ناخبو دارفور يتوجهون لصناديق الاقتراع لتحديد مصير الإقليم

المعارضة تحذر منه.. وواشنطن تشكك في مصداقيته

ناخبو دارفور يتوجهون لصناديق الاقتراع لتحديد مصير الإقليم
TT

ناخبو دارفور يتوجهون لصناديق الاقتراع لتحديد مصير الإقليم

ناخبو دارفور يتوجهون لصناديق الاقتراع لتحديد مصير الإقليم

توجه الناخبون في إقليم دارفور السوداني أمس إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في الاستفتاء الإداري، المنصوص عليه في وثيقة الدوحة للسلام في دارفور، من أجل الاختيار بين البقاء ضمن الولايات الحالية، أو العودة لنظام الإقليم الواحد كما كان سائدًا من قبل، رغم انتقادات الأسرة الدولية ومقاطعة المعارضة.
ورغم استمرار الاضطرابات في المنطقة، فإن الرئيس السوداني عمر البشير أصر على إجراء هذا الاقتراع، وعلى الرغم من أن مفوضية الانتخابات قد أعلنت في وقت مبكر أنها سجلت أكثر من 3.5 مليون مقترع، فإن حكومة الولايات المتحدة الأميركية أبدت قلقها من إجراء استفتاء دارفور في الوقت الحالي، بوصفه أمرا لا يعبر عن إرادة السودانيين ويسهم في تقويض عملية السلام الجارية في البلاد لقلة أعداد المسجلين والناخبين.
ونصت اتفاقية الدوحة للسلام في دارفور، الموقعة بين الحكومة و«حركة التحرير والعدالة» في يوليو (تموز) 2011، على أن يقرر سكان دارفور وضعها الإداري، وأن يقترع المواطنون على خياري إبقاء نظام الولايات الخمس المكونة للإقليم، أو العودة لنظام الإقليم الواحد كما كان سائدًا من قبل.
وكانت منطقة دارفور إقليما واحدًا حتى 1994 حين قسمتها حكومة الرئيس عمر البشير إلى ثلاث ولايات، ثم زادت عدد الولايات في 2012 لتصبح خمس ولايات، وتختلف الأطراف الدارفورية بما فيها الموقعة على اتفاقية سلام الدوحة حول دعم خيار الإقليم الواحد أو خيار الولايات الخمس، فيما يؤيد الموالون للحزب الحاكم نظام الولايات الحالي.
وأعلن حكام ولايات دارفور الخمس قبل 3 أيام اكتمال العمليات الفنية والمالية والإدارية والأمنية لإجراء الاستفتاء في موعده، وأكدوا وضع خطط تفصيلية لإنجاح عملية الاقتراع، فيما توقعت ندوة مشتركة بين الاتحاد العام للمرأة السودانية والاتحاد العام للصحافيين، أقيمت في الخرطوم، أن تسهم المرأة في الاستفتاء بشكل كبير، علما بأن المرأة السودانية تشارك في العادة بكثافة في عمليات الاقتراع، بل يفوق حضورها الرجال بنسب كبيرة، كما تعد أكبر قوة ناخبة في البلاد.
من جهتها، وزعت السفارة الأميركية في الخرطوم بيانًا صادرًا عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر، حصلت «الشرق الأوسط» على نصه، قال فيه إن عدم استتباب الأمن في الإقليم والتسجيل غير الكافي لسكان الإقليم من النازحين لا يتيح المشاركة الكافية.
وتتفق قوى المعارضة الدارفورية المسلحة والمدنية على رفض إجراء الاستفتاء في الوقت الحالي؛ إذ قال المتحدث باسم حركة العدل والمساواة السودانية المسلحة جبريل آدم بلال لـ«الشرق الأوسط» إن أي استفتاء يستلزم توفر أوضاع أمنية وإنسانية وسياسية مستقرة، وأن يقوم وفقًا لتوافق الأطراف كافة، و«نظرا لعدم توفر هذه الأوضاع، فإن الحركة تعده استفتاء باطلاً»، وقال إنها غير ملتزمة بنتائجه، وأضاف بهذا الخصوص: «ندعو أهل دارفور للابتعاد عن هذه العملية معروفة النتيجة مسبقًا، فلو أن 90 في المائة من أهل دارفور لم يشاركوا في الاقتراع، فستأتي نتيجته وفقا لما ترغب فيه الحكومة والأجهزة الأمنية، وهو خيار الولايات الحالية».
