أجواء التشاؤم تخيم على انطلاق الجولة الثانية من المحادثات السورية في جنيف

مصادر غربية تتوقع أن تحيط الصعوبات ببحث «مضمون عملية الانتقال السياسي»

صورة تبين دمار منارة جامع الإيمان بغوطة دمشق الشرقية التي استهدفت بالطيران الحربي يوم الاربعاء (رويترز)
صورة تبين دمار منارة جامع الإيمان بغوطة دمشق الشرقية التي استهدفت بالطيران الحربي يوم الاربعاء (رويترز)
TT

أجواء التشاؤم تخيم على انطلاق الجولة الثانية من المحادثات السورية في جنيف

صورة تبين دمار منارة جامع الإيمان بغوطة دمشق الشرقية التي استهدفت بالطيران الحربي يوم الاربعاء (رويترز)
صورة تبين دمار منارة جامع الإيمان بغوطة دمشق الشرقية التي استهدفت بالطيران الحربي يوم الاربعاء (رويترز)

تخيم أجواء التشاؤم على بداية المحادثات السورية غير المباشرة التي تشهد اليوم أول لقاء بين المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا ووفد النظام عصرا وذلك عقب لقاء ثان مع وفد الهيئة العليا للمفاوضات الذي يرأسه أسعد الزعبي. وأفادت أوساط المعارضة السورية أن رئيس المنسق الأعلى للهيئة العليا رياض حجاب سيصل غدا إلى جنيف، وجديد هذه الجولة أن كامل هيئة التفاوض موجود في جنيف وأن الوفد عمد إلى إعادة تشكيل لجنتين لتنكبا على المسائل الخاصة بالمرحلة الانتقالية التي يردد دي ميستورا أنها ستكون في قلب الجولة الراهنة.
وأمس عقدت الهيئة مجموعة من الاجتماعات «الداخلية» ولكن أيضا مع ممثلي المجموعة الضيقة من أصدقاء المعارضة لتنسيق المواقف بانتظار ما سيأتي به وفد النظام من ردود على الأسئلة الخطية الـ29 التي طرحها دي ميستورا على الوفدين. وبعكس الكلمات التي استخدمها المبعوث الدولي، أول من أمس، التي أشار فيها إلى أن العواصم الثلاث التي زارها «موسكو ودمشق وطهران» موافقة كلها على موضوع عملية الانتقال السياسي، إلا أن مصادر مواكبة لمجريات جنيف، قالت لـ«الشرق الأوسط» إن المبعوث الدولي «لم يحصل على شيء» من جولته الأخيرة وإنه عاد «خالي الوفاض».
وأعرب منذر ماخوس، الناطق باسم وفد الهيئة العليا عن مخاوفه من خططك النظام وسلوكياته التي تهدف كلها، وفق ما قاله لـ«الشرق الأوسط» التي التقته أمس، إلى «إفشال الجولة الراهنة وإحراج المعارضة». وأشار ماخوس إلى أن النظام يستخدم ثلاثة أوراق ضاغطة لهذا الغرض، أولها ورقة المساعدات الإنسانية التي تراجعت في الأسبوع الأخير إلى حد التلاشي الكامل حيث لم تدخل إلى المناطق المحاصرة أي قافلة. كذلك، لم تؤمن المساعدات الإنسانية إلى المناطق المسماة صعبة الوصول إلا بنسبة 6.5 في المائة ونسبة 32 في المائة إلى المناطق المسماة «محاصرة». ويقول ماخوس إن النظام ما زال يستخدم سلاح التجويع لنزع الصدقية عن المفاوضين. أما الورقة الثانية فتتمثل في الجمود اللاحق بملف المعتقلين رغم كل الحديث الذي يجري حول الحاجة لتحريكه وأقله البدء بإخلاء سبيل النساء والقاصرين.
