العبادي يستجيب للضغوط ويعلن تغييرات وزارية.. والصدر يطلب إنهاء الاعتصام

البرلمان العراقي يصوت على الحكومة الجديدة خلال 10 أيام

العبادي يستجيب للضغوط ويعلن تغييرات وزارية.. والصدر يطلب إنهاء الاعتصام
TT

العبادي يستجيب للضغوط ويعلن تغييرات وزارية.. والصدر يطلب إنهاء الاعتصام

العبادي يستجيب للضغوط ويعلن تغييرات وزارية.. والصدر يطلب إنهاء الاعتصام

بعد أسابيع من التوتر في العاصمة العراقية بغداد، وتهديد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر باقتحام أبواب المنطقة الخضراء، أعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي أمس تغييرات وزارية كخطوة لتغييرات أشمل يصوت عليها البرلمان خلال عشرة أيام. قال التلفزيون الرسمي العراقي العبادي رشح نزار سالم النعمان لمنصب وزير النفط في إطار تعديل وزاري يهدف إلى محاربة الفساد. وذكر التلفزيون العراقي أن العبادي رشح السياسي الشيعي البارز علي علاوي لمنصب وزير المالية والشريف علي بن الحسين - أحد أقرباء ملك العراق الذي أطيح به في 1958 - لمنصب وزير الخارجية.
ويعزو مراقبون نجاح العبادي في إعلان الوزراء ودعوة الصدر لإنهاء الاعتصامات إلى لقاءات الفرصة الأخيرة بين قادة وزعامات الكتل السياسية في العراق على نزع فتيل أزمة سياسية حادة تمثلت بزحف عشرات الآلاف من أتباع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر نحو بوابات المنطقة الخضراء فيما نصب زعيم التيار مقتدى الصدر خيمة اعتصام داخل المنطقة الخضراء على مقربة من مبنى البرلمان العراقي مانحا الجميع فرصة أخيرة انتهت أمس بإجراء التغيير الوزاري الشامل. فبعد إعلان التغييرات، دعا مقتدى الصدر أنصاره للانسحاب وفك الاعتصامات في بغداد.
وطوال الساعات الأربع والعشرين التي سبقت جلسة البرلمان كان زعماء الخط الأول في البلاد منهمكين في لقاءات طغى عليها طابع السرية بالإضافة إلى اللقاءات المعلنة والتي استمرت طبقا للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصادر عراقية متطابقة إلى ما بعد صلاة الفجر. وبينما ساد الشارع العراقي إرباك كامل بسبب المخاطر التي قد تترتب على عدم التوصل إلى اتفاق بين الفرقاء السياسيين فإن قطع الطرق المؤدية إلى المنطقة الخضراء بما في ذلك جسرا الجمهورية والسنك إلى حدوث فوضى مرورية شاملة في جانب الرصافة ببغداد في وقت كان للانتشار الكثيف للقطعات العسكرية آثاره المخيفة على المواطن العراقي الذي بقي يراقب المشهد بحذر شديد. لكن البرلمان العراقي وبعد جلسة تم تأجيلها لنصف ساعة لعدم اكتمال النصاب فإنها عقدت بنصاب فاق كل الجلسات السابقة وذلك بحضور نحو 300 نائب وتم الاتفاق خلالها على «التغيير الشامل».
وفي هذا السياق أكد رئيس البرلمان سليم الجبوري خلال كلمة له في الجلسة أن التصويت على التعديل الوزاري الجديد يتطلب أغلبية نيابية مريحة. وأضاف الجبوري «هناك ضوابط لا بد من التصويت على الوزراء بسحب الثقة بالأغلبية المطلقة أو الإقالة بالنصف زائد واحد»، مبينا أن «البرلمان تسلم الأسماء المرشحة للتعديل الوزاري». وأشار الجبوري، أن «مجلس النواب سيعمل على تشكيل لجنة للنظر بأسماء التعديل الوزاري وبسيرها وكفاءتها»، مشيرا إلى أن «التصويت على الإصلاح سيشمل الهيئات والوزارات والمناصب الأمنية ومجلس النواب سيتابع ذلك خلال مدة شهر». ودعا رئيس مجلس النواب إلى، ضرورة «حسم ملف الوكالة والهيئات المستقلة وكافة الإصلاحات خلال مدة شهر من الآن».
من جانبه أشاد رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي بالدور «الكبير» لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في الدعوة للإصلاح والانضباط الكبير للمظاهرات السلمية. وقال العبادي في كلمة له خلال جلسة البرلمان المخصصة لتقديم الكابينة الوزارية إننا «نشيد بالدور الكبير لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في الدعوة للإصلاح والانضباط الكبير للمظاهرات السلمية المطالبة بتنفيذ الإصلاحات الحكومية». وأضاف العبادي، أن «الفترة المحددة ستتضمن هيكلة بعض مناصب المديرين العامين»، مؤكدا أن «الهيكلة ستشمل الاستغناء عن 100 مدير عام». وأوضح العبادي أنه قدم تشكيلة وزارية كاملة تتكون من 16 وزيرا ودمج وزارات ثم اختيارهم على أسس مهنية والكفاءة، مع استثناء وزارتي الداخلية والدفاع في الوقت الحاضر، من أجل عدم إرباك الوضع الأمني، مبينا أن «التشكيلة ستسلم لرئاسة البرلمان لمناقشتها مع الكتل النيابية» وأضاف العبادي، أن «مجلس النواب له حرية الاختيار في قبول أو رفض تعديل التشكيلة المقدمة»، مشددا على «أهمية التفاوض بين الحكومة ومجلس النواب من أجل التوصل إلى اتفاق». وأكد العبادي، أنه «سعى بجد نحو إحداث تعديل في التشكيلة الحكومية بشكل جوهري وليس شاملا أو جزئيا»، مشيرا إلى أن «الكتل النيابية لم تقدم سوى مرشحين للتشكيلة الوزارية الجديدة». وتابع العبادي، أن «أعضاء التشكيلة الوزارية سيقومون بإعداد ملفات عن خطط عملهم بشأن البرنامج الحكومي، وسترفع الحكومة تقريرا فصليا عن مستوى الإنجاز المتحقق والإخفاق الشخصي»، مؤكدا أن «الوزراء الجدد سيوقعون على هذه الوثيقة».
وأوضح العبادي إصلاحاته بقوله: «إعادة النازحين إلى مناطقهم والتخفيف من معاناتهم وإعادة الاستقرار للمناطق المحررة سيمثل أولوية في عمل الحكومة»، لافتا إلى أن «الحكومة تقوم بالتعاون مع الدول المانحة والأمم المتحدة بهذا الشأن».
إلى ذلك أكد عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف الوطنية شعلان الكريم في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «العبادي دخل إلى قبة البرلمان وهو يحمل أربع أوراق واحدة تشمل تغيير 7 وزراء وورقة 9 وزراء وثالثة تغييرا شاملا ورابعة استقالته لكن يبدو أن ما حصل من توافق رجح كفة التغيير الشامل». أما القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي فادي الشمري فقال في تصريح مماثل لـ«الشرق الأوسط» إن «ما حصل داخل البرلمان كان نتيجة توافق حصل داخل التحالف الوطني بوصفه الكتلة البرلمانية الأكبر حيث تم التوافق على المبادرة التي طرحها السيد عمار الحكيم زعيم المجلس الأعلى للخروج من الأزمة والتي مثلت خريطة الطريق التي مشت في النهاية».
وبشأن التسريبات التي تحدثت عن الوزراء المقترحين قال الشمري: «القائمة التي سلمها العبادي للجبوري تضم الوزراء التالية أسماؤهم علي علاوي للمالية وعبد الرزاق العيسى للتعليم العالي والبحث العلمي والشريف علي بن الحسين للخارجية ونزار سالم للنفط ويوسف الأسدي للنقل وهوشيار أمين للإعمار والإسكان والبلديات وحسن الجنابي للزراعة وعقيل مهدي يوسف للثقافة والشباب وعلي الجبوري للتربية وعلاء دشير للكهرباء ومحمد نصر الله للعدل ووفاء المهداوي للعمل والهجرة وعلاء مبارك للصحة» مشيرا إلى أنه «تم الاتفاق على استثناء وزيري الدفاع خالد العبيدي والداخلية محمد الغبان من التغيير الوزاري».



