شمال إسبانيا يبدأ الانتعاش العقاري بعد 3 سنوات من المعاناة

السوق أصبحت أقل اعتمادًا على الطلب الأجنبي الذي تضاءل عقب الركود العالمي

مبنى سكني ذو تاريخ عريق في منطقة إنسانشيه التجارية والمالية بوسط مدينة بلباو العاصمة الاقتصادية لإقليم الباسك بشمال إسبانيا
مبنى سكني ذو تاريخ عريق في منطقة إنسانشيه التجارية والمالية بوسط مدينة بلباو العاصمة الاقتصادية لإقليم الباسك بشمال إسبانيا
TT

شمال إسبانيا يبدأ الانتعاش العقاري بعد 3 سنوات من المعاناة

مبنى سكني ذو تاريخ عريق في منطقة إنسانشيه التجارية والمالية بوسط مدينة بلباو العاصمة الاقتصادية لإقليم الباسك بشمال إسبانيا
مبنى سكني ذو تاريخ عريق في منطقة إنسانشيه التجارية والمالية بوسط مدينة بلباو العاصمة الاقتصادية لإقليم الباسك بشمال إسبانيا

تقع الشقة ذات الثماني غرف وخمسة حمامات في عمارة عمرها 97 عاما بوسط مدينة بلباو التي يبلغ عدد سكانها نحو 359 ألف نسمة والتي تعتبر العاصمة الاقتصادية لإقليم الباسك بشمال إسبانيا. ويقع المبنى في منطقة إنسانشيه التجارية والمالية على الجانب الآخر من متنزه ميدان جادو الذي يعود تاريخ بنائه لعام 1948. يبعد المبنى خمس دقائق سيرا على الأقدام من متحف غوغنهايم بلباو الذي يعتبر أهم معالم المدينة بواجهته المقوسة المميزة من تصميم المعماري فرانك غيهري.
صمم الشقة المهندس المعماري غريغوريو إيباريشي لحساب واحدة من أغنى عائلات بلباو في ذلك الوقت، بحسب بابلو غولياس، المدير التنفيذي لشركة «إنغل وفولكرز بلباو» التي عرضت الشقة في قائمة البيع، وذلك مقابل 1.62 مليون دولار (1.44 مليون يورو).
ووفق غلياس، تقع الشقة التي تبلغ مساحتها 5350 قدما مربعا في الطابق الثالث من المبني الذي جرى تشييده على الطراز البريطاني التقليدي الذي يعتمد على الجدران الخشبية في أغلب الغرف، في حين صنعت الأرضيات من خشب الكستناء الذي كان منتشرا في الشقق الفاخرة التي بنيت قبل عام 1960 في بلباو.
تضم الشقة غرفا واسعة وسقفا بارتفاع 10 أقدام، وصمم على الطراز الأوروبي الذي راعى الاتساع في غرف المعيشة وغرف الطعام المنفصلة، إلا أن ممرا طويلا يربطهما بغرف النوم. يقع المطبخ في مكان منعزل مما يوحي بأنه كان يستخدم من قبل طاقم العاملين بالشقة، بالإضافة إلى غرفة مكتب.
بالشقة ثلاث غرف نوم رئيسية تحوى كل منها حماما وتبلغ مساحة أكبرها 215 قدما وبها خزانة ملابس. تشتمل غرفة المعيشة وغرفة المكتب وإحدى غرف النوم على شرفات صغيرة تطل على الميدان، ولا يشمل السعر الأثاثات الموجود بالشقة، لكنه معروض للبيع.
إلى جوار الشقة الرئيسية توجد شقة صغيرة منفصلة بغرفة نوم، وغرفة معيشة صغيرة، وحمام، كانت مخصصة في الماضي للعاملين بالشقة، بالإضافة إلى مصعد منفصل ومدخل خاص بها، ومخزن تحت الأرض.
