مؤشرات غير مطمئنة في مشاورات الفرصة الأخيرة بالكويت

الرعيني: انتصارات الجيش أجبرت الميليشيات على الإذعان للمفاوضات

مؤشرات غير مطمئنة في مشاورات الفرصة الأخيرة بالكويت
TT

مؤشرات غير مطمئنة في مشاورات الفرصة الأخيرة بالكويت

مؤشرات غير مطمئنة في مشاورات الفرصة الأخيرة بالكويت

تتجه الأنظار اليوم الخميس للعاصمة الكويتية، لبدء المشاورات اليمنية بين الوفد الحكومي ووفد الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح، والتي كانت تأجلت بعد رفض الانقلابيين حضور الجلسة الافتتاحية التي كانت مقررة الاثنين الماضي، ووافقوا على الحضور بعد ضغوط المجتمع الدولي والأمم المتحدة المشرفة على المشاورات. وبحسب مسؤولين بالحكومة اليمنية وسياسيين وقيادات بالمقاومة الشعبية، فإن هذه المشاورات تعد الفرصة الأخيرة للوصول للحل السلمي لإنهاء الانقلاب وتطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وقال ياسر الرعيني، وزير الدولة لشؤون الحوار الوطني لـ«الشرق الأوسط»: «إن الحكومة على الرغم من المؤشرات غير الجيدة التي سبقت المشاورات، فإنها تسعى لتحقيق السلام والاستقرار وإنهاء معاناة اليمنيين مهما كلف الأمر»، وأضاف: «ذهب الوفد الحكومي لهدف واحد وهو إنهاء الانقلاب بالطرق السلمية، استجابة لتطلعات الشعب والمجتمع الإقليمي والدولي، ووفق المرجعيات الوطنية المتمثلة في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني التي توافق عليها جميع اليمنيين، وأيضا وفق مرجعية إقليمية في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، إضافة إلى المرجعية الدولية التي صدرت بها قرارات من مجلس الأمن الدولي خاصة القرار (2216)».
وأوضح الرعيني أن «الطرف الانقلابي لم يلتزم بكل ما قدمه للمبعوث الأممي، وماطلوا في الحضور لجلسة المشاورات الأولى، وهي مؤشرات سلبية تؤكد أنهم غير جادين في تنفيذ القرارات الدولية، وعلى الرغم من ذلك فإن الحكومة الشرعية أثبتت للمجتمع الدولي والإقليمي أنها جادة في موقفها تجاه الخيار السلمي من أجل تحقيق السلام والاستقرار، بمساعدة المجتمع الدولي الذي يبذل جهودا كبيرة في هذا الطريق».
ولفت الوزير الرعيني إلى أن «الميليشيات استجابت للضغط الدولي، وأعلنت التزامها إعلاميا بالحضور إلى المشاورات، لكنهم في اللحظات الأخيرة تخلفوا، وبعد يومين من الضغط الدولي وتهديدات الدول الخمس رضخوا ووافقوا على الحضور»، مضيفا أن «الحوثيين يستغلون صبر المجتمع الدولي ورغبة الحكومة الشرعية في السلام، في استغلال الوقت والتلكؤ في الالتزام بكل ما جرى التوافق عليه، وحدث ذلك عند صدور القرارات الدولية، كانوا رافضين لها، ثم وافقوا بعدها، وأثناء مشاورات سويسرا، كانوا يماطلون ويختلقون الأعذار، وحاليا في مشاورات الكويت تخلفوا عن موعد اليوم الأول، رغم أن لقاءات كثيرة سبقتها بأسابيع مع المبعوث الأممي».
وأكد وزير الدولة لشؤون الحوار الوطني، أن «ما حققه الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وبدعم من التحالف العربي، خلال الفترة الماضية، كان له نتائج إيجابية في إخضاع الانقلابيين للمشاورات الأممية، والحل السلمي، على الرغم من الضجيج الذي يحدثونه حول ذلك، لكنهم في الحقيقة يبحثون عن مخرج آمن لهم»، موضحا أن «المجتمع الدولي ومجلس الأمن يدرك جيدا أنه يتعامل مع ميليشيات، وقد انكشفت حقيقتهم في موقفهم من تنفيذ القرارات الدولية التي يحاولون حرف مسارها بهدف إطالة الوقت واستغلاله». ودعا الرعيني منظمات المجتمع الدولي والأمم المتحدة الإنسانية لزيارة المناطق التي تعاني من وضع إنساني صعب، خاصة في تعز، التي لا تزال محاصرة، رغم توقيع اتفاق لفتح المنافذ، لكنه لم ينفذ لليوم.
