وزير الدفاع الإيراني: دعوات كيري للتفاوض حول الصواريخ «كلام فارغ وثرثرة»

قادة الحرس الثوري يدافعون عن قتال قواتهم في سوريا

جانب من تدريبات سابقة للحرس الثوري وسط طهران (أ.ف.ب)
جانب من تدريبات سابقة للحرس الثوري وسط طهران (أ.ف.ب)
TT

وزير الدفاع الإيراني: دعوات كيري للتفاوض حول الصواريخ «كلام فارغ وثرثرة»

جانب من تدريبات سابقة للحرس الثوري وسط طهران (أ.ف.ب)
جانب من تدريبات سابقة للحرس الثوري وسط طهران (أ.ف.ب)

بينما لم يصدر حتى الآن أي موقف رسمي من الحكومة الإيرانية في الرد على دعوة وزير الخارجية الأميركي جون كيري الموجه من المنامة لـ«التفاوض السلمي» حول عدد من القضايا «المثيرة للقلق» من بينها الطموح الصاروخي، واصل قادة الحرس الثوري التصعيد استمرارا لمواقفهم الرافضة لوقف الأنشطة العسكرية. ورفض وزير الدفاع الإيراني، حسين دهقان، تصريحات جون كيري الخميس الماضي في المنامة عن نشاطات إيران الصاروخية واصفا إياها بـ«الكلام الفارغ» و«الثرثرة».
واعتبر دهقان في تصريح للصحافيين على هامش ذكرى قائد الجيش السابق، علي صيادي أمس في طهران دليلا على ضعف أميركا وقلق دول من تراجع دورها في المنطقة، متهما الأميركيين بنشر «فوبيا الخوف» من إيران في المنطقة من أجل «رفع مبيعات الأسلحة» وفي إشارة إلى ضغوط تمارسها أميركا على إيران من أجل تحسين أوضاع حقوق الإنسان أعاد دهقان تلك الضغوط إلى عدم تجاوب بلاده مع السياسات الأميركية متسائلا: «على الأميركيين الإجابة هل من أجل مصالح الدول المختلفة يتدخلون في شؤونهم الداخلية؟».
وفي حين تقاتل قوات إيرانية وميليشيات تابعة لها للعام الخامس على التوالي في سوريا، نصح وزير الدفاع الإيراني الجانب الأميركي بـ«التفكير» في «عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وألا ترسل قواتها إلى تلك البلدان، ولا تدعم التيار المتطرف وتطلق يديه ضد الشعوب».
وقال دهقان مخاطبا كيري إن تفكيره حول تلك القضايا سيحول دون «الثرثرة» وتابع: «يجب أن يعرف (كيري) وعليه ألا ينطق بالكلام الفارغ، ولا ينسى أبدا ويخطئ في التحليل»، وفقا لما ذكرته وكالة «ميزان».
من جانبه، رد مساعد قائد الحرس الثوري، حسين سلامي على وزير الخارجية الأميركي قائلا إن «المسؤولين الأميركيين غير مؤهلين للتعليق على الضرورات الدفاعية» الإيرانية. وأضاف سلامي أن «القدرات الصاروخية لا يمكن التنازل عنها ضمن صفقات أو مفاوضات أو تقارب».
ردود الأفعال الغاضبة من قادة الحرس الثوري تصدر في حين تلتزم الخارجية الإيرانية الصمت على دعوة وزير الخارجية الأميركي الخميس الماضي لدى لقائه وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي في المنامة، والتي طالب فيها طهران بالتفاوض السلمي من أجل حل للقضايا والنشاطات التي تثير كثيرا من علامات الاستفهام حول مصداقية النيات الإيرانية.
وكان المتحدث باسم القوات المسلحة الإيراني مسعود جزائري شوشتري أول من سارع بالرد على جون كيري، واصفا تصريحاته بـ«الوقاحات الأميركية»، كما وجه إنذارا ضمنيا إلى الحكومة والخارجية الإيرانية بشأن ما اعتبره استمرار «مسلسل الاتفاقيات»، مطالبا الجهاز الدبلوماسي بـ«الرد الحازم»، وتجنب أي انطباع يقدم دليلا للإدارة الأميركية عن الانقسام والشرخ في الداخل الإيراني بين الحكومة والقوات المسلحة حول البرنامج الصاروخي.
على صعيد منفصل، وفي أول ردة فعل من قيادي عسكري رفيع على ما أعلنه مساعد قائد القوات البرية في الجيش الإيراني العميد علي آراسته قبل أسبوع حول إرسال قوات خاصة من نخبة الجيش الإيراني إلى سوريا، أكد المتحدث باسم القوات المسلحة مسعود جزائري شوشتري صحة ما أعلنه آراسته وقال إن «الحضور الاستشاري للواء 65 المدرع في سوريا ليس أمرا جديدا، وأن هناك قطاعات مختلفة من القوات المسلحة الإيرانية تقوم بمهام استشارية في سوريا». وتعليقا على تصريحات كيري كشف جزائري شوشتري عن نيات إيرانية جديدة للقيام باختبارات صاروخية ومناورات عسكرية واسعة في المجالات البرية والجوية والبحرية خلال الأشهر المقبلة.
