا خاصا» لم يذكر اسمه، مسؤول عن إرسال المستشارين إلى المعارك السورية.
وقال صالحي أمس في أول تعليق له بعد إعلان مقتل ضباط من القوات الخاصة التابعة للجيش الإيراني في سوريا، إن تلك القوات «متطوعة»، وإن الجيش لا يتحمل مسؤولية إرسالها إلى سوريا. كما كرر ما يعلنه قادة القوات العسكرية الإيرانية حول الطبيعة «الاستشارية» لحضور القوات الإيرانية.
وتعليقا على إعلان مساعد قائد القوات البرية، علي آراسته، أول قيادي في الجيش أعلن إرسال «اللواء 65» للقوات الخاصة، قال صالحي إن قواته لم تعلن «إطلاقا» و«لم تدع» إلى إرسال «اللواء 65» إلى سوريا، موضحا أنه قد يكون بعض من قوات «اللواء 65» بين القوات المرسلة من قبل «جهاز خاص» مسؤول عن إرسال المستشارين إلى سوريا. ولم يقدم صالحي أي تفصيل عن الجهاز المسؤول عن إرسال «القوات التطوعية» للجيش الإيراني، إلا أنه ربما عنى الحرس الثوري وذراعه الخارجية «فيلق القدس» اللذين يقاتلان في سوريا إلى جانب قوات الأسد.
وفي إلقاء المسؤولية على عاتق الحرس الثوري عندما أشار إلى «الجهاز المسؤول» عن إرسال القوات «التطوعية والاستشارية» إلى سوريا، خشية لدى قائد الجيش من إلحاق قادة الجيش الإيراني بقائمة العقوبات الدولية المفروضة على قادة «الحرس الثوري» والشرطة الإيرانية بسبب دورهما في سوريا.
ویفرض کل من الاتحاد الأوروبي وأمیرکا منذ عام 2011 عقوبات على قادة «الحرس الثوري»، تشمل مصادرة الأموال والمنع من السفر، بسبب دورهم في قمع المتظاهرين السوريين. وتشمل العقوبات كلا من قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري وقائد «فيلق قدس» قاسم سليماني، ومساعد قائد مخابرات «الحرس الثوري» حسين طائب، والقيادي في «الحرس الثوري» العميد حسين همداني، الذي قتل في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في حلب، ومساعد قائد قوات الشرطة الإيرانية العميد أحمد رضا رادان، وقائد الشرطة السابق إسماعيل أحمدي مقدم، فضلا عن قائد غرفة العمليات في «فيلق القدس» وأهم مساعدي سليماني في سوريا، محسن تشيذري.
وجاء تصريح صالحي خلافا لآخر تصريح من قائد القوات البرية في الجيش الإيراني أحمد رضا بوردستان، الذي أكد في عدة مناسبات خلال الأسبوعيين الماضيين، إرسال «مستشارين» من القوات الخاصة للمشاركة إلى جانب «الحرس الثوري».
وقال بوردستان الأحد الماضي إن القوات البرية في الجيش الإيراني لم ترسل وحدات من الجيش، إلا أنها أرسلت «مستشارين» بطلب من دمشق، وقال إن «المستشارين» يشاركون في «تقديم حلول استراتيجية» إلى الجيش السوري. وصرح بوردستان: «نحن جنود النظام، وعلى جاهزية للقيام بمهمات في أي مكان يطلب منا النظام ذلك»، وتابع: «إننا لم نرسل وحدات إلى سوريا، لأن (داعش) ليس عدونا الأساسي».
وفي وقت تشهد فيه سوريا هدنة بين قوات المعارضة والنظام السوري، عدّ بوردستان الهدنة «شكلية وظاهرية» مؤكدا أنها «لم تكن هدنة شاملة». وشدد على استمرار القوات العسكرية الإيرانية في العمليات الاستشارية «في جميع المجالات كما في السابق».
كما شدد بوردستان على استمرار تعاون الجيش الروسي والقوات العسكرية الإيرانية في سوريا، وقال إن انسحاب جزء من القوات الروسية «لا يعني أنها تكف عن تقديم الدعم اللوجيستي»، موضحا أن «الدعم اللوجيستي يأتي في ظل وجود أرضية مناسبة للتعاون بين القوات الروسية وقوات النظام السوري والمستشارين الإيرانيين».
من جانبه، أبرز الأستاذ في الكلية العسكرية الملكية في جامعة كينغستون بكندا، هوشنك حسن ياري، التباين في تصريحات قادة الجيش الإيراني حول إرسال القوات الخاصة إلى سوريا، وتساءل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إذا أعلن قائد الجيش أنه لا يتحمل مسؤولية إرسال القوات الخاصة التابعة للجيش، فمن هو المسؤول الذي يتحمل مسؤولية ذلك؟» وتابع ياري: «على أي أساس يعلن قائد القوات البرية إرسال قوات إلى سوريا، كما أكد أن الجيش شارك بتدريب وتجهيز قوات جيش النظام السوري.. كيف لم يطلع صالحي على ذلك؟».
ورأى حسين ياري أن التضارب في مواقف القادة الإيرانيين من إرسال القوات وطبيعة المهام يأتي في سياق التضارب الذي تشهده البلاد في السياسة الداخلية والخارجية. ولفت إلى أن «نفي الجيش يطرح سؤالا أساسيا حول الجهات المسؤولة عن اختيار القوات وإرسالها إلى سوريا، وإذا ما كان قادة الجيش يتعاونون مع تلك الجهات. ومن جانب آخر، يطرح التصريح الأخير أسئلة أساسية حول استقلالية الجيش الإيراني الذي يكلفه الدستور بالقيام بمهام محددة وفق المعايير العسكرية. كما أن سقوط قتلى من القوات الخاصة في الجيش الإيراني يطرح أسئلة أساسية حول جاهزية تلك القوات».
وشكك حسن ياري بالمفهوم «الاستشاري» والقيام بتدريب القوات العسكرية وفق ما تدعي الجهات المسؤولة في إيران، في وقت أعلن فيه عن مقتل ضباط من الجيش الإيراني في معارك حلب. وأكد أن حضور الجيش الإيراني في سوريا يضر بصورته، «لأن الحرب السورية ليست حربا (وطنية) وإنما حرب (آيديولوجية وسياسية)». وشدد على أن «الجيش الإيراني قد يتحمل ضغوطا داخلية مضاعفة داخل إيران بسبب اختلاف نظرة الإيرانيين للجيش مقارنة مع (الحرس الثوري) الذي يعد مؤسسة عسكرية لها دور سلبي في الداخل الإيراني». وفي إشارة إلى دعم «الحرس الثوري» من قبل السلطة الإيرانية وتدخله في الشؤون السياسية الإيرانية، ذكر حسن ياري أن «انكماش» الجيش في قواعده بعد حرب الخليج الأولى والقيام بدور حماية الحدود، «من النقاط الإيجابية للجيش الإيراني الذي تعرضت صورته للاهتزاز عقب إعلان تدخله في الحرب السورية».



