اتفاق جديد في تعز ينص على وقف إطلاق النار.. وفتح المنافذ

مركز الملك سلمان للإغاثة يستكمل توزيع 5500 سلة غذائية

مزارعان يمنيان في ضواحي العاصمة صنعاء يتفحصان محصول القات (أ.ف.ب)
مزارعان يمنيان في ضواحي العاصمة صنعاء يتفحصان محصول القات (أ.ف.ب)
TT

اتفاق جديد في تعز ينص على وقف إطلاق النار.. وفتح المنافذ

مزارعان يمنيان في ضواحي العاصمة صنعاء يتفحصان محصول القات (أ.ف.ب)
مزارعان يمنيان في ضواحي العاصمة صنعاء يتفحصان محصول القات (أ.ف.ب)

وقع أمس السبت، في محافظة تعز، ثالث كبرى المدن اليمنية، اتفاقا بين ممثلين عن الأطراف المتصارعة في المحافظة ينص على وقف إطلاق النار، ورفع الحصار عن المدينة من قبل الميليشيات الانقلابية.
وأكدت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» أن اللجنة المكلفة لمراقبة وقف إطلاق النار، اجتمعت وتوصلت إلى تثبيت الهدنة في جميع جبهات القتال ابتداء من الساعة الثالثة ليوم أمس السبت، وفتح الطريقين الرئيسين بين تعز وصنعاء، من جهة الشرق، ومحافظتي تعز والحديدة من الناحية الغربية، وكل الطرق والمنافذ المؤدية من وإلى مدينة تعز، وجاء ذلك بعد الخروقات المتتالية التي قامت بها الميليشيات الانقلابية منذ بدء سريانها في العاشر من الشهر الحالي.
ونص محضر وقف إطلاق النار بين الطرفين أن يتم فتح كل الطرق والمنافذ المؤدية من وإلى مدينة تعز وهي صنعاء - تعز، مدخل الحوبان، وعدن - تعز، مدخل الحوبان، والحديدة - تعز، وشرعب - تعز، والضباب - تعز، وما يتصل أو يتفرع من هذه الطرق والمنافذ، مع التأكيد بعدم التعرض لتحركات وتنقلات المواطنين والسيارات والبضائع والمواد التنموية والعلاجية وكل الاحتياجات الحياتية المدنية، تمهيدا لرفع النقاط مستقبلا.
تقوم اللجنة المدنية من الطرفين بمتابعة تنفيذ فتح الممرات والطرق، ويتم التواصل الدائم بين الطرفين لتذليل أي صعوبة بهدف تسهيل التنقل للمواطنين والسيارات بحسب ما سبق، وذلك من خلال تحديد شخصين لكل طرف في كل منفذ من المداخل المذكورة.
كما اتفقا على معالجة وحل أي إشكالية تهدد سريان وقف إطلاق النار، ويتم اللقاء إن أمكن أو التواصل بصفة دائمة بين طرفي اللجنة العسكرية للجانبين عبر الهاتف وشبكة التواصل الاجتماعي.
وفي حال عدم تمكن اللجنة المكلفة من الطرفين في هذه الجبهة أو تلك معالجة الإشكال يتم رفع الأمر بسرعة إلى اللجنة العليا في المحافظة التي يجب عليها سرعة حل الإشكال ومعالجة التوقف، بما يؤدي إلى استتباب سريان وقف إطلاق النار.
ويتعهد الطرفان ويلتزمان بعدم اعتقال أي شخص. ويبدأ العمل بمعالجة ملف المحجوزين والمفقودين من الطرفين بحسب ما سيتم الاتفاق عليه.
ويأتي هذا الاتفاق بعدما أعلن المجلس العسكري في محافظة تعز رصده لـ493 خرقا من قبل ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح لاتفاق هدنة وقف إطلاق النار، التي بدأ سريانها منذ الاثنين الماضي.
وحول مدى التزام الميليشيات الانقلابية بالاتفاق الجديد، شكك العقيد الركن وليد الذبحاني، قائد جبهة حيفان جنوب مدينة تعز وقائد كتيبة الشهيد عبد الرقيب عبد الوهاب في اللواء 35 مدرع، التزام ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح. وقال: إن «الانقلابيين لن يلتزموا بأي اتفاق جديد تم التوقيع عليه، بل إنني أجزم بعدم التزامهم؛ لأنه عند الاتفاق نراهم في الميدان كأنهم لم يتفقوا على شيء، ومعروف عنهم وعن إيران التي تُعد أول دولة في العالم في سياسة اللف والدوران، وهؤلاء الانقلابيون هم ناتج إيران».
وأضاف: «لكن على الرغم من كل هذا، يظل الأمل موجودا، لنقل ربما، مع أنه شيء مستبعد وبعيد، أنها قد تحصل معجزة ويلتزمون مع أنني لا أعتقد ذلك».
وأكد الذبحاني لـ«الشرق الأوسط» أن «قمم حيفان لا تزال الميليشيات الانقلابية تسيطر عليها، ونحن في الأعبوس وعلى مشارف حيفان، ونحن نمسك خط التماس الدفاعي وهم خط الهجوم»، مشيرا إلى أنه منذ بدء مهامه في تحرير جبهة حيفان لم يحصل تقدم سوى السيطرة على منطقة ظبي في الأعبوس، ولكنهم يمنعون أي تقدم أو توسع من قبل الميليشيات الانقلابية.
إلى ذلك، قصفت الميليشيات الانقلابية قبل بدء الاتفاق الجديد في تعز الأحياء السكنية، بالإضافة إلى استهداف منشأة سد الجبلين قرب السجن المركزي غرب تعز بصاروخ، كما وتمكنت المقاومة والجيش الوطني من التصدي لهجوم عنيف كانت الميليشيات الانقلابية قد شنته على مواقعهم في الدفاع الجوي، غربا.
ويؤكد ناشطون حقوقيون أن ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، لا ولم يلتزموا بأي هدنة؛ لأنهم يسيرون على خطى العصابات.
وقال الناشط الحقوقي، طاهر الصلاحي لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يجري في تعز هو استمرار خرق الهدنة من قبل الميليشيات الانقلابية، وتعز اليوم تعاني اشتداد وطأة الحرب عليها؛ حيث إن الانتهاكات ما زالت جارية على قدم وساق، ولا ندري عن أي هدنة يتحدثون ويبدو أنها لم تصل إلى مشارف تعز وأحيائها ومضاربها، فالعنف في أيام الهدنة أصبح أكثر منه في أيام الحرب». وأكد الناشط الصلاحي بأن «تعز ستكون الاختبار الحقيقي لهم».
على السياق ذاته، يواصل ائتلاف الإغاثة الإنسانية وشركاؤه من الجمعيات والمؤسسات بمحافظة تعز وسط اليمن توزيع السلات الغذائية المقدمة من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وبإشراف من هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية، على جميع مديريات المحافظة؛ حيث استكمل توزيع 5500 سلة غذائية في مديرية المظفر، وسط المدينة.
ووزع أعضاء الائتلاف المساعدات الغذائية على المتضررين في أحياء ومراكز مديرية المظفر كافة، حسب الآلية المعدة من الائتلاف، وحسب الفئات الأشد احتياجا وتضررا، وذلك ضمن مشروع توزيع 100 ألف سلة غذائية لمديريات محافظة تعز.
ويعد مشروع توزيع 100 ألف سلة غذائية أحد أهم المشاريع التي يقدمها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية، للمتضررين في محافظة تعز جراء الحرب والحصار الخانق.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.