أوكرانيا تتجه نحو تشكيل حكومة جديدة موالية للغرب بعد استقالة رئيس الوزراء

في ظل وضع سياسي معقد يهيمن عليه الخلاف مع روسيا وأزمة اقتصادية حادة

أوكرانيا تتجه نحو تشكيل حكومة جديدة موالية للغرب بعد استقالة رئيس الوزراء
TT

أوكرانيا تتجه نحو تشكيل حكومة جديدة موالية للغرب بعد استقالة رئيس الوزراء

أوكرانيا تتجه نحو تشكيل حكومة جديدة موالية للغرب بعد استقالة رئيس الوزراء

بدأت الاتصالات، أمس، في أوكرانيا لتشكيل حكومة جديدة تكون موالية للغرب، بعد الإعلان عن استقالة رئيس الوزراء أرسيني ياتسينيوك، على أثر أزمة سياسية أدت إلى إصابة عمل الحكومة بالشلل.
وسيرث رئيس الحكومة الجديد وضعا معقدا، بسبب الوضع في شرق أوكرانيا الواقع تحت سيطرة الانفصاليين الموالين لروسيا، وبسبب أزمة اقتصادية حادة زاد من تفاقمها تدهور العلاقات مع روسيا، الشريك التجاري الأول لأوكرانيا.
وقد أعلن ياتسينيوك استقالته الأحد الماضي، خلال برنامج تلفزيوني أسبوعي، على أن يوافق البرلمان اليوم على استقالته. ويبدو أن المرشح الأوفر حظا لخلافته هو رئيس البرلمان، فولوديمير غرويسمن. وكان ياتسينيوك قد تعرض لانتقادات حادة بسبب عدم تمكنه من إقرار الإصلاحات الموعودة، ولاتهامه بالدفاع عن مصالح الأقلية الحاكمة.
من جهته، قال الرئيس بترو بوروشنكو أمس: «أتوقع أن يكون غرويسمن، لكني سأعمل مع أي رئيس للوزراء». أما غرويسمن الذي أعلن في السابق استعداده لتسلم منصب رئيس الوزراء، فأشاد بقرار ياتسينيوك. ونقلت عنه وكالة «إنترفاكس – أوكرانيا» قوله «إنها خطوة مدروسة، ولم تكن سهلة بالتأكيد، لكنها تستحق الاحترام».
ودعا رئيس البرلمان بعد ذلك إلى تشكيل ائتلاف جديد في البرلمان «يكون قادرا على تأليف حكومة إصلاحية جديدة واختيار رئيس للوزراء». وتفتح استقالة أرسيني ياتسينيوك في الواقع الطريق إلى حكومة جديدة بالكامل في أوكرانيا، التي يتعين عليها مع ذلك الاستمرار في السياسة نفسها الموالية للغرب.
ويقول الخبراء ووسائل الإعلام الأوكرانيون إن أحد أبرز التغييرات ستشمل وزيرة المال الأميركية الأصل ناتالي جاريسكو، التي سبق أن دعا كثيرون إلى استقالتها.
وتأتي استقالة أرسيني ياتسينيوك (41 عاما) الذي أكد أنه بذل كل ما في وسعه «لتأمين استقرار البلاد وإجراء العملية الانتقالية بأكبر قدر ممكن من الهدوء»، بعد أشهر من الاستياء في أوكرانيا، بسبب تأخر الإصلاحات الموعودة وفضائح الفساد التي لطخت المقربين منه.
وقد نجا قبل أقل من شهرين من تصويت على حجب الثقة في البرلمان. وخاطب ياتسينيوك رجال السياسة الأوكرانيين الأحد بقوله إن «الأزمة السياسية في أوكرانيا مصطنعة. والرغبة في استبدال رجل (ياتسينيوك) أعمت رجال السياسة في البلاد، وأعاقت رغبتهم في إحداث تغييرات حقيقية في البلاد». ولم يتفوه بكلمة حتى الآن عن الدور الذي ينوي الاضطلاع به في السياسة الأوكرانية بعد استقالته.
وكان ياتسينيوك الذي اختير رئيسا للحكومة في فبراير (شباط) 2014 في خضم نجاح حركة الميدان الموالية لأوروبا، يحظى في البداية بتعاطف البلدان الغربية، فهو يتحدث بطلاقة اللغة الإنجليزية، وقد خرج عن سياسة أسلافه الذين كانوا يؤيدون السياسات السوفياتية.
وخلال اتصال هاتفي أول من أمس (الأحد)، وجه إليه نائب الرئيس الأميركي جو بايدن «الشكر» على «شراكته خلال فترة تاريخية لأوكرانيا»، كما جاء في بيان. وفيما تواجه كييف أزمة اقتصادية بالغة الحدة، أتاحت له سياسة التقشف على صعيد الموازنة الحصول على دعم ضروري من صندوق النقد الدولي.
وقد لامست مواقفه المناهضة للروس ودفاعه عن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وهي فكرة حصلت على تأييد شعبي كبير منذ 2014 في أوكرانيا، الوتر القومي لشريحة كبيرة من المواطنين، وأتاحت لحزبه (الجبهة الوطنية) تصدر النتائج على قاعدة النسبية خلال الانتخابات النيابية أواخر 2014. إلا أن شعبيته تراجعت، وحصل على 8 في المائة فقط من نسبة التأييد في استطلاعات الرأي الأخيرة، وتفتت التحالف الذي شكله مع الرئيس بترو بوروشنكو. وفي فبراير 2016. تخلى عنه رئيس الدولة الذي دعا إلى استقالته.



