وزراء المالية العرب يختتمون اجتماع المنامة بخطط مواجهة الضغوط الاقتصادية

توافقوا على ضرورة التخلص التدريجي من دعم الطاقة وإيجاد بدائل تعاونية للتنويع الاقتصادي

وزراء المالية العرب يختتمون اجتماع المنامة بخطط مواجهة الضغوط الاقتصادية
TT

وزراء المالية العرب يختتمون اجتماع المنامة بخطط مواجهة الضغوط الاقتصادية

وزراء المالية العرب يختتمون اجتماع المنامة بخطط مواجهة الضغوط الاقتصادية

في مظاهرة مالية هي الأولى من نوعها بالمنامة، اتجهت توصيات وزراء المال العرب والهيئات والصناديق التمويلية العربية في ختام أعمال اجتماعاتهم، أمس، إلى إعداد ورقة عمل مشتركة للرد على تصورات صندوق النقد والبنك الدوليين بخصوص روشتة الإصلاح الهيكلي لاقتصاديات المنطقة.
وجاءت الاجتماعات في ظل أوضاع دولية وإقليمية مهمة وضاغطة، كان أبرزها المتغيرات السياسية الإقليمية، التي كلفت البلدان الست الواقعة في محيطها نحو تريليون دولار خلال الأعوام الماضية. إضافة إلى تدني عائدات النفط، وما ترتب عليه من عجز متفاقم في موازنات الدول العربية المصدرة له، وما يترتب عليه من إصلاحات هيكلية مختلفة عليها.

مسار بيني

وعلمت «الشرق الأوسط» من كواليس الاجتماعات أن التوصيات المقرر أن تصدر عن نقاشات الوزراء ومحافظي البنوك والمصارف المركزية العربية وصناديق التمويل العربية، قد اتخذت مسارا بينيا تحيطه «خطوط حمراء» من الصعب تجاوزها، فيما يتعلق بالشق الاجتماعي للإصلاحات الاقتصادية العربية الهيكلية، بالإضافة إلى توصية محددة الإشارات لمرور الاقتصاديات «المتهيكلة» من عنق زجاجة الفترة الحرجة التي يجتمع خلالها الهاجس الاقتصادي بالهموم المعيشية اليومية للمواطنين.
وحول العلاقة بين الدولار الأميركي وعملات الأقطار العربية المصدرة للنفط، علق محافظ المصرف المركزي البحريني، رشيد المعراج، باقتضاب قائلا: «لقد أعلناها مرارا، سياسة تثبتية واضحة بين سعر صرف الدينار البحريني والدولار الأميركي».

استمرار التنويع

وبشأن إجراءات الإصلاح الاقتصادي، تحدث وزير المالية البحريني الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة، بالنيابة عن الوزراء العرب، قائلا: «لقد قطعنا جميعا أشواطا لا يستهان بها في مجال الإصلاح الاقتصادي، خصوصا الدول المصدرة للنفط التي بادرت باستجابات سريعة حيال التراجع في الأسعار من خلال إصلاحات هيكلية في المالية العامة، من دون الاعتماد على الاحتياطات النقدية المتوفرة وحدها». موضحا أن الأولويات في هذا الصدد تكمن في مواصلة استراتيجيات التنويع الاقتصادي والعمل على زيادة الإيرادات غير النفطية، وضبط نفقات الأجور والرواتب، بالإضافة إلى الخروج التدريجي من سياسات دعم الطاقة، إلى جانب تقوية كفاءة الاستثمارات العامة، الأمر الذي يتطلب خططا متوسطة وطويلة الأجل لتحقيق أوضاع مالية مستدامة وإيجاد البيئة المحفزة لنمو وازدهار القطاع الخاص.

رفض تمويل {الربيع}

وكان واضحا من مناقشات هيئات وصناديق التمويل العربية أن هذه الجهات تشبثت بمبلغ الدعم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الخاصة بالوطن العربي، والبالغة نحو ملياري دولار، بالإضافة إلى رفض فكرة إنشاء صندوق عربي لتمويل الدول المتضررة مما يسمى أحداث «الربيع العربي».
في المقابل، ومثلما شدد وزير المالية البحريني، فإنه على الرغم من الحيز المالي المتاح للدول العربية المستوردة للنفط جراء انخفاض الأسعار العالمية من جهة، والتحسن في النشاط الاقتصادي لمنطقة اليورو من جهة أخرى، فإن هذه الدول ربما تكون معنية أكثر من غيرها بمواصلة اتباع سياسات اقتصادية ومالية فعالة، مع استمرار الإصلاحات الهيكلية المناسبة لتعزيز مواجهة الصدمات الخارجية، حيث طالب الوزير بأن تشمل هذه السياسات جهودا محددة لتحقيق العدالة الضريبية، وتطوير نظم وآليات الدعم، وبناء شبكات الحماية الاجتماعية بما يحرر المواد اللازمة للاستثمار في البنية التحتية والتنمية البشرية.

