الطيران الروسي يغير النفوذ الميداني في سوريا.. والنظام يسيطر على 32 %

تقدم المعارضة والأكراد على حساب «داعش».. والجنوب ثابت

الطيران الروسي يغير النفوذ الميداني في سوريا.. والنظام يسيطر على 32 %
TT

الطيران الروسي يغير النفوذ الميداني في سوريا.. والنظام يسيطر على 32 %

الطيران الروسي يغير النفوذ الميداني في سوريا.. والنظام يسيطر على 32 %

منذ التدخل العسكري الروسي، اتسع نفوذ جميع الأطراف السورية المنخرطة في الصراع العسكري، على حساب تنظيم داعش الذي تقلصت رقعة نفوذه إلى أكثر من 10 في المائة، وزادت فاعلية التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب التي غطت مناطق سيطرة المعارضة والأكراد، على حد سواء في شمال شرقي سوريا، وريف حلب الشمالي.
ويعد تنظيم داعش أبرز الخاسرين في سوريا، في حين أن الضربات الروسية ضاعفت قدرة النظام السوري على استعادة مناطق جغرافية واسعة في وسط سوريا، وفي الريف الشرقي لحلب، على حساب «داعش»، كما مكنته من التقدم بريف حلب الجنوبي والشمالي، على حساب قوات المعارضة السورية وجبهة النصرة، حتى بات يسيطر على 32 في المائة من الجغرافيا السورية، بحسب ما يقوله مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط».
يقول عبد الرحمن إن زيادة هذه المساحة ناتجة عن العمليات العسكرية التي خاضها النظام بدعم من سلاح الجو الروسي، مشيرًا إلى أنه بات يسيطر على مساحة تتراوح بين 30 و32 في المائة، وأن السيطرة على القريتين ومدينة تدمر الأثرية تعد الأهم على صعيد منح النظام مساحات جغرافية تحت سيطرته.
يذكر أن النظام كان يسيطر على مساحة تتراوح بين 22 و25 في المائة من مجمل المساحة السورية، بحسب ما ذكرته الحكومة السورية المؤقتة في شهر أغسطس (آب) الماضي.
وتقلل مصادر في المعارضة السورية من أهمية تقدم النظام، كون المساحات التي استعاد السيطرة عليها في البادية السورية هي مواقع «خالية من السكان»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أن التقدم الذي حققه النظام ضد المعارضة تقدم محدود تم خلال عمليات مدعومة من الطائرات الروسية في ريف اللاذقية وريف حلب الشمالي، قرب نبل والزهراء وريف حلب الجنوبي، ومؤكدة أن النظام خسر ريادته، بعد تراجع الضربات الروسية في ريف حلب الجنوبي، حيث استطاعت قوات الجيش السوري الحر وحلفاؤها استعادة السيطرة على العيس في تلك المنطقة.
وكان النظام قد أطلق، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، معارك للسيطرة على الريف الجنوبي لحلب، ووصل إلى حدود الطريق الدولي الذي يربط دمشق بحلب، وسيطر عليه ناريًا، من غير أن يتمكن من السيطرة عليه بقواته البرية، وخسر تلة العيس الاستراتيجية وثمانية قرى أخرى، خلال هجمات شنتها قوات المعارضة مدعومة بقوات جبهة النصرة في الأسبوعين الأخيرين.
وتقدم النظام في ريف حلب الشرقي، حيث استعاد السيطرة على مناطق محيطة بمطار كويرس العسكري ودير حافر، وهو ما مكنه من التقدم إلى مسافة تبعد 8 كيلومترات عن أحد معاقل «داعش» في مدينة الباب بريف حلب الشرقي.
وعلى الرغم من أن روسيا، منذ دخول الهدنة حيز التنفيذ في فبراير (شباط) الماضي، حولت جهودها العسكرية باتجاه مراقبة الهدنة، فإن انخراطها في المعارك لصالح النظام في تدمر حقق دعمًا استراتيجيًا له، كما أن الضربات الروسية التي نُفّذت على تلة العيس خلال الأسبوع الماضي، بعد سيطرة قوات المعارضة عليها، منعت تقدم المعارضين، وثبتت قواعد النظام في المناطق المحيطة بالتلة الاستراتيجية.
وإلى جانب هذا التقدم، حققت قوات المعارضة السورية تقدمًا على حساب «داعش» في ريف حلب الشمالي، بسيطرتها على بلدة الراعي التي تجددت الاشتباكات فيها ضد التنظيم بمحاذاة الحدود التركية بريف حلب الشرقي.
أما قوات «سوريا الديمقراطية»، التي تشارك فيها بفعالية قوات «وحدات حماية الشعب الكردي»، فقد حققت تقدمًا محدودًا على حساب قوات المعارضة السورية بريف حلب الشمالي، كما حققت تقدمًا كبيرًا على حساب «داعش» في ريف الحسكة، بالتقدم في منطقة الهول، ومدينة الشدادي بريف الحسكة الجنوبي، وازدادت مساحة سيطرتها إلى حدود الـ16 في المائة من الجغرافيا السورية، بحسب ما قاله وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في وقت سابق.
وباستثناء مناطق الشمال، لم تتغير خريطة السيطرة في الجنوب كثيرًا، باستثناء تقدم قوات النظام في منطقة الشيخ مسكين بريف درعا الشمالي، فيما لم تتغير الخارطة العسكرية حول دمشق، باستثناء تقدم «داعش» في منطقة جنوب دمشق ومخيم اليرموك قبل أيام.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.