زيلينسكي يرى أن فصلاً جديداً يبدأ لأوروبا والعالم بعد 11 يوماً فقط مع تنصيب ترمب

فولوديمير زيلينسكي في اجتماع «مجموعة الاتصال» (أ.ب)
فولوديمير زيلينسكي في اجتماع «مجموعة الاتصال» (أ.ب)
TT

زيلينسكي يرى أن فصلاً جديداً يبدأ لأوروبا والعالم بعد 11 يوماً فقط مع تنصيب ترمب

فولوديمير زيلينسكي في اجتماع «مجموعة الاتصال» (أ.ب)
فولوديمير زيلينسكي في اجتماع «مجموعة الاتصال» (أ.ب)

عدَّ الرئيس الأوكراني أنه من الواضح أن فصلاً جديداً يبدأ لأوروبا والعالم بأسره بعد 11 يوماً فقط من الآن، أي 20 يناير (كانون الثاني) الحالي يوم تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، قائلاً: «هو الوقت الذي يتعين علينا فيه التعاون بشكل أكبر»، و«الاعتماد على بعضنا بعضاً بشكل أكبر، وتحقيق نتائج أعظم معاً... أرى هذا وقتاً للفرص».

الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك (أ.ب)

وقال فولوديمير زيلينسكي إن النشر المحتمل لقوات الدول الشريكة في أوكرانيا «هو من أفضل الأدوات» لإجبار روسيا على السلام، مطالباً في كلمة خلال اجتماع الخميس في ألمانيا لـ«مجموعة الاتصال» التي تضم أبرز حلفاء كييف في قاعدة رامشتاين العسكرية في ألمانيا: «دعونا نكن أكثر عملية في تحقيق ذلك».

وعدّ زيلينسكي أن انتشار قوات غربية في أوكرانيا سيساعد «في إرغام روسيا على السلام»، ورأى أيضاً أن أوروبا تدخل «فصلاً جديداً» من التعاون وستتاح لها «فرص جديدة» مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في وقت لاحق من هذا الشهر، في حين أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الخميس، حزمة مساعدة عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار خلال الاجتماع.

زيلينسكي مع وزير الدفاع الألماني (أ.ب)

ولم يحدد زيلينسكي ما إذا كان يتحدث عن إرسال الغرب قوات قتالية أو قوات حفظ سلام جزءاً من أي تسوية لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو ثلاث سنوات.

ومنذ أسابيع، تكثر التكهنات حول شروط مفاوضات سلام في المستقبل، إذ إن دونالد ترمب وعد بوضع حد للحرب «في غضون 24 ساعة» من دون أن يحدد كيفية القيام بذلك. إلا أن الرئيس الأميركي المنتخب عاد وعدل من توقعاته لإنهاء الحرب قائلاً إنه يأمل أن يتم ذلك خلال ستة أشهر من تنصيبه رئيسا في 20 يناير الحالي.

وفي ظل هذه الأوضاع، تكبَّدت أوكرانيا ضربة جديدة، الاثنين، مع تصريحات صادرة عن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي دعا الأوكرانيين «إلى مناقشات واقعية حول المسائل المتعلقة بالأراضي» لإيجاد تسوية للنزاع، محذراً من عدم وجود «حل سريع وسهل». حتى بولندا الداعم الكبير لكييف، فتحت الباب على لسان وزير خارجيتها أمام احتمال حصول تنازلات عن أراضٍ «بمبادرة من أوكرانيا».

وتطالب موسكو أن تتخلى كييف عن أربع مناطق تسيطر عليها روسيا جزئياً. فضلاً عن القرم التي ضمتها في 2014، وأن تعزف عن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي. وهي شروط يعدّها زيلينسكي غير مقبولة.

وما زالت تسيطر روسيا على نحو 20 في المائة من الأراضي الأوكرانية حتى الآن في حين سرعت تقدمها في شرقها في الأشهر الأخيرة.

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الخميس، حزمة مساعدة عسكرية جديدة لأوكرانيا. وأوضح أوستن أن الحزمة تتضمن «صواريخ إضافية لسلاح الجو الأوكراني ومزيداً من الذخائر، وذخائر أرض - جو وعتاداً آخر لدعم طائرات (إف - 16) الأوكرانية». وشدد على أن «القتال في أوكرانيا يعنينا جميعاً».

