مخاوف من تحالف بين «داعش» و«البعث» يمتد من ديالى شمالاً إلى الناصرية جنوبًا

كشف «خلايا نائمة» للتنظيم الإرهابي والحزب المنحل وتحذير من اختراقات لـ«حزام بغداد»

مخاوف من تحالف بين «داعش» و«البعث» يمتد من ديالى شمالاً إلى الناصرية جنوبًا
TT

مخاوف من تحالف بين «داعش» و«البعث» يمتد من ديالى شمالاً إلى الناصرية جنوبًا

مخاوف من تحالف بين «داعش» و«البعث» يمتد من ديالى شمالاً إلى الناصرية جنوبًا

رغم ما تحمله الأخبار من تناقض بين الأطراف العسكرية وقوات «الحشد الشعبي» والمسؤولين المحليين في بعض المحافظات لجهة ما يمكن تسميته بـ«تحالف سري غير معلن» بين جهات مرتبطة بحزب البعث المنحل وتنظيم داعش، فإن ما ينشر أو يتسرب من معلومات يشير إلى أن هناك عمليات تعرض يقوم بها «داعش» في بعض مناطق حزام بغداد الجنوبي والجنوبي الغربي والكشف عن خلايا نائمة للتنظيم المتطرف وأخرى لحزب البعث في كل من محافظتي ديالى (56 كلم شمال شرقي بغداد) وذي قار (350 كلم جنوب بغداد).
الناطق باسم «الحشد الشعبي»، كريم النوري، يرى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تنظيم داعش رغم ما تكبده من خسائر خلال الفترة الماضية فضلاً عن خسارته أراض واسعة في محافظة الأنبار مما جعل الخطر يبتعد عن العاصمة بغداد من الناحية العسكرية تبقى عينه على بغداد عبر أكثر من وسيلة مثل إرسال انتحاريين إلى داخل العاصمة لإرباك الوضع الأمني ومحاولة التعرض لبعض الأماكن والمنشآت بهدف البحث عن انتصار إعلامي».
بدوره، قال قائد أمني عراقي رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط»، طالبًا عدم الإشارة إلى اسمه أو هويته، إن «الحديث عن خطر لتنظيم داعش محدق ببغداد مبالغ فيه إلى حد كبير والهدف منه هو الضغط على الحكومة من أجل الرضوخ لإرادة بعض القوى، والفصائل المسلحة لها أهداف من وراء ذلك».
يذكر أن جماعة «عصائب أهل الحق» كانت قد حذرت رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي من أن هناك خطرا بات محدقا ببغداد من قبل تنظيم داعش منذ عملية أبي غريب قبل نحو شهرين، مشيرة إلى أن من الخطر نقل قطعات عسكرية من بغداد إلى أماكن أخرى كالموصل وغيرها وترك حزام بغداد.
لكن القائد الأمني العراقي يقول إن «تنظيم داعش الآن في حالة تقهقر ويحاول تعويض خسائره عن طريق القيام بعمليات يربك من خلالها الوضعين الأمني والسياسي، بينما هو لم يعد بمقدوره مثلاً التقدم ومسك الأرض رغم أن ذلك لا يجعلنا نقلل من حجم المخاطر». وكشف القائد الأمني أن «هناك ثغرات عسكرية تحصل هنا وهناك لكن بعض الآمرين العسكريين لا يريد الاعتراف بذلك فيقوم بتبرير ذلك بالقول إن الأميركيين هم من قاموا عن طريق الطائرات بإنزال مساعدات عسكرية أو مؤن لـ(داعش) وهي قضية تأخذ بعدًا في الإعلام، بينما هي لا تحمل أية مصداقية لأن الأميركيين ليسوا بهذه السذاجة لكي يقوموا بذلك».
وبالعودة إلى النوري، فإنه يقول إن «تنظيم داعش يحاول العودة بشتى الطرق والوسائل، لأنه يدرك أن أية عملية حتى لو كانت بسيطة يقوم بها في بغداد، فإن من شانها أن تأخذ حيزًا واسعًا في وسائل الإعلام، ولذلك فإن الأجهزة الأمنية مطالبة بعدم منح هذه الفرصة له من خلال فتح ثغرة في جدار بغداد».
