«العشوائيات» مشكلة عقارية تهدد الأمن في الأردن

القضاء ينظر قضايا تتعلق بمئات الآلاف.. وينصف سكان المخيمات

منظر عام للعاصمة الأردنية عمان (رويترز)
منظر عام للعاصمة الأردنية عمان (رويترز)
TT

«العشوائيات» مشكلة عقارية تهدد الأمن في الأردن

منظر عام للعاصمة الأردنية عمان (رويترز)
منظر عام للعاصمة الأردنية عمان (رويترز)

أثارت قضية المساكن العشوائية من خلال «وضع اليد» على أراضي ملكيات خاصة وإقامة مساكن عشوائية منذ أكثر من سبعين عاما، مشكلة بات تهدد الأمن الاجتماعي والسلم الأهلي في الأردن، بعد أن لجأ أصحاب هذه الملكيات إلى القضاء من أجل إنصافهم وإعادة أملاكهم إلى ما كانت عليه.
وأكد مصدر قضائي أردني أنه توجد نحو 15 قضية بذات الموضوع معروضة أمام القضاء بالطلب بإعادة الحال لأراضيهم إلى ما كان عليه في مختلف المناطق. فيما تعيش أكثر من 700 أسرة حالة من القلق والخوف من اضطرارها بالنهاية إلى إخلاء منازلها المقامة منذ سبعين عاما على أراض في حي جناعة بمدينة الزرقاء التي تقع على بعد 23 كيلومترا شمال العاصمة عمان، وهو أقدم أحياء المدينة، بعد أن وجه ورثة أحد الأشخاص إنذارات عدلية بالإخلاء للمنازل المقامة على 28 دونما من أصل 255 دونما هي مجموع أراضي الحي.
وكان حي جناعة تأسس على عجل في ظروف صعبة، وذلك بهدف استقبال اللاجئين في العام 1948 على أرض مملوكة لورثة أحد الأشخاص، وأخرى مملوكة لجمعية الأسرة البيضاء وللدولة، بحسب رئيس لجنة الحي عبد الله بادي الزبن.
وقال الزبن إن إنذارات وصلت إلى السكان تطالبهم إخلاء منازلهم وتسليم الأرض فارغة، مؤكدا أن الحي الذي يسكنه ما يزيد على ثلاثين ألف نسمة هو من أكثر الأحياء اكتظاظا على مستوى البلاد والأقدم إنشاء في الزرقاء. وأضاف أن الأهالي تفاجأوا قبل أيام بأن أحد الأشخاص يدعي ملكيته جزءا من الحي وأن له 28 دونما.
وأوضح الزبن أن هذا الجزء قائم عليه مئات المساكن، ويسكنه الآلاف على اعتبار أن مساحات البيوت في حي جناعة لا تزيد على مائة متر مربع لكل منها.
وأشار داوود الشوابكة، وهو أحد سكان الحي، إلى أن القلق ينتاب الأهالي من هذه المطالبة، داعيا الجهات الرسمية إلى التحرك سريعا من أجل معالجة هذه القضية قبل أن تتطور، وقال إن معظم أهالي الحي تحت خط الفقر، وأن الدولة صرفت على الحي مبالغ كبيرة من خلال اللجنة الملكية للتطوير. وتساءل: «هل يجوز هدم الحي بحجة مطالبة أحدهم بملكية الأرض؟»، وتابع بالقول: «إن الأراضي المطالب بها مسجلة بحجة (ورقة بيع) خارج الإطار القانوني، وليس بسند تسجيل رسمي».
من جهته، تعهد رئيس بلدية الزرقاء المهندس عماد المومني، خلال لقاء تشاوري بين البلدية، واللجنة الشعبية للحي، وفرع نقابة المحامين بالزرقاء بالمساهمة «ما أمكن» لحل هذه القضية التي وصفها بـ«الصحوة الغريبة».
وقال المومني، إن الأمن الاجتماعي والإنساني مهم وضروري في هذا الوقت تحديدا، وأن القانون وجد لخدمة الإنسان، مؤكدا وجود حلول قابلة للتطبيق في حال ثبوت دعاوى الإخلاء؛ منها التعويض المالي. وأضاف أن البلدية تبذل الجهود اللازمة مع الجهات المعنية من أجل إيجاد حل سريع لهذه المشكلة، خصوصا أن الأهالي كانوا محرومين من الماء والكهرباء، وأن البلدية اتخذت قرارا قبل فترة بإيصال الخدمات للمنازل؛ حيث كانت كل خمسة منازل أو ستة أو أقل قائمة على ساعة كهرباء واحدة.
وتساءل المومني: «لماذا تبرز قضية حي جناعة في هذا الوقت تحديدا؟ ولمصلحة من تتم هذه المطالبات؟».
