الكتل السياسية تفشل خطط الإصلاح الحكومي في العراق

تمهد لتسويف المدد الزمنية بتقديم مرشحيها للكابينة المقترحة

الكتل السياسية تفشل خطط الإصلاح الحكومي في العراق
TT

الكتل السياسية تفشل خطط الإصلاح الحكومي في العراق

الكتل السياسية تفشل خطط الإصلاح الحكومي في العراق

رغم تكرار نفي مكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أو المقربين منه بعدم صحة التسريبات التي تم تداولها مؤخرا بوصفها أسماء المرشحين للكابينة الوزارية الجديدة التي ينوي البرلمان التصويت عليها اليوم فقد مهدت الكتل السياسية لتسويف المدد الزمنية الخاصة بتشكيل الحكومة والبالغة عشرة أيام والهيئات المستقلة، وإنهاء ملف إدارة الدولة بالوكالة والبالغة شهرا.
فخلال اجتماعها الأخير والذي قاطعته عدة كتل وقوى سياسية بسبب خلافاتها البينية لم تتوصل الرئاسات الثلاث إلى الصيغة النهائية لطبيعة الحكومة المقبلة والتي يراد لها الجمع بين جماعة التكنوقراط الفني الذين تضمنهم الظرف المغلق للعبادي الذي سلمه إلى البرلمان قبل عشرة أيام وبين جماعة التكنوقراط السياسي الذي يتعين على الكتل السياسية ترشيحهم من قبلها. وفي وقت أعلن فيه تحالف القوى العراقية (الكتلة السنية في البرلمان العراقي) عن تقديمه أسماء مرشحيه إلى رئيس الوزراء حيدر العبادي أول من أمس، فإن التحالف الكردستاني الذي استبق التغييرات بزيارة قام بها رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني تزامنت مع زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى بغداد لم يقدم أسماء مرشحيه بسبب معارضته العبور على مبدأ المحاصصة من خلال تمسكه بنسبة الـ20 في المائة للمكون الكردي من المناصب والمواقع في الدولة.
وكان اجتماع الرئاسات الثلاث قد حدد مع نهاية المهلة المقررة للتصويت على الوزراء الجدد آليات وضوابط الترشيح للحكومة الجديدة والهيئات المستقلة ووكلاء الوزارات والمديرين العامين، بالإضافة إلى العودة إلى صيغة قديمة طالما أثارت جدلا داخل الأوساط السياسية وهي العمل على تأسيس مجلس للسياسات الاستراتيجية العليا.
وقال بيان رئاسي إن المجتمعين أكدوا: «الحرص على تغليب المصلحة الوطنية العليا ومواجهة التحديات على مستوى الأمن وتوفير الخدمات وتحقيق تطلعات العراقيين لإنجاز النصر النهائي على تنظيم داعش الإرهابي، فضلاً عن ضمان عودة آمنة وكريمة للنازحين والبدء بعمليات إعادة الأعمار، كما بحثوا سبل تطبيق الإصلاحات السياسية والأمنية والاقتصادية على وفق خطط استراتيجية تنسجم واحتياجات العراقيين لتجاوز الأزمة الحالية». كما ناقش المجتمعون «آليات تقديم المرشحين للتشكيلة الوزارية المقبلة، بما يضمن مبدأ الشراكة الوطنية واختيار من تنطبق عليه شروط الكفاءة والأمانة، وآليات الترشيح لقيادات الهيئات المستقلة ووكلاء الوزارات والمديرين العامين، بعيدًا عن المحاصصة السياسية والمحسوبيات». كما ناقش الاجتماع سبل «تشكيل مجلس سياسي استشاري لمناقشة الاستراتيجيات العليا للبلاد وفك الاحتقانات السياسية، فضلاً عن العمل على إنجاز حزمة من القوانين والتشريعات المهمة خلال مدة محدودة».
وفي هذا السياق أكد الدكتور نديم الجابري السياسي العراقي المستقل والأمين العام السابق لحزب الفضيلة أن «فكرة الإصلاح لدى الطبقة السياسية لا تزال تدور في فضاء خيالي لا يقف على أرضية صلبة». وقال الجابري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «في الوقت الذي تفقد فيه الدولة العراقية مقومات وجودها نجد أن القوى السياسية تبحث عن إصلاح للعملية السياسية، وفي الوقت الذي تفرض فيه عملية إصلاح العملية السياسية حلولا جوهرية فإن القوى السياسية أقصى ما تستطيع الوصول إليه هي الحلول الترقيعية وهو ما يعني إننا سنستمر في متاهة يصعب الخروج منها، وسوف تؤثر على بناء الدولة ككل» مؤكدا أن «ما بين الإصلاح ومنهج القوى السياسية بون واسع ليس من السهل تخطيه أو تجاوزه».
في السياق نفسه، رفضت الكتل السياسية المقترحات التي كان قدمها العبادي في إطار خطة الإصلاح الحكومي والتي تقضي بدمج عدد من الوزارات بما يقلص الوزارات من 22 وزارة إلى 17. وقالت مصادر مقربة من مكتب العبادي إن الأخير تعرض لضغوط كبيرة من قبل بعض الكتل السياسية التي لم يسمها لإرجاع الكابينة الوزارية إلى 22 وزارة بدلا من كابينة العبادي الجديدة التي تتشكل من 17 وزارة. وطبقا لهذه المصادر فإن «أغلب القوى السياسية تمارس تضليلا إعلاميا كبيرا للشارع العراقي من خلال إعلان تأييدها لإصلاح شامل، فيما تطالب بزيادة عدد الكابينة الوزارية إلى 22 بدلا من 17 لضمان حصولها على مناصب حكومية في الحكومة المرتقبة»، لافتة إلى أن «العبادي أبلغ جميع الكتل السياسية بعدم ممانعته من ترشيحها للوزراء، ولكن يجب أن يكونوا من الأكفاء وأفضل مما لدى قائمة العبادي».
من جانبه، أكد عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية أحمد مدلول الجربا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المشكلة تكمن في أن العبادي متردد وهذه من المسائل السلبية، حيث إنه في واقع الأمر ليس أمامه سوى خيارين لا ثالث لهما وهما إما أن يأتي (اليوم) إلى البرلمان ويقول هذه كابينتي ولن أختار غيرها وأتحمل أنا وحدي مسؤولية نجاحها أو فشلها، وإما يرضخ لضغوط الكتل السياسية مما يجعله كبش فداء في النهاية، حيث إنه في حال تحقق نجاح سوف ينسبه كل طرف لنفسه، وفي حال الفشل سيحمل الجميع العبادي المسؤولية». وأضاف الجربا أن «غضب الشارع العراقي سيتصاعد مع اقتراب حرارة الصيف، وبالتالي فإنه في حال لم يتحقق شيء وهو الأمر المرجح بسبب عدم وجود جدية، فإن العملية ربما تنتهي إلى سحب الثقة من العبادي».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.