واشنطن تصعد بالخطة «ب» في سوريا مع انطلاق جولة المفاوضات

تنص على تقديم أسلحة فتاكة للمعارضة السورية في حال فشلت الهدنة

واشنطن تصعد بالخطة «ب» في سوريا مع انطلاق جولة المفاوضات
TT

واشنطن تصعد بالخطة «ب» في سوريا مع انطلاق جولة المفاوضات

واشنطن تصعد بالخطة «ب» في سوريا مع انطلاق جولة المفاوضات

قال مسؤول أميركي لـ«الشرق الأوسط» إنه حان الأوان للاستعداد لتنفيذ الخطة «ب» وتقديم أسلحة أكثر قوة للمعارضة المعتدلة التي تقاتل قوات الأسد، بما يساعدها في مواجهة الطائرات والمدفعية السورية. هذا في الوقت الذي نفت فيه موسكو علمها بخطة مشابهة.
وأوضح المسؤول أن القتال قد اشتعل بشكل متسارع خلال الأيام الأخيرة، خاصة بعد أن شهدت هدنة وقف إطلاق النار انتهاكات كثيرة، منها قيام النظام السوري بشن هجوم بري جديد - بدعم من القوات الجوية الروسية - على مدينة حلب التي تسيطر عليها قوات المعارضة. وأضاف: «علينا انتظار ما ستسفر عنه الجولة الجديدة من محادثات السلام السورية». وتسعى المعارضة السورية إلى إثبات أنها ملتزمة بالعملية السياسية، وإظهار عدم التزام النظام السوري بالتوصل إلى اتفاق سلام وقيامه بالكثير من الانتهاكات لهدنة وقف الأعمال العدائية.
من جانبه، رفض رايان تراباني المتحدث باسم وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية التعليق على سؤال من «الشرق الأوسط»، حول التقارير التي تحدثت عن خطط وكالة الاستخبارات لتزويد المعارضة السورية المعتدلة بمزيد من الأسلحة الفتاكة، في إطار ما يسمي الخطة «ب» في حال انهيار هدنة وقف الأعمال العدائية.
وكانت صحيفة «وول ستريت» الأميركية، قد أشارت الثلاثاء إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية تعد خطة بديلة في سوريا تتضمن تقديم نوعيات مختلفة من الأسلحة المضادة للطائرات إلى المعارضة السورية.
ونقلت تقارير أن مناقشات الخطة «ب» بدأت قبل سريان هدنة وقف الأعمال العدائية في 27 فبراير (شباط) الماضي، وذلك في اجتماع سري لقادة الاستخبارات بين دول التحالف والشركاء الإقليميين. وقال مسؤولون اطلعوا على الاجتماعات إن وكالة الاستخبارات المركزية أعطت تأكيدات حول اعتزامها تقديم مزيد من الدعم للمعارضة السورية التي تقاتل قوات الرئيس بشار الأسد. وتعهدت وكالة الاستخبارات للحلفاء في التحالف الدولي بتأكيد أن تلك الأسلحة التي سيتم توفيرها للمعارضة سيتم نشرها فقط في حال انهيار الهدنة واشتعال القتال مرة أخرى على نطاق واسع. ودارت المناقشات حول نوعية الأسلحة المضادة للطائرات لتسليح المعارضة السورية. في الوقت نفسه، أبدت وكالة الاستخبارات الأميركية مخاوفها من توفير أنظمة دفاع جوي محمولة على الكتف للمعارضة السورية (المعروفة باسم أنظمة الدفاع الجوي المحمولة)، وتحدث مسؤولو الاستخبارات إلى مخاطر احتمالات وقوع تلك الأسلحة في أيدي الإرهابيين، وكانت المقترحات المطروحة من قبل قوات التحالف لمنع وقوع تلك الأنظمة في يد الإرهابيين، هي تضمين أنظمة الدفاع الجوي المحمولة ببطاريات محددة المدة، وأجهزة استشعار جغرافية بما يمكّن من تتبع مستخدم تلك الأسلحة. لكن تضمين أجهزة استشعار في أنظمة الدفاع سيجعل استهداف المعارضة من قبل الطائرات الروسية والسورية أمرا أسهل، ولذا تنظر الاستخبارات الأميركية في نظم بديلة.
