السودان: الاحتجاجات والمواجهات تتواصل بين الطلاب والشرطة

مجلس الوزراء ينفي صدور قرار ببيع جامعة الخرطوم أو نقلها

السودان: الاحتجاجات والمواجهات تتواصل بين الطلاب والشرطة
TT

السودان: الاحتجاجات والمواجهات تتواصل بين الطلاب والشرطة

السودان: الاحتجاجات والمواجهات تتواصل بين الطلاب والشرطة

تواصلت الاحتجاجات الطلابية لليوم الرابع على التوالي، على خلفية انتشار معلومات رسمية متضاربة عن مخططات لبيع جامعة الخرطوم، كبرى الجامعات السودانية، ونقلها خارج وسط المدينة إلى ضاحية سوبا جنوب الخرطوم، ولم يفلح بيان مجلس الوزراء بعدم وجود نية لبيع الجامعة أو نقلها، في التخفيف من حدة غضب ومخاوف طلاب الجامعة وخريجيها.
وقالت وفاق قرشي، عضو اللجنة التمهيدية لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم، في مؤتمر صحافي مشترك مع لجنة الخريجين بأم درمان، أمس: «إن سلطات الأمن اعتقلت 54 طالبا وطالبة، وأطلقت سراح بعضهم، فيما لا يزال 11 منهم قيد الاعتقال التحفظي، على خلفية الاحتجاجات والمواجهات التي شهدتها الجامعة». وأوضحت قرشي لـ«الشرق الأوسط»، أن طلاب الصيدلة وكليات أخرى، يقدر عددهم بالآلاف تظاهروا صباح أمس داخل الجامعة والشوارع المحيطة بها، موضحة أن الطلاب حاولوا بادئ الأمر الحصول على تأكيدات لصحة المعلومات المتداولة أو عدمها من مدير الجامعة، وحين فشلوا في الحصول عليها تحرك قرابة 6 آلاف طالب إلى وزارة التعليم العالي القريبة من المكان في مسيرة سلمية للحصول على تأكيدات أو نفي رسمي للمعلومات المتعقلة ببيع الجامعة، بيد أن الشرطة وقوات الأمن تدخلت وألقت عليهم قنابل الغاز المسيل للدموع، واستخدمت الرصاص المطاطي ضدهم؛ ما أدى إلى مصادمات وعمليات كر وفر، أصيب خلالها عدد من الطلاب، واعتقلت الأجهزة الأمنية قرابة 60 طالبا أطلق سراح بعضهم، فيما لا يزال 11 منهم رهن الاعتقال.
من جهته، أكد مجلس الوزراء السوداني في رسالة نصية وزعتها وكالة الأنباء الرسمية «سونا» على الهواتف الجوالة أمس، عدم صدور أي قرار بنقل جامعة الخرطوم من موقعها الحالي.
وتم طوال الأسبوع الماضي تداول معلومات عن نوايا حكومية لبيع مباني الجامعة التاريخية، ونقل الكليات إلى أطراف الخرطوم، أو التصرف في منشآتها وتفريغها باعتبارها مزارات سياحية، وقالت إدارة الجامعة في تصريحات سابقة: إنها «تنوي نقل كليات صحية إلى منطقة شمال الخرطوم لتكون قريبة من مستشفى (سوبا) التعليمي»؛ وهو أمر يراه الطلاب خطوة تمهيدية لنقل بقية كليات الجامعات خارج الموقع والمبنى التاريخي (أنشئت جامعة الخرطوم 1902). لكن وزير السياحة زاد الطين بلة بقوله لصحيفة «اليوم التالي» السودانية قبل يومين: «إن مباني الجامعة ستؤول لوزارته باعتبارها مزارات أثرية»، وبعد أن نفت وزارة التعليم العالي تصريحاته تلك، عاد ليقول «إن قرار أن تؤول المباني لوزارته اتخذه مجلس الوزراء».
