مصر تتجه نحو إصلاح نظام التعليم بمشاركة خبرات بريطانية

السير مايكل باربر: الاعتراف بالمشكلات والأهداف الواضحة أولى خطوات التطوير

جانب من مؤتمر «إصلاح نظام التعليم في مصر» الذي عقد بالعاصمة المصرية قبل أيام
جانب من مؤتمر «إصلاح نظام التعليم في مصر» الذي عقد بالعاصمة المصرية قبل أيام
TT

مصر تتجه نحو إصلاح نظام التعليم بمشاركة خبرات بريطانية

جانب من مؤتمر «إصلاح نظام التعليم في مصر» الذي عقد بالعاصمة المصرية قبل أيام
جانب من مؤتمر «إصلاح نظام التعليم في مصر» الذي عقد بالعاصمة المصرية قبل أيام

تحت عنوان «إصلاح نظام التعليم في مصر»، عقد البنك الدولي بالتعاون مع وزارتي التعاون الدولي والتعليم المصريتين مؤتمرًا وورشة عمل، الأسبوع الماضي، تهدف إلى النهوض بمنظومة التعليم المصري.
وشارك وزير التعليم المصري الدكتور الهلالي الشربيني في افتتاح الورشة. وأكد في كلمته أن رؤية الوزارة تقوم على اعتبار التعليم ركيزة أساسية لتنمية المجتمع، من خلال تنمية جميع جوانب شخصية أفراده المتعلمين، معتبرًا أن ذلك يتحقق من خلال تطبيق ممارسات حقيقية داخل المدرسة وخارجها تدعم التعلم المتمحور حول المتعلم، وتضمن توفير إطار ديمقراطي يعزز إتاحة وتعدد فرص الاختيار أمام جميع المتعلمين في تحديد مسار تعليمهم ومستقبلهم، متسمًا بالجودة والعدالة وتنمية العقل والبدن، ومواكبًا للتطور الدولي في مجالات المعرفة، الأمر الذي يضمن تسليح المتعلمين بأدوات الفكر، والمعرفة، والابتكار والتميز، والاعتماد على الذات، والمنافسة على المستوى الدولي، وبما يلبى احتياجات سوق العمل المحلية والدولية كثافة وتنوعًا وانتشارًا.
وعلى هامش المؤتمر، التقى الوزير المصري كلاً من السفير البريطاني في القاهرة، جون كاسون، والخبير التربوي وكبير مستشاري التعليم لبرنامج «بيرسون» البريطاني لتبادل الخبرات، مايكل باربر، خلال الأسبوع الماضي لبحث سُبُل إصلاح النظام التعليمي في مصر. وقال الشربيني: «إننا نطلع على التجارب الناجحة في مجال التعليم للاستفادة منها في تطوير النظام التعليمي في مصر»، مشيرًا إلى أن الإدارة المصرية تولي اهتمامًا كبيرًا لعملية إصلاح وتطوير التعليم، مؤكدًا أن الاهتمام بالتعليم هو السبيل الوحيد للنهوض بمصر.
وأشار الوزير إلى أنه يتم التعاون مع الجانب البريطاني في تدريب معلمي العلوم والرياضيات لتنمية مهاراتهم في كيفية تدريس المواد باللغة الإنجليزية، وخصوصًا في المدارس الرسمية للغات، موضحًا أن النظام التعليمي في مصر يعاني بعض المشكلات والتحديات، ومنها مشكلات في الإدارة المدرسية، وتخفيض كثافة الفصول، وتطبيق اللامركزية، والتنمية المستدامة للمعلمين وتدريبهم، ورعاية الموهوبين وذوي الاحتياجات الخاصة، وسد الفجوة بين التعليم الفني واحتياجات سوق العمل.
وأضاف الشربيني أن إصلاح محاور العملية التعليمية يتم بشكل متوازٍ، حيث تمت صياغة الأهداف العامة والفرعية لبرنامج عمل الوزارة خلال السنوات المقبلة حتى عام 2018 في إطار الخطة الاستراتيجية 2014 - 2020، ورؤية مصر حتى 2020 - 2030، لافتًا إلى أنه تم تحويل هذه الأهداف إلى صيغ إجرائية من أجل وضعها موضع التنفيذ، وذلك من خلال مجموعة من الأهداف الفرعية، منوهًا بأنه تتم متابعة تنفيذ البرنامج كل ثلاثة أشهر، وعمل تقرير شامل، وتوضيح التحديات، وكيفية علاجها.