وكان المجلس البلدي سمح قبل عامين لعشرات آلاف الأسر الزرقاوية التي كانت محرومة من تركيب عداد مياه وكهرباء؛ بسبب بناء منازلهم على أراضي أملاك الدولة، ووضع اليد، أو تجاوز البناء في المساكن الشعبية، بمنحهم عدم ممانعة «إذن أشغال».
واستند المجلس على أحكام نظام الأبنية والتنظيم، فشكل لجنة من مديريات البلدية المختصة، التي أوصت بدورها بالموافقة على منح هذه المنازل التي ظلت محرومة لعقود من الحصول على ساعتي مياه أو كهرباء بوصفها أبنية مخالفة، لاسيما في حي جناعة.
وكان وكيل ورثة أحد ملاك قطعة الأرض المقام عليها جزء من الحي، المحامي ليث الشمايلة، قال في تصريحات صحفية سابقة، إن موكليه يمتلكون 28 دونما من أراضي القطعة 18، حوض السكة 1، أقام عليه الموجه إليهم الإنذارات منشآت سكنية وشققا دون وجه حق، لافتا إلى أن القانون ينص على إزالة أي جزء مخالف في حال ثبوت التعدي. وأضاف أن موكليه على استعداد لحل القضية، وأنه حاول منذ أشهر التوصل إلى حل لإنهاء الخلاف، لكنه لم يجد تجاوبا.
من جهته قال رئيس فرع نقابة المحامين في الزرقاء رزق شقيرات، إن النقابة سوف تدفع عبر القنوات السياسية والنقابية أن تكون الحكومة طرفا ثالثا بهذه القضية، وإن المحامين في الزرقاء سيكون لها يدا في هذه القضية، التي تشكل قضية رأي عام.
وفي قضية متشابهة، شكلت هاجسا مقلقا لقاطني ومستثمري منطقة الجبيهة في عمان، والذين يتجاوز عددهم أكثر من 25 ألف نسمة، قررت محكمة الاستئناف ردا على كتاب موجه من دائرة الأراضي والمساحة إلى المحكمة بعد اتهامات بالتلاعب وتزوير في توقيع أحد المالكين لأراضي المنطقة، أن إبطال عقود البيع يكون في حدود الأملاك التي جرى عليها التزوير، وأنه إذا استحال تنفيذ القرار من قبل دائرة الأراضي والمساحة على أرض الواقع، فإنه يتم التوقف عن تنفيذه، ويتم تنفيذ القرار بصورة نقدية لا بصورة عينية، أي أنه لا بطلان لعقود الأراضي، كما جاء في القرار.
وفي قضية أخرى، رفض القضاء الأردني إزالة أحد المخيمات الفلسطينية، وجاء ذلك في قرار لقاضي محكمة بداية حقوق جرش راتب الطعاني؛ حيث رفض إزالة المخيمات المقامة على أراضي مواطنين أو الحكم بتكاليف تلك الإزالة، وقرر إلزام الحكومة بدفع أجرة المثل لهؤلاء المواطنين.
ورد القاضي طلب إعادة الحال لما كان عليه إلى هذه القطع قبل إنشاء المخيمات فيها. ويعد القرار من أهم القرارات القضائية في تاريخ الأردن، فهو ينسحب على 13 مخيما يقطنها ما يزيد على مليون لاجئ فلسطيني، هجرهم الاحتلال الإسرائيلي إلى الأردن في عام 1967.
وكان مواطن أقام دعوى ضد الحكومة للمطالبة بإعادة الحال لقطع الأراضي التي يملك حصصا فيها، وبدل أجر المثل عن هذه الحصص التي تقع في مخيم سوف من أراضي محافظة جرش.
وجاء في نص قرار المحكمة أن إعادة الحال لما كان عليها قبل الاعتداء أو الغصب أمر يتطلب إزالة مئات الأبنية والوحدات السكنية التجارية. وقال القرار إن إزالة تلك الأبنية والمنشآت سيؤدي بالضرورة، وبالنظر إلى كثافة ساكني تلك المخيمات، إلى أزمة إنسانية وطنية؛ الأمر الذي قد ينعكس سلبا على الأمن والسلم المجتمعي وحدوث قلاقل وبلبلة وفتن؛ لكون ساكني هذا المخيم هم جزء ومكون رئيسي من النسيج الوطني الذي هو أساس الأمن والسلم المجتمعي للمملكة الأردنية.
لذلك، فإن المحكمة تجد أن «الدعوى في جانب طلب إعادة الحال لقطع الأراضي التي تم عليها مخيم سوف، ومن ضمنها أرض المدعي وحصصه فيها، أو الحكم بتكاليفها، مستوجب للرد».
وعلى الصعيد ذاته، أكد مصدر قضائي أنه يوجد نحو 15 قضية تتعلق بذات الموضوع معروضة أمام القضاء، بالطلب بإعادة الحال لأراضيهم إلى ما كانت عليها.. موضحا أن هذا القرار هو أول قرار يصدر بالموضوع ذاته.



