الأمم المتحدة تبحث عن دول مضيفة لنصف مليون لاجئ سوري

نصف المبالغ التي وعد مؤتمر المانحين بتقديمها لسوريا لم ترسل

أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون يرحب بمدير عام منظمة التجارة العالمية بيتر سيزرلاند في مؤتمر دعم اللاجئين السوريين في جنيف أمس (أ.ف.ب)
أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون يرحب بمدير عام منظمة التجارة العالمية بيتر سيزرلاند في مؤتمر دعم اللاجئين السوريين في جنيف أمس (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة تبحث عن دول مضيفة لنصف مليون لاجئ سوري

أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون يرحب بمدير عام منظمة التجارة العالمية بيتر سيزرلاند في مؤتمر دعم اللاجئين السوريين في جنيف أمس (أ.ف.ب)
أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون يرحب بمدير عام منظمة التجارة العالمية بيتر سيزرلاند في مؤتمر دعم اللاجئين السوريين في جنيف أمس (أ.ف.ب)

طلبت الأمم المتحدة الأربعاء من الدول المتطورة إبداء تضامن أكبر واستقبال نصف مليون لاجئ سوري خلال ثلاثة أعوام فيما يكثف الجيش السوري هجومه ضد تنظيم داعش.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أمس، خلال افتتاح مؤتمر دولي في جنيف يهدف إلى إيجاد دول مضيفة إلى تضامن دولي أكبر لمواجهة أزمة اللاجئين السوريين، قائلا: «نحن هنا لمواجهة أكبر أزمة لاجئين ونازحين في عصرنا».
وأضاف أمام ممثلي أكثر من 90 دولة: «هذا الأمر يتطلب تعزيز التضامن الدولي بشكل كبير جدا». وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة أن 480 ألف سوري على الأقل، أي 10 في المائة من اللاجئين والنازحين الذي فروا بسبب النزاع في سوريا، بحاجة لإيجاد بلد مضيف في السنوات الثلاث المقبلة.
وذكر بأن «الدول المجاورة لسوريا أظهرت ضيافة استثنائية»، مشيرا إلى أن لبنان استقبل أكثر من مليون سوري وتركيا أكثر من 2.7 مليون والأردن أكثر من 600 ألف.
وقال بان كي مون: «حين تتم إدارته بشكل جيد، يصبح استقبال اللاجئين مكسبا للجميع». وأضاف أن «اللاجئين يوفرون مواهب وخبرات جديدة إلى القوى العاملة التي تتقدم في السن. والمحاولات الهادفة إلى وصمهم ليست فقط مهينة لكنها في الواقع غير منصفة».
وذكر بان كي مون بأن الأمم المتحدة تسعى إلى إيجاد حل سياسي للنزاع الذي دخل عامه السادس وأوقع أكثر من 270 ألف قتيل. وقال: «لكن في انتظار أن تحقق هذه المفاوضات نتائج، يواجه الشعب السوري والمنطقة وضعا يائسا»، مضيفا: «العالم يجب أن يمضي قدما مع أعمال ملموسة وتعهدات. كل الدول بإمكانها بذل المزيد من الجهود».
وأكدت السعودية أهمية وضرورة تحمل الدول وعلى الأخص المتقدمة منها مسؤوليتها الدولية في رفع المعاناة عن الشعب السوري والاستمرار في تخفيف العبء عن الدول المجاورة التي تتحمل الجزء الأكبر من مسؤولية الملاذ الآمن للاجئين السوريين.
وشددت على ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته الكاملة لتخفيف المعاناة عن الشعب السوري، طبقا لبيان جنيف وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لبناء مستقبل واعد جديد لسوريا «لا يكون لبشار الأسد وأعوانه أي دور فيه».
وقال السفير فيصل طراد مندوب السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في الكلمة التي ألقاها أمام الاجتماع رفيع المستوى حول تقاسم المسؤولية الدولية لقبول اللاجئين السوريين إن بلاده تعد من أوائل الدول التي أسهمت في تخفيف معاناة الشعب السوري، من خلال تقديم الدعم المادي المباشر للمنظمات الدولية المعنية أو تلك التي تعمل داخل الأراضي السورية أو من خلال مساعدات مباشرة مادية أو عينية لدول الجوار التي تستضيف اللاجئين السوريين.
وأوضح أنه على المستوى الوطني، تحملت السعودية، ولا تزال، عبء استضافة مليون سوري داخل المملكة حاليا، مشيرا إلى أنه لا يمكن وصفهم باللاجئين بل بالضيوف حيث تتم معاملتهم بصفتهم مقيمين، يتم السماح لهم بحرية التنقل والعمل وتقدم لهم الخدمات الصحية والتعليمية مجانا، حيث بلغ عدد الطلبة السوريين حاليا في المدارس والجامعات السعودية 100 ألف طالب وطالبة.