كرنفال الرد العاصف اكتمل بموقف قائد الحرس الثوري السابق ونجم الإعلام الإيراني هذه الأيام محسن رضايي. وأشار رضايي إلى توجه جديد داخل إيران بعد الاتفاق النووي للتفاوض حول القدرات الصاروخية الإيرانية وهاجم رضايي من وصفهم بمنتقدي حرب الخليج الأولى ورفض إيران توقف الحرب. ودافع عن إرسال إيران قوات عسكرية إلى دول عربية وقال إن بلاده «تعتقد من واجبها الدفاع عن الدول الإسلامية التي تتعرض للهجوم». كما أكد أن إيران تستمر بتطوير مدى الصواريخ الإيرانية إلى أكثر من ألفي كيلومتر، وردا على ما قاله كيري عن الصواريخ الإيرانية قال إن وقف الصواريخ يبقى «حلما» للأميركيين.
في هذا الصدد، أضاف رضايي أن أميركا «غير مؤهلة» للحديث عن قضايا الأمن العالمي، و«أنها لم تترك سجلا مناسبا في كل من البحرين، واليمن، والعراق، وسوريا، وأفغانستان». وعدّ رضايي موقف كيري من النشاط الصاروخي الإيراني معارضا للاتفاق النووي، كما انتقد توجه النواب الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس الأميركي لمنع استخدام الدولار من قبل إيران في معاملاتها الدولية. وأضاف رضايي: «إيران فاوضت أميركا أربع مرات منذ زمن رئيس الوزراء الأسبق بني صدر(1981) إلا أنهم في كل مرة لم يعملوا بوعودهم» وأشار رضايي إلى دعم الحرس الثوري المفاوضات النووية، وقال: «نريد أن تفي أميركا بوعودها في الاتفاق النووي، ولكن وزير الخارجية الأميركي اليوم يرغب جديا بالتفاوض على المواضيع الأخرى مع إيران».
هذا وتنفي إيران أي تفاوض مع أميركا خارج إطار «النووي»، وهو ما أكده خامنئي في خطاباته، إلا أن وسائل الإعلام الإيرانية ذكرت أكثر من مرة استمرار التواصل بين وزير الخارجية الأميركي ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف.
وفي وقت امتد التباين حول إخفاء إيران مناورات صاروخية فترة المفاوضات النووية، وكان رضايي أكثر وضوحا من مواقف قادة الحرس الثوري في الأيام الماضية حول «سرية» اختبارات الصواريخ في غضون المفاوضات النووية، وقال إن الحرس الثوري لم يكشف عن اختبار الصواريخ لمساعدة الحكومة على التقدم في المفاوضات النووية، وتابع: «قللنا تلك الاختبارات ولم نعلن عنها في وسائل الإعلام حتى لا تتضرر المفاوضات».
قبل أسبوعين، كشف قائد القوات الصاروخية في الحرس الثوري، العميد علي حاجي زاده، عن قيام الحرس الثوري بمناورات صاروخية «سرية» فترة المفاوضات النووية، معربا عن ندمه من عدم نشر أخبار تلك المناورات على وسائل الإعلام، وعقب ذلك انتقد المستشار الأعلى لروحاني، حسين آشنا، واعتبر تلك التصريحات مخالفة للأوامر ومصلحة الأمن القومي، وفي أول حادث من نوعه رد المتحدث باسم الحرس الثوري رمضان شريف على تصريحات العميد حاجي زاده، وقال إن عدم نشر أخبار الاختبارات هو بسبب أوامر من كبار المسؤولين ووفقا لمصلحة البلد، وعزا مراقبون تباين قادة الحرس الثوري حول المناورات دليلا على خلافات عميقة بين تيار متشدد وآخر متعدل في الحرس الثوري، كما اعتبروا احتجاج حاجي زاده إحراجا للمرشد خامنئي الذي أصدر أوامر سرية تلك المناورات.
وكان المرشد الأعلى علي خامنئي وضع احتمالين في وصفه لمنتقدي مشاريع تطوير الصواريخ في الداخل الإيراني، وقال إن مواقفهم إما تكون ناتجة من «قلة الإدراك»، أو أنهم «خونة». وكان الخطاب الصاروخي لخامنئي بداية فصل جديد من الضغوط على إدارة الرئيس الإيراني حسن روحاني، الذي يفضل التهدئة وتخفيف التوتر على غرار ما شهده العامان الأولان من رئاسته والتي تزامنت مع عودة إيران إلى طاولة المفاوضات، ونتج عنها توصل إيران إلى الاتفاق النووي مع مجموعة 5+1، لكن المهمة تبدو مستحيلة في ظل الغبار الذي تثيره الصواريخ على مساعيه لإخراج إيران من العزلة الدولية.



