دراسة تحذر من التأثيرات السلبية على الليبيين نتيجة تراجع الدينار

فقد 85 في المائة من قيمته أمام الدولار.. وأزمة سيولة خانقة

خسر الدينار الليبي نحو 85 في المائة من قيمته مقابل الدولار في 5 سنوات (رويترز)
خسر الدينار الليبي نحو 85 في المائة من قيمته مقابل الدولار في 5 سنوات (رويترز)
TT

دراسة تحذر من التأثيرات السلبية على الليبيين نتيجة تراجع الدينار

خسر الدينار الليبي نحو 85 في المائة من قيمته مقابل الدولار في 5 سنوات (رويترز)
خسر الدينار الليبي نحو 85 في المائة من قيمته مقابل الدولار في 5 سنوات (رويترز)

زادت وتيرة التحذيرات من خطورة الوضع الاقتصادي القائم في ليبيا، مع تراجع قيمة العملة المحلية في البلاد أمام الدولار، لتكشف عن أزمة سيولة صاحبها ارتفاع ملحوظ في الأسعار، ما شكل عبئًا ماليًا على المدى القصير والمتوسط.
وحذرت المنظمة الليبية للسياسات والاستراتيجيات في دراسة لها مؤخرًا تحت عنوان «أزمة الدينار الليبي – الأسباب والآثار والحلول» من التأثير السلبي لنقص السيولة على المدى القصير، محذرة من أزمات متتالية على المدى المتوسط، إذا ما لم تتخذ حكومة الوفاق إجراءات حقيقية وسريعة.
ويعود انخفاض قيمة الدينار أمام الدولار إلى تراجع أسعار النفط، إذ تربطهما علاقة طردية، حيث إن سعر النفط في تراجع شديد، ما يعني زيادة العجز في ميزان المدفوعات يترتب عليه انخفاض قيمة العملة، فضلاً عن انخفاض حجم السيولة في البلاد، لتوقف معظم مصادر الإيرادات نتيجة الاضطرابات.
واقترحت الدراسة، عدة حلول وضعتها تحت عنوان «المخرج السريع لهذه الأزمة»، بغرض توفير السيولة المحلية والدولار النقدي في البنوك، ومنها سحب مجموعة من الإصدارات القديمة من العملة المحلية، وإرجاع عمليات البيع المباشر للدولار عبر منظومة الرقم الوطني في جميع البنوك الليبية، والإسراع في تفعيل بطاقات الدفع الإلكتروني بالدولار لدى جميع المصارف، والتنسيق لبناء منظومة تضمن الحد الأدنى من التفاهم لعدم استغلال الاعتمادات المستندية.
وأضافت الدراسة «أنه لضخ السيولة اللازمة لمعالجة تسرب العملة الليبية خارج المصارف، يجب أن تقوم الحكومة بإقرار رسوم إضافية على عمليات بيع الدولار، بحيث يحدد المصرف المركزي سعر البيع، على أن يبدأ من أسعار الدولار بالسوق السوداء حاليًا وتنخفض تدريجيًا كل فترة، إلى أن تصل إلى حدود 2 دولار للدينار، ويتم توجيه الفرق بين السعر الرسمي والسعر المضاف إليه الرسوم لصالح الخزينة العامة لتمويل عجز الموازنة، وذلك سيستنزف جزءا من الاحتياطيات، ولكن سينعكس إيجابيًا على الأسعار بالسوق المحلية، وسيكون ذلك لفترة محدودة».
بالإضافة إلى «إصدار موازنة للنقد الأجنبي بدقة أوجه الإنفاق بالعملة الصعبة بالسعر الرسمي مع توفير الدولار للتجار الراغبين في التوريد خارج بنود الموازنة، بسعر مرتفع عن السعر الرسمي، نقترح أن تكون 30 في المائة عن السعر الرسمي»، هذا بالإضافة إلى إيجاد آلية منظمة للرقابة على عمليات بيع وشراء العملة الأجنبية للمواطنين تضمن العدالة والشفافية وتمنع عمليات التحايل.
وتابعت: على وزارة المالية العمل على ضبط أوضاع المالية العامة، وترشيد الإنفاق، وضبط الإهدار في بند المرتبات عبر إشراك وزارة العمل في ضبط أوضاع العاملين ومعالجة الأوضاع غير القانونية، واستخدام الرقم الوطني في صرف المرتبات، مع ضرورة المراقبة الفاعلة لعمليات التحويل والاعتمادات المستندية والبطاقات الإلكترونية.