بيد أن الخطورة الكبرى تكمن في التصعيد العسكري. وقال ماخوس إن ما يحصل ميدانيا يذكره بما حصل في الجولة الأولى، حيث أدى الهجوم العسكري المنسق من قوات النظام والقوات الجوية الروسية إلى إجهاض جهود دي ميستورا الذي وجد نفسه مضطرا لتعليق المحادثات التي لم تبدأ أصلا. وخلاصة ماخوس أن النظام «يريد الالتفاف على جهود المبعوث الدولي لحرف الانتباه عن تشكيل الهيئة الانتقالية»، ونسف مساعي دي ميستورا إلى البدء بالنظر في العملية السياسية بعد أن غرقت الجولة الثانية في الشكليات والمبادئ. وخلاصة ماخوس أن موقف وفد الهيئة العليا هو «الترقب والحذر» وأن المعارضة «أخذت تفتقر لهوامش المناورة، وبالتالي فإذا كان موقف النظام هو التمسك بما يقوله مسؤولوه عن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية أو إثارة إشكاليات حول تمثيل المعارضة وموضوع الأكراد ومسلم صالح، فهذا سيعني بكل تأكيد «فشل المحادثات المحتم». لكن مصادر غربية رأت أنه يتعين على وفد المعارضة «الصمود لكشف النظام وإظهار أن من يعطل العملية السياسية ويرفض تنفيذ قرارات مجلس الأمن وبيان جنيف».
وأمس، عقدت المجموعة الخاصة بوقف الأعمال العدائية اجتماعا برئاسة دي ميستورا كذلك فعلت اللجنة الخاصة بالمساعدات الإنسانية. وقال سفير غربي لـ«الشرق الأوسط» مساء أمس، إن موضوع الإغاثة «يطرح تحديات جدية ويتعين علينا أن نعالجها بأسرع وقت».
وفي لقائه الصحافي مساء الأربعاء، أعلن دي ميستورا أنه يرغب في تركيز البحث على ثلاثة مواضيع هي الحكم الانتقالي وعملية الانتقال السياسي وكتابة الدستور. وأفادت مصادره في قصر الأمم أن المبعوث الدولي سيستمر على نهجه الحالي، أي على اللقاءات غير المباشرة، رغبة منه في تلافي الصدام بين وفدي النظام والمعارضة إذا ما التقيا وجها لوجه. وأفادت هذه الأوساط أن دي ميستورا امتنع حتى الآن عن كشف كافة ما يملكه من معلومات عن مواقف هذا الجانب أو ذاك، حتى يبقي الوفود في جنيف وحتى تنطلق المحادثات «ولاحقا المفاوضات» الجدية. وجاءت تصريحات نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد التي قال فيها إن المعارضة «تحلم» إذا اعتقدت أن هناك مرحلة انتقالية ستصل بواسطتها إلى السلطة، لتزيد من مخاوف وفد الهيئة ولتفتح الباب على التأزيم والتصعيد وتكثيف العمليات العسكرية.
وبأي حال، تتوقع مصادر دبلوماسية غربية أن تبدأ بالظهور منذ اليوم، أي مع الاجتماع الأول للمبعوث الدولي مع وفد النظام، الصعوبات الحقيقية إذا بدأ البحث بـ«مضمون عملية الانتقال السياسي». ووفق أكثر من مراقب، فإنه «لا شيء» يجمع بين رؤية المعارضة ورؤية النظام، وبالتالي سيتعين على دي ميستورا وخصوصا على الطرفين الأميركي والروسي وعلى مندوبي مجموعة الدعم لسوريا الموجودين في جنيف، أن يخرجوا كنوز الدبلوماسية وما تحمله لغتها من غموض «بناء»، للإبقاء على خيط الحوار الواهي قائما. وتضيف هذه المصادر أنه إذا فشلت هذه الجولة فلا أحد يستطيع التكهن بقدرة الأمم المتحدة على إعادة المتقاتلين إلى طاولة الحوار المباشر أو غير المباشر في جنيف أو في أي مدينة أخرى.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».