«بيان عرضي»

وبصرف النظر عن دخول «بيان عرضي» إلى المؤتمر في يومه الثاني والأخير أمس، يحمل صكوكا إسلامية سيادية بقيمة 61 مليار دولار لدول منطقة الشرق الأوسط قاطبة، إلا أن وزراء المالية العرب اعترفوا بالتحديات التي تواجهها الاقتصاديات العربية في ظل عدة عوامل، أولها: استمرار تباطؤ النشاط الاقتصادي العالمي وحركة التجارة الدولية. وثانيها: انخفاض الأسعار العالمية للسلع الأساسية، وفي مقدمتها النفط. وثالثها: تأثر عدد من الدول العربية بتطورات داخلية عكست نفسها بقوة على مجمل النشاط الاقتصادي، وبالتالي على مفاصل استقراره. ورابعها: أن كل هذا أدى مجتمعا إلى صعوبة ضبط الأوضاع المالية في مجملها، ومضاعفة تلك التحديات وتصعيب المهمة أمام صناع القرار لتحقيق استقرار أمثل لأسواق التمويل والصرف.
وكان العنصر الأخير أن الظلال الكثيفة التي تمخضت عن تلك الأوضاع عرقلت بشكل أو بآخر مساعي إرساء ما يطلق عليه «النمو الشامل والمستدام»، ذلك أن تقديرات النمو العربية رغم تحسنها النسبي ما زالت تعاني من الانضغاط تحت خط المستويات المطلوبة لمواجهة ارتفاع البطالة بين فئات الشباب، التي تعد الأعلى بين المجموعات الإقليمية المماثلة، وهو ما يفرض أن تحظى السياسات الرامية إلى مواجهة تلك المعضلة بتحقيق أقصى معدلات الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية دون إغفال لضرورة إعمال الانضباط المالي والنقدي، وما يتطلبه من إصلاحات هيكلية شاملة.

قوة دافعة

وطالب وزير المالية البحريني مجددا بـ«عدم اليأس»، وأن تكون هذه التحديات بمثابة القوة الدافعة لاستحداث قطاعات جديدة، وإرساء قواعد الاقتصاد المعرفي ومواكبة المتطلبات الحديثة، مع زيادة إنتاجية المرافق الصناعية والخدمية المختلفة، وتكريس مفاهيم الأمن والسلامة البيئية، علاوة على الاستخدام الأمثل للطاقة باعتبارها ركنا محوريا للتنمية المستدامة.
واتفق الوزراء على إيجاد بنية مؤسسية داعمة للعمل التنموي العربي المشترك، ممثلة في هيئاتها المالية، وأكدوا إيجاد حاجة ملحة بدعم سياسات التنويع الاقتصادي وتحقيق الإصلاحات الهيكلية وبناء القدرات الذاتية والتعاونية ورفع المستوى المعيشي للمواطن العربي، وإيجاد فرص عمل جديدة من خلال تحفيز القطاع الخاص وجذبه نحو الاستثمار، وكذلك تقوية أسواق التمويل المحلية والاهتمام بدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتطوير أسواق العمل وزيادة مرونتها. كما طالبت الاجتماعات بتعزيز التكامل الاقتصادي العربي، وتشجيع الاستثمارات العربية البينية.



«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
TT

«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)

علَّق البنك المركزي الصيني شراء سندات الخزانة يوم الجمعة، مما رفع العائدات لفترة وجيزة وأثار تكهنات بأنه يكثف دفاعه عن عملة اليوان التي تتراجع منذ انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة.

وتقطع هذه الخطوة خمسة أشهر من الشراء، وتتزامن مع موجة بيع شرسة في أسواق السندات العالمية، مما يشير إلى أن بنك الشعب الصيني يحاول أيضاً ضمان ارتفاع العائدات في الداخل بالتوازي، أو على الأقل وقف الانخفاض، كما يقول المحللون.

وعقب الإعلان عن الخطوة، ارتفعت العائدات التي تتحرك عكسياً مع أسعار السندات، رغم أن أسعار الفائدة القياسية لأجل عشر سنوات كانت أقل قليلاً بحلول المساء.

ويشير التحول في السياسة واستجابة السوق الحذرة، إلى محاولة بنك الشعب الصيني إحياء النمو الاقتصادي من خلال الحفاظ على ظروف نقدية ميسرة في حين يحاول أيضاً إخماد ارتفاع السندات الجامح، وفي الوقت نفسه استقرار العملة وسط حالة من عدم اليقين السياسي والاقتصادي.

