ملتقى الشارقة للأطفال العرب: اسمعونا.. نحن المستقبل

شاركت فيه 12 دولة عربية

أطفال في إحدى فعاليات الملتقى
أطفال في إحدى فعاليات الملتقى
TT

ملتقى الشارقة للأطفال العرب: اسمعونا.. نحن المستقبل

أطفال في إحدى فعاليات الملتقى
أطفال في إحدى فعاليات الملتقى

بعد سبعة أيام من التحاور والتواصل بين أطفال اثنتي عشرة دولة عربية، الذين التقوا على أرض دولة الإمارات، للمشاركة في ملتقى الشارقة للأطفال العرب، تحت شعار «اسمعونا...نحن المستقبل»، ليبحثوا في ما يشغل فكرهم، ويعرضوا آمالهم وتطلعاتهم، شهدت «سجايا فتيات الشارقة»، أمس (الأحد) الحفل الختامي لفعاليات الدورة الثانية عشرة من الملتقى، الذي تضمن مجموعة من التوصيات، التي أقرتها اللجنة العليا المنظمة للملتقى، وأكدت فيها ضرورة الاستماع إلى رأي الأطفال العرب، وإشراكهم في وضع الخطط والاستراتيجيات العربية الوطنية، إضافة إلى دعم الوسائل الحديثة لتنمية الروابط القومية بين أطفال العرب واستحداثها وتعزيزها، والعمل على رفع المعاناة عن الطفولة في الدول التي تعاني الحروب والكوارث.
كما أوصت اللجنة بضرورة التعاون بين مؤسسات التعليم العربية من أجل إيجاد برامج خاصة لرعاية ذوي المواهب والإبداعات من الأطفال العرب، والعمل على اعتماد الملتقى منصة مستدامة للتواصل والتبادل الثقافي بين أطفال العرب، وتشجيع الأجيال القادمة على استخدام الطاقة البديلة والمدن الذكية والمستدامة في المستقبل، والتأكيد على الجانب الإبداعي ودوره في تنمية القدرة التعبيرية عند الأطفال. وأعلنت اللجنة العليا، تخصيص بوابة إلكترونية على موقع «ملتقى الشارقة للأطفال العرب» لمتابعة الصغار الذين شاركوا في الملتقى، وتسهيل التواصل فيما بينهم في المستقبل، وترشيح الأطفال المميزين المشاركين من الوفود العربية للمشاركة في الفعاليات المشابهة في مراكز الناشئة وسجايا بإمارة الشارقة.
وتضمن الحفل عرضا لفيلم وثائقي عن أهم المشاريع التي قام الأطفال بتصميمها، وأهم المواد التي كانوا يستخدمونها في هذه المشاريع، لإبراز مواهبهم للوفود المشاركة، وزملائهم الأطفال من الدول العربية. كما عرض فيلم تسجيلي آخر تحت عنوان «حصاد يوميات الملتقى»، الذي شرح كيف عاش الأطفال اللحظات الجميلة في الملتقى، والأوقات الممتعة التي قضوها مع بعضهم بعضا، إضافة إلى أهم المقتطفات اليومية للبرنامج التلفزيوني الذي قدمته إذاعة وتلفزيون الشارقة على طيلة أيام الملتقى.
وكرمت اللجنة العليا للملتقى أفضل ثلاثة مشاريع قام الأطفال بتصميمها لمدن المستقبل، ضمن ورشة المدن المستدامة التي أقيمت خلال الملتقى، وتأهلت إلى المرحلة النهائية خمسة مشاريع، من أصل 25 مشروعا أنجزها المشاركون، وهي «مدينة الأمان»، و«مدينة المستقبل هي الحياة»، و«مدينة المستقبل»، و«امندام»، و«مدينة الاتحاد». وحصلت على المركز الأول المجموعة التي صممت مشروع «مدينة الاتحاد» وحصد المركز الثاني فريق «مدينة المستقبل»، وفازت بالمركز الثالث مجموعة مشروع «امندام».
وكرمت اللجنة العليا أيضا جميع من ساهم في إنجاح الملتقى، والمشاركين، والوفود، ورؤساء الوفود، والمتطوعين، والرعاة. والتقط الأطفال صورة تذكارية جماعية، تؤرخ مشاركتهم في الدورة الثانية عشرة من الملتقى، وكلهم أمل بمشاركة نظرائهم في الدورة المقبلة، عام 2018، بأجواء أكثر استقرارا وسعادة في مختلف الدول العربية.
وتجدر الإشارة إلى أن ملتقى الشارقة للأطفال العرب تستضيفه إمارة الشارقة كل عامين، وتنظمه مراكز الأطفال، التابعة للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، ويعدّ منصة حقيقية للأطفال العرب لينطلقوا من خلالها لمناقشة القضايا التي تخصهم بوصفهم شريحة لها أهميتها وتأثيرها الكبير في المجتمع حاضرا ومستقبلا، إذ يشارك فيه نخبة من الأطفال العرب من مختلف الأعمار والجنسيات، يلتقون معا في بيئة آمنة ومستقرة، محفزة على الإبداع، ومشجعة على العمل المشترك.