جرى تجديد الشقة بالكامل منذ سبع سنوات، وشملت التجديدات وضع أسلاك كهربائية جديدة وتغييرا في السباكة والطلاء، وجرى أيضا تجديد وطلاء واجهة المبني في السنوات الأخيرة، حسب غلياس. لا يشمل البيع مكانا بالجراج للسيارة، بيد أن هناك أماكن للإيجار أو البيع في المنطقة، وهناك حارس على الباب من الساعة 8 صباحا إلى 8 مساء.
أضاف غلياس أنه من النادر أن يجري عرض شقة في مبني كهذا للبيع، حيث لم تعرض للبيع شقة بمثل هذه المساحة خلال السنوات العشر الأخيرة لأنه من المعتاد أن يجري تقسيم الشقق الكبيرة إلى شقق أصغر قبل بيعها.
أهم ما يميز الشقة هو موقعها حيث تبعد أفضل مطاعم بلباو وأبرز معالمها المعمارية ومتنزهاتها خطوات من المبنى، وتستطيع أن ترى الشوارع وقد اصطفت المحال الصغيرة والمقاهي على الجانبين. يبعد المبني خمس دقائق عن ميدان مويا حيث تقع محطة مترو الأنفاق ومنطقة التسوق الرئيسية في المنطقة. تبعد الشقة مسافة سير قصيرة بالسيارة عن الجبال المحيطة والأراضي المطلة على البحر بخليج بلباو، وتبعد الشقة نحو 10 دقائق عن مطار بلباو الدولي.
* لمحة عامة عن السوق
بعد سنوات من التراجع الثابت، ارتفعت أسعار المنازل في إسبانيا بواقع 4.2 في المائة عام 2015، بحسب المعهد الوطني للإحصاء التابع للحكومة. غير إن الارتفاع سار بطيئا بسبب زيادة المعروض من الشقق وتراجع الاقتصاد الإسباني، حسب سماسرة العقارات.
قال مارك ستوكلين، مؤسس شركة استشارات عقارية إسبانية، إنه «من الواضح أن الطلب يتزايد وأن الإقراض العقاري آخذ في النمو وأن أسعار العقارات التي يود الناس شراءها أصبحت مستقرة أو أخذت في الارتفاع»، مضيفا: «بيد أنه لا تزال هناك تخمة من المنازل التي بنيت في المكان الخطأ حيث الإقبال متواضع على الشراء».
وقال ستوكلين، تعتبر سوق العقارات في إقليم الباسك «إحدى أنشط الأسواق في هذا المجال في عموم إسبانيا»، مضيفا أن «الاقتصاد المحلي قوي بالمقاييس الإسبانية، إذ إن معدلات البطالة متدنية نسبيا وآثار سنوات الازدهار العمراني لا يزال بالإمكان السيطرة عليها». أصبحت السوق أيضا أقل اعتمادا على الطلب الأجنبي الذي اختفي في الكثير من المناطق عقب فترة الركود الاقتصادي العالمي. في مدينة بلباو هبطت الأسعار بشكل حاد خلال الفترة ما بين عامي 2012–2014 رغم أن الكثير من الأسواق حول العالم عادت للنهوض مجددا، بحسب غولياس. تراجع متوسط سعر المنزل في بلباو بواقع 23.5 في المائة خلال الفترة من 2012–2014. من 3090 يورو للمتر، نحو 322 دولار للقدم المربع، إلى 2363 يورو للمتر المربع، 246 دولار للقدم المربع، حسب غولياس، غير أن البيانات النهائية لعام 2015 غير متوافرة، لكن بيانات الشهور التسع الأولى من العام أظهرت أن الأسعار آخذه في الاستقرار. ورغم أن الأسعار لا تزال منخفضة، فقد ارتفعت المبيعات أكثر من 10 في المائة العام الماضي، بحسب السماسرة.
ووفق فرناندو رنتيرا، سمسار عقارات يعمل لدى شركة «برتو بونس العقارية» التي تمتلك فروعا في ماربيلا وبلباو، كانت أعوام 2012 و2013 و2014 الأسوأ بالنسبة لسوق العقارات في بلباو وإقليم الباسك، لكن بعد عام 2015 أخذ الوضع في التحسن بالتأكيد.