من جانبه، قال السفير البريطاني في القاهرة إن هذا اللقاء يهدف إلى التعرف على التحديات التي تواجه التعليم في مصر وسبل إصلاحها، مشيرًا إلى أن مصر تواجه تحديًا يتمثل في ارتفاع كثافات الطلاب بالفصول والإدارة المدرسية، معتبرًا أن وزارة التعليم هي محرك النمو الاقتصادي المستقبلي.
كما أوضح السفير كاسون أن «المملكة المتحدة تعتبر موطنًا للتعليم، فمع جامعاتنا ذات المعايير العالمية، وأنظمة التعليم فائقة الجودة والخبرة بمجال التدريب المهني وتنمية المهارات، فإن المملكة المتحدة بموضع فريد يمكنها من دعم الجهود المصرية المعنية بالإصلاح التعليمي والمساعدة في إطلاق العنان لإمكانات الجيل القادم بمصر».
وأضاف أن زيارة السير مايكل تعتبر جزءًا من ذلك، مشيرا إلى أنه «يقدم المعرفة والدراية الفنية والخبرة الطويلة في مساعدة الحكومات على أن تقدم لمواطنيها خدمات جيدة خصوصًا في مجال التعليم. وأنا متفائل بأنه معًا تستطيع المملكة المتحدة ومصر تحويل نظام التعليم في مصر بحيث يستفيد منه هذا الجيل والأجيال القادمة.
وذكر بيان للسفارة البريطانية بالقاهرة أن دعم التعليم يحتل مكانة رئيسية بين مجالات التعاون بين مصر والمملكة المتحدة. من خلال منح تشيفننغ وصندوق «نيوتن - مشرفة» ودورات اللغة الإنجليزية التي يقدمها المجلس الثقافي البريطاني وتقديم الاستشارات حول سياسة الإصلاح.
من جهته، أشار الخبير البريطاني إلى أنه من أجل إحداث تطور حقيقي في التعليم، يجب أن يكون الهدف واضحًا مع الاعتراف بأن هناك مشكلة، وأن تتوافر المعلومات والبيانات الحقيقية، بالإضافة إلى الرغبة الحقيقية في التغيير.
ورحب السير مايكل باربر، الخبير الرائد بمجال تقديم الخدمات والإصلاح التعليمي البريطاني، بجهود الوزير الشربيني والحكومة المصرية لتحسين نظام التعليم في مصر، موضحًا أن القيام بإصلاح تعليمي واسع المدى يطلق العنان لإمكانات الشباب المصري ضروري لضمان مستقبل ناجح لمصر. يذكر أن السير مايكل، الذي زار القاهرة للتحدث أمام مؤتمر إصلاح التعليم، شارك بخبرته في العمل بصفته ممثل المملكة المتحدة الخاص بمجال التعليم في باكستان، عندما قدم استشارات للحكومة الباكستانية بشأن جهودها المعنية بإلحاق 7.5 مليون طفل متسرب من التعليم بالنظام التعليمي، وتحسين جودة التعليم في القطاع العام في الوقت نفسه. وقد عرض الجانب البريطاني، تجربة تطوير التعليم في إقليم البنجاب بباكستان، التي شملت تحسين النظام التعليمي، وتحسين القراءة والكتابة والحساب، وتأمين المباني المدرسية، وتحسين حضور الطلاب، وخفض نسبة التسرب، وتدريب المعلمين، وبناء المدارس عن طريق الجمعيات الأهلية والقطاع الخاص.
واتفقت وزارة التعليم المصرية من حيث المبدأ على التعاون مع الجانب البريطاني في مجال تدريب معلمي اللغة الإنجليزية وتدريب معلمي الرياضيات والعلوم وتطوير العمل بالأكاديمية المهنية للمعلمين.