فولوديمير زيلينسكي مع لويد أوستن (أ.ب)

في ظل إدارة جو بايدن، شكلت الولايات المتحدة الداعم الأكبر لكييف في تصديها للغزو الروسي موفرة مساعدة عسكرية تزيد قيمتها عن 65 مليار دولار منذ فبراير (شباط) 2022. وتلي واشنطن في هذا المجال، ألمانيا الداعم الثاني لكييف مع 28 مليار يورو. لكن ذلك، لم يكن كافياً لكي تحسم أوكرانيا الوضع الميداني بل هي تواجه صعوبة في صد الجيش الروسي الأكثر عدداً، لا سيما في الجزء الشرقي من البلاد.

وأكدت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، الخميس، أن الاتحاد الأوروبي «مستعد» لقيادة جهود الدعم العسكري لأوكرانيا «في حال لا تريد الولايات المتحدة القيام بذلك». وشددت كالاس كذلك قبل اجتماع المجموعة على أنها «على ثقة» بأن واشنطن «ستواصل دعمها لأوكرانيا». وأضافت: «مهما كانت هوية رئيس الولايات المتحدة ليس من مصلحة أميركا أن تكون روسيا القوة العظمى الأكبر في العالم». وتابعت كالاس: «الاتحاد الأوروبي مستعد أيضاً لتولي هذه القيادة إذا لم تكن الولايات المتحدة مستعدة للقيام بذلك».

وفي حديثها للصحافيين، كما نقلت عنها وكالات عدّة، قالت إنه في هذه المرحلة «لا ينبغي لنا حقاً التكهن» بشأن الدعم الأميركي المستقبلي، لافتة إلى أن الولايات المتحدة لديها مصالح كبيرة في أوروبا. وأصرت كالاس: «أنا متأكدة من أنه (عندما) تتولى القيادة منصبها، فإنها تستطيع أيضاً رؤية الصورة الأكبر».

كما استغل زيلينسكي اللقاء «لحث» حلفاء أوكرانيا على مساعدة كييف في بناء «ترسانة من الطائرات المسيّرة» لاستخدامها ضد القوات الروسية على الخطوط الأمامية وخارجها. وشدد على أن «الطائرات المسيّرة هي أمر غير بالفعل طبيعة الحرب (...) المسيّرات تردع العدو، تبقيه على مسافة».

جاءت هذا التصريحات بعد إعلان الجيش الأوكراني الأربعاء أنه ضرب ليلاً مخزن وقود في روسيا يقع على بعد 500 كيلومتر من الحدود بين البلدين، قال إن سلاح الجو يستخدمه لقصف أوكرانيا.

كما وصف زيلينسكي هجوم قواته على منطقة كورسك الغربية في روسيا بأنه أحد «أكبر انتصارات أوكرانيا، ليس فقط في العام الماضي، لكن طوال الحرب».

وأعلنت موسكو نهاية الأسبوع أنها صدت هجوماً أوكرانياً جديداً في منطقة كورسك الروسية الحدودية، حيث تسيطر القوات الأوكرانية على مئات الكيلومترات المربّعة منذ الهجوم الذي شنّته في أغسطس (آب) 2024. ولم يعلق زيلينسكي على ذلك.

أعلنت القوات الجوية الأوكرانية، في بيان عبر تطبيق «تلغرام»، الخميس، أن الدفاعات الجوية الأوكرانية أسقطت 46 من أصل 70 طائرة مسيَّرة معادية أطلقتها روسيا على الأراضي الأوكرانية الليلة الماضية.

أعلن إيفان فيديروف، حاكم مدينة زابوريجيا الأوكرانية، الخميس، أن 113 شخصاً على الأقل أصيبوا في هجوم روسي بالقنابل الانزلاقية على المدينة الواقعة بجنوب أوكرانيا. وأضاف فيديروف عبر تطبيق «تلغرام» أن 59 شخصاً يعالَجون في المستشفى بعد الهجوم الذي وقع عصر الأربعاء، وخلف 13 قتيلاً.

وبحسب السلطات الأوكرانية، نفذ الهجوم باستخدام قنبلتين تزنان 500 كيلوغرام واستهدف موقعاً صناعياً. وأظهرت الصور ومقاطع الفيديو دماراً عند مصنع «موتور سيش» لمحركات الطائرات الذي ينتج أيضا مسيَّرات للجيش الأوكراني.

وقالت السلطات إن أضراراً لحقت بأربعة مبانٍ إدارية ونحو 30 سيارة إلى جانب ترام. وتقع المدينة على مسافة 30 كيلومتراً فقط من خط الجبهة بين القوات الروسية والأوكرانية.

وتسقط المقاتلات الروسية القنابل الانزلاقية على الأراضي التي تسيطر عليها روسيا على مسافة آمنة من الدفاعات الجوية الأوكرانية ثم يتم توجيهها لهدفها. والأهداف ليس لديها تقريباً أي دفاع ضدها.