الأحمر وبن دغر يؤديان اليمين الدستورية.. وردود فعل مرحبة بقرارات الرئيس هادي

اليمنيون يأملون إنهاء الانقلاب واستقرار الأوضاع الأمنية والاقتصادية

قوات موالية للشرعية في منطقة المنصورة بعدن بعد طردها لمقاتلي «القاعدة» من جنوب المدينة (أ.ف.ب) - اللواء علي محسن الأحمر -  بن دغر
قوات موالية للشرعية في منطقة المنصورة بعدن بعد طردها لمقاتلي «القاعدة» من جنوب المدينة (أ.ف.ب) - اللواء علي محسن الأحمر - بن دغر
TT

الأحمر وبن دغر يؤديان اليمين الدستورية.. وردود فعل مرحبة بقرارات الرئيس هادي

قوات موالية للشرعية في منطقة المنصورة بعدن بعد طردها لمقاتلي «القاعدة» من جنوب المدينة (أ.ف.ب) - اللواء علي محسن الأحمر -  بن دغر
قوات موالية للشرعية في منطقة المنصورة بعدن بعد طردها لمقاتلي «القاعدة» من جنوب المدينة (أ.ف.ب) - اللواء علي محسن الأحمر - بن دغر

أدى اليمين الدستورية أمام الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، أمس، الفريق الركن علي محسن الأحمر، بعد تعيينه نائبا لرئيس الجمهورية، كما أدى اليمين الدستورية الدكتور أحمد عبيد بن دغر كرئيس جديد للوزراء، وقد خلف الرجلان خالد محفوظ بحاح في منصبيه، بعد إعفائه من مهامه وتعيينه مستشارا للرئيس.
أثارت القرارات التي أصدرها الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي والتي أعفى بموجبها المهندس خالد محفوظ بحاح من منصبيه كنائب لرئيس الجمهورية، رئيس الوزراء، وتعيين شخصيتين أخريين في المنصب مثيرتين للجدل، هما الفريق الركن علي محسن الأحمر، نائبا لرئيس الجمهورية، إضافة إلى منصبه كنائب للقائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن، كما عين هادي الدكتور أحمد عبيد بن دغر، رئيسا للوزراء، ردود فعل متباينة في الساحة اليمنية، غير أن كل مؤشرات ردود الفعل أيدت القرارات الرئاسية، التي جاءت في توقيت دقيق بالنسبة للعمليتين السياسية والعسكرية.
ولأول مرة تضمن قرار رئاسي يمني تبريرا واضحا لأسباب الإقالة والتعيين، فقد جاء في ديباجة القرار أن الأسباب تعود إلى «الإخفاق الذي رافق أداء الحكومة خلال الفترة الماضية في المجالات الاقتصادية والخدمية والأمنية وتعثر الأداء الحكومي في تخفيف معاناة أبناء شعبنا وحلحلة مشكلاته وتوفير احتياجاته وخصوصًا دمج المقاومة وعلاج الجرحى ورعاية الشهداء ولعدم توفر الإدارة الحكومية الرشيدة للدعم اللا محدود الذي قدمه الأشقاء في التحالف العربي وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية بقيادة أخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولتحقيق ما يصبو إليه شعبنا من استعادة الدولة واستتباب الأمن والاستقرار وللمصلحة الوطنية العليا للبلاد».
بحاح الذي أعفي من منصبيه البارزين والرئيسيين، رحب بنوع من التحفظ والتبرير بالقرار الرئاسي، وقال على حسابه في موقع «تويتر» «إنه «في الظروف الاعتيادية تعترض المسيرة تحديات وصعوبات، ناهيك عن الظروف الاستثنائية والصعبة»، وأضاف: «الآن نقف على أعتاب صفحة جديدة من خدمة بلدنا الحبيب وقد طوينا صفحة سابقة أمام أبناء شعبنا العظيم الصابر»، وأردف مبررا بأنه حاول خدمة «مصالح هذا البلد المتخم بالجراح وحاولنا جاهدين وفي ظروف معقدة وأمام مستجدات متسارعة أن نسهم بكل ما أوتينا من قوة، حيث الدولة ومؤسساتها وأدواتها مغتصبة بيد الميليشيات وتوارى الكثير عن المشهد».
وحظيت تلك القرارات بارتياح لدى الكثير من الأوساط اليمنية، التي سارعت إلى إعلان تأييدها ومباركتها للقرارات، وبين الجهات التي رحبت بالقرار، مجالس المقاومة في المحافظات اليمنية ومحافظو المحافظات وقادة المناطق العسكرية في قوات الجيش الوطني والمستشارون الرئاسيون والمسؤولون الحكوميون والكثير من الأحزاب والمنظمات السياسية والاجتماعية، رغم بعض التحفظات التي عبرت عنها بعض الأوساط، في جنوب اليمن، إزاء عملية التعيين برمتها، آخذين في الاعتبار العلاقة التي كانت تربط نائب الرئيس ورئيس الوزراء الجديدين بالرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، سابقا، قبل انشقاق اللواء الأحمر عنه في 2011، والدكتور بن دغر العام الماضي، وفي أحاديث متفرقة، قال مواطنون في عدن لـ«الشرق الأوسط» إن خالد بحاح كان شخصية مقبولة كونه جنوبيا، ولكنهم وصفوا أداء حكومته بالباهت والسلبي وبالعجز عن حل المشكلات التي تمس المواطنين مباشرة، فيما عبر البعض الآخر عن مخاوفهم من المحاصصة السياسية للمناصب، في وقت قال آخرون إن «كل ما يحدث هو سياسة في سياسة»، وإجمالا فإن آراء المواطنين اليمنيين تنصب باتجاه مطالب ثابتة ورئيسية، وهي إنهاء الانقلاب وعودة الأمن والاستقرار وإنهاء التدهور الاقتصادي المتواصل وانعكاساته على حياتهم بصورة مستمرة، منذ قرابة العام ونصف العام.
وفي الوقت الذي لم يصدر أي تعليق رسمي عن الأطراف «الانقلابية» في صنعاء على القرارات الرئاسية، فقد أشارت بعض التسريبات إلى أنه كان ضمن أجندة الحوثيين في المفاوضات المقبلة في الكويت، المطالبة برحيل الرئيس عبد ربه منصور هادي، ونقل كل صلاحياته إلى نائبه (السابق)، وكان حزب المؤتمر الشعبي العام (جناح صالح) استبق القرارات بقرارات داخلية قضت بفصل قياداته التي قال إنها أيدت الحرب، وقد نصت تلك القرارات على فصل الرئيس عبد ربه منصور هادي وكذا أحمد عبيد بن دغر (رئيس الوزراء)، والشيخ محمد بن ناجي الشائف ورشاد محمد العليمي محمد علي الشدادي (رئيس هيئة الأركان)، وبنظر الكثير من قيادات حزب المؤتمر الشعبي، فإن القيادات الفعلية للحزب انحازت للشرعية ولم يتبق سوى عدد محدود منها يؤيد المخلوع صالح، فيما تجري اجتماعات تحضيرية لعقد لقاء موسع لقيادة الحزب في دولة عربية للبت في مستقبله بدون صالح.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.