نجاة كعناش.. من فتاة حلمت بنكهة الفانيليا إلى طاهية عالمية

ولدت في إسبانيا ولكن المغرب يجري في عروقها

الطاهية المغربية نجاة كعناش - تستخدم كعناش المنتجات المغربية وتمزجها مع الأطباق الأوروبية - من أطباق نجاة كعناش
الطاهية المغربية نجاة كعناش - تستخدم كعناش المنتجات المغربية وتمزجها مع الأطباق الأوروبية - من أطباق نجاة كعناش
TT

نجاة كعناش.. من فتاة حلمت بنكهة الفانيليا إلى طاهية عالمية

الطاهية المغربية نجاة كعناش - تستخدم كعناش المنتجات المغربية وتمزجها مع الأطباق الأوروبية - من أطباق نجاة كعناش
الطاهية المغربية نجاة كعناش - تستخدم كعناش المنتجات المغربية وتمزجها مع الأطباق الأوروبية - من أطباق نجاة كعناش

ولدت نجاة كعناش في مدينة سان سباستيان الواقعة في إقليم الباسك الإسباني، وهي تنحدر من عائلة مغربية هاجرت إلى إسبانيا.
غير أن كعناش تصف نفسها بأنها مغربية اكتسبت من الغرب الصفات الجميلة ومزجتها بعراقة الثقافة الشرقية والشمال أفريقية التي تربت عليها.
نجاة كعناش وبحسب ما تقول لم تكن سوى فتاة صغيرة تحلم بنكهة الفانيليا التي تذوقتها لاحقا في حياتها، لتصبح بعدها واحدة من أهم الطهاة الذين تتلمذوا على أيدي بعض من ألمع الأسماء في عالم الطهي، سافرت وتنقلت كثيرا ما بين أوروبا والمغرب والولايات المتحدة الأميركية وجنوب أميركا، وصقلت موهبتها من خلال دراسة الطهي واشتهرت بمدونة الطعام التي كتبتها على مدى أربع سنوات وعملت إلى جانب الطاهي فيران أدريا صاحب «إل بولي» أفضل مطعم في العالم لثلاث سنوات على التوالي، والشيف رينيه ريدزيبي صاحب مطعم «نوما» وتوماس كيلير وغرانت أشاتز والطاهي البريطاني اللامع المتخصص في المطبخ الجزئيي هيستون بلومنتال.
الطاهية كعناش موجودة حاليا في مدينة مراكش، وعلى الرغم من انشغالها في مشروعها الجديد حاليا، لم تبخل على «الشرق الأوسط» بحديث استهلته بالابتسامة والامتنان والإفراط باستعمال كلمة «الأمر مذهل» بالإشارة إلى التكلم إلى صحيفة عربية.
فتقول كعناش إنها ولدت في إسبانيا من أبوين مغربيين هاجرا إلى أوروبا لتأمين مستقبل أفضل، غير أن الدم المغربي يجري في عروقها، فهي تعشق الثقافة العربية والمطبخ الشرقي والشمال أفريقي، تعلمت الطهي على يد جدتها التي ولدت في جبال الأطلس وتروي كيف كانت تشاهد والدتها وخالتها تقومان بالطهي مع جدتها في مطبخ العائلة في إسبانيا، ولكنهن كن يحرصن على استخدام جميع المنتجات المغربية وتحديدا من جبال الأطلس مثل الزيتون والقمح، وهذا ما يفسر ذوقها وذائقتها في الطعام، فتقول: «أنا أعشق المأكولات الإسبانية المطعمة بالمطبخ المغربي، وأنا ممتنة لأني فتحت عيوني على ثقافتين مختلفتين استطعت من خلالهما خلق ثقافتي الخاصة بالأكل».