إسرائيل تقصف دمشق... وتُهجّر أهالي قرى في جنوب سوريا

TT

إسرائيل تقصف دمشق... وتُهجّر أهالي قرى في جنوب سوريا

جنود إسرائيليون يعبرون الخميس السياج الذي يفصل مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل عن سوريا (أ.ب)
جنود إسرائيليون يعبرون الخميس السياج الذي يفصل مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل عن سوريا (أ.ب)

عززت إسرائيل المخاوف من وجودها بشكل طويل في الجولان السوري، بالبدء في تهجير أهالي قرى بالجنوب السوري، بموازاة شن الطيران الحربي غارات على محيط دمشق.

وأفادت وسائل إعلام سورية، الخميس، بأن «جيش الاحتلال دخل الأطراف الغربية لبلدة جباتا الخشب بريف القنيطرة، وطالب الأهالي بتسليمه ما لديهم من أسلحة».

ووفق وسائل الإعلام السورية، فإن «الجيش الإسرائيلي هجّر أهالي قريتي الحرية والحميدية واستولى عليهما، ودخل إلى بلدة أم باطنة مدعوماً بعربات عسكرية ودبابات، فضلاً عن رصد دبابات داخل مدينة القنيطرة جنوبي سوريا».

وشن الطيران الإسرائيلي غارات على محيط العاصمة السورية، وقال سكان في أحياء دمشق الغربية، إنهم سمعوا انفجارَين قويَين يعتقد أنهما في مطار المزة العسكري، وأضاف السكان أنهم سمعوا أصوات طائرات حربية تحلق في أجواء ريف دمشق الجنوبي الغربي.

بدوره أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الخميس، لمستشار الأمن القومي الأميركي، جايك سوليفان، ضرورة منع «الأنشطة الإرهابية» من الأراضي السورية ضد إسرائيل بعد إطاحة بشار الأسد.

وقال نتنياهو في بيان، إنه التقى سوليفان في القدس، وتطرق معه إلى «الحاجة الأساسية إلى مساعدة الأقليات في سوريا، ومنع النشاط الإرهابي من الأراضي السورية ضد إسرائيل».

إقامة طويلة

وتتوافق التحركات العسكرية الإسرائيلية مع ما كشفت عنه مصادر عسكرية في تل أبيب، بأن الممارسات التي يقوم بها الجيش في الجزء الشرقي من الجولان، تدل على أنه يستعد لإقامة طويلة الأمد في الأراضي السورية، التي احتلها إثر انسحاب قوات النظام السوري من مواقعها في المنطقة العازلة وفض الاشتباك في الجولان.

وتجرى هذه العمليات وسط موافقة أميركية صامتة، وهو ما يُقلق أوساطاً عدة تخشى من فتح الشهية لتدمير خطوط الحدود وتوسيع نطاق الاستيطان في سوريا.