وتتطابق وجهة نظر «العدل والمساواة» مع ما جاء في بيان الخارجية الأميركية الذي يقول إنه «ليس واضحًا كيف سيجرى الاستفتاء في معسكرات النازحين التي تحرسها دوريات من قوات حفظ السلام (يوناميد)، وغالبية المقيمين فيها من المعارضين للحكومة»، وهو ما أشار إليه بلال بقوله: «كيف نطلب من 3.2 مليون نازح الإدلاء بأصواتهم في وقت لا يتمتعون فيه بالحق الأساسي، وهو حق الحياة وحق العودة إلى مناطقهم الأصلية».
وانتقد بيان الخارجية الأميركية منع مفوضية الاستفتاء سكان إقليم دارفور المقيمين خارج الإقليم من حقهم في التصويت، واعتبارهم غير مؤهلين، وقال إنه تهميش للملايين من سكان الإقليم من النازحين واللاجئين.
وترفض حركة «جيش تحرير السودان» بشقيها؛ «عبد الواحد محمد النور» و«منّي أركو مناوي»، قيام الاستفتاء في ظل هذه الظروف؛ إذ نقلت تصريحات صحافية عن مساعد رئيس الحركة، أبو عبيدة الخليفة، القول إن استفتاء دارفور «يمهّد لتفتيت حقوق القبائل التاريخية في الحواكير (مضارب القبائل) بحجة حدود الولايات»، وإنه سيقود لمزيد من الاقتتال والحروب القبلية في الإقليم، الذي تنهكه الحروب بين الحركات المسلحة والجيش السوداني والحروبات القبلية.
وعدّ الخليفة الاستفتاء باطلاً لأسباب إجرائية تتمثل في عدم استقرار الإقليم، الذي يقيم نصف سكانه في معسكرات النزوح واللجوء، ولأنه استفتاء معد سلفًا من طرف واحد هو النظام الحاكم، حسب تصريحاته.
ووصف بيان مساعد وزير الخارجية الأميركية الاستفتاء بأنه لا يمكن أن يكون معبرًا عن إرادة شعب دارفور، في ظل الشروط والبنود المحيطة بالأوضاع في الإقليم حاليًا، وقال إن قيامه يهدد بتقويض عملية السلام الجارية حاليًا.
من جهتها، تقول مفوضية الاستفتاء إنها تتوقع إقبالاً عاليًا على الاقتراع، بعد أن قامت بتسجيل أكثر من 3.5 مليون ناخب، من جملة السكان البالغ عددهم أكثر من 4.5 مليون نسمة. وقد تعهدت المفوضية بإجراء الاستفتاء في محليات الإقليم البالغة 65 محلية، بما في ذلك منطقة «جبل مرة» التي تشهد عمليات عسكرية بين القوات الحكومية وقوات «حركة تحرير السودان» منذ منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي، أدت لحركة نزوح جديدة قدرتها الأمم المتحدة بأكثر من 130 ألف نازح.
وقال بيان تونر إن السلام الدائم في السودان «سيتحقق فقط من خلال عملية سياسية تعالج الأسباب الكامنة وراء الصراع في دارفور، وتضمن وقفا مستديما للأعمال العدائية، وخلق مساحة للمشاركة الفعالة للجماعات الدارفورية وكل السودانيين في حوار وطني شامل وحقيقي». وتعهدت حكومة الولايات المتحدة الأميركية، وفقًا للبيان، باستمرار دعم السودانيين الراغبين في تعزيز الحكم السلمي وتحقيق الاستقرار في البلاد على المدى الطويل.
وقال رئيس مفوضية الاستفتاء الإداري لدارفور عمر علي جامع، في تصريحات، إن الناخبين سيتوجهون إلى 1450 مركزًا للاقتراع، ضمن 2715 لجنة انتخابية. ووفقًا للمفوضية، فإن عددا من الدول؛ من بينها الصين وروسيا وتركيا وكينيا، والجامعة العربية، والاتحاد الأفريقي، ستشارك في مراقبة الانتخابات، موضحة أن 18 مراقبًا منها سيراقبون الاقتراع، فيما تشارك 95 منظمة محلية في عمليات المراقبة.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.