لوس كابوس.. تتجدد بعد الإعصار الذي ضرب المكسيك

من وجهات نجوم هوليوود المفضلة.. ودفؤها على مدار السنة

لوس كابوس.. تتجدد بعد الإعصار الذي ضرب المكسيك
TT

لوس كابوس.. تتجدد بعد الإعصار الذي ضرب المكسيك

لوس كابوس.. تتجدد بعد الإعصار الذي ضرب المكسيك

تقع منطقة لوس كابوس في أقصى جنوب شبه جزيرة بايا كاليفورنيا في أقصى غرب المكسيك، ولكن معظم نجوم هوليوود الذين يرتادونها سنويا يطلقون عليها اسم جنوب كاليفورنيا لأنهم يعتبرونها امتدادا للولاية الأميركية التي تقع فيها استوديوهات هوليوود السينمائية.
وهو موقع يتميز بشواطئ رملية مترامية الأطراف ترصعها بين كل عدة كيلومترات سلاسل من الصخور البركانية هائلة الحجم. ولا تتغير درجات الحرارة في المنتجع عن 25 درجة مئوية في المتوسط على مدار العام. ولذلك يذهب إليه النجوم كلما حانت الفرصة بل ويمتلك البعض منهم، مثل جورج كلوني، منزلا في الموقع. وهو يمارس فيه رياضة الغولف المفضلة لديه خصوصا على ملعب الكاردونال الذي صممه تايغر وودز، اللاعب الدولي المشهور.
وكان الموقع قد تعرض لإعصار مدمر في عام 2014 حينما عصفت رياح سرعتها 125 ميلا في الساعة حملها إعصار أوديل الذي دمر البنية التحتية تماما في المنطقة وتركها أنقاضا تحتاج إلى أكثر من مليار دولار لكي تعود إلى حالتها السابقة.
ولكن بعد نحو عام من الإعصار تعود منتجعات المنطقة إلى سابق عصرها لكي تستقبل الزوار، ليس فقط من هوليوود وإنما أيضا من جميع أنحاء العالم. وكان آخر الفنادق التي افتتحت في المنطقة هو الفندق الكلاسيكي «بالميا» الذي يتبع الآن مجموعة «وان أند أونلي». وهو فندق شهد أياما من الزمن الجميل، حيث رقص نجم أفلام الويسترن جون وين على رمال الشاطئ المقابل للفندق في خمسينات القرن الماضي.
وكان في زيارة الفندق مؤخرا نجوم آخرون مثل توم كروز وجينيفير أنيستون. وكان آخر تجديد للفندق في عام 2004 ولذلك أتاح الإعصار فرصة أخرى للتجديد وفق أحدث خطوط التصميم الداخلي التقليدية التي يفضلها النجوم.
وتم إلغاء كل اللمسات الحديثة بحيث عادت مفاتيح الإضاءة وصنابير المياه التقليدية. وفي المطاعم ألغيت الوجبات الحديثة مثل الفيوجن الآسيوي وظهرت بدلا منها وجبات اللحم البقري التقليدية التي يعدها طهاة حاصلون على درجات ميشلان. كما يمكن للعائلات طلب البيتزا وفق ما يفضلونه من مكونات.
ولكن على رغم العودة إلى التصميم الكلاسيكي والوجبات التقليدية إلا أن الخدمة توسعت في فندق بالميا الذي يستخدم 620 عاملا بمعدل ستة لكل غرفة فيه. ويستقبل كل هؤلاء ضيوف المنتجع بتحية موحدة تشمل وضع أيديهم على قلوبهم، وهي لمسة يفضلها بعض الضيوف.
من المنتجعات الأخرى التي فتحت أبوابها بعد إصلاحات ما بعد الإعصار كان فندق بيديغرال الذي يطل على المحيط ويتيح للنزلاء حمامات سباحة في البالكونات مع مدفأة نار في الغرف. وقد استقبل الفندق مؤخرا الكثير من النجوم من بينهم ويل سميث وآخرون أقل شهرة دولية.
ويفضل نجوم مثل ليوناردو دي كابريو وبيونسيه وكورتني كوكس فندق اسبيرانزا الذي استحدث ديكورات بسيطة وجو شاعري رومانسي في أرجائه.