السعودية: توقع «طفرة سكنية» يصحبها تراجع جديد في أسعار العقارات

تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
TT

السعودية: توقع «طفرة سكنية» يصحبها تراجع جديد في أسعار العقارات

تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة

بعد سلسلة من المتغيرات التي شهدها قطاع الإسكان السعودي، يتجه القطاع إلى التوازن مع انخفاض التضخم الحاصل في الأسعار بمختلف فروع القطاع العقاري، وسط مبادرات سعت إليها وزارة الإسكان السعودية؛ الأمر الذي قلص الفجوة بين العرض والطلب خلال السنوات الماضية، حيث حققت الوزارة القيمة المضافة من خلال تلك المبادرات في رفع نسب التملك بالبلاد.
وتوقع مختصان أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من النجاح الحكومي في مجال الإسكان، مشيرين إلى أن المواطن سيجني ثمار ذلك على مستوى الأسعار وتوافر المنتجات، التي تلبي مطالب جميع الفئات. ويمثل هذا النجاح امتداداً لإنجازات الحكومة، في طريق حل مشكلة الإسكان، عبر تنويع المنتجات العقارية وإتاحتها في جميع المناطق، مع توفير الحلول التمويلية الميسرة، والاستفادة بالشراكة مع القطاع الخاص.
وأشار المختصان إلى أن أداء الحكومة، ممثلة في وزارة الإسكان، كان وراء خفض أسعار المساكن بشكل كبير، وذلك بعد أن وفرت للمواطنين منتجات عقارية متنوعة تلبي أذواق جميع المستفيدين من برامج الدعم السكني. وقال الخبير العقاري خالد المبيض إن «وزارة الإسكان تمكنت من إيجاد حلول عقارية ناجعة ومتنوعة، أدت إلى تراجع الأسعار بنسب تشجع جميع المواطنين بمختلف مستوياتهم المادية، على تملك العقارات»، مضيفاً أن «الفترة المقبلة ستشهد مزيداً من النجاح في هذا الجانب».
وتابع: «أتذكر أن أول مشروع تسلمته وزارة الإسكان، كان يتعلق ببناء 500 ألف وحدة سكنية، بقيمة 250 مليار ريال (133.3 مليار دولار)، ما يعني أن قيمة الوحدة السكنية 500 ألف ريال (133.3 ألف دولار). أما اليوم، فقد تمكنت الوزارة من إيجاد وحدات جاهزة بقيمة تصل إلى نصف هذا المبلغ وهو 250 ألف ريال (66.6 ألف دولار)»، لافتاً إلى أن «الفرد يستطيع الحصول على هذه الوحدات بالتقسيط، مما يؤكد حرص البلاد على إيجاد مساكن لجميع فئات المجتمع السعودي».
وأضاف المبيض: «تفاوت أسعار المنتجات العقارية يمثل استراتيجية اتبعتها الوزارة في السنوات الأخيرة، ونجحت فيها بشكل كبير جداً». وقال: «أثمرت هذه السياسة زيادة إقبال محدودي الدخل على تملك المساكن، بجانب متوسطي وميسوري الدخل الذين يقبلون على تملك مساكن ومنازل وفيلات تناسب قدراتهم المادية، وهذا يُحسب لوزارة الإسكان ويمهد لإنهاء مشكلة السكن التي لطالما أرقت المجتمع في سنوات ماضية».
وتوقع الخبير العقاري أن تشهد المرحلة المقبلة طفرة في قطاع الإسكان. وقال: «يجب أن نضع في الاعتبار أن منتجات الوزارة التي تعلن عنها تباعاً، تحظى بإقبال الأفراد كافة، لا سيما أنها تراعي خصوصية الأسرة السعودية، كما أنها تلبي احتياجاتها في الشكل والمساحات».
وأضاف: «تمكنت الوزارة من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة، ومنازل مستقلة، وفيلات، ومنح أراضٍ وقروض لمن يرغبون في البناء بأنفسهم». وتابع «كل هذه الخيارات وفرتها الوزارة في صورة مبادرات متعددة، موجودة في برنامج (سكني)، وروجت لها بشكل جيد، ووصلت بها إلى المواطنين».
