«كواليس المدينة» مسلسل يكشف عن قضايا الفساد في لبنان

المخرج أسامة الحمد: القصص الواقعية تحمل إثارة أكبر.. وقيمة النص تكمن في السيرة الذاتية

«كواليس المدينة» مسلسل يكشف عن قضايا الفساد في لبنان
TT

«كواليس المدينة» مسلسل يكشف عن قضايا الفساد في لبنان

«كواليس المدينة» مسلسل يكشف عن قضايا الفساد في لبنان

مع انطلاق عرض مسلسل «كواليس المدينة» على قناة «الجديد»، تبدأ رحلة دراما لبنانية جديدة من نوعها، ترتكز على مجموعة قصص واقعية يدور محورها حول الفساد المتفشّي في البلاد.
ولعلّ كتابة النص من قبل الإعلامية غادة عيد المتخصصّة في قضايا الفساد، أضافت إلى مجريات القصة لمسة واقعية بحتة لم يسبق أن تابعناها في مسلسل لبناني آخر.
فكما هو معروف فإن غادة عيد أصبحت ملمّة في هذا الموضوع من خلال برنامجها التلفزيوني «الفساد»، حيث استطاعت أن تكشف قضايا الفساد المتفشّية في دوائر ومؤسسات رسمية، فوضعت الإصبع على الجرح أكثر من مرة، عندما كانت تتحدث في هذه المواضيع علنا من على الشاشة الصغيرة، وتسمّي الأشخاص المتورّطين فيها بأسمائهم.
«هي مجموعة قصص تفاعلت وتألّمت معها وحصلت في مجتمعنا اللبناني، ونقلتها على الورق بعد أن امتنع أصحابها عن التحدّث فيها علنا في برنامجي التلفزيوني. لا مبالغة في الوقائع والأحداث التي تجري في سياق العمل، كما أنني استطعت أن أبتكر حبكة من خلال الأبطال ليستطيعوا التعايش مع القصص الثلاث موضوع المسلسل. وهي قصص تعبّر عن مجتمعنا الذي ينوء تحت ثقل قضايا الفساد المتفشّية فيه». تقول مؤلّفة نصّ «كواليس المدينة» غادة عيد.
وعمّا إذا اختارت شخصيّا أسماء الممثلين المشاركين في العمل، وفقا للشخصيات التي رسمتها في خيالها أجابت: «نعم لقد اخترت عمّار شلق مثلا لأنني شعرت بأنه المناسب لأداء دور الضابط الأمين على مهمّته وذلك أثناء كتابتي الدور على الورق، وكذلك شخصية الصحافية التي ارتأيت أن تقوم بها الممثلة نادين الراسي، ولكن وبفعل ارتباطاتها بأعمال أخرى، قررت الاستعانة بسارة أبي كنعان التي نجحت بأداء الدور تماما كما توقّعت. أما الممثلة كارمن لبّس فوجدتها الأنسب للقيام بدور المرأة الشريرة (رنا)، فكنت أكتب النصّ وأتخيلها تقوم بتجسيد شخصية (رنا) هي المعروفة بحضورها الفذّ على الشاشة».
لا يرتكز مسلسل «كواليس المدينة» على بطل معيّن، بل على مجموعة أبطال يتشاركون في إيصال واقع الفساد للمشاهد. وتقول غادة عيد معلّقة: «ليس هناك من محور واحد (بطل وبطلة) تدور القصة في فلكه، بل العكس هو الصحيح».
وعمّا إذا النهاية ستكون سعيدة فتفرح المشاهد، كونها ستحمل له واقعا فيه الكثير من الأمل بعد أن يتمّ التوصّل إلى القضاء على مشكلة الفساد في تلك القصص؟ تردّ: «هناك انتصارات تحصل في قصص معيّنة، وتغيب عن أخرى اقتصرت نهاياتها على تمنّيات من قبلي لاستئصال الفساد». وأضافت: «من المتوقّع أن نكمل المسلسل الذي يتألّف حاليا من 30 حلقة، بجزء ثان للموسم المقبل. وسيطلّ فيه بعض من أبطال الموسم الأول في قصص جديدة».
ويصبّ هذا العمل في خانة الأعمال الدرامية الجريئة، فهو ينقل أحداثا حقيقية ضجّ بها لبنان في سنوات معيّنة، كفضيحة «بنك المدينة» مثلا، والذي رفض القائمون على العمل تأكيد تطرّقهم إليه تاركين للمشاهد حريّة الاستنتاج. وتكمن الخطورة في تطرّق المسلسل لقضاة من لبنان تلتصق بهم تهمة الفساد، مما جعل إمكانية إيقاف عرض المسلسل واردة من قبل جهات معيّنة.
المخرج السوري أسامة الحمد تولّى تنفيذ العمل من خلال (الصدى للإنتاج الفنّي)، وأكد أن المسلسل سينقل الدراما اللبنانية إلى مقلب آخر، لا يعتمد على الإبهار البصري والجمال وقصص الحبّ، بل على واقع ملموس ارتكز على الحوار العميق والاستقصائي معا. وعن الأسلوب الذي اتّبعه في عملية إخراجه أجاب: «هذا النوع من القصص يحمل في طيّاته الكثير من الإثارة والتشويق، ولكن برأيي هو يركّز بشكل أكبر على تركيبة شخصيات العمل، فيلاحق المشاهد أفعالها وردود فعلها باهتمام، ويمكن القول: إن قيمة النصّ تكمن في السيرة الذاتية لهؤلاء الأشخاص».
ووصف حركة الكاميرا في العمل بأنها: «أقرب لبناء واقع حقيقي لتلك الشخصيّات، فيشعر المشاهد بأنه يعيش معها».
وتلعب الممثلة اللبنانية كارمن لبس دور امرأة شريرة (رنا) تؤذي الناس ولا تتوانى عن تحطيمهم، من أجل الحفاظ على السلطة بيدها وذلك بمساعدة شقيقها (وسام حنا). أما عمّار شلق فيجسّد دور الضابط الحلم كما وصفه، والذي لا يتردد عن القيام بمهمّته رغم الخطورة التي تحيط بها. في ما تجسّد ميرفا القاضي دور زوجته والتي تمرّ بتحولات درامية وصراعات زوجية وعائلية.
ويؤدّي الممثل يوسف حداد دور أحد الفاسدين الذين يؤلّفون عصابات الفساد في لبنان.
أما سارة أبي كنعان فأكّدت أن ما دفعها للمشاركة في هذا المسلسل هو قصّته المكتوبة بقلم غادة عيد صاحبة القلم الجريء، فكان بمثابة «فشّة خلق» لها، كونها مرّت شخصيّا بظروف اجتماعية مشابهة، عندما عاشت وعائلتها حالة والدها الموظّف الحكومي الذي عانى يومها من الظلم والفساد.
الممثل يوسف حداد من جهّته رفض الكشف عن تفاصيل دوره (القاضي فارس)، مكتفيا بالقول: إنه بمثابة رسالة للقضاة الفاسدين والظالمين الذين مهما تجبروا فسيسقطون.
كما يشارك في مسلسل «كواليس المدينة» باقة من الممثلين اللبنانيين أمثال خالد السيّد ومجدي مشموشي وغبريال يمين وطلال الجردي والسا زغيب وغيرهم. وتجدر الإشارة إلى أن القيمين على العمل كانوا قد عقدوا مؤتمرا صحافيا، في فندق (لانكستر) في بيروت لإطلاق العمل وذلك بحضور نجوم المسلسل.



إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: المدن الجميلة يصنعها أهلها

بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
TT

إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: المدن الجميلة يصنعها أهلها

بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})

لا يمكنك أن تتفرّج على كليب أغنية «حبّك متل بيروت» للفنانة إليسا من دون أن تؤثر بك تفاصيله. فمخرج العمل إيلي فهد وضع روحه فيه كما يذكر لـ«الشرق الأوسط»، ترجم كل عشقه للعاصمة بمشهديات تلامس القلوب. أشعل نار الحنين عند المغتربين عن وطنهم. كما عرّف من يجهلها على القيمة الإنسانية التي تحملها بيروت، فصنع عملاً يتألّف من خلطة حب جياشة لمدينة صغيرة بمساحتها وكبيرة بخصوصيتها.

ويقول في سياق حديثه: «أعتقد أن المدن هي من تصنع أهلها، فتعكس جماليتهم أو العكس. الأمر لا يتعلّق بمشهدية جغرافية أو بحفنة من العمارات والأبنية. المدينة هي مرآة ناسها. وحاولت في الكليب إبراز هذه المعاني الحقيقية».

تلعب إليسا في نهاية الكليب دور الأم لابنتها {بيروت} (حساب فهد إيلي على {إنستغرام})

من اللحظات الأولى للكليب عندما تنزل إليسا من سلالم عمارة قديمة في بيروت يبدأ مشوار المشاهد مع العاصمة. لعلّ تركيز فهد على تفاصيل دقيقة تزيح الرماد من فوق الجمر، فيبدأ الشوق يتحرّك في أعماقك، وما يكمل هذه المشهدية هو أداء إليسا العفوي، تعاملت مع موضوع العمل بتلقائية لافتة، وبدت بالفعل ابنة وفيّة لمدينتها، تسير في أزقتها وتسلّم على سكانها، وتتوقف لبرهة عند كل محطة فيها لتستمتع بمذاق اللحظة.