وافتتح خلال الشهور الماضية فندق آخر هو «لاس فينتاناس البايرسو» الذي جذب إعجاب نجوم آخرين نزلوا فيه من أمثال جينيفير لوبيز وجيرار باتلر وجيسيكا ألبا. وهو فندق يشتهر بالعناية بالتفاصيل إلى درجة وجود خدمة لرأب الملابس بخيوط حريرية من نفس اللون.
ويذهب السياح إلى لوس كابوس من أجل الاستمتاع بالخدمة والاسترخاء في الطقس المشمس المعتدل وأيضا من أجل مشاهدة النجوم، سواء في داخل الفنادق أو خارجها. ومن أبرز مناطق استعراض النجوم في المنطقة ميناء كابو سان لوكاس الذي يقع على الشاطئ الغربي على المحيط الهادي. وهو مرفأ للكثير من اليخوت الفاخرة ويشبه ميناء سان تروبيه الفرنسي.
ويمكن مشاهدة الكثير من النجوم الذين يسترخون على سطح اليخوت أو في الكافيتريات والبوتيكات المحيطة بالميناء. وافتتح مؤخرا في الميناء فندق جديد هو «كيب» الذي يوفر لنزلائه كافيتريا على سطحه تطل على المحيط. وهو أيضا يجذب بعض النجوم الذين يفضلون قضاء العطلات في المنطقة.
وعلى الجانب الآخر من شبه الجزيرة وعلى مقربة 20 دقيقة بالسيارة تقع مدينة سان خوزيه ديل كابو التي تعد أكثر شعبية وأرخص ثمنا. وهي عاصمة الإقليم وإن كانت أصغر حجما من مدينة كابو سان لوكاس. ولا يتوجه إليها معظم النجوم للإقامة ولكنهم يشاهدون أحيانا في شوارعها للتسوق والتجول بين السياح. وهي تحتفظ بمعالم المدينة المكسيكية العتيقة بشوارع ضيقة مرصوفة بالأحجار وأركان لبيع الهدايا التذكارية التي توحي بأجواء المدن المكسيكية في أفلام الغرب الأميركية.
ويقتصر التوسع حاليا على الأطراف الجنوبية لمدينة سان خوزيه ديل كابو، حيث تمتد الشواطئ بحيث يبقى وسط المدينة منطقة سياحية هادئة وتاريخية يعود تاريخ بعض أبنيتها إلى القرن الثامن عشر. وتوفر المدينة الكثير من المطاعم والفنادق الصغيرة ومراكز الفنون، حيث تباع اللوحات الفنية والمشغولات اليدوية. ويعد مبنى البلدية والمركز الثقافي في المدينة من أهم المعالم المعمارية فيها.
وكانت المكسيك قد طورت المنطقة للسياحة منذ بداية القرن العشرين ويأتي إليها السياح بمعدل مليوني زائر سنويا معظمهم من الولايات المتحدة. وتوفر لهم المنطقة الكثير من الأنشطة مثل الصيد البحري والغولف وقيادة السيارات في مناطق خلابة.
وتتأثر المنطقة بتيارات الديكور والموضة والتسوق في شمال أميركا نظرا لقربها الجغرافي، كما أن أغلبية السياح في المنطقة هم من الأميركيين وخصوصا من ولاية كاليفورنيا. ويأتي البعض الآخر من كندا ومن المكسيك نفسها. ويفضل الكثير من عجائز الأميركيين التقاعد في المنطقة نظرا لقربها من حدود كاليفورنيا الجنوبية وطقسها المشمس المعتدل طوال فترات العام. وتمتد لوس كابوس إلى مساحة 17 ألف كيلومتر مربع وتعد من أقل مناطق المكسيك تعدادا مما يؤهلها تماما لكي تكون منطقة سياحية ناجحة.
وعلى مقربة نحو 20 ميلا إلى الغرب تقع مدينة كابو سان لوكاس السياحية التي يتركز النشاط فيها في المارينا السياحية والحي السياحي. وكانت المدينة حتى ستينات القرن الماضي قرية صيد صغيرة ليس بها أي بنية تحتية سياحية. ويوجد نحو 800 نوع من الأسماك في المياه القريبة من السواحل على جانبي شبه الجزيرة.