«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
TT

«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»

يقضي الباحثون في العالم العربي أوقاتاً من البحث المضني عن المراجع الإلكترونية التي تساعدهم في تحقيق أغراضهم البحثية. ويدرك هذه المشقة الباحثون الساعون للحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه، فإذا لم يكن لديه إمكانية الدخول إلى قواعد البيانات العلمية العالمية عبر إحدى المكتبات الكبرى، التي عادة لا تتاح كاملة أيضاً، فإن عملية البحث سوف تكلفه آلاف الدولارات لمتابعة والوصول لأحدث الأوراق العلمية المتصلة بمجال بحثه، أو أن مسح التراث العلمي سيتوقف لديه على المراجع الورقية.
بينما يحظى الباحثون في مجال البحوث التربوية بوجود «شمعة»، وهي شبكة المعلومات العربية التربوية (www.shamaa.org) التي توفر لهم أحدث البحوث والدوريات المحكمة من مختلف الجامعات العربية، وبثلاث لغات، هي: العربية، والفرنسية، والإنجليزية مجاناً.
تأسست «شمعة» عام 2007 في بيروت كقاعدة معلومات إلكترونية، لا تبغي الربح، توثق الدراسات التربوية الصادرة في البلدان العربية في مجمل ميادين التربية، من كتب ومقالات وتقارير ورسائل جامعية (الماجستير والدكتوراه) وتتيحها مجاناً للباحثين والمهتمين بالدراسات التربوية. تتميز «شمعة» بواجهة إلكترونية غاية في التنظيم والدقة، حيث يمكنك البحث عن مقال أو أطروحة أو كتاب أو فصل أو عدد أو تقرير. فضلاً عن تبويب وفهرسة رائعة، إذ تشتمل اليوم على أكثر من 36000 ألف دراسة، موزعة بنسبة 87 في المائة دراسات عربية، و11 في المائة دراسات بالإنجليزية و2 في المائة بالفرنسية، وهي دراسات عن العالم العربي من 135 جامعة حول العالم، فيما يخص الشأن التربوي والتعليم، إضافة لأقسام خاصة بتنفيذ مشاريع في التربية كورش تدريبية ومؤتمرات.
لا تتبع «شمعة» أي جهة حكومية، بل تخضع لإشراف مجلس أمناء عربي مؤلف من شخصيات عربية مرموقة من ميادين مختلفة، وبخاصة من الحقل التربوي. وهم: د. حسن علي الإبراهيم (رئيساً)، وسلوى السنيورة بعاصيري كرئيسة للجنة التنفيذية، وبسمة شباني (أمينة السر)، والدكتور عدنان الأمين (أمين الصندوق) مستشار التعليم العالي في مكتب اليونيسكو، وهو أول من أطلق فكرة إنشاء «شمعة» ورئيسها لمدة 9 سنوات.
تستمر «شمعة» بخدمة البحث التربوي بفضل كل من يدعمها من أفراد ومؤسّسات ومتطوعين، حيث تحتفل بالذكرى العاشرة لانطلاقتها (2007 - 2017)، وهي تعمل حاليا على إصدار كتيب يروي مسيرة العشر سنوات الأولى. وقد وصل عدد زائريها إلى نحو 35 ألف زائر شهرياً، بعد أن كانوا نحو ألفي زائر فقط في عام 2008.
تواصلت «الشرق الأوسط» مع المديرة التنفيذية لبوابة «شمعة» ببيروت د. ريتا معلوف، للوقوف على حجم مشاركات الباحثين العرب، وهل يقومون بمدّ البوابة بعدد جيّد من الأبحاث والدراسات، أم لا تزال المعدلات أقل من التوقعات؟ فأجابت: «تغطّي (شمعة) الدراسات التربوية الصّادرة في 17 دولة عربيّة بنسب متفاوتة. ولا شك أن حجم مشاركات الباحثين العرب بمد (شمعة) بالدراسات قد ارتفع مع الوقت، خصوصاً مع توّفر وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي سهّلت لهم عملية المشاركة».