مصريون يترقبون «منحة حكومية» ويخشون «تبعاتها»

ربة المنزل مروة تتسوق لشراء كميات قليلة لاستيعاب الأسعار (الشرق الأوسط)
ربة المنزل مروة تتسوق لشراء كميات قليلة لاستيعاب الأسعار (الشرق الأوسط)
TT

مصريون يترقبون «منحة حكومية» ويخشون «تبعاتها»

ربة المنزل مروة تتسوق لشراء كميات قليلة لاستيعاب الأسعار (الشرق الأوسط)
ربة المنزل مروة تتسوق لشراء كميات قليلة لاستيعاب الأسعار (الشرق الأوسط)

يترقب عاطف محمد (62 عاماً)، الموظف المصري المتقاعد، حزمة حماية اجتماعية جديدة نوهت الحكومة إلى إقرارها قريباً، متمنياً ألا تكون مجرد زيادة 200 أو 300 جنيه على معاشه البالغ 3 آلاف جنيه فقط (الدولار 50.57 جنيه)، فيما يعول أسرة تضم 3 أبناء، اثنان منهم في المرحلة الجامعية.

وأعلن رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي، خلال مؤتمر صحافي الأربعاء، عن توجيه رئاسي للحكومة بـ«وضع تصور لحزمة حماية اجتماعية تقديراً للضغوط على المواطن»، واعداً بالانتهاء منها «في الفترة القصيرة المقبلة».

ويطالب رب الأسرة الستيني بمضاعفة قيمة ما يتحصل عليه كي يشعر بالفارق، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «يجب أن تكون الزيادة 100 في المائة، المعاش لا يكفي أسبوعين في الشهر»، مشيراً إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات.