سوريا الماضي والمستقبل في عيون مثقفيها

هاني نديم
هاني نديم
TT

سوريا الماضي والمستقبل في عيون مثقفيها

هاني نديم
هاني نديم

بالكثير من التفاؤل والأمل والقليل من الحذر يتحدث أدباء وشعراء سوريون عن صورة سوريا الجديدة، بعد الإطاحة بنظام الأسد الديكتاتوري، مشبهين سقوطه بالمعجزة التي طال انتظارها... قراءة من زاوية خاصة يمتزج فيها الماضي بالحاضر، وتتشوف المستقبل بعين بصيرة بدروس التاريخ، لأحد أجمل البلدان العربية الضاربة بعمق في جذور الحضارة الإنسانية، وها هي تنهض من كابوس طويل.

«حدوث ما لم يكن حدوثه ممكناً»

خليل النعيمي

بهذه العبارة يصف الكاتب الروائي خليل النعيمي المشهد الحالي ببلاده، مشيراً إلى أن هذه العبارة تلخص وتكشف عن سر السعادة العظمى التي أحس بها معظم السوريين الذين كانوا ضحية الاستبداد والعَسْف والطغيان منذ عقود، فما حدث كان تمرّداً شجاعاً انبثق كالريح العاصفة في وجه الطغاة الذين لم يكونوا يتوقعونه، وهو ما حطّم أركان النظام المستبد بشكل مباشر وفوري، وأزاح جُثومه المزمن فوق القلوب منذ عشرات السنين. ونحن ننتظر المعجزة، ننتظر حدوث ما لم نعد نأمل في حدوثه وهو قلب صفحة الطغيان: «كان انتظارنا طويلاً، طويلاً جداً، حتى إن الكثيرين منا صاروا يشُكّون في أنهم سيكونون أحياءً عندما تحين الساعة المنتظرة، والآن قَلْب الطغيان لا يكفي، والمهم ماذا سنفعل بعد سقوط الاستبداد المقيت؟ وكيف ستُدار البلاد؟ الطغيان فَتّت سوريا، وشَتّت أهلها، وأفْقرها، وأهان شعبها، هذا كله عرفناه وعشناه. ولكن، ما ستفعله الثورة المنتصرة هو الذي يملأ قلوبنا، اليوم بالقلَق، ويشغل أفكارنا بالتساؤلات».

ويشير إلى أن مهمة الثورة ثقيلة، وأساسية، مضيفاً: «نتمنّى لها أن تنجح في ممارستها الثورية ونريد أن تكون سوريا لكل السوريين الآن، وليس فيما بعد، نريد أن تكون سوريا جمهورية ديمقراطية حرة عادلة متعددة الأعراق والإثنيّات، بلا تفريق أو تمزيق. لا فرق فيها بين المرأة والرجل، ولا بين سوري وسوري تحت أي سبب أو بيان. شعارها: حرية، عدالة، مساواة».

مشاركة المثقفين

رشا عمران

وترى الشاعرة رشا عمران أن المثقفين لا بد أن يشاركوا بفاعلية في رسم ملامح سوريا المستقبل، مشيرة إلى أن معجزة حدثت بسقوط النظام وخلاص السوريين جميعاً منه، حتى لو كان قد حدث ذلك نتيجة توافقات دولية ولكن لا بأس، فهذه التوافقات جاءت في مصلحة الشعب.

وتشير إلى أن السوريين سيتعاملون مع السلطة الحالية بوصفها مرحلة انتقالية ريثما يتم ضبط الوضع الأمني ويستقر البلد قليلاً، فما حدث كان بمثابة الزلزال، مع الهروب لرأس النظام حيث انهارت دولته تماماً، مؤسساته العسكرية والأمنية والحزبية كل شيء انهار، وحصل الفراغ المخيف.

وتشدد رشا عمران على أن النظام قد سقط لكن الثورة الحقيقية تبدأ الآن لإنقاذ سوريا ومستقبلها من الضياع ولا سبيل لهذا سوى اتحاد شعبها بكل فئاته وأديانه وإثنياته، فنحن بلد متعدد ومتنوع والسوريون جميعاً يريدون بناء دولة تتناسب مع هذا التنوع والاختلاف، ولن يتحقق هذا إلا بالمزيد من النضال المدني، بالمبادرات المدنية وبتشكيل أحزاب ومنتديات سياسية وفكرية، بتنشيط المجتمع سياسياً وفكرياً وثقافياً.