من جهته، يرى الشيخ إياد الجبوري، رئيس رابطة شيوخ حزام بغداد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «تنظيم داعش يحاول إحداث خروقات هنا وهناك من خلال عمليات يقوم بها، لكن في نطاق مناطقنا لم نؤشر وجود خلايا نائمة، فضلا عن أن التعاون بين العشائر والأجهزة الأمنية جيد إلى حد بعيد، مع الأخذ بنظر الاعتبار الأساليب التي يمكن أن يلجأ إليها العدو في سبيل إحداث ثغرة للتسلل منها إلى بغداد، حيث تشكل عشائرنا حائط الصد لها».
إلى ذلك، أعلنت كل من محافظتي ديالى شمال شرق بغداد وذي قار جنوبها عن الكشف عن خلايا تعود لتنظيم داعش وحزب البعث المنحل. وقال قائممقام قضاء الشطرة التابع لمحافظة ذي قار عبد الأمير تعيبان إن «القوات الأمنية نفذت عملية أمنية في قضاء الشطرة، (45 كلم شمالي الناصرية)، أسفرت عن اعتقال مجموعة من الإرهابيين بحوزتهم مخططات ووثائق لتنفيذ عمليات إرهابية»، مبينًا أنه «تمت إحالة جميع المعتقلين إلى الجهات التحقيقية الخاصة بذلك». وأضاف تعيبان، أن «قضاء الشطرة باشر إثر ذلك باتخاذ إجراءات أمنية مشددة واستنفار أمني بناء على معلومات تفيد باستهداف مدينة الشطرة من قبل تنظيم (داعش) الإرهابي»، مشيرًا إلى «قطع عدد من الطرق التي تشهد زخمًا مروريًا واتخاذ تحوطات أمنية مشددة في الأماكن العامة والأسواق، تحسبًا من دخول سيارات مفخخة أو انتحاريين بأحزمة ناسفة».
لكن مسؤولاً محليًا في محافظة ذي قار أبلغ «الشرق الأوسط»، شريطة عدم الإشارة إلى اسمه، بأن «العملية التي حصلت في قضاء الشرطة جاءت على إثر التفجيرات التي وقعت في الناصرية، حيث تبين أن هناك خلايا نائمة تعود لبعثيين لكننا لم نعرف حتى الآن ما إذا كانوا متحالفين مع تنظيم داعش أم لا»، مشيرًا إلى أن «هؤلاء كانوا بالأصل بعثيين كبارًا من أبناء المنطقة بمستوى أعضاء شعب وفرق في حزب البعث المنحل، وقد تركوا العمل الحزبي منذ سنوات وتم استيعابهم ضمن المجتمع المحلي بما في ذلك القيام بواجباتهم الاجتماعية بين الناس، لكن تفجيرات الناصرية وما رافقها من لبس أدت إلى قيام الأجهزة المعنية باعتقال عدد كبير منهم والتحقيقات جارية معهم الآن لمعرفة ما إذا كانوا عاودوا نشاطهم كحزب بعث أم أن ما جرى لا علاقة لهم به».
وفي ديالى، شمال شرقي بغداد، كشف عضو في مجلس المحافظة عن تشكيل «منظومة خلايا نائمة» تابعة ل‍حزب البعث المنحل داخل ب‍عقوبة. وقال أحمد الربيعي إن «حزب البعث المنحل شكل في الأشهر الماضية منظومة خلايا نائمة تعمل في ثلاثة اتجاهات داخل بعقوبة»، موضحًا أن «الخلية الأولى لجمع الأموال عن طريق عناصره السابقة، والثانية فهي السعي لتأسيس أجنحة مسلحة لضرب الاستقرار الأمني، فيما خصصت الثالثة للبعد الإعلامي وخلق الشائعات عن طريق ما يعرف بالطابور الخامس». وأضاف الربيعي أن «تفكيك واعتقال خلية نائمة في الأحياء الغربية ببعقوبة قبل أيام متورطة بجمع الأموال لدعم الحزب دليل آخر على خطورة أجندة البعث المنحل، الذي يتلقى دعما خارجيا بهدف العبث بالأمن والاستقرار الداخلي».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.