وأعادت المعلومات المتضاربة بين المسؤولين الحكوميين إلى أذهان طلاب الجامعة وخريجيها تصريحات في منتصف تسعينات القرن الماضي، تطالب بنقل الجامعة من الوسط باعتبارها مهددا أمنيا للنظام السياسي، وأشار خريج الجامعة وعضو اللجنة التمهيدية، مدني عباس مدني، إلى وصف الجامعة بـ«الصنم الجاثم على صدر الثورة» في الحديث السياسي لنظام الإنقاذ على أيامه الأولى، مشيرا إلى أن ممتلكات تخص الجامعة بيعت من قبل؛ تمهيدا لتصفيتها ونقلها.
وندد الخريج عمر عشاري في حديثه للصحافيين بمحاولات بيع الجامعة، وطالب بالدفاع عن وجودها في مكانها، بصفتها قضية شعبية لا تخص طلاب الجامعة أو خريجيها وحدهم، وقال «إن تضارب المعلومات والغموض الذي صاحب إعلان نوايا الحكومة، يؤكد أن هناك مخططا للتصرف في الجامعة».
ودرج طلاب جامعة الخرطوم تاريخيا على إشعال شرارة الثورات ضد حكومات الانقلابات العسكرية السودانية، وأسهموا بقدر كبير في انتفاضتي أكتوبر (تشرين الأول) 1964 وأبريل (نيسان) 1985، التي أسقطت نظامي حكم الجنرالين إبراهيم عبود وجعفر النميري على التوالي. ولذلك؛ تخشى الأجهزة الأمنية من تحول الاحتجاجات الطلابية إلى احتجاجات عامة قد تطيح بنظام الحكم، ولا سيما أن الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد تشهد تطورات دراماتيكية، حيث واصل الجنيه السوداني تراجعه مقابل الدولار الأميركي ليتجاوز حاجز 13 جنيها للدولار الواحد؛ ما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع الاستهلاكية، فيما يحذر كثير من المحللين من ثورة جياع قد تحدث فوضى كبيرة في البلاد.
وشهدت المناطق المحيطة بالجامعة عمليات كر وفر، إثر محاولات الشرطة اقتحام الحرم الجامعي لتفريق الطلاب. وسارعت قوى المعارضة المدنية والمسلحة لتأييد احتجاجات طلاب جامعة الخرطوم، حيث دعا الأمين العام للحركة الشعبية ـ شمال، ياسر عرمان، في بيان، قواعد الحركة وطلابها وأصدقاءها وحلفاءها إلى النزول للشوارع؛ دعما لما أسماها «انتفاضة» طلاب جامعة الخرطوم، فيما أعلن حزب الأمة القومي تضامنه مع طلاب الجامعة وخريجيها، ودعا هو الآخر في بيان أمس، أعضاءه من الطلاب والخريجين والأساتذة إلى الانخراط والمشاركة في أنشطة مقاومة أي قرار يمس جامعة الخرطوم، كما دعا القوى الوطنية إلى التكاتف ضد سياسات نظام الحكم «المفككة للوطن، ومن أجل نظام جديد يعيد إلى الشعب كرامته وعزته، وإلى الوطن سيادته وريادته».
ويطالب طلاب الجامعة وخريجوها، حسبما ذكرت ممثلتهم الطالبة وفاق قرشي، بوقف بيع الجامعة والمؤسسات والممتلكات التابعة لها، وإرجاع الأراضي التي بيعت من قبل، والمحافظة على الجامعة كما هي، ونفي الحديث عن بيع الجامعة في كل وسائل الإعلام، ووقف ما أسمته التصريحات العشوائية للمسؤولين، فضلا عن تأكيد استقلال الجامعة واختيار مديرها بالانتخاب من مجلس الأساتذة، عوضا عن تعيينه بقرار رئاسي، كما هو سائد اليوم.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».