القصر الأميركي في كوبا.. رمز النفوذ «المعطل»

«عقار له تاريخ»

المقر الدبلوماسي الأميركي في العاصمة الكوبية هافانا
المقر الدبلوماسي الأميركي في العاصمة الكوبية هافانا
TT

القصر الأميركي في كوبا.. رمز النفوذ «المعطل»

المقر الدبلوماسي الأميركي في العاصمة الكوبية هافانا
المقر الدبلوماسي الأميركي في العاصمة الكوبية هافانا

قصر تاريخي في العاصمة الكوبية هافانا، شهد حروبا وثورات عدة، فيما غاب عن ملاكه الأصليين لمدة طويلة. أنشأه الأميركيون إبان الحرب العالمية الثانية، ثم تركوه لساكن ألباني، ولم يدخلوه إلا قبل عدة أيام للمرة الأولى منذ 88 عاما مضت، خلال زيارة تاريخية للرئيس الأميركي وزوجته إلى كوبا.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد اشترت الأرض، وشيدت عليها القصر عندما كانت واشنطن على أعتاب الحرب العالمية الثانية في الأربعينات، بهدف أن يكون مقرا شتويا للبيت الأبيض أيام حكم الرئيس الأميركي الأسبق فرانكلين روزفلت، الذي كان يستخدم كرسيا متحركا. وفي حين أن الخارجية الأميركية لم تؤكد ذلك، إلا أن المصعد وأسوار الدرج والبوابات الواسعة، توحي بأنه مصمم بحيث يصلح لاستخدام الكرسي المتحرك، وذلك قبل 50 عاما من صدور القانون الأميركي لذوي الإعاقة الذي كان يلزم المباني الحكومية بمثل هذه المواصفات.
استمر بناء القصر في الفترة بين عامي 1939 و1942، وهو مبنى من طابقين، وتصل مساحته إلى أكثر قليلا من نصف مساحة البيت الأبيض، بحسب بيانات وزارة الخارجية الأميركية، وتم تشييده بأفضل مواد البناء على أيدي خيرة العمال في ذلك الوقت.
وهجرت الولايات المتحدة القصر من عام 1961 حتى 1977، بعد أن أطاحت الثورة الكوبية في عام 1959 بحكومة مؤيدة للولايات المتحدة، ومن بعدها أعلنت واشنطن قطع العلاقات مع كوبا. لتترك القصر لساكن ألباني أولا، ثم تولت سويسرا العناية به.
ويتميز القصر بأحجار البناء المرمرية، وأرضيات وأعمدة رخامية، تتميز بفخامة لا تقل عن فخامة المقار الدبلوماسية الأميركية في لندن وباريس وبيونس آيرس.
ويضم الطابق العلوي للقصر غرفتين للنوم، وحمامين، وجناحا به غرفة للمعيشة، وفقا لجون كولفيلد، الذي تولى أرفع منصب دبلوماسي أميركي في كوبا، بين عامي 2011 و2014، ووصفه بأنه «مكان شيد ليكون متميزا، ونموذج للقوة الناعمة في واقع الأمر ينم عن الثراء الباذخ».
ويضم الطابق العلوي أيضا أربع غرف كبيرة للنوم، بحمامات خاصة، وبه جناح رئاسي. بينما يضم الطابق الأرضي القاعات العامة وصالات الاجتماعات. ويحيط بالقصر مساحات خضراء واسعة، على مساحة خمسة أفدنة، بها حمام سباحة وملعب للتنس.
وكان أرفع مسؤول أميركي يقيم في القصر، هو نائب الرئيس ريتشارد نيكسون عام 1955، والآن وبعد عودة العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وكوبا، مع تحسن الروابط بين البلدين، فقد برز المقر الدبلوماسي الأميركي من جديد كحصن أميركي على أراضي الجزيرة التي يحكمها شيوعيون، بعد علاقات متوترة بين كوبا وأميركا استمرت لعقود.



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».