الصدر ينسحب من اعتصام البرلمان.. ويحمل المالكي مسؤولية الأزمة

العاني لـ«الشرق الأوسط» : نطالب بالإصلاح لكن بالصيغ الدستورية.. وإلغاء المحاصصة لن يكون بالشعارات

رجال أمن وخبراء من الشرطة العلمية يعاينون مكانا يعتقد أنه مقبرة جماعية في الرمادي غرب العراق(إ.ب.أ)
رجال أمن وخبراء من الشرطة العلمية يعاينون مكانا يعتقد أنه مقبرة جماعية في الرمادي غرب العراق(إ.ب.أ)
TT

الصدر ينسحب من اعتصام البرلمان.. ويحمل المالكي مسؤولية الأزمة

رجال أمن وخبراء من الشرطة العلمية يعاينون مكانا يعتقد أنه مقبرة جماعية في الرمادي غرب العراق(إ.ب.أ)
رجال أمن وخبراء من الشرطة العلمية يعاينون مكانا يعتقد أنه مقبرة جماعية في الرمادي غرب العراق(إ.ب.أ)

في وقت أقر فيه النواب غير المعتصمين بتعرضهم لخدعة تمثلت في حضورهم جلسة البرلمان أول من أمس الثلاثاء بناء على دعوة رئيس الجمهورية فؤاد معصوم لإنهاء حالة الانقسام البرلماني، وجه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ضربة قوية للاعتصام وذلك بتجميده عمل كتلة الأحرار في البرلمان العراقي (40 عضوا) التابعة له، الأمر الذي سيؤدي بالضرورة إلى عدم التمكن من عقد جلسة كاملة النصاب اليوم الخميس.
وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أعلن أمس عبر بيان رسمي عن تجميد كتلة «الأحرار» وتحميل من سماهم «أتباع الولاية الثالثة»، (في إشارة إلى رئيس الوزراء السابق نوري المالكي) مسؤولية الأزمة السياسية. وقال الصدر: «ما زال كثير من السياسيين يحاولون أن يحرفوا الثورة الشعبية العراقية الأصيلة عن مسارها الذي خُط لها، محاولين بشتى الطرق تحويلها إلى نزاعات سياسية برلمانية من أجل الإبقاء على مكتسباتهم الضيقة أو من أجل الانتقام ممن أزالوا الولاية الثالثة». وأضاف أن «الصراع البرلماني الدائر تحت قبة البرلمان، بل وفي خارجه، أصبح يؤثر سلبا على هيبة الثورة العراقية الشعبية الأصيلة التي انبثقت من رحم العراق ورجالاته وشعبه». وأضاف: «انقسام البرلمان يحول دون الوصول إلى النصاب المطلوب للقيام بالإصلاحات المنشودة.. فالبعض يطالب بإبقاء المحاصصة السياسية والمكتسبات الحزبية بعيدا كل البعد عن مطالب الشعب الحقيقية، والقسم الآخر صار يطالب بإصلاح يتلاءم مع مبتغاه السياسي الانتقامي للوصول إلى مآربه الدنيئة». وتابع قائلا: «من هنا أجد من المصلحة بالحفاظ على سمعة الثورة الشعبية العراقية وربيعها العراقي العربي الإسلامي من خلال الاستمرار بالاحتجاجات السلمية وبنفس عنفوانها.. لكي تكون ورقة ضاغطة على السياسيين ومحبي الفساد والمحاصصة الطائفية والسياسية البغيضة وبصورة منظمة وبأوامر مركزية، ولا يحق لأي جهة منع ذلك، وإلا فإن الثورة ستتحول إلى وجه آخر».
ودعا الصدر إلى «انسحاب النواب الوطنيين من الاعتصام داخل البرلمان وعدم انخراطهم بالمهاترات السياسية.. وتجميد كتلة (الأحرار) لحين انعقاد جلسة للتصويت على الكابينة الوزارية الموسومة بالتكنوقراط». وعقب تحذيرات سبق أن وجهها للسفارات العاملة في العراق، خصوصا السفارتين الأميركية والبريطانية، فقد دعا الصدر أنصاره إلى عدم التعدي على السفارات الأجنبية بعد أن لمس حيادها في الأزمة «وعدم تدخلها في مجرى أحداث الثورة لا سلبًا ولا إيجابًا». وقال: «صار لزاما على الثوار عدم التعدي على أي من السفارات حتى بالهتافات ولا بغيرها، إلا أننا في نفس الوقت نطلب من منظمة الدول الإسلامية والأمم المتحدة التدخل من أجل إخراج الشعب العراقي من محنته وتصحيح العملية السياسية ولو من خلال فكرة انتخابات مبكرة قد تكون بداية لنهاية المحاصصة والفساد المستشري في أروقة السياسة والحكومة».
