ناهد حلبي لـ «الشرق الأوسط»: مسلسلات السيرة الذاتية تتضمن كثيرًا من التزييف والمبالغة

الفنانة السورية تصور شخصية أم حاتم في الجزء الثامن من باب الحارة

ناهد حلبي لـ «الشرق الأوسط»: مسلسلات السيرة الذاتية تتضمن كثيرًا من التزييف والمبالغة
TT

ناهد حلبي لـ «الشرق الأوسط»: مسلسلات السيرة الذاتية تتضمن كثيرًا من التزييف والمبالغة

ناهد حلبي لـ «الشرق الأوسط»: مسلسلات السيرة الذاتية تتضمن كثيرًا من التزييف والمبالغة

تواصل الفنانة السورية ناهد حلبي تصوير شخصية أم حاتم في الجزء الثامن من سلسلة باب الحارة والذي سيعرض في موسم رمضان المقبل، كما تشارك في كثير من المسلسلات القادمة، وفي حوار معها تتحدث ناهد حلبي لـ«الشرق الأوسط» قائلة: أديت شخصية أم حاتم في الجزء الخامس من باب الحارة والآن عدت من جديد لأداء الشخصية في الجزء الثامن، حيث يجسّد شخصية أبو حاتم الفنان سليم صبري والذي حلّ مكان الفنان الراحل وفيق الزعيم، وشخصيتي في الجزء الجديد ستنال إعجاب الجمهور، فهناك أحداث جديدة ولكن لن أكشفها لتبقى مفاجأة، كذلك صورت دوري في المسلسل الاجتماعي (مدرسة الحب) مع المخرج صفوان نعمو وأديت فيه عددا من الشخصيات كونها تعتمد أسلوب الثلاثيات وليس حلقات متسلسلة متصلة، ففي كل ثلاثية أؤدي شخصية مختلفة، كذلك لي مشاركة في المسلسل البيئي الشامي (صدر الباز) وأجسّد فيه شخصية امرأة تركية متسلطة، تتحدث بلكنة تركية وتتزوج رجلاً أصغر منها سنًا وتسيطر عليه.
وحول عودة سلسلة باب الحارة في أجزاء جديدة وما يقال عن تقليد كثير من مسلسلات البيئة الشامية له واجترار نجاحه، ترى ناهد أن نجاح باب الحارة فتح المجال لمزيد من مسلسلات البيئة الشامية، ويجب أن يكون هناك في كل موسم درامي مسلسلات شامية أسوة بالأنواع الأخرى من الدراما كالمعاصر والتاريخي وكحال برامج المنوعات والمسابقات، وهذا يدخل في باب التنوع في شهر رمضان وبرأيي - تتابع ناهد - أن وجود مسلسلات البيئة الشامية مثل وجود طبق الفول على مائدة رمضان فلا غنى عنه مهما كانت أطباق الطعام الأخرى موجودة فطبق الفول أساسي ويومي؟!..
ولكن هناك تكرار في مواضيع وشخصيات الدراما الشامية أليس كذلك؟ تتنهد ناهد: أتمنى أن نتعلم من الأخطاء السابقة وأتمنى على الكتّاب أن يقدموا أفكارا جديدة حديثة بحيث يكون لدينا مسلسلات شامية متطورة بأفكار جديدة تغيّر المفاهيم وتقول: ليس هذا نموذج الرجل الشامي أو المرأة الشامية، فهناك نماذج وشخصيات أخرى مهمة، ويجب أن تقدم حيث لم يتحدث عنها أحد بعد في المسلسلات الشامية، وبرأيي أن دراما البيئة الشامية ظلمت هذه النماذج عندما لم تقدّمها.
وحول المسلسلات التي تناولت مواضيع من الأزمة السورية وهل كانت موفقة في ذلك تقول ناهد: برأيي من المبكّر تناول الأزمة السورية وقبل أن تنتهي فللأزمة تداعيات أخرى قد تكون كبيرة، وبالتالي يجب التحدث عنها فيما بعد، ومع ذلك فبعض المسلسلات لامست ما يحصل والجرح الكبير والمعاناة الشديدة للناس في ظل هذه الأزمة، ومع ذلك فمن المبكّر التحدث حول ذلك، فالناس تعيش المعاناة والآلام بشكل يومي، فنقوم بنقله للتلفزيون ليشاهده هؤلاء وسيكون قاسيًا عليهم، ولذلك يجب أن نبتعد عنها حاليًا وفيما بعد يمكن مشاهدتها بشكل بانورامي أوسع وبشمولية أكبر من تناولها حاليًا.
