استطلاعات للرأي: غالبية سنة العراق ضد «داعش».. لكنهم يخشون محرريهم

لا يثقون بالجيش والميليشيات الشيعية.. ويشكون في أن يعيد الأكراد ما استردوه من التنظيم

استطلاعات للرأي: غالبية سنة العراق ضد «داعش».. لكنهم يخشون محرريهم
TT

استطلاعات للرأي: غالبية سنة العراق ضد «داعش».. لكنهم يخشون محرريهم

استطلاعات للرأي: غالبية سنة العراق ضد «داعش».. لكنهم يخشون محرريهم

في حين تسعى القوات الأمنية العراقية جاهدة لاستعادة السيطرة على المناطق والمدن التي استولى عليها تنظيم داعش، تخشى شريحة واسعة من سكان هذه المناطق والمدن السنية القوات التي تحررهم من المسلحين المتطرفين.
وتسلط استطلاعات للرأي أجريت مؤخرا الضوء على هذه القضية، حيث تبرز صورة الوضع الحالي في العراق الذي يعاني انقسامات طائفية عميقة. واستخدمت «الشركة المستقلة للبحوث والدراسات» (IIACSS) أساليب سحب العينات العلمية من كافة مناطق العراق، بما في ذلك المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش، وذلك منذ يونيو (حزيران) عام 2014، وتظهر نتائج استطلاعات الرأي المشار إليها، إلى جانب استطلاعات الرأي الحديثة التي أجرتها الشركة خلال الأشهر القليلة الماضية، إلى أن السنة والشيعة في العراق ينظرون إلى الوضع الأمني في البلاد من خلال رؤيتين شديدتي التباين والاختلاف.
وحسب هذه الاستطلاعات فإن العرب السنة يخشون القوات الهادفة إلى تحريرهم من قبضة تنظيم داعش. ففي مدينة الموصل - التي بدأت فيها الحملة العسكرية العراقية لتحرير أكبر ثاني مدينة عراقية من قبضة التنظيم الإرهابي - هناك 74 في المائة من السكان السنة ممن شملهم الاستطلاع يقولون إنهم لا يرغبون في التحرر من «داعش» على أيدي قوات الجيش العراقي.
لكن أزمة الثقة المعلنة بشأن الجيش العراقي تتجاوزها أزمة أعمق للثقة في الميليشيات الشيعية العراقية وقوات البيشمركة الكردية. فمن بين 120 مواطنا سنيا عراقيا ممن شملهم الاستطلاع في مدينة الموصل وحدها، هناك 100 منهم لا يرغبون حقيقة في التحرر من قبضة المتطرفين المسلحين بواسطة الميليشيات الشيعية أو القوات الكردية.
لكن هذا، حسب تقرير لوكالة «اسوشييتد برس» لا يعني تأييد السكان السنة لتنظيم داعش. ففي حقيقة الأمر، أن الأغلبية الساحقة من السنة العراقيين يعارضون وجود تنظيم داعش. وأظهر استطلاع للرأي أجري في يناير (كانون الثاني) الماضي أن ما نسبته 99 في المائة من الشيعة وما نسبته 95 في المائة من السنة في مختلف أرجاء العراق يعارضون فكرة ووجود تنظيم داعش.
فإذا كان الكثير من السكان السنة في العراق يعارضون التنظيم الإرهابي، فلماذا يخشون لهذه الدرجة من تدخل الجيش العراقي والميليشيات الشيعية والقوات الكردية لتحريرهم؟
تظهر بيانات الرأي العام العراقي أن السنة العراقيين ينظرون إلى مجتمعهم من زاوية التهديد المستمر والمعاملة الظالمة غير المنصفة من قبل الحكومة العراقية الخاضعة لسيطرة الطائفة الشيعية. وفي واقع الأمر، ومن خلال مسح أجري في فبراير (شباط)، هناك 44 في المائة من السكان السنة يقولون إنهم يعتقدون أن الأغلبية السنية من سكان الرمادي لن يلقوا معاملة منصفة بعد استعادة المدينة من قبضة تنظيم داعش ومسلحيه. وبمقارنة ذلك إلى 76 في المائة من السكان الشيعة في نفس المدينة الذين يعتقدون أن سكان الرمادي سوف يلقون معاملة منصفة. ومن الواضح أن الانقسام الطائفي شديد الوضوح والجلاء فيما يتعلق بالتوقعات فيما بعد تحرير المدينة من المسلحين المتطرفين.
ووفقا لدراسة استقصائية وطنية عراقية أجرتها مؤسسة «IIACSS» الشهر الحالي هناك فجوة كبيرة ما بين المفاهيم السنية والشيعية فيما يتعلق بنزاهة الحكومة العراقية في تطبيق المساواة في الحقوق لجميع المواطنين العراقيين. والسواد الأعظم، وهو يمثل نحو 91 في المائة من السكان السنة لا يعتقدون أن المواطنين العراقيين يلقون معاملة منصفة من حيث الحقوق. وعلى الجانب الآخر، هناك نحو 60 في المائة من السكان الشيعة يعتقدون أن الحكومة العراقية تطبق مبدأ الحماية المتكافئة لحقوق كافة المواطنين العراقيين.
والميليشيات الشيعية، وهي جزء رئيسي من الجهود الرامية لهزيمة تنظيم داعش، يُنظر إليها بعين الشك والريبة من جانب العراقيين السنة أكثر من الحكومة العراقية. وعند سؤال العراقيين السنة في استطلاع فبراير (شباط) إذا كانوا يشعرون بالقلق من وجود الميليشيات العراقية في المناطق السنية، أفاد 93 في المائة من السكان السنة بأنهم يشعرون بالقلق فعليا، بينما 7 في المائة فقط من السكان الشيعة قالوا بأنهم يشعرون بالقلق من وجد تلك الميليشيات داخل المناطق السنية.
القلق الأكبر بالنسبة للسنة - كما أعرب عنه 42 في المائة من السكان السنة - هو احتمال تنفيذ الميليشيات الشيعية عمليات انتقامية بحق المدنيين المحليين في المناطق التي يحررونها. وأعقب ذلك قلق آخر، أعرب عنه 31 في المائة من السكان السنة - وهو سماح الميليشيات الشيعية للمزيد من النفوذ الإيراني داخل مناطقهم. وكان القلق السني الرئيسي من قوات البيشمركة الكردية يتمثل في أن الأكراد لن يعيدوا الأراضي التي يستولون عليها من تنظيم داعش إلى الحكومة العراقية (46 في المائة) - وأن قوات البيشمركة سوف تسيء معاملة السكان العرب العراقيين (41 في المائة).
يذكر أن الميليشيات الشيعية وصمت بسمعة سوء السلوك والمعاملة بعد تصرفاتهم المعروفة في المناطق السنية التي أعيدت من قبضة التنظيم الإرهابي. لكن إثر حالة الضعف العام التي يعاني منها الجيش العراقي في استعادة السيطرة على الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم داعش، ومن ثم فهو ينزع إلى المساعدات العسكرية التي توفرها الميليشيات الشيعية في طرد مسلحي «داعش» من العراق.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».