السعودية: العزوف عن العقارات يتواصل بانتظار تطبيق رسوم الأراضي

السوق فقد 5 % من حركته في ظل القرارات الحكومية

القطاع العقاري السعودي لا يزال يواجه عزوفًا عن الطلب بانتظار تطبيق رسوم الأراضي البيضاء (تصوير: خالد الخميس)
القطاع العقاري السعودي لا يزال يواجه عزوفًا عن الطلب بانتظار تطبيق رسوم الأراضي البيضاء (تصوير: خالد الخميس)
TT

السعودية: العزوف عن العقارات يتواصل بانتظار تطبيق رسوم الأراضي

القطاع العقاري السعودي لا يزال يواجه عزوفًا عن الطلب بانتظار تطبيق رسوم الأراضي البيضاء (تصوير: خالد الخميس)
القطاع العقاري السعودي لا يزال يواجه عزوفًا عن الطلب بانتظار تطبيق رسوم الأراضي البيضاء (تصوير: خالد الخميس)

لا يزال القطاع العقاري السعودي يواجه عزوفًا عن الطلب، بانتظار تطبيق رسوم الأراضي البيضاء مطلع شهر رمضان المقبل، أي بعد نحو أقل من شهرين فقط من الآن. وسجل المؤشر العقاري السكني انخفاضا تجاوزت نسبته 5 في المائة خلال أسبوع، بسبب انخفاض مؤشر أسعار الأراضي السكنية بنسبة بلغت 6.1 في المائة، حيث يضغط العزوف عن الأراضي بقوة على المؤشرات العقارية وحركتها الاعتيادية.
وكانت الضغوطات التي يعيشها قطاع الأراضي أثرت على حركة العقار بشكل عام بحسب تأكيدات خبراء، والذين أشاروا إلى أن فرض الرسوم قلب حال السوق رأسًا على عقب، وهو ما تظهره من وقت لآخر مؤشرات العقار التي تشهد تفاوت الأسعار بدرجة بسيطة لا ترقى لمستوى الكساد الحاصل.
وأكد صالح الجهني (خبير في التخطيط الاقتصادي)، أن ما يحدث في القطاع العقاري الآن يعد كارثة بالنسبة للمستثمرين الذين يواجهون حالة جمود كاملة في ظل تواصل انخفاض الطلب لمستويات قياسية وبقاء المشاريع العقارية الجاهزة موصدة الأبواب، نتيجة ارتفاع أسعارها، لافتًا إلى أن الحل الوحيد لهذه المشكلة هو إذعان التجار لواقع السوق ونزول الأسعار لمستويات تمكن المشتري من التملك، لأن بقاء الحال على ما هو عليه من القيمة لن يخدم أي طرف، فالمستثمر يحتاج إلى السيولة وتحريك الأموال، والمشتري يرغب في التملك والاستقرار، خصوصًا أن المعطيات تقول إن القطاع مقبل على انخفاض أكبر في حال فرض الرسوم في منتصف 2016، وهو ما تؤكده المعطيات.
وأضاف أنه في ظل استمرار الضغط الحكومي عبر إقرار كثير من القرارات المؤثرة، وعلى رأسها فرض رسوم على الأراضي البيضاء، لن يستطيع العقاريون الاستمرار في موجة الصعود التي تحدث حاليًا، كما أن الدولة تصدر الأنظمة والتشريعات التي تحاصر بها غلاء الأسعار من أجل إعادتها إلى حالتها الطبيعية، أو على أقل الأحوال بقاؤها على وضعها الراهن.
واعتبر أن الأسعار تشهد تذبذبًا واضحًا في منطقة واحدة أحيانًا، ما يعني وجود أسعار مرتفعة غير مبررة، مؤكدًا أن موجة المبيعات المرتقبة قبل فرض الرسوم ستخفض الأسعار بشكل إجباري.
وسجل المؤشر العقاري السكني العام، الذي يقيس التغيرات في الأسعار السوقية لمختلف أنواع العقارات السكنية، أكبر خسارة أسبوعية له منذ مطلع العام الحالي، بلغت نسبتها نحو 5.3 في المائة، مقارنة بارتفاعه الأسبوعي الأسبق بنسبة 1.9 في المائة، ليستقر عند 788.5 نقطة، ويعزى هذا الانخفاض الأسبوعي الكبير في المؤشر إلى الانخفاض الكبير في مؤشر أسعار الأراضي السكنية بنسبة بلغت 6.1 في المائة.
