موغيريني وولد الشيخ يؤكدان أهمية دعم الحوار اليمني

بروكسل تستضيف المبعوث الأممي لتبادل الأفكار حول سبل الدعم المطلوب

الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني مع المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد في بروكسل أمس (ا.ب.أ)
الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني مع المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد في بروكسل أمس (ا.ب.أ)
TT

موغيريني وولد الشيخ يؤكدان أهمية دعم الحوار اليمني

الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني مع المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد في بروكسل أمس (ا.ب.أ)
الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني مع المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد في بروكسل أمس (ا.ب.أ)

نبه المبعوث الأممي لليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، بأهمية الخطوات التي ستتخذ في الفترة المقبلة من أجل إنهاء الصراع في اليمن، وفي مقدمتها وقف العمليات القتالية في 10 أبريل (نيسان) الحالي، حسب ما تم الاتفاق عليه بين جميع الأطراف. وبدورها باركت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، مساعي ولد الشيخ من أجل التوصل إلى صيغة لوقف إطلاق النار ابتداء من يوم الأحد المقبل، وعقد جولة من المحادثات بين الأطراف، للتوصل إلى حل سلمي في اليمن بناء على القرارات الدولية. وقالت إن السلام في اليمن يصب في مصلحة منطقة الشرق الأوسط بكاملها، مضيفة أن على جميع الأطراف السياسية في اليمن فتح صفحة جديدة والالتزام بالحوار، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي يدعم الحوار ووقف إطلاق النار.
وجاء ذلك في مؤتمر صحافي مشترك عقد في بروكسل، أمس (الثلاثاء)، عقب محادثات بين الجانبين. وخلال تصريحاته، قال ولد الشيخ إن «وقف العمليات العدائية سيكون مقدمة لإطلاق محادثات سلام بين مختلف الأطراف في الكويت في 18 من أبريل الحالي»، وأوضح المبعوث الأممي أن المحادثات يجب أن تؤدي إلى تفاهم لإنهاء الصراع والعودة إلى عملية سلمية شاملة وحوار مستدام بين الأطراف، يحترم نصوص القرارات الدولية. وأشار ولد الشيخ أحمد إلى أن المحادثات ستركز على عدة نقاط، أهمها سحب الأسلحة من أيدي الميليشيات والجماعات المسلحة لصالح الدولة وإعداد ترتيبات أمنية مؤقتة والشروع بعملية سياسية شاملة.
هذا وركز ولد الشيخ على ضرورة أن يعي العالم خطورة الصراع في اليمن وما أوقعه من أضرار بشرية ومادية، وما أدى إليه من آثار سلبية على المنطقة. المبعوث الأممي شكر الاتحاد الأوروبي على جهوده لتحقيق المصالح والسلم في العالم، داعيا إياه إلى تبني موقف داعم للعملية السياسية في اليمن.
من جهتها، قالت موغيريني إن على جميع الأطراف في اليمن فتح صفحة جديدة والالتزام بالحوار، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي يدعم الحوار ووقف إطلاق النار. واختتمت موغيريني حديثها بتأكيد أن الاتحاد الأوروبي سيقدم مساعدات إنسانية لدعم الحل السياسي في اليمن.
وكانت قد أوضحت كاثرين راي، المتحدثة باسم فيديريكا موغيريني، الأسبوع الماضي موقف الاتحاد من النزاع اليمني قائلة: «إننا نتطلع إلى استضافة ولد الشيخ أحمد في بروكسل في الخامس من أبريل لتبادل الأفكار حول أفضل السبل لدعم هذه العملية، كما نقف على أتم الاستعداد لتقديم مزيد من الدعم الأوروبي لصالح جميع اليمنيين».
وأشارت المتحدثة إلى أن الاتحاد الأوروبي يتوقع من جميع الأطراف أن تشارك بحسن نية في تنفيذ وقف إطلاق النار المرتقب وفي المحادثات المقبلة التي تقودها الأمم المتحدة.
ورأت أنه على جميع الأطراف الاستفادة من التقدم المحرَز في تحقيق تراجع كبير بالعنف والنشاط العسكري في المناطق الحدودية بين اليمن والمملكة العربية السعودية، منذ أوائل مارس (آذار)، نتيجة بعض الاتصالات بين الأطراف وتبادل الأسرى، وكذلك «إعلان قوات التحالف العربي أن العمليات القتالية الرئيسة في اليمن تقترب من نهايتها». وأكدت أن «المفاوضات السياسية الشاملة هي السبيل الوحيد لتحقيق تسوية دائمة للصراع الحالي، من خلال تنفيذ أحكام قرار مجلس الأمن الدولي (2216) وبشكل خاص ونتائج مؤتمر الحوار الوطني».
وفي فبراير (شباط) الماضي صوت أعضاء البرلمان الأوروبي في بروكسل لصالح قرار يطالب بضرورة وقف الهجمات ضد المدنيين ورفع الحصار عن المدن، مثل تعز التي تحاصرها الميليشيات الانقلابية، من حوثيين وقوات المخلوع علي عبد الله صالح.
وأشار البيان الاتحاد إلى أن هناك 21 مليون شخص، أي 82 في المائة من الشعب اليمني، يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية، كما حالت تلك الظروف في منع مليوني طفل من الذهاب إلى المدرسة.
وفي أغسطس (آب) الماضي أعلن الاتحاد الأوروبي عن زيادة مساعداته الإنسانية للمتضررين من الأزمة اليمنية، وقالت المفوضية الأوروبية في بروكسل، إنها خصصت 12 مليون يورو لتلبية الاحتياجات الضرورية للمدنيين الذين يعانون بسبب الأحداث، ومن بين الأموال الإضافية التي أعلنت عنها المفوضية سيُخصص مليونا يورو لمساعدة الفارين من اليمن إلى دول القرن الأفريقي. وحذر كريستوس ستايلنديس، المفوض الأوروبي لشؤون المساعدات الإنسانية وإدارة الأزمات، من أن الأزمة الإنسانية في اليمن قد تصل إلى مرحلة كارثية في ظل وجود 80 في المائة من السكان يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية، وأضاف المسؤول الأوروبي: «تعد الهدنة الإنسانية فرصة لتمكين المنظمات الإنسانية من توصيل المساعدات الضرورية للمحتاجين، ويجب تطبيق الهدنة الإنسانية».
وسبق ذلك إعلان الاتحاد الأوروبي عن تخصيص أكثر من خمسة ملايين يورو، باعتبارها استجابة سريعة للاحتياجات الإنسانية في اليمن، وقالت المفوضية الأوروبية في مايو (أيار) الماضي، إنها خصصت خمسة ملايين ومائة ألف يورو، وجرى صرفها للصليب الأحمر الدولي من أجل توفير الغذاء والمياه والإمدادات الطبية وغيرها من المساعدات الضرورية. وبالتالي يصل إجمالي المساعدات الإنسانية التي قدمها الاتحاد الأوروبي لليمن منذ بداية العام الحالي إلى 37 مليون يورو.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.