من جانبه، رأى المحلل الاقتصادي علي الجعفري أن شراكة الوزارة مع شركات العقار السعودية تمثل خطوة استراتيجية تُحسب للحكومة في السنوات الأخيرة. وقال: «إحقاقاً للحق؛ أضاعت الوزارة عقب تأسيسها، بعض الوقت والجهد للبحث عن آليات تمكنها من بناء 500 ألف وحدة سكنية، لكنها عوضت ذلك بالشراكة مع القطاع الخاص».
وأضاف الجعفري: «الوزارة في بداية عهدها لم تتعاون مع شركات التطوير العقاري السعودية لتنفيذ مشاريع السكن، ولو أنها سارعت بهذا التعاون، لكان لدينا اليوم عدد كبير من المنتجات العقارية التي تساهم في حل مشكلة السكن».
واستطرد: «الوزارة تداركت في السنوات الأخيرة هذا الأمر، واعتمدت على شركات التطوير السعودية، التي أصبحت بمثابة الذراع التنفيذية لتصورات الحكومة وتوجهاتها لحل مشكلة السكن»، مضيفاً: «اليوم الوزارة ترتكن إلى حزمة من المبادرات النوعية، التي وفرت كثيراً من التنوع في المنتجات العقارية، وهو ما أشاع جواً من التفاؤل بإمكانية حل مشكلة السكن في المملكة في وقت وجيز».
وأكد الجعفري ثقته باستمرار نجاح البلاد في إدارة ملف الإسكان. وقال: «أنا واثق بأن مؤشرات السكن اليوم أفضل بكثير منها قبل 8 سنوات مضت، بعد طرح الوزارة آلاف المنتجات العقارية وتسليمها إلى مستحقيها، بل ودخول عدد كبير منها إلى حيز الاستخدام».
وختم الجعفري: «نجاحات وزارة الإسكان تحقق مستهدفات (رؤية المملكة 2030)، خصوصاً فيما يتعلق بالوصول إلى نسبة تمليك بين المواطنين تصل إلى 70 في المائة» على حد وصفه.
وكانت «مؤسسة النقد السعودي (ساما)» أشارت إلى أن عقود التمويل العقاري السكني الجديدة للأفراد واصلت صعودها لشهر يناير (كانون الثاني) الماضي، مسجلة أعلى معدلات إقراض في تاريخ البنوك السعودية من حيث عدد العقود ومبالغ التمويل بنحو 23 ألفاً و668 عقداً مقارنة بنحو 9 آلاف و578 عقداً في يناير 2019، من إجمالي القروض العقارية السكنية المُقدمة من جميع الممولين العقاريين من بنوك وشركات التمويل.
وأوضح التقرير الخاص بـ«ساما» أن النمو في عدد عقود التمويل العقاري السكني وصل لنحو 147 في المائة مقارنة مع يناير 2019، فيما سجل حجم التمويل العقاري السكني الجديد في يناير 2020، نمواً بمقدار 112 في المائة مقارنة بالشهر نفسه من عام 2019، والذي سجل نحو 4.766 مليار ريال (1.270 مليار دولار)، كما سجلت قروض يناير السكنية ارتفاعاً بنسبة اثنين في المائة عن الشهر السابق ديسمبر (كانون الأول) 2019، والذي وصل حجم التمويل خلاله إلى نحو 9.86 مليار ريال (2.6 مليار دولار)، فيما ارتفع عدد العقود بنسبة 1.5 في المائة عن شهر ديسمبر 2019، والذي شهد توقيع نحو 23 ألفاً و324 عقداً.
وأشار التقرير إلى أنه تم إبرام 94 في المائة من قيمة هذه العقود عن طريق البنوك التجارية، بينما أبرمت 6 في المائة منها عن طريق شركات التمويل العقاري، فيما بلغ عدد عقود المنتجات المدعومة من خلال برامج الإسكان في شهر يناير 2020 عن طريق الممولين العقاريين 22 ألفاً و432 عقداً وبقيمة إجمالية بلغت 9.4 مليار ريال (2.5 مليار دولار).