قوات الأمن في عدن تضبط معملين لصناعة المتفجرات

عثر فيها على قذائف وأسلحة مضادة للطائرات وعبوات ناسفة

الأسلحة التي تم ضبطها من قبل  قوات الأمن والمقاومة الجنوبية بعدن («الشرق الأوسط»)
الأسلحة التي تم ضبطها من قبل قوات الأمن والمقاومة الجنوبية بعدن («الشرق الأوسط»)
TT

قوات الأمن في عدن تضبط معملين لصناعة المتفجرات

الأسلحة التي تم ضبطها من قبل  قوات الأمن والمقاومة الجنوبية بعدن («الشرق الأوسط»)
الأسلحة التي تم ضبطها من قبل قوات الأمن والمقاومة الجنوبية بعدن («الشرق الأوسط»)

بعد أربعة أيام من انتشار القوات الأمنية في كل مديريات العاصمة المؤقتة عدن تمكنت المقاومة الجنوبية أمس السبت من ضبط مصنع للعبوات الناسفة في أحد المنازل بمدينة المنصورة، كما ضبطت في القوت نفسه قوة أخرى بقيادة مدير قسم شرطة الشيخ عثمان مخزنا لقذائف الهاون والمتفجرات.
وأوضح المتحدث باسم المقاومة الشعبية الجنوبية علي شائف الحريري أنه تم إلقاء القبض على الأشخاص الذين يديرون هذا المعمل واقتيادهم إلى مقار الشرطة. الحريري أضاف في تصريحات لـ«لشرق الأوسط» أن العبوات الناسفة، ومن خلال التحقيقات الأولية، اتضح أنها العبوات نفسها التي استخدمت في سلسلة العمليات الإرهابية التي وقعت مؤخرا في عدن قبل أن تتمكن قوات الأمن والمقاومة بقيادة اللواء شلال شايع من دخول المنصورة وتطهيرها.
وأكد الحريري أن عملية مداهمه أخرى تمت في منطقة الشيخ عثمان بتوجيه ومتابعة مباشرة من مدير أمن عدن اللواء شلال شايع. وقال إن المداهمة قادها مدير قسم شرطة الشيخ الرائد محمد صالح مطيع والقيادي في المقاومة نادر الحوت. وتمخضت الحملة من كشف مخزن لقذائف الهاون والمتفجرات، مؤكدًا أن الوضع الأمني في عدن عاد إلى طبيعته بعد جهود كبيرة بذلها اللواء شلال شايع واللواء عيدروس الزبيدي في القضاء على العناصر الإرهابية على حد قوله.
مدير قسم شرطة الشيخ عثمان الرائد محمد صالح مطيع قال لـ«الشرق الأوسط» إن الحملة الأمنية التي نفذتها قوات الأمن والمقاومة الجنوبية باقتحام مخزن وسط الشيخ عثمان انتهت بضبط ما يقارب أكثر من 25 قذيفة «بي إم بي» وعدد من صناديق ذخائر مضادة للطيران وقذائف دبابات ورصاص رماية وقذائف آر بي جي ومتفجرات، مشيرًا إلى أن العملية تأتي تواصلاً للعملية الأمنية التي تنفذها القوات الأمنية والمقاومة الجنوبية وما زالت مستمرة وستشمل كل مديريات عدن على حد قوله.
وكانت القوات الأمنية والمقاومة الجنوبية قد تمكنت في الأسابيع الماضية في ضبط عدد من مصانع المتفجرات والعبوات الناسفة في مديريات التواهي والمعلا وكريتر والبريقة، وحققت نجاحات متتالية في ضبط الأمن والاستقرار في تلك المدن ضمن المرحلة الأولى من الخطة الأمنية التي تأتي بالتنسيق والاشتراك مع قوات التحالف العربي بعدن. كما نجحت في ضبط عدد من السيارات المفخخة التي كانت تقف وراءها جماعات متطرفة تتبع أجهزة أمنية واستخباراتية موالية للمخلوع صالح، وتهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار في عدن، وإفشال جهود التحالف وإظهار فشله في إدارة المناطق المحررة، ولفت نظر الرأي الخارجي إلى أن «القاعدة» هي من تسيطر على المدن المحررة، إلا أن خطتهم منيت بالفشل.
وشملت المرحلة الثانية من الخطة الأمنية تطهير مدينة المنصورة من الجماعات الإرهابية، أعقبها سيطرة القوات الأمنية على المدينة، ونشر قواتها على مداخل ومخارج المنصورة وفي الشوارع الرئيسية، وامتدت لتشمل مديريات الشيخ عثمان ودار سعد والبريقة. كما نفذت حملات دهم لأسواق السلاح وأوكار المطلوبين أمنيًا. وحققت الحملة سيطرتها الكاملة على عدن وسط توالي نجاحاتها في ملاحقة الجماعات الإرهابية بإسناد طيران التحالف العربي ومشاركة الأباتشي التي دفعت بالإرهابيين للفرار ناحية محافظتي لحج وأبين القريبتين من العاصمة المؤقتة عدن.
انتشار القوات الأمنية في عموم مديريات عدن ونجاح حملات الدهم وضبط معامل وصناعة السيارات المفخخة والمتفجرات والعبوات الناسفة لاقت ارتياحا شعبيا واسعا، فيما أسهم تعاون السكان المحليين مع القوات الأمنية في ضبط الأمن والاستقرار وضبط عدد من معامل صناعة المتفجرات وإحباط عمليات إرهابية في سيارات مفخخة كانت تعدها الجماعات المتطرفة لتنفيذ عمليات إرهابية واستهداف القيادات الأمنية وزعزعة الأمن والاستقرار. وتتهم قيادات العاصمة المؤقتة المخلوع صالح بالوقوف خلفها وتمويلها بهدف إظهار عدن كمدينة غير مستقرة وآمنة، وإفشال جهود التحالف العربي في تحقيق الأمن والاستقرار في المناطق المحررة من ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح.
إلى ذلك نفذت السلطة المحلية بمدينة خور مكسر وسط عدن، والمقاومة الجنوبية والقوات الأمنية، حملة شعبية لإزالة العشوائيات في المدينة العتيقة، وسط ارتياح شعبي بين أوساط السكان المحليين الذي أوضحوا لـ«الشرق الأوسط» أن تلك الحملة تعزز ثقة وعلاقة المواطنين بالسلطة والنظام والقانون، مطالبين محافظ عدن اللواء عيدروس الزبيدي ومدير الشرطة اللواء شلال شائع بمواصلة الحملة الشعبية لتشمل كل مدن ومناطق العاصمة المؤقتة.
وكانت قد سبقت الحملة الشعبية إزالة العشوائيات وإيقاف عمليات البسط والبناء العشوائي حملات مماثلة في مدينة عدن القديمة «كريتر» والشيخ عثمان، ومن المحتمل أن تنتقل الحملة الشعبية إلى مدينة المنصورة وباقي المديريات، وهذه هي المرة الأولى التي يشعر بها سكان وأهالي عدن بهيبة الدولة وعودة النظام والقانون إلى المدينة العريقة بعد أكثر من عقدين من نظام المخلوع صالح، الذي تعمد نشر الفوضى وإضعاف الدولة وتحويل الحكم إلى عصابات ومافيا النهب، الأمر الذي دمر عدن والجنوب.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.