خبير دولي: نشهد ميلاد هيكل جديد للنظام الاقتصادي العالمي

باراغ خانا قال إننا ندخل عصر «حضارة الشبكات»

د. باراغ خانا الباحث والخبير الاستراتيجي العالمي
د. باراغ خانا الباحث والخبير الاستراتيجي العالمي
TT

خبير دولي: نشهد ميلاد هيكل جديد للنظام الاقتصادي العالمي

د. باراغ خانا الباحث والخبير الاستراتيجي العالمي
د. باراغ خانا الباحث والخبير الاستراتيجي العالمي

قال الدكتور باراغ خانا الباحث والخبير الاستراتيجي العالمي إنه على الرغم من حالة الغموض التي تسيطر على أوضاع العالم حاليًا، فإنه من المتاح دائمًا من خلال البحث والتحليل الوصول إلى ثوابت يمكن الاعتماد عليها والوثوق بها في عمليات التخطيط، مشيرًا إلى أن المرحلة الحالية تشهد ميلاد «هيكل جديد للنظام العالمي»، وهو الأمر الذي يحدث كل 500 عام، مشيرا إلى أن العصر الجديد يدعى «حضارة الشبكات».
وقال خانا إن البنى الأساسية فيما سماه بـ«العالم المترابط» ستتوزع ضمن ثلاث فئات أساسية وهي: النقل، والطاقة، والاتصالات، وعلى ذلك فإن كل ما أنتجه العالم من شبكات الربط بمختلف أنواعها سواء من طرق للمركبات أو القطارات، وكذلك الربط عبر أنابيب الغاز، والنفط، وكابلات الكهرباء، والإنترنت تندرج جميعها تحت هذه العناصر الثلاثة؛ موضحًا أن إجمالي أطوال البنى الأساسية في العالم تصل إلى 75 مليون كيلومتر، في حين أن إجمالي أطوال الحدود السياسية بين الدول يبلغ 500 ألف كيلومتر فقط.
وأضاف الباحث والخبير الاستراتيجي في حديث خلال الجلسة الثانية من «مجلس دبي للمعرفة» التي ينظمها المكتب الإعلامي لحكومة دبي، أن ذلك يعني رغبة البشر في الترابط والتواصل فاقت الفواصل السياسية بنسبة تصل إلى 150 إلى واحد، متوقعًا بأن تزيد هذه الفجوة في المستقبل، وذلك لرغبة الشعوب في بناء مزيد من قنوات ودروب الارتباط والتواصل فيما بينها.
وأوضح خانا أن تلك البنى الأساسية بفئاتها الثلاث قادرة على عبور الحدود؛ لذا فإن هناك مجموعة كبيرة من شبكات الطرق وأنابيب النفط والغاز التي تمر عبر عدة دول وهو ما لم يكن موجودًا قبل بضعة عقود، مشيرا إلى أن المرحلة الحالية تشهد ميلاد هيكل جديد للنظام العالمي وهو الأمر الذي يحدث كل 500 عام، فبعد العصور الوسطى بدأ العصر الحديث، ومن ثم شارف على الانتهاء ليبدأ عصر يمكن أن نطلق عليها عصر «حضارة الشبكات» التي تعتمد بشكل جوهري على ما يمكن وصفه بـ«ثورة الترابط والتواصل».
ونوّه الخبير العالمي أن بداية هذا العصر الجديد تمثل فرصة قيِمة من الممكن أن تحمل مكاسب كبيرة لمن يستطيع فهم مكونات النظام الجديد، والذي تلعب فيه سلاسل الإمداد الاقتصادي والبنى الأساسية دورًا محوريًا لا غنى عنه بحيث تعتمد سلاسل الإمداد الاقتصادي على البني الأساسية لتلبية الطلب وبالتالي تعزيز أواصر الروابط بين المدن، وهو ما يشير إلى أن هبوط أسعار النفط كان متوقعًا بسبب الزيادة الكبيرة في مصادر الطاقة، ما جعل العرض يفوق الطلب في السوق العالمي، منوهًا بأن قانون «العرض والطلب» هو القانون الأهم الذي حكم العالم على مر التاريخ.
وشدد خانا على أن الهيكل الجديد للنظام العالمي يتسم بالمرونة والقدرة على الحركة ما يعني أنه لن يتأثر بالتغيرات والاضطرابات الجيوسياسية كما في السابق، بل بشكل أقل حدة نظرًا لكثرة البدائل المتاحة عبر زيادة «ترابط» العالم، وضرب مثالا على ذلك بإقدام الحكومة الصينية على الاستثمار في بناء السفن العملاقة القادرة على شق طريقها عبر جليد المحيط المتجمد الشمالي، وهو الأمر ذاته الذي يفسر هبوط أسعار النفط على الرغم من وجود مجموعة كبيرة من الاضطرابات السياسية المنتشرة عبرة شتى مناطق العالم.
وأضاف أن «زيادة هذا الترابط العالمي سيؤدي بلا شك إلى وجود فائزين وخاسرين ويبقى ذلك مرهونا بموقعهم على خريطة سلاسل الإمداد الاقتصادي العالمية ومدى ومستوى إسهامهم فيها، مشيرًا إلى الدور الكبير والمهم الذي تلعبه الصين في الاقتصاد العالمي لكونها الشريك الاقتصادي الأكبر لنحو 124 دولة في العالم؛ أي ضعف بعض أكبر الشركاء الاقتصاديين العالميين ومن بينهم الولايات المتحدة التي تُعتبر الشريك الأكبر لـ56 دولة فقط».
وزاد أن «الحكومة الصينية قامت منذ مطلع التسعينات بضخ استثمارات ضخمة (تتجاوز مائة مليار دولار) في البنى الأساسية لجاراتها البالغ عددها 14 دولة، وذلك بهدف تعظيم استفادتها من الموارد الطبيعية المتاحة في تلك الدول المجاورة لها دون الحاجة إلى الانزلاق إلى صراعات سياسية أو عسكرية».
وحول أبرز السمات التي ستميز مستقبل العالم، قال الخبير العالمي باراغ خانا إن «المدن العملاقة» ستواصل هيمنتها على الاقتصاد العالمي، لافتًا إلى وجود نحو 35 مدينة عالمية «عملاقة»، ونحو 50 منطقة اقتصادية كبرى مرتبطة بها، تمثل جميعها وحدات إنتاجية متكاملة وقادرة على التموضع بالشكل الصحيح في قلب النظام الجديد، متوقعًا أن تبقي تلك المدن على هيمنتها على اقتصاد العالم خلال العقدين القادمين مع مواصلة نموها الديموغرافي بذات الوتيرة، باستثناء مدينة واحدة وهي طوكيو وذلك لتراجع أعداد السكان فيها.
وأكد الدكتور باراغ خانا أن «المناطق الاقتصادية الخاصة» تعد من أهم قاطرات الاقتصاد العالمي، حيث يوجد منها حاليًا نحو 4000 منطقة موزعة على 135 دولة؛ ويبلغ إجمالي صادرات تلك المناطق مائتي مليار دولار.
من جهتها قالت منى المرّي، المدير العام للمكتب الإعلامي لحكومة دبي إن «مجلس دبي للمعرفة» يركز على استعراض أهم التطورات العالمية والإقليمية الراهنة والتغيرات الجيوسياسية ذات التأثيرات الواضحة على العالم والمنطقة، وذلك من خلال استضافة نخبة من الخبراء العالميين من أصحاب الفكر المبدع والرؤى الاستراتيجية لمناقشتهم في أفكارهم وتصوراتهم وتحليلاتهم لتلك التطورات وتأثيراتها المحتملة على مستقبل المنطقة والعالم، بما يدعم عملية اتخاذ القرار بأسلوب فعّال يواكب تلك التطورات ويؤكد الاستفادة مما قد تثمر عنه من فرص.