فيما أكد منصور الحنق، قائد المقاومة الشعبية في محافظة صنعاء، أن المجتمع الدولي يشهد حاليا على الفرصة الأخيرة للانقلابيين في مشاورات الكويت، ويضغط باتجاه العودة لجادة الصواب والاستسلام للشرعية وتنفيذ القرارات الأممية والقرار «2216»، الذي ينص على الانسحاب من المدن، وتسليم سلاح الجيش، وتسليم مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، والإفراج عن المختطفين والمحتجزين قسرا.
وحذر الحنق في لقائه أمس زعماء وأعيان قبليين، ميليشيات الحوثي وصالح من عدم خضوعهم للخيار السلمي، وقال: إن البديل لذلك هو «تنفيذ الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وبدعم قوات التحالف القرار الدولي بقوة السلاح والحسم العسكري»، ولفت إلى أن لا خيار أمام الانقلابيين إلا التسليم عبر لقاء الكويت أو الاستسلام لأبطال الجيش والمقاومة، الذين باتوا بمحيط صنعاء وما تبقى من محافظات تحت الاحتلال، موضحا أن المتمردين كانوا قد استسلموا منذ شهر، وما يقومون به حاليا هو تضليل لأتباعهم، حتى يحصلوا على ضمانات دولية بعدم محاكمة قياداتهم الملطخة أياديهم بدماء الشعب اليمني.
من جانبه قال علي الأحمدي، القيادي في المقاومة الجنوبية، لـ«الشرق الأوسط»: «إن الحكومة الشرعية قدمت كل التنازلات المطلوبة، وتجاوبت بشكل كبير مع رغبة المجتمع الإقليمي والدولي للوصول لحل سلمي للأزمة اليمنية»، مضيفا: «ورغم ذلك وجدنا موقفا مسيئا من قبل الطرف الانقلابي، وإهانتهم للمجتمع الدولي عبر عدم الالتزام بموعد المشاورات، وكانت رسالتهم واضحة، أنهم غير جادين في الوصول للحل»، معتبرا أن موقف المجتمع الدولي تجاه الانقلابيين «لم يكن بحجم الإهانة التي تلقتها المنظمة الدولية الكبرى، وكان من المفترض أن يدينوا ذلك ويكون لها موقف حازم وقوي».
ولفت الأحمدي إلى أن المؤشرات التي سبقت المشاورات توضح عدم رغبة الحوثيين وصالح في الوصول لحل، فهم «مستمرون في الحشد العسكري وخرق الهدنة وقتل اليمنيين في منازلهم، واختطاف المزيد منهم، لذا فإن مثل هذه الميليشيات لن يكون الحديث معها عن حل سلمي مجديا، فالحسم العسكري لإنهاء الانقلاب بالقوة وقطع دابر الميليشيات بشكل كامل هو الخيار البديل لذلك».
فيما يصف عبد الله إسماعيل (محلل سياسي) موقف الانقلابيين بمحاولة ابتزاز مارسوها خلال الأيام الماضية، وانعكست سلبا عليهم، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «كان موقف الحكومة إيجابيا ومسؤولاً، لذا سارعت الأمم المتحدة ورعاة الحوار للضغط على الميليشيات لوضع حد للمراوغات والمماطلة وخضوعهم لطاولة المشاورات».
وأوضح إسماعيل أن المتمردين «وضعوا العراقيل مبكرا أمام مشاورات ناجحة في الكويت، ولم يقدموا أي إجراءات مرتبطة ببناء الثقة أو ضمانات بأنهم سينفذون ما يتم الاتفاق عليه، لذا كل المعطيات تدل على أن مشاورات الكويت لن تكون أفضل من سابقاتها، وأن الانقلابيين لا يهدفون من كل ذلك إلا الوصول إلى هدنة تتيح لهم التقاط الأنفاس وإعادة التموضع»، مستدركا: «رغم ذلك فإن التفاؤل بحل سلمي لتنفيذ القرارات الدولية هو رغبة وتطلعات كل اليمنيين لتأسيس حل نهائي يخرج اليمن من دوائر العنف ومنزلق الدمار الذي عاشه اليمنيون طوال أكثر من عام».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.