وقال محللون في «كومرتس بنك» في مذكرة: «لقد أشار البنك إلى استعداده لتخفيف السياسة بشكل أكبر... ومع ذلك، فإن ضعف اليوان بسبب الدولار القوي واتساع الفارق مع أسعار الفائدة الأميركية من شأنه أن يعقد موقف بنك الشعب الصيني».

واستشهد بنك الشعب الصيني بنقص السندات في السوق كسبب لوقف عمليات الشراء، والتي كانت جزءاً من عملياته لتخفيف الأوضاع النقدية وتعزيز النشاط الاقتصادي.

وكان عائد سندات الخزانة الصينية لأجل عشر سنوات قد ارتفع في البداية أربع نقاط أساس، لكنه انخفض في أحدث تداولات بأكثر من نصف نقطة أساس إلى 1.619 في المائة. وارتفع اليوان قليلاً رغم أنه كان يتداول عند مستوى ثابت حول 7.3326 يوان مقابل الدولار، وهو أدنى مستوى له في 16 شهراً.

وقال كين تشيونغ، كبير استراتيجيي النقد الأجنبي الآسيوي في بنك «ميزوهو»: «أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض قيمة اليوان هو اتساع فجوة العائد بين الصين والولايات المتحدة، لذا فإن البنك المركزي يرسل إشارة إلى السوق بأن معدل العائد من غير المرجح أن ينخفض ​​أكثر».

وقال البنك المركزي الصيني في بيان إنه سيستأنف شراء السندات عبر عمليات السوق المفتوحة «في الوقت المناسب حسب العرض والطلب في سوق السندات الحكومية».

وكانت أسعار السندات في الصين في ارتفاع مستمر منذ عقد من الزمان - وهو الارتفاع الذي بدأ في الزيادة منذ ما يقرب من عامين حيث تسببت مشكلات قطاع العقارات وضعف سوق الأسهم في تدفق الأموال إلى الودائع المصرفية وسوق الديون.

وهذا الأسبوع شهدت السوق موجة بيع عالمية، والتي زادت بفضل الطلب الذي لا يقاوم على الأصول الآمنة ومراهنات المستثمرين على المزيد من خفض أسعار الفائدة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وحذر بنك الشعب الصيني لشهور من مخاطر الفقاعة مع انخفاض العائدات طويلة الأجل إلى مستويات قياسية متتالية، على الرغم من أن السلطات في الوقت نفسه توقعت المزيد من التيسير. وهبطت العملة بنحو 5 في المائة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، ويرجع ذلك إلى حدٍ كبير إلى المخاوف من أن تهديدات ترمب بفرض تعريفات تجارية جديدة ستزيد من الضغوط على الاقتصاد الصيني المتعثر.

وقال هوانغ شيويفينغ، مدير الأبحاث في شركة «شنغهاي أنفانغ برايفت فاند كو» في شنغهاي، إنه يتوقع استمرار الاتجاه الهبوطي في عائدات السندات مع «استمرار السوق في التعامل مع وضع التكالب على الأصول»، حيث يوجد نقص في فرص الاستثمار الجيدة... ويوم الجمعة، نقلت «فاينانشيال نيوز»، وهي مطبوعة تابعة لبنك الشعب الصيني، عن أحد خبراء الاقتصاد قوله إن السوق يجب أن تتجنب التوقعات المفرطة بشأن تخفيف السياسة النقدية.

وفي الأسواق، أنهت أسهم الصين وهونغ كونغ الأسبوع على انخفاض مع امتناع المتداولين عن زيادة استثماراتهم في السوق وانتظار تدابير تحفيزية جديدة من بكين.

وأغلق مؤشر «سي إس آي 300» الصيني ومؤشر «شنغهاي المركب» على انخفاض بنحو 1.3 في المائة يوم الجمعة. وانخفض مؤشر هانغ سنغ القياسي في هونغ كونغ 0.9 في المائة. وعلى مستوى الأسبوع، انخفض مؤشر «سي إس آي 300» بنسبة 1.1 في المائة، بينما انخفض مؤشر هانغ سنغ بنسبة 3.5 في المائة.

وقال محللون بقيادة لاري هو، من مؤسسة «ماكواري» في مذكرة: «السؤال الرئيسي في عام 2025 هو مقدار التحفيز الذي سيقدمه صناع السياسات. سيعتمد ذلك إلى حد كبير على تأثير التعريفات الجمركية، حيث سيفعل صناع السياسات ما يكفي فقط لتحقيق هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي. ويشعر عدد قليل من المستثمرين أن السوق صاعدة، حيث تظل أرباح الشركات ضعيفة وسط ضعف الطلب المحلي. والرأي السائد هو أن السيولة ستصبح أكثر مرونة في عام 2025 ولكن النمو الاسمي سيظل بطيئاً».