وخلال الفترة من يناير (كانون الثاني) 2010 وحتى الربع الثالث من عام 2015، خسر الدينار الليبي نحو 85 في المائة من قيمته مقابل الدولار، وأصبح يباع في المصارف التجارية في نطاق ضيق للعلاج والدواء بنحو 1.39 للدولار الواحد.
كما أن الدينار يتداول في دول الجوار بسعر متدنٍ جدًا، حيث تم بيعه في تونس خلال الأسبوع الأخير من شهر مارس، بـ45 قرشا تونسيا، وفي محافظات مصر بأسعار متباينة إذ يتداول في القاهرة بسعر يزيد قليلاً على الثلاثة جنيهات، بينما يرتفع إلى أكثر من أربعة جنيهات في محافظة مرسى مطروح، الواقعة على الحدود الليبية.
وحمّل المصرف المركزي المضاربين في العملة مسؤولية هبوط الدينار، مشددًا على أن ليبيا يمكنها الصمود ثلاث سنوات ونصف بدون إيرادات النفط بفضل الاحتياطيات الأجنبية، ولكن المصارف التجارية في ليبيا تشتكي من ندرة العملة الأجنبية الصعبة منذ ما يقرب من عام ونصف.
وأوضحت الدراسة، أن السوق السوداء تعد من أكبر المخاطر التي تهدد استقرار الدينار، مشيرة إلى أن «مصرف ليبيا المركزي لم يضع خطة مدروسة لمعالجة الأوضاع الحالية، حيث تقف السلطات النقدية ممثلة في المصرف المركزي عاجزة أمام أزمة الدينار»، ويباع الدولار بـ1.35 دينار رسميًا، وبنحو دينارين في السوق السوداء.
وقالت المنظمة الليبية للسياسات والاستراتيجيات في الدراسة، إن تحركات العملة الليبية عكست في تعاملات الأخيرة حقيقة الاضطرابات السياسية التي ترتفع حدتها يومًا بعد يوم، إذ انخفض الدينار بصورة كبيرة في التعاملات الرسمية والسوداء. كما سجل ميزان المدفوعات عجزًا كبيرًا بنفس قيمة انخفاض حجم الصادرات النفطية، ما يصل تقريبًا إلى نحو 70 في المائة، وانخفضت قيمة الصادرات النفطية التي تعتمد عليها ليبيا بنحو 90 في المائة، نزولاً من 1.4 مليون برميل يوميًا قبل يونيو (حزيران) 2014.
أوضحت الدراسة أنه في ظل تراجع العملة الليبية ازدادت حركة الواردات، وأصبحت ليبيا تعيش مشكلة ما يسمى بـ«التضخم المستورد»، وذلك بسبب قلة المعروض من السلع والخدمات المحلية، نتيجة تراجع معدلات النمو، وفي الغالب تشهد السلع الضرورية ولا سيما الطعام والشراب معدلات أكبر من ارتفاع الأسعار.
فضلاً عن تراجع احتياطيات المصرف المركزي إلى حوالي 105 مليارات دولار حتى نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مقارنة بنحو 116 مليار دولار عام 2014. كما أدى تراجع الدينار أمام الدولار إلى أزمة في السيولة النقدية، نظرًا لسحب العملاء ودائعهم من المصارف، بفعل تراجع إيرادات الدولة بنحو حاد، مما أجبر المصرف المركزي على طبع النقود لسداد الالتزامات المحلية، كما أدى تزايد سحب العملة من المصارف التجارية إلى اضطرار المصرف المركزي لطباعة عملة جديدة وضخها في السوق لمعالجة الأزمة، بدون غطاء نقدي.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن السيولة المتداولة خارج المصارف تزيد على 22 مليار دينار حتى نهاية يونيو 2015، بينما معدلها الطبيعي لا يتعدى 3 مليارات دينار.



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).