فيما عقد المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، العائد من جولة دولية وإقليمية واسعة لغرض الحصول على المساندة والدعم لجهوده السياسية، جلسة عمل أولى في جنيف مع وفد الهيئة العليا للمفاوضات المعارض، سيطرت على «قصر الأمم» موجة من التشاؤم على خلفية احتدام المعارك والتهديدات المخيمة على الهدنة والآثار الكارثية المترتبة على انهيارها. وأمس، تكاثرت التحذيرات من التطورات السلبية التي تحيط بالجولة الثالثة من المحادثات السورية غير المباشرة وبوساطة أممية، وما زالت الأسئلة التي تتناول أداء وفد النظام من المواضيع الرئيسية، وأهمها عملية الانتقال السياسي، قائمة. كذلك بقيت علامات الاستفهام بشأن الخط السياسي الذي ستلتزم به موسكو وتصوراتها للمرحلة القادمة من غير إجابات. وأمس، استبق وزير الخارجية الفرنسي معاودة المحادثات بإعادة التأكيد على مواقف بلاده بخصوص العملية السياسية الانتقالية والحاجة إلى احترام الأطر التي حددها بيان جنيف لعام 2012 والقرار الدولي رقم 2254. وبموازاة ذلك، نددت باريس بالانتهاكات الخطيرة للهدنة المعلنة في 27 فبراير (شباط) الماضي التي حملت المسؤولية الكبرى منها للنظام. كذلك نددت بالانتخابات التشريعية التي أجريت أمس، ووصفتها بأنها بمثابة «مهزلة».
وقال وزير الخارجية، جان مارك أيرولت، في بيان رسمي صادر عنه أمس: إن الجولة الراهنة من المفاوضات السورية «أساسية من أجل الذهاب نحو السلام»، ولكنها تجيء في «سياق صعب» بالنظر إلى مواقف النظام السوري ووفده إلى جنيف. وحثت باريس الحكومة السورية على «احترام الإطار (التفاوضي) الذي حددته الأسرة الدولية»، مشيرة بالتحديد إلى الحاجة إلى قبوله عملية نقل «الصلاحيات الضرورية لقيام حكومة انتقالية انسجاما مع بيان جنيف والقرار الدولي رقم 2254»، وهي العملية التي ترى فيها فرنسا شرطا للتوصل إلى سلام دائم، وللمحافظة على وحدة سورية والسوريين.
بيد أن مصادر فرنسية رسمية لا ترى أن النظام مستعد اليوم للإقدام على هذه الخطوة من غير ضغوط خارجية قوية من القوى التي جعلته يقف على قدميه مجددا، في إشارة واضحة إلى روسيا بالدرجة الأولى. وترى هذه المصادر، أن «كلمة السر» اليوم موجودة في موسكو، وأنه يتعين على الطرف الأميركي والغربي بشكل عام أن يمارس ضغوطا على الطرف الروسي لحمله على تسهيل مسار المحادثات ولاحقا المفاوضات. وتتخوف باريس من نوايا النظام والقوى المختلفة التي تدعمه، ومن تأثير الخروقات العسكرية «المتعمدة» التي تحمل مسؤوليتها بشكل رئيسي للنظام، حيث ترى أنه يسعى عبرها إلى «الهرب من الاستحقاقات السياسية»، وعلى رأسها عملية الانتقال وتشكيل الهيئة التي ستكون من مهماتها إدارة البلاد في المرحلة الانتقالية. وتنبه باريس إلى المخاطر التي تهدد المفاوضات المتأتية عن عرقلة النظام لإيصال المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة، ومنها ضواحي دمشق، مطالبة بوضع حد لها. ووفق النظرة الفرنسية، فإن تكاثر الانتهاكات العسكرية من شأنه تهديد انهيار الهدنة «الهشة»، بحسب وصف المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا. وإذا حصل ذلك فعلا، فإنه يعني العودة إلى المربع الأول وعودة القصف العشوائي ووقف إيصال المساعدات الإنسانية، وبالطبع إجهاض المحادثات في المدينة السويسرية.
من جانب آخر، نددت باريس بالانتخابات البرلمانية التي جرت أمس في سوريا، ورأت فيها «مهزلة صنعها النظام»، حيث إنها تجري في ظل «نظام قمعي» ومن غير مراقبين دوليين، وفي المناطق الخاضعة للنظام، وبعيدا عن الملايين من السوريين المهجرين واللاجئين. وسبق لوزير الخارجية أن وصفها بـ«الاستفزازية». وتعد باريس أن الانتخابات الوحيدة التي يمكن الاعتداد بها هي التي ستجرى مع انتهاء المرحلة الانتقالية ووفق نصوص الدستور الجديد. وجميع هذه المراحل منصوص عليها في القرار الدولي رقم 2254 الذي تبناه مجلس الأمن بالإجماع في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
ورغم انتهاكات الهدنة والشكوك في نوايا النظام، فإن باريس تشجع وفد الهيئة العليا للتفاوض على الاستمرار في المناقشات والبقاء في جنيف؛ إذ ترى في ذلك إمكانية لـ«حشر النظام» عن طريق الإصرار على المطالبة بالمباشرة في بحث تصورات العملية الانتقالية وأشكالها. وقد توجه السفير الفرنسي المولّج بالملف السوري إلى المدينة السويسرية من أجل مواكبة التطورات يوما بيوم، والمشاركة في اجتماعات مجموعة الدعم السورية، ومنها المجموعتان المولّجتان بوقف العمال العدائية وإيصال المساعدات الإنسانية.
فرنسا تدعو للضغط على موسكو لحل الأزمة السورية
اعتبرت الانتخابات البرلمانية في دمشق «مهزلة»
فرنسا تدعو للضغط على موسكو لحل الأزمة السورية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة