سجالات القصيبي تعود للواجهة مجددا عبر «عين العاصفة»

وثيقة تاريخية لمفاصل في التاريخ العربي

سجالات القصيبي تعود للواجهة مجددا عبر «عين العاصفة»
TT

سجالات القصيبي تعود للواجهة مجددا عبر «عين العاصفة»

سجالات القصيبي تعود للواجهة مجددا عبر «عين العاصفة»

عاد الدكتور غازي القصيبي إلى الواجهة مجددا بعد أكثر من 3 سنوات على رحيله بكتاب يجمع مقالات كتبها الراحل قبل نحو ربع قرن، أظهر فيها صراعه مع عدد من التيارات المتعددة. الكتاب هو «عين العاصفة»، وهو العنوان نفسه الذي كانت تنشر تحته مقالات القصيبي أثناء أزمة الخليج، عام 1990، في صحيفة «الشرق الأوسط»، ونشرته دار «جداول» للنشر والترجمة، بتقديم عثمان العمير رئيس تحرير صحيفة «الشرق الأوسط»، يومذاك.
يقع الكتاب في 385 صفحة، ويغطي ثلاثة أبواب تحتوي على مقالات سياسية، واجتماعية تحت عناوين مثل «عين العاصفة»، و«بعد هبوب العاصفة»، و«على نار هادئة». وهي مقالات تعد في نظر كثيرين وثيقة تاريخية ذات قيمة للمهتمين بالحراك الفكري والثقافي والاجتماعي، في الوطن العربي، والخليج، في فترة التسعينات الميلادية التي شهدت غزو العراق للكويت.
لقد كتب القصيبي تلك المقالات في أجواء تنازعتها الصراعات الفكرية بين مختلف التيارات اليسارية، والقومية، والدينية المتشددة. ومن المعروف أنه خاض معارك شرسة مع ممثلي هذه التيارات المتعددة ودعاتها حاملا سلاحا واحدا هو القلم، واضعا نفسه في فوهة المدفع، وفي عين العاصفة.
يعيد الكتاب الذي عرض في معرض الرياض الدولي للكتاب أجواء هذه السجالات التي أفرزها الغزو العراقي للكويت، الذي هدد القيم الإنسانية الأخلاقية، قبل أن يهدد الأمن القومي لدول الخليج والدول العربية. وبالإضافة إلى سجالاته مع ممثلي وكتاب تيارات آيديولوجية معينة، دخل القصيبي في نقاشات حادة مع مشارب واتجاهات مختلفة، داخلية وخارجية، لا تجمعها رابطة فكرية أو ثقافية، أو حتى سياسية، سوى التعاطف مع الغزو العراقي للكويت من جانب أو رفض الاستعانة بالقوات المتعددة الجنسيات لتحرير الكويت.
وقد أثارت مقالات القصيبي وقتها ردود فعل كثيرة من قبل شيوخ ودعاة وحتى من قبل الدول التي دعمت صدام حسين في غزوه للكويت.
يقول عثمان العمير مقدم الكتاب وناشر «إيلاف» ورئيس تحرير صحيفة «الشرق الأوسط» أثناء أزمة الكويت: «إن أهمية هذا الكتاب تتمثل أولا في أن كاتبه هو الراحل القصيبي نفسه، أما السبب الآخر فهو أن الكتاب يصور مرحلة حساسة ومفصلية من تاريخ الشرق الأوسط والخليج».
ويستذكر العمير أجواء كتابة تلك المقالات بقوله: «فاجأني غازي بفاكس فيه المقال الأول وكان مقالا رائعا أعجبني حقيقة، فقد كنا في حاجة إليه كإعلام خليجي».
ومما جاء أيضا في مقدمة العمير للكتاب قوله: «إن القصيبي كان شديد القسوة ضد خصومه كالرمح، فهو كان يعتقد أنه يخوض معركة انتهت بانتهاء احتلال صدام للكويت.. وكان طريفا دخول القصيبي في حروب الكاسيت ضد خصومه وقتذاك، فقد اتجه غازي إلى تسجيل أشرطة للدفاع عن آرائه تحولت لاحقا إلى كتب، ووقتها كانت أشرطة الكاسيت تنافس مواقع التواصل الاجتماعي اليوم».
من جانبه رأى الرئيس المشارك في دار جداول للنشر والترجمة، محمد السيف، أن «الكتاب يعد واحدا من أهم الكتب التي طبعتها الدار. وعلى الرغم من أنها مرحلة انتهت بخيرها وشرها، ولكن هذه المقالات تُعد وثيقة تاريخية، وكما قال المؤلف غازي القصيبي: إذا كان مطلوبا منا أن نسامح فليس مطلوبا منا أن ننسى».
الكتاب، قسم إلى ثلاثة أبواب. الأول «عين العاصفة»، ويضم مقالات سياسية كتبها القصيبي خلال أربعة أشهر إبان غزو الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين للكويت، في حين يضم الباب الثاني «بعد هبوب العاصفة» عددا من المقالات الاجتماعية أهمها مقالته «قضية القضايا.. وبقية القضايا»، التي رد عليها عائض القرني، وتحدث عنها في خطبة له بجامع الملك خالد في أبها، وهي خطبة مدوّية بعنوان «سهام في عين العاصفة»، وعدها ضربا من ضروب التفاوض على الشريعة، كما عقّب على المقالة نفسها الشيخ ناصر العمر في محاضرة شهيرة بعنوان «السكينة.. السكينة»، وهاجمه سلمان العودة في محاضرة بعنوان «الشريط الإسلامي.. ما له وما عليه»، تضمنت ردودا متعدّدة، أهمها ردّه على مقالة للقصيبي بعنوان «يوميات كاسيت»، مما اضطر القصيبي بعدها إلى إصدار كتاب بعنوان «حتى لا تكون فتنة».
أما الباب الثالث، فجاء بعنوان «على نار هادئة»، وتضمن مقالات من أهمها أيها «الأصوليون الوصوليون من أتباع عبد الله المؤمن»، ومقالة أخرى رد فيها على الأمير الحسن بن طلال.
يشار إلى أن الراحل القصيبي كان ينوي طباعة تلك المقالات على شكل كتاب.



الإسباني لبينيتو بيريز غالدوس... البيروقراطي في متاهته

غالدوس
غالدوس
TT

الإسباني لبينيتو بيريز غالدوس... البيروقراطي في متاهته

غالدوس
غالدوس

رواية «مياو» لبينيتو بيريز غالدوس، التي صدرت في منتصف مسيرته المهنية، بترجمة مارغريت جول كوستا من الإسبانية، 302 صفحة، تصوّر معاناة موظف حكومي بيروقراطي مُسرّح من عمله.

كنت تعرّفتُ على روايات القرن التاسع عشر عندما كنتُ في الحادية عشرة من عمري، وأعيش مع عائلتي في مدريد. لكن القرن التاسع عشر الذي تعرّفتُ عليه لم يكن إسبانياً. وإذا كانت المكتبة الصغيرة للمدرسة البريطانية التي التحقتُ بها قد تضمّنت أعمالاً مترجمة لبينيتو بيريز غالدوس، فأنا لا أتذكرها، مع أن مدريد هي المدينة التي تدور فيها معظم رواياته. بدلاً من ذلك، كان هناك رفّ من روايات ديكنز، قرأتها بنهمٍ، وإن كان عشوائياً، ناسية حبكاتها وأنا أقرأها. كان غالدوس، الذي يصغر ديكنز بثلاثين عاماً قارئاً نهماً لأعمال الروائي الإنجليزي في شبابه، ويمكن ملاحظة تأثير ديكنز في شخصياته المتنوعة، وأنماطه المرسومة بشكل واسع، ومشاهده لقذارة المدن. ويشترك الكاتبان أيضاً في حماسة الإصلاح، مع أن شخصيات ديكنز في إنجلترا تُكافح التصنيع السريع، بينما في إسبانيا تُواجه شخصيات غالدوس عجز الحكومة وقوى رجعية راسخة.

غالدوس غير معروف في العالم الناطق باللغة الإنجليزية، وإن لم يكن ذلك بسبب قلة جهد المترجمين والناشرين.

عندما شرعت في كتابة هذه المراجعة، تخيلت أن عدداً قليلاً فقط من كتبه قد تُرجم، ولكن في الواقع، ظهرت نحو ثلاثين رواية باللغة الإنجليزية على مدار المائة وخمسين عاماً الماضية، نُشر العديد منها أكثر من مرة. هذه الروايات لم يبقَ منها إلا القليل، ومن المرجح أن يكون القراء المعاصرون الذين سبق لهم الاطلاع على أعمال جالدوس قد قرأوا إحدى الروايتين: «فورتوناتا وجاسينتا» (1887) أو «تريستانا» (1892)، اللتين تجذبان قراء مختلفين. «فورتوناتا وجاسينتا» رواية واقعية طموحة تُصعّد من حدة الأحداث، وتُعتبر عموماً أعظم رواية إسبانية في القرن التاسع عشر. وهي تروي قصة امرأتين على علاقة برجل واحد (غير جدير بالثقة)، بالإضافة إلى قصة مدينة مدريد، من مركزها النابض بالحياة إلى ضواحيها المتوسعة. أما «تريستانا»؛ فهي رواية أقصر وأكثر غرابة، وتدور حول فتاة يتيمة في التاسعة عشرة من عمرها يتبناها صديق لوالدها ويستغلها ببراعة. وكان لويس بونويل قد حوَّلها إلى فيلم سينمائي، وأصبحت من كلاسيكيات السينما. (قام بونويل أيضاً بتكييف روايتي غالدوس «نازارين» و«هالما»، والأخيرة بعنوان «فيريديانا»).

لم تُترجم روايتا «فورتوناتا» و«جاسينتا» إلى الإنجليزية حتى عام 1973، أي بعد نحو قرن من نشرها الأصلي. ربما يُعزى ذلك جزئياً إلى حجمها الضخم، لكن هذا التأخير يُشير إلى تدني مكانة إسبانيا في أدب القرن التاسع عشر - ففي نهاية المطاف، يُعتبر طول رواية مثل: «الحرب والسلام» أو «البؤساء» وسام فخر.

وقد يُشار أيضاً إلى ميل القراء المترجمين إلى توقع أن تُناسب الأدبيات الوطنية نمطاً مُعيناً - رومانسياً وتقليدياً في حالة إسبانيا القرن التاسع عشر. عند الأجيال السابقة، كانت رواية «دونيا بيرفكتا» أشهر رواية غالدوس بالإنجليزية، وهي عمل مبكر عن أم ريفية مُسيطرة تُحبط زواج ابنتها من ابن عمها الحضري. لغتها وحبكتها ميلودرامية، وأجواء قريتها أبسط من مدريد فورتوناتا وجاسينتا متعددة الطبقات. لكن موضوعها الأساسي - إسبانيا الحديثة الليبرالية في حرب مع قوى التقاليد المفسدة - حاضر في جميع أعماله الروائية.

تحت تأثير الكوميديا الإنسانية لبلزاك، شرع غالدوس في سبعينات القرن التاسع عشر في أولى روايتين ضخمتين، إحداهما تاريخية والأخرى اجتماعية. وفي هذه الأيام، تحول الاهتمام في إسبانيا إلى روايته التاريخية: «الحلقات الوطنية»، وهي غير متوفرة في الغالب باللغة الإنجليزية. كان هذا مشروعاً ضخماً: ست وأربعون رواية، نُشرت في خمس سلاسل على مدار مسيرته المهنية، تناول فيها تاريخ الصراع المستمر بين الملكيين الإسبان والليبراليين خلال القرن التاسع عشر.

* خدمة «نيويورك تايمز»


قصيدة الحداثة في مقاربات نقدية جديدة

قصيدة الحداثة في مقاربات نقدية جديدة
TT

قصيدة الحداثة في مقاربات نقدية جديدة

قصيدة الحداثة في مقاربات نقدية جديدة

أصدرت الهيئة العامة لقصور الثقافة كتاب «سيمياء الخطاب الشعري... مقاربات نقدية في الشعرية المعاصرة» للناقد والأكاديمي المصري الدكتورأحمد الصغير، أستاذ الأدب العربي.

يقدم الكتاب عبر (428) صفحة من القطع المتوسط، رؤى تأويلية لعوالم قصيدة النثر، من خلال رصد الملامح الجمالية والمعرفية في قصيدة الحداثة، ويعتمد على مقاربة سيميائية تأويلية من خلال إجراءات السيمياء والتأويل عند روبرت شولز، وبيرس، وجريماس، وسعيد بنكراد، وكمال أبو ديب، وعز الدين إسماعيل، وصلاح فضل، وجابر عصفور، ومصطفى ناصف... وغيرهم.

يتكون الكتاب من مقدمة وتمهيد وتسع عشرة قراءة نقدية، منها: بنية الخطاب الدرامي في الشعرية العربية المعاصرة، بناء الرمز في قصيدة محمد سليمان، بلاغة المفارقة في توقيعات عز الدين المناصرة، تعدد الأصوات في ديوان «هكذا تكلم الكركدن» لرفعت سلام، «قراءة في الشعر الإماراتي، عين سارحة وعين مندهشة» للشاعر أسامة الدناصوري، «في المخاطرة جزء من النجاة»... قراءة في ديواني «حديقة الحيوانات ومعجزة التنفس» للشاعر حلمي سالم، قراءة في ديوان «الأيام حين تعبر خائفة» للشاعر محمود خير الله، قراءة في ديوان «الرصيف الذي يحاذي البحر» للشاعر سمير درويش، قراءة في ديوان «أركض طاوياً العالم تحت إبطي» للشاعر محمد القليني، أسفار أحمد الجعفري «قليل من النور، كي أحب البنات»، شعرية الأحلام المجهضة «لعبة الضوء وانكسار المرايا» للنوبي الجنابي، قراءة في «مساكين يعملون في البحر» للشاعر عبد الرحمن مقلد، وشكول تراثية في قصيدة علي منصور، وصوت الإسكندرية الصاخب في شعر جمال القصاص، وشعرية الحزن في ديوان «نتخلص مما نحب» للشاعر عماد غزالي، وشعرية المعنى في ديوان «في سمك خوصة» للشاعر محمد التوني، وشعرية المجاز عند أسامة الحداد.