هدنة غزة أمام عقدة «الانتقال للمرحلة الثانية»

مبان مدمرة في مدينة غزة يوم 5 نوفمبر الحالي (رويترز)
مبان مدمرة في مدينة غزة يوم 5 نوفمبر الحالي (رويترز)
TT

هدنة غزة أمام عقدة «الانتقال للمرحلة الثانية»

مبان مدمرة في مدينة غزة يوم 5 نوفمبر الحالي (رويترز)
مبان مدمرة في مدينة غزة يوم 5 نوفمبر الحالي (رويترز)

تتعدد مطالب الوسطاء بضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من «اتفاق وقف إطلاق النار» في قطاع غزة، في ظل تعقيدات ما زالت تواجهها «المرحلة الأولى» بشأن تسليم جثث الرهائن الإسرائيليين لدى «حماس»، وعدم التوافق على تفاصيل المرحلة التالية، وسط مخاوف من تكرار ما حدث في اتفاق يناير (كانون الثاني) الماضي الذي نقضته إسرائيل.

وتضمن «اتفاق وقف إطلاق النار» في يناير الماضي، ثلاث مراحل، بدأت المرحلة الأولى عند التوصل إليه وانتهت في الأول من مارس (آذار) الماضي، لكن «حماس» وإسرائيل لم تتوصلا إلى اتفاق بشأن كيفية الانتقال إلى المرحلة الثانية.

في ذلك الحين، أرادت «حماس» الدخول في المرحلة الثانية، والتي كانت ستشهد انسحاباً كاملاً للقوات الإسرائيلية من غزة وإطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء الذين تحتجزهم الحركة، وبدلاً من ذلك، ضغطت إسرائيل من أجل تمديد المرحلة الأولى، من دون الالتزام بإنهاء الحرب أو سحب القوات، وعادت لاستئناف الحرب في 18 مارس.