وأشارت المصادر إلى أن هذه العمليات تتم من دون معارضة دولية علنية، باستثناء فرنسا التي نشرت بيان تحذير.

وكان الجنرال مايك كوريلا، قائد القوات الأميركية المركزية في الشرق الأوسط (سنتكوم) زار إسرائيل، الأربعاء، واطلع على تفاصيل العمليات، وعلى نتائج القصف الإسرائيلي، الذي دمر نحو 80 في المائة من مقدرات الجيش السوري، وحطم له سلاح الجو وسلاح البحرية والمضادات الجوية ومخازن الأسلحة، كما أجرى وزير الأمن، يسرائيل كاتس، مكالمة مع نظيره الأميركي، لويد أوستن.

بنية تحتية

وقالت مصادر عسكرية في تل أبيب، إن الجيش الإسرائيلي شرع بتحويل المواقع العسكرية السورية، التي احتلتها الكتيبة 101 من وحدة المظليين، إلى مواقع عسكرية إسرائيلية.

وذكر تقرير عبري أن «الجيش الإسرائيلي بدأ بتأسيس بنية تحتية لوجيستية شاملة، حيث تم إحضار حاويات تحتوي على خدمات مثل الحمامات، والمطابخ، وحتى المكاتب الخاصة بالضباط»، ورجح أن «يتوسع النشاط ليشمل أعمدة اتصالات».

وأفاد بأن الجيش الإسرائيلي أحكم سيطرته على المناطق الحيوية في المنطقة، واحتل قمم التلال التي تكشف مساحات واسعة من سوريا، خصوصاً في المناطق الحدودية، وأقام حواجز عسكرية في التقاطعات داخل القرى السورية، مثل الحواجز المنتشرة في الضفة الغربية.

ومع نشر أنباء تقول إن عمليات الجيش تدل على أنه يخطط للبقاء هناك لمدة سنة على الأقل، قالت المصادر العسكرية لإذاعة الجيش الإسرائيلي إنه «من المبكر تقييم مدى استدامة هذا الوضع، ولكن قادة الجيش يعتقدون أنه لا أحد يعرف كيف ستتطور الأمور الآن في سوريا مع القيادات الجديدة، التي تدل تجربتها على أنها تحمل تاريخاً طافحاً بممارسات العنف الشديد والإرهاب من جهة، وتبث من جهة ثانية رسائل متناقضة حول المستقبل».

وأضافت المصادر: «وفي الحالتين ستواجه إسرائيل تحديات مستقبلية تتطلب بقاء طويل الأمد في المنطقة وتعزيز عدد القوات، ما قد يتطلب استدعاء قوات الاحتياط».

اليمين المتطرف

وتثير العمليات الإسرائيلية في الأراضي السورية قلقاً لدى أوساط عقلانية من أن تفتح شهية اليمين المتطرف على توسيع الاستيطان اليهودي في سوريا. ففي الأراضي التي تم احتلالها سنة 1967 أقامت إسرائيل نحو 30 مستوطنة يهودية، وتبرر إسرائيل احتلالها الأراضي السورية الجديدة بحماية هذه المستوطنات.

وقد لوحظ أن نتنياهو الذي وقف على أرض الجولان يوم الأحد الماضي، وأعلن إلغاء اتفاقية فصل القوات مع سوريا، تكلم خلال محاكمته الثلاثاء عن «شيء بنيوي يحصل هنا، هزة أرضية لم تكن منذ مائة سنة، منذ اتفاق (سايكس - بيكو 1916)».

وبحسب متابعين لسياسته فإنه لم يقصد بذلك إعطاء درس في التاريخ عن اتفاق من عام 1916 بين الدولتين العظميين الاستعماريتين في حينه، بريطانيا وفرنسا، اللتين قُسّمت بينهما أراضي الإمبراطورية العثمانية في الشرق الأوسط، وأوجدت منظومة الدول القائمة حتى الآن؛ بل قصد أنه يضع حداً لمنظومة الحدود في المنطقة.

ولربما باشر تكريس إرثه بصفته رئيس الحكومة الذي وسع حدود إسرائيل مثل دافيد بن غوريون وليفي أشكول، وليس الذي قلصها أو سعى لتقلصيها مثل مناحيم بيغن وإسحق رابين وأرئيل شارون وإيهود أولمرت وإيهود باراك.