وتوضح الشاعرة السورية أن هذا يتطلب أيضاً عودة كل الكفاءات السورية من الخارج لمن تسمح له ظروفه بهذا، المطلوب الآن هو عقد مؤتمر وطني تنبثق منه هيئة لصياغة الدستور الذي يتحدد فيه شكل الدولة السورية القادمة، وهذا أيضاً يتطلب وجود مشاركة المثقفين السوريين الذين ينتشرون حول العالم، ينبغي توحيد الجهود اليوم والاتفاق على مواعيد للعودة والبدء في عملية التحول نحو الدولة الديمقراطية التي ننشدها جميعاً.

وداعاً «نظام الخوف»

مروان علي

من جانبه، بدا الشاعر مروان علي وكأنه على يقين بأن مهمة السوريين ليست سهلة أبداً، وأن «نستعيد علاقتنا ببلدنا ووطننا الذي عاد إلينا بعد أكثر من خمسة عقود لم نتنفس فيها هواء الحرية»، لافتاً إلى أنه كان كلما سأله أحد من خارج سوريا حيث يقيم، ماذا تريد من بلادك التي تكتب عنها كثيراً، يرد قائلاً: «أن تعود بلاداً لكل السوريين، أن نفرح ونضحك ونكتب الشعر ونختلف ونغني بالكردية والعربية والسريانية والأرمنية والآشورية».

ويضيف مروان: «قبل سنوات كتبت عن (بلاد الخوف الأخير)، الخوف الذي لا بد أن يغادر سماء سوريا الجميلة كي نرى الزرقة في السماء نهاراً والنجوم ليلاً، أن نحكي دون خوف في البيت وفي المقهى وفي الشارع. سقط نظام الخوف وعلينا أن نعمل على إسقاط الخوف في دواخلنا ونحب هذه البلاد لأنها تستحق».

المساواة والعدل

ويشير الكاتب والشاعر هاني نديم إلى أن المشهد في سوريا اليوم ضبابي، ولم يستقر الأمر لنعرف بأي اتجاه نحن ذاهبون وأي أدوات سنستخدم، القلق اليوم ناتج عن الفراغ الدستوري والحكومي ولكن إلى لحظة كتابة هذه السطور، لا يوجد هرج ومرج، وهذا مبشر جداً، لافتاً إلى أن سوريا بلد خاص جداً بمكوناته البشرية، هناك تعدد هائل، إثني وديني ومذهبي وآيديولوجي، وبالتالي علينا أن نحفظ «المساواة والعدل» لكل هؤلاء، فهي أول بنود المواطنة.

ويضيف نديم: «دائماً ما أقول إن سوريا رأسمالها الوحيد هم السوريون، أبناؤها هم الخزينة المركزية للبلاد، مبدعون وأدباء، وأطباء، وحرفيون، أتمنى أن يتم تفعيل أدوار أبنائها كل في اختصاصه وضبط البلاد بإطار قانوني حكيم. أحلم أن أرى سوريا في مكانها الصحيح، في المقدمة».

خالد حسين

العبور إلى بر الأمان

ومن جانبه، يرصد الأكاديمي والناقد خالد حسين بعض المؤشرات المقلقة من وجهة نظره مثل تغذية أطراف خارجية للعداء بين العرب والأكراد داخل سوريا، فضلاً عن الجامعات التي فقدت استقلالها العلمي وحيادها الأكاديمي في عهد النظام السابق بوصفها مكاناً لتلقي العلم وإنتاج الفكر، والآن هناك من يريد أن يجعلها ساحة لنشر أفكاره ومعتقداته الشخصية وفرضها على الجميع.

ويرى حسين أن العبور إلى بر الأمان مرهونٌ في الوقت الحاضر بتوفير ضروريات الحياة للسوريين قبل كلّ شيء: الكهرباء، والخبز، والتدفئة والسلام الأهلي، بعد انتهاء هذه المرحلة الانتقالية يمكن للسوريين الانطلاق نحو عقد مؤتمر وطني، والاتفاق على دستور مدني ديمقراطي ينطوي بصورة حاسمة وقاطعة على الاعتراف بالتداول السلمي للسلطة، وحقوق المكوّنات الاجتماعية المذهبية والعرقية، وحريات التعبير وحقوق المرأة والاعتراف باللغات الوطنية.

ويشير إلى أنه بهذا الدستور المدني المؤسَّس على الشرعية الدولية لحقوق الإنسان يمكن أن تتبلور أحلامه في سوريا القادمة، حينما يرى العدالة الاجتماعية، فهذا هو الوطن الذي يتمناه دون تشبيح أو أبواق، أو طائفية، أو سجون، موضحاً أن الفرصة مواتية لاختراع سوريا جديدة ومختلفة دون كوابيس.

ويختتم قائلاً: «يمكن القول أخيراً إنّ مهام المثقف السوري الآن الدعوة إلى الوئام والسلام بين المكوّنات وتقويض أي شكل من أشكال خطاب الهيمنة والغلواء الطائفي وإرادة القوة في المستقبل لكي تتبوّأ سوريا مكانتها الحضارية والثقافية في الشرق الأوسط».