وسألناها عن رأيها في سبب قلة عدد الطاهيات بالمقارنة مع عدد الطهاة الرجال، على الرغم من أن السيدات هن من يتولى مهمة الطهي في المنزل، فردت بأن هذا الأمر يحدث في المغرب وباقي بقاع العالم والسبب هو أن مهنة الطهي هي أشبه بمهنة الرياضي أو رافع الأثقال وقائد الأوركسترا والضابط العسكري معا، وهذا يعني أن هذه المهنة صعبة وتتطلب طاقة جسدية قوية وساعات عمل طويلة وقاسية لا تناسب عادة الأمهات العاملات وقد يكون هذا هو السبب الذي دعا بالمطاعم لتفضيل الرجال لأنهم يتمتعون ببنية بدنية أقوى ويتحملون العمل تحت الضغط أكثر من النساء. وتستدرك كعناش وتقول: «هذا لا يمنع أن تحقق المرأة حلمها وتصبح طاهية على الرغم من صعوبات المهنة، فأنا أعشق فيلم (جي آي جاين) (لا تينتي أو نيل) لأنه يصور المرأة التي تستغل موهبتها ومواظبتها وإصرارها على تحقيق حلمها لتكون ضمن برنامج عسكري نخبوي لا ينتمي إليه إلا (الأسود) أي الرجال».
وتابعت: «أنا لا أنظر إلى نفسي كامرأة عاجزة عن تحقيق أحلامي التي يراها البعض وكأنها حكر على الرجال إنما أنظر إلى نفسي كإنسان يسعى إلى تحقيق ذاته وما يراه البعض أنه مستحيل».
تعلمت الطبخ على يد جدتها إلا أن مثلها الأعلى هو والدها لأنها تعلمت منه العمل الدؤوب والمنظم لتحقيق أي حلم.
وتقول إنها كانت تزور عائلتها في منطقة تازة وفي كل مرة كانت تذهب إلى المغرب كانت تشعر بفرح كبير يعم عروقها وكانت تشعر بأن هذا هو بيتها الحقيقي أي في الأرض التي تتشبث بها جذورها وعروقها.
تتلمذت على يد أهم طهاة العالم واستفادت من تجاربهم، فتقول عن الطاهي فيران أدريا إنه فتح لها باب مطبخه على مصراعيه وتعلمت منه كيفية التعامل مع المطبخ وكأنه مختبر علمي، وتقول إن تجربتها معه جعلتها تتأكد من شغفها بأن تصبح طاهية محترفة واكتشفت حينها أنها ليست نزوة جنونية فقط. ومع الشيف رينيه ريدزيبي تعلمت الأناقة والبساطة في الطعام أما الطاهي توماس كيلير فكان له الفضل في تعليمها بأن النظافة والنقاوة والاحترام هي ترجمة حرفية للكمال.
وعن فلسفتها في الطبخ تقول نجاة إن أهم مكون في المطبخ هو «الحب» وتضيف: «ليس كل الطهاة فنانين إنما جميعهم يطهون بحب» وبالنسبة للطهاة المغربيين هذا الأمر ضروري لأنهم جميعهم يحضرون الطعام بحب عارم، فتحضير الطعام هو أشبه بتأليف قطعة موسيقية.
وعن استخدام المكونات المغربية في الأطباق الغربية تقول كعناش: «المطبخ المغربي نجح في مزج المذاق الحلو مع المذاق المالح، فعلى سبيل المثال تعلمت من المطبخ المغربي استعمال الفواكه المجففة والقرفة في الأطباق المالحة لأنها تعطيها نوعا من الدفء والنكهة، فأنا أحمل هذه المكونات معي منذ طفولتي وأضخها في أطباقي».
عن الصعوبة التي واجهتها في بداية مشوارها تقول نجاة إن الصعوبة الأكبر كانت تكمن في كونها امرأة ولكن لا يوجد أي مستحيل في حال كانت هناك إرادة.
لا تؤمن بتزاوج المطابخ «Fusion» وطبقها المفضل ساندويتش سردين، فكانت أمها تحضره بشكل رائع يمزج ما بين سان سباستيان وتازة في المغرب وهذا الساندويتش يحمل كثيرا من ذكريات الطفولة.
وعن مشاريعها المستقبلية وسبب وجودها في المغرب حاليا تقول نجاة إنها اليوم تستجمع المعلومات الوافية عن المطبخ المغربي وتتعلم أصول الطهي في جبال الأطلس وتسعى أن تنشر ثقافة الطعام المغربي بشكل أوفى في العالم لأن هناك نقصا في المطاعم المغربية حول العالم وهدفها بالنهاية افتتاح مطعمها الخاص لمشاركة الذواقة أطباقها.