وأوضح المسؤولون أن جميع تفاصيل الخطة «ب» موضوعة أمام الرئيس أوباما، كونها تحتاج إلى موافقة البيت الأبيض على السماح بتوفير أنظمة الأسلحة المضادة للطائرات إلى المعارضة السورية.
وحذر كل من وزير الخارجية الأميركي جون كيري ومدير الاستخبارات الأميركية جون برينان من اندلاع القتال مرة أخرى في اجتماعاتهم المغلقة مع نظرائهم الروس. ولفتوا إلى أن القتال على نطاق واسع في سوريا بين النظام والمعارضة يمكن أن يندلع مرة أخرى، وأن ذلك قد يعرض الطيارين الروس للخطر. وبعد إبرام الاتفاق، لمح جوش إرنست المتحدث باسم البيت الأبيض في اليوم التالي، إلى أن الولايات المتحدة لا تستبعد اللجوء إلى خطة بديلة ما لم يتم تنفيذ الهدنة ووقف الأعمال العدائية.
من جهته، قال ديميتري بيسكوف، السكرتير الصحافي للرئيس الروسي، إنه لا يوجد لدى روسيا سوى خطة واحدة للتعامل مع الوضع في سوريا، وذلك في تعليقه على المعلومات التي تناقلتها صحف أميركية حول خطة بديلة قد تلجأ إليها واشنطن بحال فشل المفاوضات في جنيف، وإن واشنطن حذرت موسكو من أنه في حال عادت الأمور إلى المواجهات العسكرية الواسعة فإن حياة الطيارين الروس قد تكون في خطر. وفي معرض إجابته على سؤال حول ما إذا كانت روسيا على علم بما تقوم عليه الخطة الأميركية «ب» لسوريا، قال بيسكوف: «توجد لدى روسيا خطة واحدة فقط، هي المساهمة بكل شكل ممكن لدفع التسوية السياسية للأزمة السورية، ومواصلة العمل على مسار التصدي للإرهاب، ومساعدة السلطات السورية الشرعية في ذلك». وأوضح بيسكوف أن العملية السياسية السورية يجب أن تكون شاملة بمشاركة جميع الأطراف وممثلي القوميات والمجموعات الإثنية، مكررًا أن «هذا ما تقوم عليه الخطة الروسية في سوريا».
من جهته، قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، إن موسكو لا علم لها بالخطة الأميركية «ب»، وأضاف أنه في حال كانت هناك فعلاً خطة تتحدث عن الانتقال إلى العمل العسكري، فإن هذا «يدعو لعميق القلق والخيبة». أما فرانتس كلينتسيفيتش نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع في المجلس الفيدرالي الروسي فقد اعتبرها تسريبات، مرجحًا أن تكون الاستخبارات المركزية الأميركية قد ساهمت في نقلها للصحافة، ومعربًا عن قناعته بأن «الوضع في سوريا لا يجري وفق ما تريد الولايات المتحدة»، وأضاف أن «روسيا قوية بما فيه الكفاية، ولن تتمكن الولايات المتحدة من إعادة سوريا إلى حالة الفوضى»، وتابع أنه «بغض النظر عما إذا كانت المعلومات حول الخطة «ب» صحيحة أم لا، فإنها تحمل (شحنة سلبية)». حسب السيناتور كلينتسيفيتش.
من جانبها، أكدت الهيئة العليا للمفاوضات عدم علمها بأي خطة، وعد رياض نعسان آغا في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخطة التي يدور الحديث حولها في الصحافة غير موجودة في الإطار العملي رسميًا»، معربا عن اعتقاده بأن «الصحافة تقرأ على ما يبدو احتمال فشل الجولة الراهنة وتستشعر خطر فشل الهدنة أيضا، لا سيما بعد إعلان النظام عن حملة عسكرية لاستعادة حلب وما حولها بغطاء ودعم روسي وإيراني»، داعيًا المجتمع الدولي إلى العمل للحفاظ على الهدنة وإيقاف هجوم النظام الذي خرقها حتى كاد يقضي عليها.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».