نائب في ما يسمى بـ«حزب الله» يدافع عن المعتدين على مكاتب «الشرق الأوسط»

تكريساً لمفهوم «الانتقائية» للميليشيا تجاه المؤسسات الإعلامية

نائب في ما يسمى بـ«حزب الله» يدافع عن المعتدين على مكاتب «الشرق الأوسط»
TT

نائب في ما يسمى بـ«حزب الله» يدافع عن المعتدين على مكاتب «الشرق الأوسط»

نائب في ما يسمى بـ«حزب الله» يدافع عن المعتدين على مكاتب «الشرق الأوسط»

بعد الاعتداء على مكتب صحيفة «الشرق الأوسط» وسط العاصمة بيروت، بسبب رسم كاريكاتوري، دافع نواف الموسوي النائب في ميليشيا ما يسمى بـ «حزب الله» اللبناني، عن المعتدين على الصحيفة، واصفًا تخريب ممتلكات العاملين فيها بأّنه من سمات «حرية التعبير في لبنان». وانتقد في كلمة ألقاها خلال تأبين أحد عناصره الذي قتل في سوريا «عدم تحرك السلطات المعنية.. واتخاذ الإجراءات اللازمة لملاحقة من يتعرض للبنان واللبنانيين بالإهانة والإزدراء».
أمّا عن الشبان المحتجزين بتهمة تخريب مكاتب «الشرق الأوسط»، فاعتبر النائب الموسوي أنّ «ملاحقة هؤلاء الشبان هي ملاحقة مخالفة للقوانين اللبنانية التي تكفل حرية التعبير»، داعيًا إلى «التوقف عن ملاحقة الشبان الذين عبروا عن رأيهم الذي هو حق لهم، وعليه فإن ملاحقتهم هي عملية خارجة عن القانون».
الجدير بالذكر، أنها ليست المرّة الأولى التي يتعامل فيها الحزب بهذه الطريقة الهمجية ردًا على انتقادات تطوله، فحرية الاعلام على ما يبدو لديه، "حرية انتقائية"، ففي عام 2013 بثّت قناة «إل.بي.سي» في برنامجها «بس مات وطن» الساخر، حلقة تظهر شخصية تشبه أمين عام ما يسمى "حزب الله" حسن نصر الله؛ ولكن من دون تسميته، أثارت حينها موجة احتجاجات في لبنان وتهديدات للقناة ومقدمي البرنامج أدّت إلى توقيفه لفترة.
وتكرر سيناريو الاحتجاج بحشود غاضبة اندفعت إلى شوارع الضاحية الجنوبية باتجاه طريق المطار، فضلًا عن قطع للطرق وإحراق إطارات السيارات. وندد المحتجون بما اعتبروه مساسا بشخصية الأمين العام للحزب، وامتدت التظاهرات إلى بعض أحياء بيروت وشوارعها، وكذلك إلى الجنوب وبعلبك وحارة صيدا والنبطية وصور.
وتركزت السخرية من شخصية نصر الله في البرنامج، في التركيز على تبريره أخطاء حزب الله في ما يتعلق بالشأن السوري. على سبيل المثال، نسب البرنامج إلى شخصية نصر الله قوله: سلاحنا (في سوريا) كان يجب أن يشمل الغواصات والطائرات.
ولم يقف الغضب من قبل مؤيدي ما يسمى "حزب الله" عند التظاهرات، بل تطور إلى تنظيم حملات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو إلى مقاطعة القناة، مع اتهامات للقائمين عليها بالطائفية.
وحادثة الاعتداء على مكاتب "الشرق الأوسط" في بيروت ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة على مؤسسات إعلامية بحسب مراقبين. فالانتقائية الإعلامية لما يسمى بـ"حزب الله" ستدفعه لمهاجمة كل من يختلف معه، وتكريم من يمتدحونه.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.