وجددت مصر «مطالبتها الأطراف المعنية بضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار في قطاع غزة»، الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وذلك خلال اتصال هاتفي تلقاه وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مساء الجمعة، من الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس.

وشملت المرحلة الأولى من «اتفاق أكتوبر» وقف العمليات العسكرية وانسحاباً جزئياً للجيش الإسرائيلي وصفقة تبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية للقطاع، وحتى الآن سلمت الفصائل الفلسطينية بغزة 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 25 آخرين من أصل 28، فيما لم يتم فتح معبر رفح بعد، وبين الحين والآخر تقوم إسرائيل بشن ضربات على القطاع.

وقال مصدر لإذاعة الجيش الإسرائيلي، الجمعة، إن رئيس الأركان إيال زامير «أوصى بعدم الانتقال إلى المرحلة التالية من الاتفاق مع حركة (حماس) قبل استعادة جميع جثث الأسرى الإسرائيليين في غزة، وعدم السماح بأي عملية لإعادة إعمار القطاع قبل تنفيذ عملية نزع السلاح كلياً».

تواجه المرحلة الثانية من «اتفاق غزة» عقبات سياسية، حيث ترفض إسرائيل أي إدارة فلسطينية للقطاع، وتعرقل تشكيل لجنة تكنوقراط، بينما تدفع واشنطن نحو قوة دولية، في حين لا يزال مصير إعادة إعمار غزة غير واضح، بحسب مراقبين.

امرأة وطفل يجلسان وسط أنقاض منزل دمر في غارة إسرائيلية ليلية بجانب امرأة أخرى تراقب عملية الإنقاذ بغزة (أ.ف.ب)

وأكد المحلل السياسي الفلسطيني، أكرم عطا الله، أن «تقسيم الاتفاقيات مع إسرائيل على مراحل يسمح لها بنقضها، وهو ما حدث في (اتفاق يناير)، وسبق أن حدث من قبل في (اتفاق أوسلو)، وهي تتلاعب بالفلسطينيين عبر استخدام القوة العسكرية وفرض الأمر الواقع، لذا فالانتقال لأي مرحلة تالية يبدو وكأنه (عُقدة)».

وتم توقيع «اتفاقية أوسلو» والمعروفة رسمياً باسم إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي، في سبتمبر (أيلول) من عام 1993 بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، وتتكون الاتفاقية من 17 بنداً بدءاً من إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكومة الذاتية الفلسطينية وانتهاء بتسوية المنازعات والتعاون الإسرائيلي - الفلسطيني فيما يتعلق بالبرامج الإقليمية، وفق التفاصيل المنشورة في وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).

وقال عطا الله لـ«الشرق الأوسط» إن «دفع إسرائيل لتنفيذ باقي مراحل (اتفاق أكتوبر) يكون عبر تحرك الوسطاء والدول العربية والإسلامية نحو الضغط على الرئيس الأميركي دونالد ترمب، للالتزام بباقي بنود الاتفاق، وحتى الآن يمكن القول بأن الولايات المتحدة ما زالت حريصة على تنفيذه». لكنه تحدث أيضاً عن عقبات تواجه الاتفاق الحالي في مقدمتها «النوايا الإسرائيلية، واتجاه الأنظار نحو تفاصيل (القوة الدولية)، وإدخال تعديلات على مهامها، والسماح لإسرائيل بالحركة الأمنية داخل القطاع، وهو ما أغضب الدول الراعية للاتفاق».

ووفقاً لموقع «أكسيوس» الأميركي، مساء الاثنين الماضي، فقد وزّعت واشنطن مسودة مشروع قرار على أعضاء مجلس الأمن الدولي، تقترح فيه إنشاء قوة أمنية دولية تعمل لمدة لا تقل عن عامين قابلة للتمديد حتى نهاية عام 2027.

وترى واشنطن أن تشكيل هذه «القوة الدولية» يمثل المفتاح الأساسي للمرور إلى المرحلة الثانية من الاتفاق. وتشمل هذه المرحلة من الاتفاق موضوعات الحكم والسلاح وقوات الاستقرار الدولية وإعادة الإعمار.

مراسم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في شرم الشيخ المصرية (الرئاسة المصرية)

وقبل أيام، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصادر إسرائيلية أن بنيامين نتنياهو، ووزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، يجريان مفاوضات مع الإدارة الأميركية للحصول على ورقة تفاهمات تمنح إسرائيل حرية العمل في غزة، هدفها وضع حدود لحرية التحرك الإسرائيلي وترسيخ ضمانات أميركية بشأن ما سيحدث في حال فشلت القوة الدولية في نزع سلاح «حماس».

الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء حمدي بخيت، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الانتقال إلى مراحل متقدمة لاتفاقيات وقف إطلاق النار مع إسرائيل تحولت إلى (عُقدة)، وهو سلوك اعتادت عليه الحكومات الإسرائيلية حينما تُصر على تقسيم الاتفاقيات إلى مراحل»، لافتاً إلى أن «دفع الاتفاق الحالي يقع على مسؤولية الوسطاء، كما أن الولايات المتحدة يجب أن تكون حريصة على تنفيذه باعتبارها ضامنة للاتفاق».

وأضاف «تواجه حركة (حماس) موقفاً صعباً الآن؛ لأنها سلمت جميع الرهائن الأحياء لديها وقاربت على تسليم جميع الرفات، والآن يتم التركيز على ورقة تسليم السلاح، وهي من الممكن استخدامها للانتقال إلى المرحلة الثانية وضمان التنفيذ الكامل لبنود الاتفاق».

وشهدت إسطنبول التركية اجتماعاً وزارياً موسّعاً، قبل أيام بمشاركة وزراء خارجية تركيا وقطر والسعودية والإمارات والأردن وباكستان وإندونيسيا، لبحث تثبيت وقف إطلاق النار، ومتابعة تنفيذ «مبادرة ترمب» وما تلاها من «إعلان شرم الشيخ»، إضافة إلى نتائج اجتماع التحالف العالمي لتنفيذ «حل الدولتين» الذي عُقد في الرياض أخيراً.


اليمن: تنديد حقوقي وحكومي بحملات القمع الحوثية في ذمار

منذ انقلاب الحوثيين على الشرعية اعتقلوا آلاف اليمنيين (رويترز)
منذ انقلاب الحوثيين على الشرعية اعتقلوا آلاف اليمنيين (رويترز)
TT

اليمن: تنديد حقوقي وحكومي بحملات القمع الحوثية في ذمار

منذ انقلاب الحوثيين على الشرعية اعتقلوا آلاف اليمنيين (رويترز)
منذ انقلاب الحوثيين على الشرعية اعتقلوا آلاف اليمنيين (رويترز)

اتهمت منظمة حقوقية يمنية الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، بتنفيذ واحدة من أكبر حملات القمع الجماعي ضد المدنيين في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء) بعد أن اختطفت 76 مواطناً وأخفتهم قسراً منذ أكثر من عشرة أيام، دون السماح لأسرهم بمعرفة أماكن احتجازهم أو التواصل معهم.

وقالت منظمة «مساواة لحقوق الإنسان» في بيان إن الجماعة شنت في 27 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي حملة مداهمات واعتقالات واسعة ومتزامنة في عدد من مديريات المحافظة، طالت أكاديميين وتربويين وشخصيات سياسية واجتماعية، في تصعيد وصفته بأنه «الأوسع منذ انقلاب الجماعة على الدولة».

وأوضحت أن مصير المختطفين لا يزال مجهولاً حتى اليوم، وبينهم مرضى وكبار في السن، وسط غياب أي معلومات رسمية أو إنسانية عن أماكن احتجازهم أو أوضاعهم الصحية.

وأكدت المنظمة الحقوقية في بيانها أن استمرار الجماعة في إخفاء هؤلاء المختطفين يمثل «جريمة إخفاء قسري مكتملة الأركان، وانتهاكاً صارخاً للمواثيق الدولية، وفي مقدمتها اتفاقيات جنيف الأربع والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية».

الحوثيون يقمعون السكان في مناطق سيطرتهم خشية تزايد الأصوات المناهضة لانقلابهم (رويترز)

وأضاف البيان أن هذه الممارسات «ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية»؛ كونها تأتي ضمن سياسة ممنهجة تستهدف المدنيين لبث الرعب في المجتمع وإسكات الأصوات الحرة. وحمّلت المنظمة قيادة الميليشيات الحوثية في ذمار المسؤولية القانونية والجنائية الكاملة عن سلامة جميع المختطفين وحياتهم.

ودعت منظمة «مساواة» الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى ممارسة ضغوط حقيقية على الحوثيين للكشف عن مصير المختطفين والإفراج عنهم فوراً ومن دون شروط، كما حثّت المنظمات الحقوقية المحلية والإقليمية والدولية على توحيد الجهود لوقف هذه الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها.