كما سجل المؤشر العام لإجمالي الوحدات السكنية خلال الأسبوع نفسه انخفاضا بنسبة 0.8 في المائة، مقارنة بارتفاعه الأسبوع الأسبق بنسبة 0.6 في المائة، ليستقر مع نهاية الأسبوع الماضي عند 774.9 نقطة، في حين سجل متوسط المؤشر نفسه، خلال الفترة الماضية منذ مطلع 2016 حتى تاريخه، انخفاضا بلغت نسبته 3.5 في المائة مقارنة بمتوسط المؤشر للعام الماضي، مستقرا عند 786.5 نقطة. وبلغت نسبة انخفاض متوسط المؤشر العقاري السكني العام، مقارنة بقيمته المسجلة خلال عام 2014 وعام 2013 نحو 17.8 في المائة ونحو 23.4 في المائة على التوالي.
وأكد ريان الحجاب، الذي يمتلك شركة الحجاب العقارية، أن مشكلة القطاع العقاري هو ارتفاع الأسعار في ظل ضعف الدخل أو قدرة المشتري على الشراء نتيجة فوارق القدرة بين إمكانياته والأسعار المعروضة، معتبرًا أن فرضية نقص العرض غير دقيقة وتفتقد إلى الموضوعية؛ بدليل إعلان كثير من الجهات الحكومية وجود آلاف الوحدات الشاغرة، موضحًا أن ارتفاع الأسعار هي المشكلة الأساسية، كما برأ ساحة التجار لأنهم اشتروا واستثمروا بأسعار مرتفعة، ومن الصعب أن يبيعوا بخسارة أو دون تحقيق أرباح.
وحول مستقبل القطاع بعد تطبيق رسوم الأراضي البيضاء، أكد الحجاب عدم صحة ما يشاع عن احتمالية هبوط أسعار العقار بشكل كبير فور تطبيق القرار، مشيرًا إلى أن الأسعار ستشهد انخفاضات متتالية بنسب ملحوظة، لكنها لن تكون حادة.
وذكر عبد اللطيف العبد اللطيف المستثمر العقاري، أن الانخفاض أصبح صفة سائدة في جميع الأفرع العقارية وليس في قطاع الأراضي فقط، إذ تجاوزه ليشمل الفيلات والعمائر، حيث إن الانخفاضات تلامس جميع الأفرع العقارية دون استثناء وبنسب قريبة جدًا، إلا أن الأراضي تسجل الحركة الأبطأ بينها، نظرًا إلى ترقب فرض الرسوم وما سيترتب عليه.
وأضاف أن الحديث عن الانخفاض يشمل السكنية والتجارية على حد سواء، إلا أن التجارية هي المتضرر الأكبر لهذا الأسبوع، وهي حالة لا تتكرر كثيرًا باعتبار القطاع السكني الأكثر تضررًا، مما يعكس التخوف الحقيقي لدى المستثمرين الذي يلقي بظلاله على حجم الطلب التجاري، وبالتالي على القطاع بشكل كامل، مؤكدًا حاجة السوق إلى خفض القيمة أكثر من أي وقت مضى في ظل التفاوت الكبير بين قدرة المشتري ورغبة البائع.
وتوقع العبد اللطيف أن يستمر العقار في انخفاض الأداء حتى دخول شهر رمضان، وهو الوقت الذي تطبق فيه رسوم الأراضي على أرض الواقع، ومن ثم ستظهر الصورة الجديدة التي سترسم مستقبل العقار سواء بالانخفاض أو بقاء الأسعار على حالها، مشيرًا إلى أن الجميع، بمن فيهم المستثمرون والمشترون، متوقفون تمامًا عن الحركة بانتظار ما ستؤول إليه الأمور فور تطبيق الرسوم، ثم اتخاذ قرار التحرك بعد ذلك.
وأكد أن دخول وزراة الإسكان على الخط عبر توفير مئات الآلاف من الوحدات السكنية غير الربحية سيشكل ضغطًا إضافيًا على السوق وسيهبط بالأسعار، وهو ما تسعى إليه الحكومة عبر تشريعها القرارات والأنظمة الجديدة.



