وزير حقوق الإنسان اليمني: المتمردون يرتكبون «جرائم ضد الإنسانية» في تعز

تعزيزات عسكرية كبيرة للانقلابيين.. وطيران التحالف يدك مواقعهم شرق المدينة

عز الدين الأصبحي
عز الدين الأصبحي
TT

وزير حقوق الإنسان اليمني: المتمردون يرتكبون «جرائم ضد الإنسانية» في تعز

عز الدين الأصبحي
عز الدين الأصبحي

أدان وزير حقوق الإنسان اليمني عز الدين الأصبحي، القصف الممنهج الذي طال عددا من المرافق الصحية والأحياء السكنية في مدينة تعز من قبل ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية، مشيرا إلى أن «تعز تدفع ثمن انتمائها للشرعية والسلام من خلال تعرضها لأكبر جريمة حرب في اليمن».
وأكد الوزير الأصبحي، في بيان أن «ما تقوم به الميليشيات الانقلابية من خلال الأعمال الانتقامية والقصف العشوائي في تعز هو جرائم ضد الإنسانية وتتنافى مع كل القوانين الخاصة بحقوق الإنسان والشرائع السماوية». وقال الأصبحي إن «وزارة حقوق الإنسان، وهي تناشد المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته في إدانة هذه الاعتداءات، تؤكد على خطورة الوضع المتدهور في تعز والذي ينبئ بكارثة حقيقية تعيشها المدينة منذ أشهر، وبأن ملف تعز الدامي هو الأساس لحل كل قضايا اليمن».
وناشد الوزير الأصبحي « دول العالم كافة والمنظمات العربية والدولية والأشقاء وكل القوى الفاعلة في اليمن بضرورة العمل على إنقاذ مدينة تعز من الاعتداء الهمجي وحرب الإبادة التي تتعرض لها». وجاء بيان وموقف وزير حقوق الإنسان اليمني بعد أن قصفت ميليشيات الحوثيين والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح «وبشكل هستيري إحياء الضبوعة السفلى والكوثر ومبنى مختبر الصحة المركزي بالصواريخ ومضادات الطيران، وأسفر ذلك عن سقوط قتلى وجرحى من المدنيين»، مؤكدا أن الميليشيات الانقلابية تركز على عدد من الأحياء السكنية التي تخلو من المظاهر المسلحة والمواقع العسكرية وتعج بالأطفال والنساء.
وفي التطورات الميدانية في تعز، تواصل الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح تصعيدها، من خلال عمليات القصف المكثف، وكذا الدفع بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى جبهات القتال، رغم اقتراب موعد وقف إطلاق النار واستئناف مباحثات السلام، ووفقًا لشهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، فقد أرسلت معظم التعزيزات إلى الجبهة الغربية، التي تشهد أعنف المواجهات منذ أشهر.
وشهدت جبهة الضباب، غرب المدينة، مواجهات عنيفة إثر محاولة قوات الجيش والمقاومة الشعبية السيطرة على حدائق الصالح والخط الرئيسي في الضباب الذي يصل بمدينة تعز ومدينة التربة، عاصمة قضاء الحجرية، والمؤدية أيضا إلى مدينة عدن الجنوبية، كما شهدت جبهة حيفان مواجهات عنيفة ورافقها قصف الميليشيات وقوات المخلوع صالح على قرى مدينة ظبي التي استعادتها المقاومة الشعبية بإسناد من اللواء «35 مدرع» التي أرسلت بسرية كاملة لتحرير جبهة حيفان من الميليشيات الانقلابية.
وفي مديرية الوازعية، غرب مدينة تعز والتي تعد إحدى البوابات إلى محافظة لحج الجنوبية، أمس ولليوم السادس على التوالي، شهدت مواجهات عنيفة بين قوات الشرعية، الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، من جهة، وميليشيات الحوثي والمخلوع صالح، من جهة أخرى، في الوقت الذي حققت هذه الأخيرة تقدما في الوازعية، حيث سيطرت على مركز المديرية، واستمر قصفها على قرى المديرية، وسقط قتلى وجرحى من الجانبين.
وقال الناشط السياسي وضاح اليمن عبد القادر لـ«الشرق الأوسط» إن الميليشيات الحوثية تكثف حربها ضد تعز بشكل غير مسبوق، مؤكدا أن تعز شهدت ما يقارب 3000 ألف «شهيد» وأكثر من 15000 ألف جريح، بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية وانعدام الخدمات الأساسية، واستهداف المدارس والمستشفيات وفرض حصار ومنع دخول الأدوية والأغذية، وأشار عبد القادر إلى أن جزءا من التعزيزات أرسلت إلى الوازعية، وإلى أن الهدف من إرسالها هو «فتح جبهة جديدة باتجاه قاعدة العند العسكرية، والعودة إلى محافظة لحج لمحاولة فرض خيارات جديدة على الأرض مع اقتراب المشاورات التي ستكون في دولة الكويت الشقيقة خلال الأيام القادمة رغم تأكيدات المبعوث الأممي أن المرجعية في المشاورات هو تطبيق القرار الأممي 2216، وهو ما يجب أن يتم لأن أي اتفاقيات سياسية خارج هذا الإطار مرفوضة من قبل قوى المقاومة الشعبية على الأرض، وخصوصا في المناطق الملتهبة كتعز».
من ناحية ثانية، كثف طيران التحالف من غاراته على مواقع وتجمعات ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع صالح في مناطق متفرقة من مدينة تعز وأطراف المدينة، وكبدهم الخسائر الكبيرة في الأرواح والعتاد، ومن بين المواقع التي استهدفها طيران التحالف، مواقع تمركز الميليشيات في محطة الدعيس الغازية في ورزان بخدير جنوب شرقي المدينة، ومنطقة الأتياس والنوبة والغيل والفاقع في مديرية الوازعية غرب المدينة، ومدرسة الهاملي التي توجد فيها الميليشيا في موزع وحيفان جنوب مدينة تعز. على صعيد آخر، حذر مسؤولون في القطاع الصحي في محافظة تعز اليمنية من استمرار تدهور الوضع الصحي جراء استمرار الحرب والحصار الذي تطبقه الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وهو الأمر الذي تسبب في إغلاق كل المستشفيات في المدينة التي لم يتبق فيها سوى مركزي الطوارئ في مستشفى الثورة الحكومي ومستشفى الروضة الأهلي.
وقال الدكتور صادق الشجاع، عضو اللجنة الطبية العليا، أمين عام نقابة لأطباء في تعز، لـ«الشرق الأوسط» إن «الوضع الصحي يزداد سوءا وهناك عجز دائم في الأدوية والمستلزمات الطبية، الأمر الذي يضاعف كثيرا من معاناة الجرحى»، مشيرا إلى أن العجز يكمن في «أدوية التخدير وبعض المضادات الحيوية الهامة والسوائل الوريدية والأدوية الخاصة بالتغذية الوريدية ومستلزمات العظام منها أجهزة التثبيت الخارجي والمسامير النخاعية والصفائح التي تستخدم في تثبيت الكسور وخصوصا كسور العمود الفقري، إذ إن معظم جرحانا إصاباتهم بالغة في العظام ويحتاجون إلى مراحل متعددة للعلاج قد تمتد لسنوات طويلة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.