انتهاكات ممنهجة

أدانت السلطة المحلية في ذمار، والمعيّنة من قبل الحكومة اليمنية الشرعية، بشدة حملة الاختطافات الواسعة التي نفذتها الجماعة الحوثية بحق العشرات من أبناء المحافظة، مؤكدة أن تلك الاعتقالات طالت أكاديميين وسياسيين ووجهاء وشخصيات اجتماعية؛ فقط لأنهم مارسوا حقهم في التعبير أو احتفوا بالمناسبات الوطنية، وعلى رأسها ذكرى «ثورة 26 سبتمبر» التي أطاحت بأسلاف الجماعة في 1962.

وقالت السلطة المحلية، في بيان، إنها تتابع بقلق بالغ ما تشهده المحافظة من مداهمات للمنازل واحتجاز تعسفي للمواطنين، معتبرة أن ما تقوم به الجماعة «انتهاك صارخ لحقوق الإنسان ومبادئ الدستور والقوانين النافذة، واعتداء سافر على الحريات العامة وكرامة المواطنين».

وأضاف البيان أن هذه الممارسات «لن تسقط بالتقادم»، وأن مرتكبيها سيخضعون للمساءلة القانونية يوماً ما، مؤكداً أن أبناء ذمار «سيظلون متمسكين بمبادئ الثورة والجمهورية، ورافضين لكل أشكال الاستبداد والعنف الذي تمارسه الميليشيات بحقهم لمجرد التعبير عن آرائهم».

عناصر حوثيون خلال تجمع للتعبئة العسكرية في أوساط القبائل (إ.ب.أ)

وطالبت السلطة المحلية الجماعة بسرعة الإفراج عن جميع المختطفين والمعتقلين تعسفاً، ووقف انتهاكاتها فوراً، محمّلة إياها كامل المسؤولية عن تبعات هذه الممارسات التي «تهدد السلم الأهلي والنسيج الاجتماعي، وتزرع بذور الفتنة والكراهية بين أبناء المحافظة».

كما دعا البيان المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، وكافة القوى الوطنية ومنظمات المجتمع المدني، إلى إدانة هذه الانتهاكات والضغط من أجل إطلاق سراح جميع المختطفين والمخفيين قسراً، وضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم التي تعكس، بحسب البيان، «طبيعة المشروع القمعي الذي تمارسه الميليشيات بحق اليمنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها».


أموال التهريب تدفع الحوثيين للتنكيل بالمهاجرين الأفارقة

محافظة شبوة استقبلت أكثر من ألف مهاجر غير شرعي خلال شهر واحد (إعلام حكومي)
محافظة شبوة استقبلت أكثر من ألف مهاجر غير شرعي خلال شهر واحد (إعلام حكومي)
TT

أموال التهريب تدفع الحوثيين للتنكيل بالمهاجرين الأفارقة

محافظة شبوة استقبلت أكثر من ألف مهاجر غير شرعي خلال شهر واحد (إعلام حكومي)
محافظة شبوة استقبلت أكثر من ألف مهاجر غير شرعي خلال شهر واحد (إعلام حكومي)

تعرض المئات من المهاجرين غير الشرعيين القادمين من القرن الأفريقي إلى اليمن لعمليات تنكيل على يد مسلحي الجماعة الحوثية في أطراف محافظة صعدة الحدودية (شمال)، في وقت أعلنت فيه السلطات اليمنية استمرار تدفق المئات منهم أسبوعياً إلى سواحل محافظة شبوة الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية على بحر العرب.

وذكرت مصادر حقوقية في محافظة صعدة أن الحوثيين نفذوا حملة مطاردة للمهاجرين غير الشرعيين في منطقة سوق القهر التابعة لمديرية منبه، واستخدموا خلالها الأسلحة بعد اشتباكات محدودة، قبل أن يسيطروا على الوضع.

وأرجعت المصادر أسباب الهجوم إلى خلافات نشبت بين المشرفين الحوثيين في المنطقة وعدد من المهاجرين الذين يعملون في تهريب القات والمخدرات.

وأوضحت المصادر أن الحوثيين، الذين يفرضون سيطرتهم الكاملة على المحافظة، ساعدوا على وصول أعداد كبيرة من المهاجرين الأفارقة إلى المناطق الحدودية، خصوصاً إلى سوق القهر، وقدموا لهم الدعم والسكن، بل شيدوا لهم مقرات لإعادة تغليف وتهريب المخدرات والحشيش، وأشرفوا على تلك الأنشطة بشكل مباشر.