«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
TT

«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء

في وقت تجري فيه الاستعدادات لعقد اجتماع بين الصندوق القومي للإسكان ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان، لبحث سبل توفير تمويل لمشروعات الإسكان للمواطنين عبر قروض طويلة الأجل، ألغت الحكومة أول من أمس، وأوقفت، إجراءات تسليم المساكن للموطنين والتقديم لها، خوفاً من حدوث إصابات بـ«كورونا»، أثناء الاصطفاف للتقديم والتسلم.
وكان الصندوق القومي للإسكان قد طرح مباني سكنية جاهزة للمواطنين في معظم المناطق الطرفية بالعاصمة الخرطوم، وبقية الولايات، وذلك ضمن مشروع السودان لتوفير المأوى للمواطنين، الذي سيبدأ بـ100 ألف وحدة سكنية لذوي الدخل المحدود. وقد بدأ المشروع بفئة العمال في القطاعات الحكومية في جميع ولايات السودان العام الماضي، بواقع 5 آلاف منزل للمرحلة الأولى، تسدد بالتقسيط على مدى 7 سنوات. ويتضمن مشروع إسكان عمال السودان 40 مدينة سكنية في جميع مدن البلاد، لصالح محدودي الدخل، ويستفيد من المشروع في عامه الأول أكثر من مليونين.
وقد أقام المواطنون مواقع أمام مقر الصندوق القومي للإسكان، وباتوا يتجمعون يومياً بأعداد كبيرة، ما سبب إزعاجاً لدى إدارة الصندوق والشارع العام، وذلك بعد قرار سياسي من والي ولاية الخرطوم، لدعوة المواطنين للتقديم للحصول على سكن شعبي.
ووفقاً للدكتور عبد الرحمن الطيب أيوبيه الأمين العام المكلف للصندوق القومي للإسكان والتعمير في السودان لـ«الشرق الأوسط» حول دواعي إصدار قرار بوقف إجراءات التسليم والتقديم للإسكان الشعبي، وعما إذا كان «كورونا» هو السبب، أوضح أن تلك التجمعات تسببت في زحام شديد، حيث نصب المتقدمون للوحدات السكنية خياماً أمام مقر الصندوق في شارع الجمهورية، بعد قرار الوالي في وقت سابق من العام الماضي بدعوة المواطنين للتقديم. وظلت تلك التجمعات مصدر إزعاج وإرباك للسلطات، ولم تتعامل معهم إدارة الصندوق، إلى أن جاء قرار الوالي الأخير بمنع هذه التجمعات خوفاً من عدوى «كورونا» الذي ينشط في الزحام.
وبين أيوبيه أن الخطة الإسكانية لا تحتاج لتجمعات أمام مباني الجهات المختصة، حيث هناك ترتيبات وإجراءات للتقديم والتسلم تتم عبر منافذ صناديق الإسكان في البلاد، وعندما تكون هناك وحدات جاهزة للتسليم يتم الإعلان عنها عبر الصحف اليومية، موضحاً أن كل ولاية لديها مكاتب إدارية في كل ولايات السودان، وتتبع الإجراءات نفسها المعمول بها في العاصمة.
ولم يخفِ أيوبيه أزمة السكن في البلاد، والفجوة في المساكن والوحدات السكنية، والمقدرة بنحو مليوني وحدة سكنية في ولاية الخرطوم فقط، لكنه أشار إلى أن لديهم خطة مدروسة لإنشاء 40 ألف مدينة سكنية، تم الفراغ من نسبة عالية في العاصمة الخرطوم، بجانب 10 آلاف وحدة سكنية.
وقال إن هذه المشاريع الإسكانية ستغطي فجوة كبيرة في السكن الشعبي والاقتصادي في البلاد، موضحاً أن العقبة أمام تنفيذها هو التمويل، لكنها كمشاريع جاهزة للتنفيذ والتطبيق، مشيراً إلى أن لديهم جهوداً محلية ودولية لتوفير التمويل لهذه المشاريع.
وقال إن اجتماعاً سيتم بين الصندوق القومي للإسكان وبنك السودان المركزي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، لتوفير الضمانات بالنسبة للتمويل الخارجي واعتماد مبالغ للإسكان من الاحتياطي القانوني للمصارف المحلية.
وأكد الدكتور عبد الرحمن على أهمية التنسيق والتعاون المشترك بين الجهات المعنية لإنفاذ المشروع القومي للمأوى، وتوفير السكن للشرائح المستهدفة، مجدداً أن أبواب السودان مشرعة للاستثمار في مجال الإسكان. وأشار إلى أن الصندوق القومي للإسكان سيشارك في معرض أكسبو في دبي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وذلك بجناح يعرض فيه الفرص الاستثمارية في السكن والوحدات السكنية في السودان، وسيتم عرض كل الفرص الجاهزة والمتاحة في العاصمة والولايات.