وعلى الرغم من نجاح المدينة سياحيا إلا أنها احتفظت بطابعها التقليدي وتم منع أي ناطحات سحاب فيها. وينتشر النشاط السياحي في منشآت من طابق واحد بعضها مطاعم تطل على المحيط عبر شواطئ رملية. ويقوم سياح المدينة برحلات صيد بحري والسهر ليلا في مقاهي المدينة. ويفضل البعض رياضات الغوص لمشاهدة الشعاب المرجانية كما يتوجه سياح خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى مارس (آذار) إلى مشاهدة الحيتان التي تعبر المحيط في هجرة سنوية.
وبين المدينتين تنتشر المشروعات السياحية على الشاطئ ولكن تظل هناك مساحات شاغرة وشواطئ غير مطورة بعد. ويمكن لزوار المنطقة استخدام اللغة الإنجليزية السائدة في المنطقة إلى جوار اللغة الإسبانية كما تقبل معظم المنافذ السياحية التعامل بالدولار الأميركي.
ويمكن الطيران إلى المنطقة عبر رحلات قصيرة من المدن الأميركية وأهمها لوس أنجليس. ويصل زوار المنطقة إلى مطار لوس كابوس. ويستقبل ميناء كابو سان لوكاس سفن الكروز السياحية التي يصل عددها في المتوسط إلى 250 سفينة سنويا.
وهناك أربعة ملاعب غولف رئيسية أحدها من تصميم اللاعب المشهور جاك نيكلاوس. ولمن لا يلعب الغولف فإن الرياضات البحرية تتنوع بين الإبحار الشراعي وقيادة الدراجات البحرية.
ولمن يتطلع إلى تجربة مكسيكية أصيلة عليه التوجه إلى بلدات قريبة مثل ميرافلوريس التي تشتهر بصناعة الجلود، وسنتياغو التي تقدم للسياح متحفا للحفريات وسان بارتولو وبها مصنع للتحف الزجاجية. وهناك قرى أخرى تنتج الملح للتصدير والمعادن والأحجار لصناعة الأواني ومواد البناء. وعلى رغم النهضة السياحية في المنطقة إلا أن هناك نسبة كبيرة تصل إلى 28 في المائة من الفقراء بين المكسيكيين الذين يعيشون في لوس كابوس.
وتشير الدلائل الجغرافية إلى أن هذه المنطقة من المكسيك كانت تغمرها مياه البحر قبل ملايين السنين، حيث تنتشر الحفريات البحرية في الكثير من طبقات الأرض ويصل عمر بعضها إلى 25 مليون سنة. ويصل معدل ارتفاع شبه الجزيرة حاليا عن سطح البحر نحو 40 مترا فقط. وهناك سلسلة جبلية تعرف باسم سييرا دولا لاغونا مكونة من صخور بركانية تغطي نسبة 15 في المائة من الأراضي ويصل ارتفاعها إلى ألف متر. أما المساحات المسطحة فهي تمثل نسبة 25 في المائة وتنتشر على السواحل. وتمثل الشواطئ السياحية أهم الثروات الطبيعية في المنطقة وتتراوح فيها درجة حرارة المياه بين 23 درجة مئوية شتاء إلى 29 درجة مئوية صيفا.
وهي مشمسة طوال أيام العام تقريبا بمعدل 320 يوما مشمسا في السنة ولا يسقط فيها المطر إلا خلال بعض أيام الصيف وخصوصا في شهر سبتمبر (أيلول) .
ويوجد بالمنطقة نهر صغير اسمه سان خوزيه ينبع في الشمال ويصب في الجنوب. وهناك بعض الأنهار الصغيرة التي تنساب فقط في موسم الأمطار. وتعد شحة المياه في المنطقة من أكبر عقبات النمو الاقتصادي فيها. ويعيش 250 فصيلا من الطيور حول النهر بعضها من الطيور المهاجرة من أميركا إلى جنوب المكسيك.
وتوجد في المنطقة أقليات من قبائل كانت تعيش في شبه الجزيرة عند وصول الاستعمار الإسباني إليها. ولم يكن مستوى تقدم هذه القبائل في ذلك الوقت يتعدى حضارة العصر الحجري. وبفضل الطبيعة الجرداء السائدة ظلت المنطقة شبه مستقلة حتى مائتي عام بعد وصول الإسبان إلى المكسيك.



قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.