الأمم المتحدة: 5 محاور رئيسية لأجندة مفاوضات الكويت

هدنة وقف إطلاق النار متأرجحة.. وخروقات للميليشيات بالجملة

مقاتل يمني موالٍ للحكومة الشرعية على أحد الحواجز في مدينة تعز (أ.ف.ب)
مقاتل يمني موالٍ للحكومة الشرعية على أحد الحواجز في مدينة تعز (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة: 5 محاور رئيسية لأجندة مفاوضات الكويت

مقاتل يمني موالٍ للحكومة الشرعية على أحد الحواجز في مدينة تعز (أ.ف.ب)
مقاتل يمني موالٍ للحكومة الشرعية على أحد الحواجز في مدينة تعز (أ.ف.ب)

حددت الأمم المتحدة خمس قضايا أو مواضيع رئيسية لأجندة مفاوضات الكويت بين الأطراف اليمنية، والتي تنطلق الأسبوع المقبل برعاية الأمم المتحدة، وذلك في إطار التهيئة والتحضيرات لجمع الفرقاء اليمنيين إلى طاولة مفاوضات مباشرة، حسبما أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، خلال لقائه أمس، بممثلي القوى السياسية اليمنية في العاصمة السعودية الرياض. وجدد ولد الشيخ التأكيد على أن مرجعيات التفاوض هي نفسها التي سبق إقرارها من قبل المجتمع الدولي، والمتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن 2216. وأشار إلى أن الأمم المتحدة تسعى إلى تحقيق سلام دائم في اليمن وفقًا لهذه المرجعيات، وفقا لما نقلته عنه وكالة الأنباء اليمنية الرسمية «سبأ».
وقال مصدر دبلوماسي يمني رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» إن النقاط الخمس لجدول الأعمال، هي ذات النقاط التي أعلن عنها المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الشهر الماضي، وتتمثل تلك النقاط التي ستبحث في مفاوضات الكويت في: انسحاب الميليشيات والجماعات المسلحة، تسليم الأسلحة الثقيلة إلى الدولة، الترتيبات الأمنية الانتقالية، استعادة مؤسسات الدولة، واستئناف الحوار السياسي الجامع. أما النقطة الخامسة، فهي تشكيل لجنة تعنى بالسجناء والمعتقلين.
في هذه الأثناء، تتأرجح هدنة وقف إطلاق النار في اليمن، وسط اتهامات متصاعدة للمتمردين الحوثيين وحليفهم المخلوع علي عبد الله صالح بخرق الهدنة في كثير من المحافظات والمناطق اليمنية. وفي اليوم الثاني للهدنة، سجلت الكثير من الخروقات في تعز والجوف والبيضاء ومأرب ونهم في شرق صنعاء. وقد سقط قتلى وجرحى في هجمات للحوثيين على مواقع المقاومة الشعبية وقوات الجيش الوطني في بعض المناطق، منها مأرب.
وتسود حالة من الغموض، في الساحة اليمنية، إزاء عمل فرق مراقبة وقف إطلاق النار والآلية المتبعة لرصد الخروقات وتحديد الطرف المتورط في خرق الهدنة. وحتى اللحظة أعلنت أسماء أعضاء الفرق الميدانية التي تمثل الحوثيين وصالح في عملية مراقبة وقف إطلاق النار في عدد من المحافظات اليمنية، فيما لم يتم الإعلان عن الفرق المقابلة من الطرف الآخر. ومن أبرز النقاط المبهمة في ما يتعلق بأداء هذه الفرق، هي غياب مراقبين يتبعون الأمم المتحدة على الأرض، أو، على الأقل، مراقبين محليين محايدين، تختارهم المنظمة الدولية. وقد كان لافتا أن معظم أسماء المشاركين عن الحوثيين وقوات المخلوع علي عبد الله صالح، في تلك اللجان، هم عبارة عن قادة ميدانيين في الميليشيات الحوثية، كل في محافظته، ويمثلون ذراعا طويلة للميليشيات في السيطرة على المناطق التي يوجدون بها، إضافة إلى أن الكثير منهم كانوا من المشاركين، بشكل مباشر، في تسهيل سيطرة الحوثيين على الكثير من المناطق اليمنية، طوال العام الماضي.
وقال خبراء عسكريون إن هدنة وقف إطلاق النار في اليمن قد تتعرض لانتكاسة كبيرة، نظرا لانعدام الكثير من التفاصيل الفنية الدقيقة المطلوبة لإنجاح أي هدنة في أي بقعة من العالم.
وأكد الخبير والمحلل العسكري اليمني، العميد فيصل حلبوب لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا يعتقد أن هذه الهدنة سوف تصمد على الإطلاق في ظل انتهاكات الميليشيات»، وأنه «وفي ظل عدم إشراك طرف مراقب ومحايد، لا يمكن أن تصمد أي هدنة»، متسائلا عمن «يضبط الطرفين إذا لم يكن هناك طرف ثالث، خاصة في ظل وجود أسماء مشاركة في الصراع ضمن قوام لجان المراقبة التابعة للحوثيين والمخلوع صالح؟».
ودارت معارك عنيفة، أمس، في محافظة مأرب، عقب قيام الميليشيات الحوثية بهجوم واسع على مواقع الجيش الوطني والمقاومة في منطقة المخدرة، وبحسب مصدر ميداني في المقاومة، فقد تمكنت قوات الشرعية من صد الهجوم، فيما قتل أحد عناصر المقاومة وجرح 4 آخرون، كما قتل عدد من أفراد المقاومة في صدهم لهجمات مماثلة وقصف للميليشيات على عدد من المواقع في محافظة الجوف، فيما قالت مقاومة صنعاء إنها سجلت 37 خرقا للهدنة على الميليشيات الحوثية، خلال ساعات منتصف نهار أمس فقط.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.