وعن انتقاد البعض لتجاوز بعض المسلسلات الاجتماعية السورية في الموسم الماضي الخطوط الحمراء تقول ناهد: لقد استهجنت هذه المسلسلات كما استهجنها المشاهدون ولا أحب مشاهدتها في أي فترة ووقت، فنحن نبقى مجتمعًا شرقيًا له عاداته وتقاليده ومهما حصل لا يمكننا التخلي عنها، في السينما يمكن تقديم مثل هذه الأعمال كون الشخص يذهب إلى السينما لمشاهدة الفيلم، أما التلفزيون فهو موجود في كل منزل، وبالتالي هو للعائلة جميعها، وبالتالي لا يمكنهم مشاهدة مثل هذه المشاهد. وحول انتشار ظاهرة استعانة القائمين على الدراما السورية بممثلات شابات لا يملكن سوى جمال شكلهن، ترى ناهد أن ما يبقى هو الموهبة والحضور والجدارة والاجتهاد، فالشكل الجميل يذهب والجمال يحتاج لموهبة، فلا يكفي لوحده ليقدّم لنا ممثلة ناجحة.
وعن ظاهرة الشللية وتعمقها في السنوات الأخيرة توضح ناهد: الشللية موجودة في كل الأوقات وأنا شخصيا أثرت علي ولكن بشكل محدود، وللتوضيح فقط هناك كثير من العروض رفضتها واعتذرت عن المشاركة في مسلسلات كثيرة لأسباب مادية إنتاجية أو لعدم إعجابي بالدور المعروض علي أو لعدم تناسب مكان التصوير مع ظروفي الشخصية.
أعطني مخرجًا متميزًا مثل هشام شربتجي لأعطيك مسلسلات كوميدية راقية وناجحة - تبتسم ناهد وهي تعلّق على ظاهرة الاستسهال في تقديم المسلسلات الكوميدية السورية - وأعطني كُتَّابَ نصوص كوميدية مثل ممدوح حمادة لترى كوميديا ناجحة ومتألقة، نحن نفتقر لمخرجين وكتاب كوميديا متميزين خصوصا في ظل الأزمة الحالية التي أثرت على نفسيات الناس، فنحن حاليًا بأمس الحاجة للمسلسلات الكوميدية، وأتابع أحيانا مسلسلات كوميدية قديمة مثل «عيلة خمس نجوم» فأضحك من داخلي وأستمتع بها، ما يقدم حاليًا يفتقد للصدق والتقنية التي كانت تقدم بها الأعمال الكوميدية السابقة، نحن بحاجة لمخرج يتمتع بروح الكوميديا وتكون الكوميديا متغلغلة في روحه ودمه مثل هشام شربتجي.
وفي ما يتعلق بمسلسلات السيرة الذاتية تشعر ناهد أنها غير حقيقية، فهي تتضمن كثيرا من التزييف والمبالغة وهي تقدم الشخصية إما قديسًا أو تنزله لأسفل السافلين، هذه المسلسلات التي تتناول شخصية ما من التاريخ القريب أو البعيد يجب أن تعرف أنه في النتيجة هو إنسان مثل بقية الناس لديه عيوب وأخطاء وليس ملاكًا كما له نجاحات، ولذلك إما أن نعرض حياة هذه الشخصية كما هي دون تجميل أو تحميله لأخطاء لم يكن المسبب لها. وتتمنى ناهد أن لا تقدم حياة الكبار ليبقوا في ذاكرتنا ووجداننا أجمل من مشاهدة سيرهم الذاتية بمسلسل تلفزيوني.
تهوى - ناهد - الرياضة والطبخ، تضحك عندما أسألها عن مهارتها في مجال الطبخ: (ماشي حالي في مجال الطبخ الشامي)، أُعِدُّ الفتوش والتبولة بشكل لذيذ ومتقن وبشهادة أفراد عائلتي.



ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
TT

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة. وجد نفسه محرجاً في الغناء على مسرح عالمي فيما لبنان كان يتألّم، ولكنه حزم أمره وقرر المضي بالأمر كونه سيمثّل وجه لبنان المضيء. كما أن جزءاً من ريع الحفل يعود إلى مساعدة النازحين. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحفلة الأولى لي التي أقيمها خلال هذه الحرب. وترددي جاء على خلفية مشاعري بالحزن على وطني».

خلال الحرب أصدر ميشال رميح أغنيته الوطنية «عم يوجعني بلدي». وقدّمها بصورة بسيطة مع عزف على البيانو، فلامست قلوب سامعيها بدفء كلماتها ولحنها النابع من حبّ الوطن. فهو كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» كتبها ولحنها وسجّلها وصوّرها في ظرف يوم واحد. ويروي قصة ولادتها: «كنا نتناول طعام الغداء مع عائلتي وأهلي، ولم أتنبه لانفصالي التام عن الواقع. شردت في ألم لبنان ومعاناة شعبه. كنت أشعر بالتعب من الحرب كما كثيرين غيري في بلادي. والأسوأ هو أننا نتفرّج ولا قدرة لنا على فعل شيء».

ألّف رميح أغنيته "عم يوجعني بلدي" ولحّنها بلحظات قليلة (ميشال رميح)

وجعه هذا حضّه على الإمساك بقلمه، فكتب أحاسيسه في تلك اللحظة. «كل ما كتبته كان حقيقياً، وينبع من صميم قلبي. عشت هذا الوجع بحذافيره فخرجت الكلمات تحمل الحزن والأمل معاً».

يقول إنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل، ولذلك آثر تمرير ومضات رجاء تلونها. وجعه الحقيقي الذي كان يعيشه لم يمنعه من التحلي بالصبر والأمل. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية سنقوم من جديد؛ كوننا شعباً صلباً لا تشّلنا الأزمات. والفنان صاحب الأحاسيس المرهفة لا يمكنه أن يفرّق بين وجهة سياسية وأخرى، ولا بين طائفة وأخرى ينتمي إليها هذا الشخص أو ذاك. فما أعرفه جيداً هو أننا جميعنا لبنانيون، ولذلك علينا التوحّد ومساعدة بعضنا البعض. رؤية أبناء بلدي يهجرون منازلهم وقراهم المدمّرة، لامستني عن قرب، فولدت أغنيتي (عم يوجعني بلدي)؛ لأني بالفعل عشت ألماً حقيقياً مع نفسي».

حفرت في ذاكرة ميشال رميح مشاهد عدة مؤثّرة عن لبنان المهجّر والمدمّر، كما يقول. «لن أنسى ذلك المسنّ الذي بكى خسارته لزوجته وبيته معاً. اليوم لا يجد مكاناً يؤويه، كما يفتقد شريكة حياته. وكذلك تعاطفت مع الأطفال والأولاد الذين لا ذنب لهم بحروب الكبار. فهؤلاء جميعاً أعتبرهم أهلي وإخوتي وأبنائي. كان لا بد أن تخرج مني كلمات أغنية، أصف فيها حالتي الحقيقية».

ميشال ابن زحلة، يقيم اليوم في أميركا. يقول: «هاجرت إلى هناك منذ زمن طويل. وفي كل مرة أعود بها إلى لبنان أشعر بعدم قدرتي على مغادرته. ولكن بسبب أطفالي اضطررت للسفر. وعندما أغادر مطار بيروت تمتلكني مشاعر الأسى والحزن. لم أرغب في ترك بلدي وهو يمرّ في محنة صعبة جداً. ولكن الظروف مرات تدفعنا للقيام بعكس رغباتنا، وهو ما حصل معي أخيراً».