بدورها، أعلنت الهيئة السياسية للتيار الصدري، أمس، الانسحاب الفوري من اعتصام البرلمان وتعليق عضوية كتلة «الأحرار» في البرلمان. وذكر بيان للهيئة أن «الهيئة السياسية للتيار الصدري تعلن الانسحاب الفوري من الاعتصام وتعليق عضوية كتلة (الأحرار) في مجلس النواب إلى حين تقديم (كابينة تكنوقراط) المستقلة والإعلان عن ذلك في الجلسة المقبلة للبرلمان».
من جهته، أكد المتحدث باسم النواب المعتصمين النائب هيثم الجبوري على استمرارهم في اعتصامهم وموقفهم الإصلاحي الشامل لـ«اجتثاث كل سلبيات السنوات السابقة دون تراجع». وعبر الجبوري في بيان صحافي أمس عن «تفهمه لموقف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من سحب كتلة (الأحرار) النيابية من الاعتصام وتجميد عملها لما تعرض له من ضغوط من قبل (الزعامات) السياسية». وقال الجبوري إن «قرار مقتدى الصدر بتجميد كتلة (الأحرار) هذا لا يعني خروجهم عن موقفهم المبدئي المطابق للحملة، وإنما هو خطوة سياسية ذكية تحصر المحاصصين في زاوية ضيقة وتبطل كل أعذارهم وتجبرهم على الركون إلى مطالب الجماهير ومغادرة مصالحهم الشخصية والحزبية المقيتة بعد نفاد المهلة التي أعطاها لهم». وأضاف أنه يقدر الضغوط الكبيرة التي يتعرض لها الصدر من الزعامات «إلا أننا نرجوه أن يأخذ قرارًا حاسمًا يقضي بتثبيت وحدة الصف والموقف بين المعتصمين ومن ضمنهم كتلة (الأحرار) الذين يتآزرون مع الجماهير المتظاهرة والمعتصمة في بغداد والمحافظات، لا سيما أن هناك ازديادا يوميا بعدد النواب المنضمين لنا بشكل كبير جدا».
وفي وقت يأمل فيه النواب المعتصمون عقد جلسة كاملة النصاب اليوم الخميس، فإن انسحاب كتلة «الأحرار» جعل من الصعب تأمين النصاب الكامل للجلسة بعد أن عدت كاملة النصاب أول من أمس بدخول الكتل غير المعتصمة إليها للتفاهم على كيفية إنهاء الانقسام. وفي هذا السياق، يقول عضو البرلمان العراقي عن «تحالف القوى» ظافر العاني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «علينا الاعتراف أننا تعرضنا إلى خدعة ذكية من زملائنا المعتصمين، وهو ما يعني خسارتنا جولة، لكننا ربحنا تحالفا قويا هذه المرة» وأضاف: «حضورنا الجلسة كان بناء على دعوة رئيس الجمهورية للتفاهم بشأن إنهاء حالة الانقسام في البرلمان بين معتصمين وغير معتصمين، لكنهم عدوا الجلسة مكتملة النصاب وفتحوا باب الترشيح لمنصب رئيس البرلمان ونائبيه، وهو أمر لم يكن متفقا عليه». وأضاف أن «تحالفنا أصبح أقوى لأننا نؤمن بالإصلاح ونطالب به، لكن ضمن الصيغ الدستورية والإيمان بالمشتركات الوطنية، لأن إلغاء المحاصصة لن يكون بالشعارات البراقة، بل بالعمل الجدي القائم على احترام المؤسسات وهيبة الدولة».
من جهته، أكد عضو الأمانة العامة لكتلة «الأحرار» التابعة للتيار الصدري، أمير الكناني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «جلسة الثلاثاء شرعية، لأنها عقدت بنصاب كامل، وبالتالي، فإن الانسحابات التي حصلت لن تؤثر على شرعيتها» وأضاف أن «النصاب كان يشير إلى حضور أكثر من 230 نائبا، أما الانسحابات بسبب الخلافات السياسية، فأمر آخر لا صلة له بالشرعية من عدمها».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.