مصر ترجئ إعلان مستوى تمثيلها بالقمة الإسلامية في تركيا حتى الساعات الأخيرة

مصادر: أنقرة ترغب في حضور السيسي.. والقاهرة تصر على مطالبها

مصر ترجئ إعلان مستوى تمثيلها بالقمة الإسلامية في تركيا حتى الساعات الأخيرة
TT

مصر ترجئ إعلان مستوى تمثيلها بالقمة الإسلامية في تركيا حتى الساعات الأخيرة

مصر ترجئ إعلان مستوى تمثيلها بالقمة الإسلامية في تركيا حتى الساعات الأخيرة

أرجأت مصر الإعلان عن مستوى تمثيلها في القمة الإسلامية المقرر عقدها في تركيا يومي 14 و15 أبريل (نيسان) الحالي. وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري أمس إنه «سيتم الإعلان في الوقت المناسب عن رئيس وفد مصر المشارك في أعمال الدورة الثالثة عشرة للمؤتمر».
فيما أكدت مصادر دبلوماسية مصرية لـ«الشرق الأوسط» أمس أن «أنقرة لديها رغبة قوية في مشاركة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القمة على رأس وفد بلاده، غير أن القاهرة تصر على وجود تعهد تركي بتحقيق مطالبها أولاً، وأهمها عدم التدخل في شؤونها الداخلية، ووقف التصريحات المسيئة إلى مصر وقيادتها الشرعية التي اختارها الشعب المصري».
وتدهورت العلاقات بين مصر وتركيا منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، في يوليو (تموز) 2013. حيث وصفته تركيا بأنه «انقلاب على الشرعية»، كما قامت باستضافة المئات من قيادات الجماعة المطلوبين في قضايا جنائية بمصر.
وتدار علاقات البلدين حاليا على مستوى قائم بالأعمال منذ أن استدعت مصر سفيرها من تركيا في أغسطس (آب) 2013. احتجاجا على التصريحات التركية المعادية للنظام الحالي، كما أبلغت تركيا في نوفمبر (تشرين الثاني) من ذات العام، بأن سفيرها في القاهرة «شخص غير مرغوب فيه».
وتحدثت تقارير إعلامية عن وساطة سعودية لاستعادة العلاقات المقطوعة بين القاهرة وأنقرة منذ أكثر من عامين، في ظل وجود خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في تركيا حاليا، في أعقاب زيارته إلى مصر والتي استمرت 5 أيام. رغم نفي الرئاسة التركية لتلك الأنباء.
وسبق أن أعلنت وزارة الخارجية التركية أنها ستوجه دعوة إلى مصر لحضور القمة الإسلامية، وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية، تانجو بيلجيتش، أن مصر هي من ستقرر مبعوثها إلى القمة الإسلامية.
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري، خلال مؤتمر صحافي عقده أمس مع نظيره البوروندي آلان نيوتومي الذي يزور القاهرة، إنه سيتم الإعلان في الوقت المناسب عن رئيس وفد مصر المشارك في أعمال الدورة الثالثة عشرة لمؤتمر القمة الإسلامية المقررة يومي 14 و15 أبريل الحالي بإسطنبول في تركيا.
ويترأس السفير هشام بدر مساعد وزير الخارجية حاليا وفدا دبلوماسيا رفيعا يشارك في اجتماع مجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، حيث سلم أمس رئاسة القمة الإسلامية الـ13 إلى تركيا خلال جلسة علنية لوزراء خارجية الدول الإسلامية بإسطنبول. وألقى بدر كلمة مصر الافتتاحية والتي تضمنت إنجازات القاهرة خلال رئاسة القمة على مدار 3 سنوات.
وذكرت مصادر دبلوماسية مصرية لـ«الشرق الأوسط» أن سبب إرجاء مصر إعلان مستوى تمثيلها في القمة يرجع إلى منح تركيا فرصة حتى اللحظة الأخيرة لتراجع مواقفها، خاصة بعد لقاء الملك السعودي الرئيس التركي. وأشارت المصادر إلى أن «تركيا ترغب في تمثيل الرئيس السيسي لوفد مصر، لكن حتى الآن هو أمر مستبعد، في ظل عدم وجود توافق بين البلدين، وما زالت التصريحات التركية تشير إلى التدخل في الشأن الداخلي المصري والانقضاض على إرادة الشعب المصري واختياراته، ما لم يحدث اختراق في الساعات الأخيرة».
وأضافت المصادر «إذا استمرت الأمور على ما هي عليه، فإنه من المتوقع أن يرأس وفد مصر وزير الخارجية سامح شكري، الذي سبق أن أكد أن مصر سوف تشارك في القمة باعتبارها عضوا فاعلا في المنظمة، وتتولى رئاستها في الوقت الراهن».
واعتادت أنقرة، ورئيسها رجب طيب إردوغان، إطلاق تصريحات منددة بالأوضاع السياسية المصرية منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، كما طالبت أكثر من مرة بإلغاء أحكام الإعدام الصادرة بحق قيادات جماعة الإخوان المتهمين بالتورط في أعمال عنف بمصر.
وسبق أن عبر وزير الخارجية التركي مولود جاويش عن رغبة بلاده في تطبيع العلاقات مع مصر، متمنيا من القيادة المصرية أن تبادر بمواقف إيجابية تجاه الموقف التركي، وأكد ترحيبه بـ«المسعى الذي تبذله السعودية لتقريب وجهات النظر بين البلدين، وطرحها عددا من الأفكار في هذا الاتجاه».
من جانبه، قال السفير فتحي الشاذلي مساعد وزير الخارجية السابق، وسفير مصر الأسبق في تركيا لـ«الشرق الأوسط» إن «الحديث عن وساطة سعودية لاستعادة العلاقات بين مصر وتركيا أمر يتردد منذ فترة، وإن استعادة العلاقات بين البلدين أمر وارد جدا، إذا ما استجابت تركيا للمطالب المصرية؛ ومنها وقف بث القنوات الفضائية المعادية لمصر والتي تبث من الأراضي التركية، وأن تسمح بتسليم الشخصيات الإخوانية ممن صدرت ضدهم أحكام قضائية، ووقف مسؤوليها تصريحاتهم العدائية».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».