وحول طرق تزويد «شمعة» بالأبحاث والدراسات، أوضحت معلوف أن ذلك يتم من خلال عدّة طرق، وهي: «توقيع اتفاقات شراكة مع كليات التربية في الجامعات العربية والمجلات التربوية المحكمة ومراكز الأبحاث التي تعنى بالتربية والتعليم، كما تتيح اتفاقية تعاون مع مركز المعلومات للموارد التربوية (إريك) (ERIC) تزويد (شمعة) بالدراسات الصادرة باللغة الإنجليزية من الدول العربية أو من باحثين عرب. ونعتبر أن الشراكة مع (إريك) هي خطوة كبيرة ومن أهم الإنجازات كمؤسسة عربية، وأيضاً من خلال اشتراكات بالمجلات الورقية التربوية المحكمة العربية، أو عبر الدراسات المتاحة إلكترونياً على شبكة الإنترنت بالمجان أي عبر مصادر الوصول الحر للمعلومات (Open Access)».
وتضيف: «الجدير بالذكر أيضاً أن (شمعة) وقعت اتفاقية من مستوى عالمي مع شركة (EBSCO Discovery Service EDS) التي تعتبر من أهم موزعي قواعد المعلومات في العالم العربي والغربي».
وتوضح معلوف أنه «يمكن تزويد (شمعة) بالدراسات مباشرة من الباحث عبر استمارة متوافرة على موقع (شمعة)، حيث يقوم الفريق التقني من التأكد من توافقها مع معايير القبول في (شمعة) قبل إدراجها في قاعدة المعلومات».
وحول ما إذا كان الباحثون العرب لديهم ثقافة التعاون الأكاديمي، أم أن الخوف من السرقات العلمية يشكل حاجزاً أمام نمو المجتمع البحثي العلمي العربي، قالت د. ريتا معلوف: «رغم أن مشاركة نتائج الأبحاث مع الآخرين ما زالت تخيف بعض الباحثين العرب، إلا أنه نلمس تقدماً ملحوظاً في هذا الموضوع، خصوصاً أن عدد الدراسات المتوافرة إلكترونياً على شبكة الإنترنت في السنين الأخيرة ارتفع كثيراً مقارنة مع بدايات (شمعة) في 2007، إذ تبلغ حالياً نسبة الدراسات المتوافرة مع نصوصها الكاملة 61 في المائة في (شمعة). فكلما تدنّى مستوى الخوف لدى الباحثين، كلما ارتفعت نسبة الدراسات والأبحاث الإلكترونيّة. وكلما ارتفعت نسبة الدراسات الإلكترونية على شبكة الإنترنت، كلما انخفضت نسبة السرقة الأدبية. تحرص (شمعة) على نشر هذا الوعي من خلال البرامج التدريبية التي تطورّها وورش العمل التي تنظمها لطلاب الماستر والدكتوراه في كليات التربية، والتي تبيّن فيها أهمية مشاركة الأبحاث والدراسات العلمية مع الآخرين».
وحول أهداف «شمعة» في العشر سنوات المقبلة، تؤكد د. ريتا معلوف: «(شمعة) هي القاعدة المعلومات العربية التربوية الأولى المجانية التي توّثق الإنتاج الفكري التربوي في أو عن البلدان العربية. ومؤخراً بدأت (شمعة) تلعب دوراً مهماً في تحسين نوعية الأبحاث التربوية في العالم العربي من خلال النشاطات والمشاريع البحثية التي تنفذها. وبالتالي، لم تعدّ تكتفي بأن تكون فقط مرجعيّة يعتمدها الباحثون التربويون وكلّ من يهتمّ في المجال التربوي عبر تجميع الدراسات وإتاحتها لهم إلكترونيّاً؛ بل تتطلّع لتطوير الأبحاث التربوية العلمية، وذلك لبناء مجتمع تربوي عربي لا يقلّ أهمية عن المجتمعات الأجنبية».