أضاف رنتيريا أن النشاطات والاهتمامات تختلف من منطقة لأخرى، فمثلا المنازل الفاخرة في ضواحي المدن المطلة على الشواطئ وخليج البسكاي تجد إقبالا كبيرا هذه الأيام.
أفاد غلياس بأن منطقة إنسانشيه تعتبر واحدة من أغلى المناطق في بلباو، حيث كان التذبذب في الأسعار محدودا في ظل ارتفاع الطلب على الشقق القديمة، وحول منطقة غوغنهام يوجد الكثير من المباني الجديدة التي تحوي شققا سكنية جذبت المشترين.
* من يشتري في بلباو
لا تستقطب مدينة بلباو نفس عدد المشترين الأجانب الذي تجتذبه المناطق الترفيهية الإسبانية، لكن نظرا لوضعها كمركز مالي فإن الثقافة المحلية وجمال المنطقة المحيطة يغري المشترين من مختلف أنحاء العالم.
وشهدت السنوات الأخيرة ارتفاعا في أعداد المشترين من روسيا وأميركا اللاتينية، إلا أن فرنسا، وبريطانيا، والولايات المتحدة وألمانيا تعتبر المصادر الأكبر للمشترين الأجانب، حسب رنتيريا.
تجتذب الكثير من المؤسسات الدولية التي لها مقار في بلباو الكثير من المشترين، وتحظى العقارات في القرى المجاورة بشعبية كبيرة كمسكن ثان، غير أن أغلب المشترين هذه الأيام يبحثون عن منازل كاستثمار، حسب رنتيريا.
* أساسيات الشراء
يمكن للمشترين الأجانب أن يجدوا بعض المفاجآت في انتظارهم في نظام المعاملات في إسبانيا، فبمقدور مكتب الشهر العقاري الإشراف على عملية نقل الملكية والتأكد من عدم وجود رهن عقاري على البيت، وعليه فلن تكون هناك حاجة للتعامل مع محام. لكن قد يحتاج المشتري لخدمات الترجمة أثناء إنهاء عملية الشراء، بحسب السمسار.
نظام الرهن العقاري متوافر ويغطي نحو 80 في المائة من قيمة العقار مقابل نسبة فائدة بنكية تتراوح بين 1 إلى 3 في المائة (عمولة بنك إيروبنك، إضافة إلى 1 إلى 1.5 في المائة).
غير أن الكثير من قصص التخوف المرتبط غالبا بعمليات الشراء في إسبانيا حدثت في المناطق السياحية الجنوبية حيث جرى بناء العقارات بشكل غير قانوني. قال غلياس إنه يحدث أحيانا ألا يلجأ المشتري لمحام وقد لا يتأكد من قانونية العقار قبل الشراء في تلك المنطقة، وفق سمسار، مضيفا غير أن معلومات السوق والأسعار أصبحت متوافرة الآن للمشترين.
أما عن اللغة المستخدمة هنا، فهي الإسبانية والبساك «اللغة المحلية، وبالطبع العملة هي اليورو.
* الضرائب والمصروفات
أكبر كلفة يتحملها المشتري عند شراء منزل في إسبانيا هي ضريبة نقل الملكية، تتراوح بين 7 إلى 10 في المائة من سعر الشراء، وتتراوح عمولة السمسار من 3 إلى 8 في المائة يتحملها البائع في العادة. تقدر قيمة الضريبة العقارية السنوية بنحو 0.4 في المائة إلى 1.1 في المائة من القيمة التقديرية للعقار. هناك أيضا مصروفات صيانة 318 يورو شهريا، ما يعادل 356 دولارا للشقة، وتقدر الضريبة العقارية بنحو 2000 يورو، ما يعادل 2.240 دولارا، سنويا، حسب غلياس.

* خدمة «نيويورك تايمز»



هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»