ما قصة «الفوندو» وأين تأكله في جنيف؟

ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
TT

ما قصة «الفوندو» وأين تأكله في جنيف؟

ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)

إذا كنت من محبي الأجبان فستكون سويسرا من عناوين الأكل المناسبة لك؛ لأنها تزخر بأنواع تُعد ولا تُحصى من الأجبان، بعضها يصلح للأكل بارداً ومباشرة، والأصناف الأخرى تُؤكل سائحة، ولذا يُطلق عليها اسم «فوندو» أو «ذائبة».

من أشهر الأجبان السويسرية: «الفاشرين» Vacherin، و«الغرويير»، و«الراكليت»، و«الإيمينتال»، ويبقى طبق «الفوندو» الأشهر على الإطلاق، لا سيما في فصل الشتاء؛ لأنه يلمّ شمل العائلة حوله، وترتكز فكرته على المشاركة، والنوع الأفضل منه يُطلق عليه اسم «مواتييه مواتييه»، ويعني «نصف - نصف»، وهذه التسمية جاءت من مزج نصف كمية من جبن «الفاشرين»، والنصف الآخر من جبن «الإيمينتال»، يُؤكل ذائباً بعد وضعه في إناء خاص على نار خافتة، يتناوله الذوّاقة عن طريق تغميس مكعبات لذيذة من الخبز الطازج وبطاطس مسلوقة صغيرة الحجم في الجبن إلى جانب البصل والخيار المخلل.

جلسة خارجية تناسب فصل الصيف (الشرق الاوسط)

عندما تزور مدينة جنيف لا بد أن تتوجه إلى القسم العتيق منها حيث تنتشر المقاهي والمطاعم المعروفة فيها، وبالقرب من الكاتدرائية لن يغفل عنك مطعم «ليه أرمور» Les Armures، المعروف كونه أقدم المطاعم السويسرية في جنيف، ويقدّم ألذ الأطباق التقليدية، على رأسها: «الراكليت»، و«الفوندو»، واللحم المجفف، و«الروستي» (عبارة عن شرائح بطاطس مع الجبن).

يستوقفك أولاً ديكور المطعم الذي يأخذك في رحلة تاريخية، بدءاً من الأثاث الخشبي الداكن، ومروراً بالجدران الحجرية النافرة، والأسقف المدعّمة بالخشب والمليئة بالرسومات، وانتهاء بصور الشخصيات الشهيرة التي زارت المطعم وأكلت فيه، مثل: الرئيس السابق بيل كلينتون، ويُقال إنه كان من بين المطاعم المفضلة لديه، وقام بتجربة الطعام فيه خلال إحدى زياراته لجنيف في التسعينات.

جانب من المطعم الاقدم في جنيف (الشرق الاوسط)

يعود تاريخ البناء إلى القرن السابع عشر، وفيه نوع خاص من الدفء؛ لأن أجواءه مريحة، ويقصده الذوّاقة من أهل المدينة، إلى جانب السياح والزوار من مدن سويسرية وفرنسية مجاورة وأرجاء المعمورة كافّة. يتبع المطعم فندقاً من فئة «بوتيك»، يحمل الاسم نفسه، ويحتل زاوية جميلة من القسم القديم من جنيف، تشاهد من شرفات الغرف ماضي المدينة وحاضرها في أجواء من الراحة. ويقدّم المطعم باحة خارجية لمحبي مراقبة حركة الناس من حولهم، وهذه الجلسة يزيد الطلب عليها في فصل الصيف، ولو أن الجلوس في الداخل قد يكون أجمل، نسبة لتاريخ المبنى وروعة الديكورات الموجودة وقطع الأثاث الأثرية. ويُعدّ المطعم أيضاً عنواناً للرومانسية ورجال الأعمال وجميع الباحثين عن الأجواء السويسرية التقليدية والهدوء.