بكين تنتقد مساعي أميركية لإشعال «حرب الثوم»

مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
TT

بكين تنتقد مساعي أميركية لإشعال «حرب الثوم»

مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)

حثت وزارة الخارجية الصينية يوم الجمعة الساسة الأميركيين على ممارسة المزيد من «الحس السليم» بعد أن دعا عضو في مجلس الشيوخ الأميركي إلى إجراء تحقيق في واردات الثوم الصيني، مستشهدا بمخاوف بشأن سلامة الغذاء وممارسات العمل في البلاد.

وكتب السيناتور الجمهوري ريك سكوت إلى العديد من الإدارات الحكومية الأميركية هذا الأسبوع، واصفا في إحدى رسائله الثوم الصيني بأنه «ثوم الصرف الصحي»، وقال إن استخدام البراز البشري سمادا في الصين أمر يثير القلق الشديد.

وفي رسائل أخرى، قال إن إنتاج الثوم في الصين قد ينطوي على ممارسات عمالية استغلالية وإن الأسعار الصينية المنخفضة تقوض جهود المزارعين المحليين، ما يهدد الأمن الاقتصادي الأميركي.

وتعتبر الولايات المتحدة الصين أكبر مورد أجنبي لها للثوم الطازج والمبرد، حيث يتم شحن ما قيمته ملايين الدولارات منه عبر المحيط الهادئ سنويا.