نقل فهد جملة مشاهد تؤلّف ذكرياته مع بيروت. وعندما تسأله «الشرق الأوسط» كيف استطاع سرد كل هذه التفاصيل في مدة لا تزيد على 5 دقائق، يرد: «حبي لبيروت تفوّق على الوقت القليل الذي كان متاحاً لي لتنفيذ الكليب. وما أن استمعت للأغنية حتى كانت الفكرة قد ولدت عندي. شعرت وكأنه فرصة لا يجب أن تمر مرور الكرام. أفرغت فيه كل ما يخالجني من مشاعر تجاه مدينتي».

من كواليس التصوير وتبدو إليسا ومخرج العمل أثناء مشاهدتهما إحدى اللقطات من الكليب (فهد إيلي)

يروي إيلي فهد قصة عشقه لبيروت منذ انتقاله من القرية إلى المدينة. «كنت في الثامنة من عمري عندما راودني حلم الإخراج. وكانت بيروت هي مصدر إلهامي. أول مرة حطّت قدمي على أرض المدينة أدركت أني ولدت مغرماً بها. عملت نادلاً في أحد المطاعم وأنا في الـ18 من عمري. كنت أراقب تفاصيل المدينة وسكانها من نوافذ المحل. ذكرياتي كثيرة في مدينة كنت أقطع عدداً من شوارعها كي أصل إلى مكان عملي. عرفت كيف يستيقظ أهاليها وكيف يبتسمون ويحزنون ويتعاونون. وهذا الكليب أعتبره تحية مني إلى بيروت انتظرتها طويلاً».

لفت ايلي فهد شخصية إليسا العفوية (حسابه على {إنستغرام})

يصف إيلي فهد إليسا بالمرأة الذكية وصاحبة الإحساس المرهف. وهو ما أدّى إلى نجاح العمل ورواجه بسرعة. «هذا الحب الذي نكنّه سوياً لبيروت كان واضحاً. صحيح أنه التعاون الأول بيني وبينها، ولكن أفكارنا كانت منسجمة. وارتأيت أن أترجم هذا الحبّ بصرياً، ولكن بأسلوب جديد كي أحرز الفرق. موضوع المدينة جرى تناوله بكثرة، فحاولت تجديده على طريقتي».

تبدو إليسا في الكليب لطيفة وقريبة إلى القلب وسعيدة بمدينتها وناسها. ويعلّق فهد: «كان يهمني إبراز صفاتها هذه لأنها حقيقية عندها. فالناس لا تحبها عن عبث، بل لأنها تشعر بصدق أحاسيسها». ويضعنا فهد لاشعورياً في مصاف المدن الصغيرة الدافئة بعيداً عن تلك الكبيرة الباردة. ويوضح: «كلما كبرت المدن خفت وهجها وازدادت برودتها. ومن خلال تفاصيل أدرجتها في الكليب، برزت أهمية مدينتي العابقة بالحب».

لقطة من كليب أغنية "حبّك متل بيروت" الذي وقعه إيلي فهد (حسابه على {إنستغرام})

كتب الأغنية الإعلامي جان نخول ولحّنها مع محمد بشار. وحمّلها بدوره قصة حب لا تشبه غيرها. ويقول فهد: «لقد استمتعت في عملي مع هذا الفريق ولفتتني إليسا بتصرفاتها. فكانت حتى بعد انتهائها من تصوير لقطة ما تكمل حديثها مع صاحب المخبز. وتتسامر مع بائع الأسطوانات الغنائية القديمة المصنوعة من الأسفلت». ويتابع: «كان بإمكاني إضافة تفاصيل أكثر على هذا العمل. فقصص بيروت لا يمكن اختزالها بكليب. لقد خزّنت الكثير منها في عقلي الباطني لاشعورياً. وأدركت ذلك بعد قراءتي لتعليقات الناس حول العمل».

في نهاية الكليب نشاهد إليسا تمثّل دور الأم. فتنادي ابنتها الحاملة اسم بيروت. ويوضح فهد: «الفكرة هذه تعود لإليسا، فلطالما تمنت بأن ترزق بفتاة وتطلق عليها هذا الاسم». ويختم إيلي فهد متحدثاً عن أهمية هذه المحطة الفنية في مشواره: «لا شك أنها فرصة حلوة لوّنت مشواري. وقد جرت في الوقت المناسب مع أنها كانت تراودني من قبل كثيراً».