وكانت آخر حزمة حماية اجتماعية طبقتها الحكومة المصرية، في مارس (آذار) الماضي، بقيمة 180 مليار جنيه، تمثلت في رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 50 في المائة وزيادة المعاشات بنسبة 15 في المائة.

وقال مدبولي، الأربعاء، إن «توجيهات الرئيس لنا كحكومة هي أن نضع دائماً هموم وأعباء المواطن نتيجة للضغوط الموجودة اليوم، أولوية بالنسبة لنا».

ربة المنزل مروة تتسوق لشراء كميات قليلة لاستيعاب الأسعار (الشرق الأوسط)

لكن السيدة الثلاثينية مروة، وهي ربة منزل تسكن في مدينة حدائق أكتوبر (جنوب العاصمة) تخشى من تبعات المنحة الحكومية القادمة، التي لا تشمل سوى القطاع العام، تقول لـ«الشرق الأوسط» فيما تشتري حاجاتها اليومية من الخضراوات، «كل مرة تزيد المرتبات 100 جنيه مثلاً، ترتفع الأسعار 200 وأكثر».

ويفسر الخبير الاقتصادي مدحت نافع لـ«الشرق الأوسط»، العلاقة بين زيادة المرتبات وارتفاع الأسعار «التضخم»، قائلاً: «هناك أثر اقتصادي مباشر طردي بينهما، فزيادة الأموال في يد الناس ولو بشكل نسبي، دون زيادة الإنتاج تنعكس مباشرة في ارتفاع الأسعار، فيما يسمى (التضخم الحلزوني)».

مثل مروة، يشكو حمدي علي، الذي يعمل سباكاً، وينفق على 4 أبناء، لـ«الشرق الأوسط» من صعوبة المعيشة، وارتفاعات الأسعار المستمرة، وعدم القدرة على مجابهتها، مطالباً أن تنظر الدولة إلى فئة العمالة غير المنتظمة، وهي تفكر في «الحماية الاجتماعية».

ويتوقع العم أشرف، وهو بائع خضراوات في مدينة 6 أكتوبر (جنوب العاصمة) أن تشهد الأسعار ارتفاعات جديدة، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «الأسعار بتزيد مبتقلش، ومع اقتراب شهر رمضان ستزيد أكثر كما هو الحال في هذا الموسم كل عام».

أشرف بائع خضراوات في مدينة 6 أكتوبر (الشرق الأوسط)

وقدر الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عدد العاملين في الجهاز الإداري للدولة عام 2017 بأكثر من 5 ملايين شخص. ولا توجد إحصائية عن العاملين في القطاع الخاص، فيما قدرهم المتحدث باسم وزارة العمل في تصريح العام الماضي بـ15 مليون شخص. وتتراوح العمالة غير المنتظمة بين 8 إلى 11 مليوناً آخرين، وفق تصريحات سابقة لوزيرة التضامن الاجتماعي في عام 2022.

ويشير الباحث في وحدة العدالة الاقتصادية والاجتماعية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، محمد رمضان، إلى أن حزم المساعدات التي تعلنها الحكومة لا تستوعب الزيادة في الأسعار ونسب التضخم.

وانخفضت نسبة التضخم على أساس سنوي في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2024، إلى 23.4 في المائة، بعدما سجلت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي 25 في المائة.

وأوضح رمضان لـ«الشرق الأوسط» أن الأزمة الاقتصادية الكبرى ليست مرتبطة بالمرتبات، لكن بسعر صرف الجنيه أمام الدولار، الذي يؤثر بشكل مباشر على الأسعار.

وحررت الحكومة المصرية سعر الصرف في مارس الماضي، ليرتفع الدولار الرسمي إلى نحو 50 جنيهاً.

واعتبر رمضان أن الحكومة تعلن حزم حماية اجتماعية، لكنها لا تصل دائماً للموجهة إليهم، في ظل عزوف بعض مؤسسات القطاع الخاص عن تطبيق الحد الأدنى للأجور.

وبخصوص إجراءات مرتقبة تتعلق بخفض الدعم الحكومي في سلع وخدمات حيوية كالوقود والكهرباء، وهي إحدى التبعات المتوقعة بعد حزم الحماية المجتمعية، استبعد الخبير الاقتصادي مدحت نافع أن تحدث مباشرة بعد الزيادة هذه المرة، قائلاً «الحكومة تحاول حالياً استيعاب الآثار الاجتماعية للتضخم، وسبق ونوه وزير المالية قبل أيام أنهم لن يرفعوا سعر الكهرباء، على الأقل، قبل يونيو (حزيران) 2025».

ورفعت مصر في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي المحروقات بنسب وصلت إلى 17 في المائة.

ومن جهته، يصف النائب في مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان) أشرف أبو النصر توجيهات الرئيس المصري بوضع تصور لحزمة حماية اجتماعية جديدة بأنها «خطوة استراتيجية» تعبر عن «اهتمام القيادة السياسية بالمواطنين»، مشيراً في بيان له إلى أن الحكومة «توازن بين مواجهة التحديات الاقتصادية وتحقيق العدالة الاجتماعية».