ديكور تقليدي ومريح (الشرق الاوسط)

ميزة المطعم أنه يركّز على استخدام المواد محلية الصنع، لكي تكون طازجة ولذيذة، تساعد على جعل نكهة أي طبق، ومهما كان بسيطاً، مميزة وفريدة. الحجز في المطعم ضروري خصوصاً خلال عطلة نهاية الأسبوع. أسعاره ليست رخيصة، وقد تتناول «الفوندو» بسعر أقل في مطعم آخر في جنيف، ولكن يبقى لـ«Les Armures» سحره الخاص، كما أنه يتميّز بالخدمة السريعة والجيدة.

فوندو الجبن من أشهر الاطباق السويسرية (الشرق الاوسط)

ما قصة «الفوندو» السويسري؟

«الفوندو» السويسري هو طبق تقليدي من أطباق الجبن المميزة التي يعود أصلها إلى المناطق الجبلية والريفية في جبال الألب السويسرية، ويُعد اليوم رمزاً من رموز المطبخ السويسري. يعتمد هذا الطبق على فكرة بسيطة، ولكنها فريدة؛ إذ تتم إذابة الجبن (عادة مزيج من عدة أنواع مثل «غرويير» و«إيمينتال») في قدر خاص، يُدعى «كاكلون» Caquelon، ويُوضع فوق موقد صغير للحفاظ على حرارة الجبن. يُغمس الخبز في الجبن المذاب باستخدام شوكات طويلة، مما يمنح كل قطعة خبز طعماً دافئاً وغنياً.

مبنى "ليه أرمور" من الخارج (الشرق الاوسط)

كان «الفوندو» يُعد حلاً عملياً لمواجهة ظروف الشتاء القاسية، حيث كانت الأسر السويسرية تعتمد بشكل كبير على الأجبان والخبز غذاء أساساً، ومع قسوة الشتاء وندرة المؤن، كانت الأجبان القديمة التي أصبحت صلبة وإعادة استخدامها بتلك الطريقة تُذاب. وقد أضاف المزارعون لاحقاً قليلاً من النبيذ الأبيض وبعض التوابل لتحسين الطعم وتسهيل عملية إذابة الجبن.

مع مرور الوقت، ازداد انتشار «الفوندو» ليصبح طبقاً سويسرياً تقليدياً ورمزاً وطنياً، خصوصاً بعد أن روّج له الاتحاد السويسري لتجار الجبن في ثلاثينات القرن العشرين. جرى تقديم «الفوندو» في الفعاليات الدولية والمعارض الكبرى، مثل «المعرض الوطني السويسري» عام 1939؛ مما ساعد في التعريف به دولياً. أصبح «الفوندو» في منتصف القرن العشرين جزءاً من الثقافة السويسرية، وجذب اهتمام السياح الذين يبحثون عن تجربة الطهي السويسرية التقليدية.

من أقدم مطاعم جنيف (الشرق الاوسط)

هناك أنواع مختلفة من «الفوندو»، تعتمد على المكونات الأساسية:

• «فوندو الجبن»: الأكثر شيوعاً، ويُستخدم فيه عادة خليط من أنواع الجبن السويسري، مثل: «غرويير»، و«إيمينتال»، والقليل من جوزة الطيب.

• «فوندو الشوكولاته»: نوع حلو تتم فيه إذابة الشوكولاته مع الكريمة، ويُقدّم مع قطع من الفواكه أو قطع من البسكويت.

• «فوندو اللحم» (فوندو بورغينيون): يعتمد على غمر قطع اللحم في قدر من الزيت الساخن أو المرق، وتُغمس قطع اللحم بعد طهيها في صلصات متنوعة.

اليوم، يُعد «الفوندو» تجربة طعام اجتماعية مميزة؛ حيث يلتف الأصدقاء أو العائلة حول القدر الدافئ، ويتبادلون أطراف الحديث في أثناء غمس الخبز أو اللحم أو الفواكه؛ مما يعزّز من روح المشاركة والألفة.