وقالت ماو نينغ، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، عندما سُئلت في مؤتمر صحافي دوري عن رسائل سكوت: «لم يكن الثوم ليتخيل أبداً أنه سيشكل تهديداً للولايات المتحدة... ما أريد التأكيد عليه هو أن تعميم مفهوم الأمن القومي وتسييس القضايا الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية وتسليحها لن يؤدي إلا إلى زيادة المخاطر الأمنية على سلسلة التوريد العالمية، وفي النهاية إلحاق الضرر بالآخرين وبنفسنا». وأضافت: «أريد أيضاً أن أنصح بعض الساسة الأميركيين بممارسة المزيد من الحس السليم والعقلانية لتجنب السخرية».

ومن المتوقع أن تتصاعد التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم عندما يعود دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني)، بعد أن هدد بفرض تعريفات جمركية تتجاوز 60 في المائة على واردات الولايات المتحدة من السلع الصينية.

وخلال فترة ولاية ترمب الأولى، تعرض الثوم الصيني لزيادة التعريفات الجمركية الأميركية إلى 10 في المائة في عام 2018، ثم إلى 25 في المائة في عام 2019. وكان الثوم من بين آلاف السلع الصينية التي فرضت عليها تعريفات جمركية أعلى خلال الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين والتي كانت السمة المميزة لرئاسته.

ومن غير المرجح أن تهز أي إجراءات عقابية على الثوم الصيني وحده التجارة الثنائية الإجمالية، حيث تمثل شحناته جزءاً ضئيلاً فقط من صادرات الصين البالغة 500 مليار دولار إلى الولايات المتحدة العام الماضي.

وفي سياق منفصل، قال المكتب الوطني الصيني للإحصاء يوم الجمعة إن إجمالي إنتاج الحبوب في الصين بلغ مستوى قياسيا يتجاوز 700 مليون طن متري في عام 2024، مع تحرك بكين لتعزيز الإنتاج في سعيها لتحقيق الأمن الغذائي.

وقال وي فنغ هوا، نائب مدير إدارة المناطق الريفية، في بيان، إن إنتاج العام في أكبر مستورد للحبوب في العالم بلغ 706.5 مليون طن، بعد حصاد أكبر من الأرز الأساسي والقمح والذرة. وأظهرت بيانات المكتب أن هذا أعلى بنسبة 1.6 في المائة من حصاد عام 2023 البالغ 695.41 مليون طن.

وقال وي: «كان حصاد الحبوب هذا العام وفيراً مرة أخرى، بعد أن تبنت المناطق والسلطات الصينية بشكل صارم مهام حماية الأراضي الزراعية والأمن الغذائي، مع التغلب على الآثار السلبية للكوارث الطبيعية».

وتعتمد الصين بشكل كبير على الواردات من البرازيل والولايات المتحدة لإطعام سكانها البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة. وفي السنوات الأخيرة، كثفت الصين استثماراتها في الآلات الزراعية وتكنولوجيا البذور في إطار الجهود الرامية إلى ضمان الأمن الغذائي. وأظهرت البيانات أن إنتاج الأرز في عام 2024 ارتفع إلى 207.5 مليون طن، بزيادة 0.5 في المائة على أساس سنوي، في حين نما إنتاج القمح بنسبة 2.6 في المائة إلى 140.1 مليون طن. وشهد الذرة قفزة أكبر عند مستوى قياسي بلغ 294.92 مليون طن، بزيادة 2.1 في المائة عن العام السابق. وانخفضت فول الصويا بنسبة 0.9 في المائة إلى 20.65 مليون طن.

ويعزى الحصاد الوفير إلى زيادة زراعة الأرز والذرة، بالإضافة إلى غلة أفضل من الأرز والقمح والذرة.

وقال وي إن المساحة المزروعة بالحبوب على المستوى الوطني بلغت حوالي 294.9 مليون فدان (119.34 مليون هكتار)، بزيادة 0.3 في المائة عن العام السابق في السنة الخامسة على التوالي من التوسع.

وارتفعت مساحة زراعة الأرز للمرة الأولى منذ أربع سنوات، بنسبة 0.2 في المائة على أساس سنوي إلى 71.66 مليون فدان (29 مليون هكتار). كما ارتفعت مساحة زراعة الذرة بنسبة 1.2 في المائة إلى 110.54 مليون فدان (44.74 مليون هكتار). وانكمش حجم زراعة فول الصويا بنسبة 1.4 في المائة إلى 25.53 مليون فدان (10.33 مليون هكتار). كما انخفض حجم زراعة القمح بنسبة 0.2 في المائة إلى 58.32 مليون فدان (23.6 مليون هكتار).

وقالت وزارة الزراعة الصينية إنه على الرغم من زيادة الإنتاج، تظل الصين معتمدة على الإمدادات المستوردة من فول الصويا والذرة.