وعلى المستوى الإقليمي والدولي بلغ إجمالي المساعدات التي قدمتها السعودية حتى الآن للأشقاء السوريين سواء داخل سوريا أو بدول الجوار ما يصل إلى نحو 900 مليون دولار أميركي بشكل مباشر أو عبر آليات العمل الدولي أو عبر الحملة الشعبية لنصرة الشعب السوري، كما التزمت السعودية خلال مؤتمري الكويت ولندن الأخيرين بتقديم 325 مليون دولار.
من جهته أعلن مفوض الأمم المتحدة الأعلى للاجئين فيليبو غراندي أن الظروف المعيشية في الدول المجاورة لسوريا «تزداد صعوبة». وقال إن نحو 90 في المائة من اللاجئين السوريين يعيشون تحت عتبة الفقر و10 في المائة منهم على الأقل يعتبرون «في ظروف سيئة جدا».
وأضاف: «لا يمكننا مواجهة أزمة لاجئين شاملة عبر إغلاق الأبواب وبناء الجدران»، في إشارة إلى الاتفاق الموقع بين الاتحاد الأوروبي وتركيا بخصوص إعادة المهاجرين الجدد الوافدين إلى اليونان. وعبرت المفوضية العليا للاجئين عدة مرات عن قلقها حيال هذا الاتفاق الهادف إلى وقف شبكات المهربين، مذكرة بأن ضمان حق اللجوء يجب أن يحظى بالأولوية.
وحول هذه النقطة عبر بان كي مون عن رأي مخالف قائلا إنه «يثمن فعليا» هذا الاتفاق واصفا إياه بأنه «بداية جيدة».
من جانب آخر أسف غراندي لأن أكثر من 50 في المائة من المبالغ التي وعد مؤتمر المانحين في لندن في فبراير (شباط) بتقديمها لسوريا ودول الجوار والبالغة 11 مليار دولار، لم ترسل.
من جهة أخرى، أشاد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالجهود التي تبذلها الكويت بالتعاون مع حكومات بريطانيا وألمانيا لحشد الموارد المالية اللازمة لدعم اللاجئين السوريين. وأوضح أن مؤتمر لندن للمانحين الذي عقد في فبراير (شباط) الماضي برعاية كويتية ألمانية نرويجية بريطانية، وضع ثلاثة مبادئ عريضة تتلخص في ضرورة إعطاء أمل للاجئين السوريين في مستقبل أفضل ومنحهم الأدوات ليتحملوا مسؤولياتهم، بما في ذلك إعادة الأطفال إلى مقاعد الدراسة والتعليم.
وأشار إلى أن من المبادئ التي تم الاتفاق عليها في هذا المؤتمر هي توفير الدعم السياسي والمالي للمجتمعات المضيفة لكي تكون أقوى وأكثر مرونة من ذي قبل، وكذلك توفير فرص إعادة توطين للاجئين السوريين خارج دول الجوار السوري.
وبين كي مون أن مؤتمر أمس، هو خطوة أولى سيتبعها اجتماع آخر في 23 و24 من أبريل (نيسان) المقبل في تركيا، ثم مؤتمر في الجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، ثم قمة برعاية الرئيس الأميركي باراك أوباما لتعزيز مساعدة اللاجئين السوريين.
وقال إن هناك تعهدا من بعض الدول بتوفير 187 ألف فرصة لإعادة توطين لاجئين سوريين حتى الآن، معربا عن أمله في الحفاظ على هذا التعهد وتوسيع حيز إعادة توطين 480 ألف لاجئ سوري، أي ما يعادل 10 في المائة من اللاجئين في دول الجوار السوري.
وأضاف أن استقبال اللاجئين يشكل فرصة للجميع لأنهم يلتزمون بالتعليم والاعتماد على الذات ويجلبون مهارات كثيرة إلى سوق العمل في الدول المضيفة، داعيا في الوقت ذاته إلى مكافحة نشر المعلومات الخاطئة عن اللاجئين.
من جانب آخر قال مندوب الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في جنيف السفير جمال الغنيم في كلمة الكويت أمام المؤتمر، إن بلاده سخرت جهودها منذ بداية الأزمة السورية لحشد الدعم الدولي للعمليات الإنسانية، حيث أثمرت تلك الجهود عدة مبادرات ناجحة تجاه الشعب السوري، من أبرزها المؤتمرات الدولية الثلاثة للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سوريا التي استضافتها على مدى السنوات الثلاث الماضية، إضافة إلى المؤتمر الرابع للمانحين لمساعدة سوريا ودول الجوار الذي عقد في لندن.
وأوضح أن هذه المؤتمرات الأربعة استطاعت جمع تعهدات تجاوزت 17 مليار دولار أميركي سددت الكويت منها حتى الآن مليارا و600 مليون دولار، وكان النصيب الأكبر لمفوضية اللاجئين بمبلغ 5.‏1 مليار دولار استفاد منها 5.‏3 مليون لاجئ سوري. وذكر أن الكويت قدمت من خلال الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية منحا مالية للإسهام في خطة الاستجابة الإنسانية للاجئين السوريين في دول الجوار، وغطت نسبة 100 في المائة من إجمالي تكاليف المشاريع.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.