يقول الصغير في المقدمة: تأتي أهمية هذا الكتاب من خلال الوقوف على طرح مقاربات نقدية استبصارية، معتمدة على المقاربات التطبيقية للقصيدة العربية المعاصرة تحديداً، وذلك للكشف عن بنية الخطاب الشعري في الشعرية العربية المعاصرة، مرتكزاً على منهجية معرفية محددة؛ للدخول في عوالم القصيدة المعاصرة، مستفيدة من مقاربات السيميائية والتأويلية بشكل أساس؛ لأن القصيدة العربية، في وقتنا الراهن، ليست بحاجة إلى شروح تقليدية، لأنها صارت قصيدة كونية، ثرية في المبنى والمعنى، تحتاج لأدوات نقدية متجددة، تسهم في عملية تفكيكها وتأويلاتها اللانهائية، كما يطرح البحث أدوات الخطاب الشعري التي اتكأ عليها الشعراء المعاصرون، ومن هذه الأدوات «الرمز الشعري، المفارقة بأنواعها، والدرامية، الذاتية، والسينمائية، السردية، وغيرها من الأدوات الفنية الأخرى».

يذكر أن أحمد الصغير، يعمل أستاذاً للأدب والنقد الحديث بكلية الآداب، جامعة الوادي الجديد. ومن مؤلفاته «بناء قصيدة الإبيجراما في الشعر العربي الحديث»، و«النص والقناع»، و«القصيدة السردية في شعر العامية المصرية»، و«القصيدة الدرامية في شعر عبدالرحمن الأبنودي»، و«تقنيات الشعرية في أحلام نجيب محفوظ». و«آليات الخطاب الشعري قراءة في شعر السبعينيات»، و«التجريب في أدب طه حسين».


رحيل أحمد أبو دهمان سفير الأدب السعودي في البلاط الفرانكفوني

الروائي السعودي أحمد أبو دهمان
الروائي السعودي أحمد أبو دهمان
TT

رحيل أحمد أبو دهمان سفير الأدب السعودي في البلاط الفرانكفوني

الروائي السعودي أحمد أبو دهمان
الروائي السعودي أحمد أبو دهمان

غيّب الموت، مساء الأحد، الكاتب والروائي السعودي المقيم في باريس، أحمد أبو دهمان، عن 76 عاماً، وهو أول كاتب سعودي يؤلف رواية باللغة الفرنسية هي رواية «الحزام» الصادرة عام 2000 عن دار «غاليمار»، التي حققت شهرةً واسعةً وطُبعت 7 طبعات، وتُرجمت إلى 8 لغات، وتمّ نقلها إلى العربية ونشرتها دار «الساقي».

الأمير بدر بن فرحان وزير الثقافة السعودي يهدي وزيرة الثقافة الفرنسية رواية «الحزام» (أرشيف)

اعترافاً بقيمة هذه الرواية، أهدى الأمير بدر بن فرحان وزير الثقافة السعودي في شهر يونيو (حزيران) 2023، ريما عبد المالك، وزيرة الثقافة الفرنسية، رواية «الحزام» للكاتب السعودي أحمد أبو دهمان.

ولد أحمد أبو دهمان في قرية آل خلف في محافظة سراة عبيدة في منطقة عسير، جنوب المملكة، وبعد أن أكمل دراسته الابتدائية في قريته، انتقل إلى أبها لإكمال المرحلة الثانوية، ثم التحق بمعهد تدريب المعلمين بالرياض، وعاد إلى قريته بعد تخرجه ليعمل معلماً مدة ثلاث سنوات. بعدها أكمل تعليمه الجامعي بجامعة الملك سعود بالرياض وتخرج من قسم اللغة العربية بدرجة ممتاز، ثم أصبح معيداً في الجامعة نفسها، وفي عام 1979 التحق بجامعة السوربون في فرنسا وحصل على درجة الماجستير.

غلاف رواية «الحزام»

كتب في الصحافة السعودية، وكان له عمود في صفحة الرأي بجريدة «الرياض» بعنوان «كلام الليل»، وشغل مدير مكتب مؤسسة «اليمامة» الصحافية في باريس، والرئيس التنفيذي لمؤسسة «الحزام للاستشارات الإعلامية»، ومقرها في الرياض.

وفي ندوة أقيمت له، تحدث عن روايته «الحزام»، فقال إنها لا تمثل سيرةً ذاتيةً، «ولكني كتبتها لأروي عن بلادي لابنتي ولزوجتي. فنحن ننتمي لبلد متعدد وفيه تنوع ثقافي».