جانب من تجمعات المهاجرين غير الشرعيين في أطراف محافظة صعدة (إعلام محلي)

ورجّحت المصادر أن يكون سبب الخلاف إحساس قادة مجموعات التهريب من المهاجرين بأنهم لا يحصلون إلا على القليل من عائدات التهريب، بينما تذهب الحصة الكبرى إلى المشرفين الحوثيين، الأمر الذي دفعهم إلى التمرد، بدعم من مهربين أفارقة كبار اقترحوا العمل بشكل مستقل عن الحوثيين، وهو ما دفع الأخيرين إلى تنفيذ حملة دهم عنيفة لطردهم من المنطقة.

شبكة تهريب

اعترافات سابقة لخلايا تهريب كشفت عن وجود شبكة واسعة تدير عمليات تهريب المهاجرين من السواحل اليمنية وحتى محافظة صعدة، بإشراف مباشر من قيادات حوثية. وتقوم هذه الشبكة بتسهيل انتقال المهاجرين داخل الأراضي اليمنية مقابل مبالغ مالية، كما يتم استغلال بعضهم في الأعمال العسكرية أو في المزارع، بينما يُدفع بالبقية نحو المناطق الحدودية لاستخدامهم في تهريب المخدرات ونبتة «القات» التي تمضغ في اليمن على نطاق واسع والمصنفة ضمن المواد المخدرة في أغلب دول العالم.

وفي تطور آخر، نفذت الجماعة الحوثية بقيادة المشرف الأمني المدعو مشتاق السرايا حملة مطاردة في منطقة جبلية تُعرف باسم «المجمع»، استهدفت مجموعة من العمال اليمنيين وعدداً من المهاجرين الأفارقة بعد خلافات بينهم حول تشغيل مطاعم ومقاهٍ لخدمة المهاجرين.

وبحسب المصادر، فإن يمنيين كانوا يديرون مطعماً ومقهى في تلك المنطقة بإذن من المشرفين الحوثيين لتقديم الوجبات للمهاجرين والمهربين، لكن خلافاً مالياً نشب بينهم استدعى تدخل الحوثيين، الذين داهموا المكان وأحرقوا المطعم والمقهى، ودمروا المعدات، وأجبروا اليمنيين على مغادرة المنطقة، فيما أقاموا حاجزاً أمنياً لحماية المهاجرين غير الشرعيين الذين يُستخدمون في أنشطة التهريب والأعمال العسكرية هناك.

تدفق متزايد

تواصلت موجات تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية، حيث استقبلت سواحل محافظة شبوة خلال اليومين الماضيين مئات المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي، ليضافوا إلى أكثر من ألف وصلوا خلال الشهر الماضي فقط.

ووفقاً لتقرير صادر عن مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية، فقد وصل إلى ساحل كيدة في مديرية رضوم بمحافظة شبوة 255 مهاجراً غير شرعي على متن قارب تهريب، بينهم 208 رجال و44 امرأة، جميعهم من الجنسية الإثيوبية، باستثناء عدد قليل من الصوماليين.

وأوضح التقرير أن شرطة المحافظة اتخذت الإجراءات القانونية الممكنة حيالهم وفقاً للإمكانات المتاحة، مشيراً إلى أن هذا العدد يضاف إلى نحو ألف مهاجر وصلوا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

الحوثيون شكّلوا شبكة لتهريب المهاجرين من السواحل إلى الحدود اليمنية (إعلام حكومي)

ومنذ مطلع العام الحالي، استقبلت محافظة شبوة آلاف المهاجرين غير الشرعيين، بعد أن أصبحت سواحلها الواقعة على بحر العرب قبلة للمهربين، عقب تشديد الإجراءات الأمنية في سواحل محافظة لحج الواقعة غرب عدن، التي كانت أهم منفذ لاستقبال المهاجرين بسبب قربها من سواحل جيبوتي على الضفة الأخرى من البحر الأحمر.

ويحذر مراقبون من أن استمرار تدفق المهاجرين عبر السواحل اليمنية في ظل تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية في البلاد، خاصة في ظل استغلال الحوثيين لهذه الفئة في أعمال التهريب والتجنيد القسري، ما يهدد بزيادة معدلات الجريمة وتنامي شبكات الاتجار بالبشر عبر الحدود.