وقال إن هناك آثاراً متوقعة من قرار رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية على البلاد، ومن المتوقع أن يسهم كثيرا في إنعاش سوق العقارات واستقطاب رؤوس أموال لصالح التوسع في مشروعات الإسكان. وأبان أن الصندوق استطاع خلال السنوات الماضية إحداث جسور للتعاون مع دول ومنظمات واتحادات ومؤسسات مختلفة، وحالت العقوبات دون استثمارها بالشكل المطلوب، مشيرا إلى أن جهودهم ستتواصل للاستفادة من الخبرات والموارد المالية المتاحة عبر القروض والمنح والاستثمارات.
وأكمل الصندوق القومي للإسكان في السودان تحديد المواقع والدراسات لمشروع المأوى القومي ومنازل العمال، حيث ستشيد المنازل بأنماط مختلفة من السكن الاقتصادي، الشعبي، الاستثماري، الريفي، والمنتج، بتمويل من البنوك العاملة في البلاد، وفق خطة الصندوق.
وقد طرحت إدارة الصندوق عطاءات منذ بداية العام الجاري لتنفيذ مدن سكنية، كما دعت المستثمرين إلى الدخول في شراكات للاستثمار العقاري بالولايات لتوفير المأوى للشرائح المستهدفة، إلا أن التمويل وقف عثرة أمام تلك المشاريع.
وطرح الصندوق القومي للإسكان في ولاية الخرطوم أن يطرح حالياً نحو 10 آلاف وحدة سكنية لمحدودي الدخل والفئويين والمهنيين في مدن العاصمة الثلاث، كما يطرح العديد من الفرص المتاحة في مجال الإسكان والتطوير العقاري، حيث تم الانتهاء من تجهيز 5 آلاف شقة و15 ألفا للسكن الاقتصادي في مدن الخرطوم الثلاث.
وتم تزويد تلك المساكن بخدمات الكهرباء والطرق والمدارس وبعض المرافق الأخرى، بهدف تسهيل وتوفير تكلفة البناء للأسرة، حيث تتصاعد أسعار مواد البناء في البلاد بشكل جنوني تماشياً مع الارتفاع الذي يشهده الدولار مقابل الجنيه السوداني والأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد حالياً.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان لديه خطة لتوسيع قاعدة السكن لمحدودي الدخل، عبر الإسكان الرأسي، الذي يتكون من مجمعات سكنية، كل مجمع يضم بناية من 7 أدوار، ويتكون الطابق من 10 شقق سكنية، بمساحات من 180 إلى 300 متر مربع.
ويتوقع الصندوق أن يجد مشروع الإسكان الرأسي والشقق، رواجاً وإقبالاً في أوساط السودانيين محدودي الدخل، خاصة أنه أقل تكلفة وأصبح كثير من السودانيين يفضلونه على السكن الأفقي، الأمر الذي دفع الصندوق لتنفيذ برامج إعلامية لرفع مستوى وعي وثقافة المواطنين للتعامل مع السكن الجماعي والتعاون فيما بينهم.
ووفقاً لمسؤول في الصندوق القومي للإسكان فإن برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي، يتضمن كيفية المحافظة على خدمات البناية، ورفع وعيهم بهذا النوع من البناء، حتى تتحول الخرطوم إلى عاصمة حضارية وجاذبة. وأضاف المصدر أن برنامج التوعية بالسكن في الشقق ودوره في تقليل تكلفة السكن، سيتولاه فريق من اتحاد مراكز الخدمات الصحافية، الذي يضم جميع وسائل الإعلام المحلية، مما سيوسع قاعدة انتشار الحملات الإعلامية للسكن الرأسي.
تغير ثقافة المواطن السوداني من السكن التقليدي (الحوش) إلى مساحات صغيرة مغلقة لا تطل على الشارع أو الجيران، ليس أمرا هينا. وبين أن خطوة الصندوق الحالية للاعتماد على السكن الرأسي مهمة لأنها تزيل كثيرا من المفاهيم المغلوطة عن السكن في الشقق السكنية.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان عام 2018 بدأ بالتعاون مع شركة هيتكو البريطانية للاستثمار، لتنفيذ مشروع الإسكان الفئوي الرأسي، الذي يستهدف بناء 50 ألف وحدة سكنية بالعاصمة الخرطوم، وكذلك مشروع لبناء أكبر مسجد في السودان، بمساحة 5 كيلومترات، وبناء 3 آلاف شقة ومحلات تجارية.