يقول بأنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل (ميشال رميح)

صوّر ميشال أغنيته، وسجلها في الاستوديو، في الوقت نفسه. لم يرغب في أن تكون مصطنعة بمشهديتها بل أن تمثّل واقعاً يعيشه. «الأغنية ليست تجارية، كتبت كلماتها على قصاصة ورق صغيرة. وأنا أتوجّه إلى استوديو التسجيل قمت بتلحينها».

سبق وتعاون رميح في عدة أغنيات مع مجموعة شعراء وملحنين، ومن بينهم هيثم زيات وسليم عساف. ولكن في أغنية «عم يوجعني بلدي» ترك العنان لأحاسيسه، فلحّن وكتب وغنّى من هذا المنطلق. صديقه ريكاردو عازار تسلّم مهمة عزف اللحن على آلة البيانو. «لم أشأ أن ترافقها آلات وإيقاعات كثيرة لأنها أغنية دافئة ووطنية».

يعدّ رميح الأغنية الوطنية وجهة يجب أن يتحوّل إليها كل فنان تتملّكه أحاسيس حقيقية تجاه وطنه. ويستطرد: «هكذا أنا مغنٍ أستطيع أن أقاوم عندما بلدي يشهد مرحلة صعبة. لا أستطيع أن ألتزم الصمت تجاه ما يجري من اعتداءات على أرضه. ولأن كلمات الأغنية تنبع من رحم الواقع والمشاعر، لاقت انتشاراً كبيراً».

حتى أثناء مرور لبنان بأزمات سابقة لم يوفّر ميشال رميح الفرصة ليغني له. «أثناء ثورة أكتوبر (تشرين الأول) وانفجار المرفأ غنيّت لبنان بأسلوبي وعلى طريقتي. وتركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي. غنيت (شعب لبنان) يومها من ألحان هيثم زيات».

تركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي (ميشال رميح)

ينقل ميشال رميح حقيقة أحاسيس كل لبناني اضطر إلى هجرة وطنه. «قد يعتقد البعض أن من يعيش خارج لبنان وهو في أزمة، يتمتع بالراحة. هذا أمر خاطئ تماماً. فقد عصرني الألم وأنا أغادر وطني، وكلما حلّقت الطائرة وصغرت صورة لبنان من الأعلى، شعرت بحزن أكبر. جميع أبناء لبنان ممن أعرفهم هنا في أميركا يحزّ في قلبهم ابتعادهم عن وطنهم المجروح. ولكنهم جميعهم يأملون مثلي بالعودة القريبة إليه. وهو ما يزيد من صبرهم، لا سيما وأن أعمالهم وعائلاتهم تعيش في أميركا».

أغانٍ وطنية عديدة لفتت ميشال رميح أخيراً: «أرفع القبعة لكل فنان يغني لبنان المتألم. استمعت إلى أغانٍ عدة بينها لجوزف عطية (صلّوا لبيروت)، ولماجد موصللي (بيروت ست الدنيا)، وأخرى لهشام الحاج بعنوان (بيروت ما بتموت)، وكذلك واحدة أداها الوليد الحلاني (بعين السما محروس يا لبنان)». ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذه الأغاني بمثابة غذاء الروح لوطني لبنان. لا شك أن ما أعنيه يأتي مجازياً؛ لأن لا شيء يعوّض خسارات بلدي. ولكن من ناحيتي أجد صوتي وأغنيتي هما سلاحي الذي أدافع فيه عن بلدي».

عندما غادر رميح لبنان منذ نحو الشهر كان في زيارته الثانية له بعد غياب. فحب الوطن زرعه في قلبه، ونما بداخله لا شعورياً. «لن أستسلم أبداً، وسأثابر على زيارة لبنان باستمرار، على أمل الإقامة فيه نهائياً وقريباً. فوالداي علّماني حب الوطن، وكانا دائماً يرويان لي أجمل الذكريات عنه. وأتمنى أن أشهد مثل هذه الذكريات كي أرويها بدوري لأولادي».